الأربعاء, 02-مايو-2007
بقلم: ضياء الموسوي -
المسلم بين قبلة الحياة وقنبلة الموت
لااعلم لماذا كلما شاهدت شبابا مسلما شعرت بالحزن ، لاني اشعر انهم افهموهم الدين خطأ .الاسلام ليس زقاقا ولازنزانة محشوة بالرطوبة والقرف الاسلام حياة وحب واحترام للخصوصيات .الاسلام حب ورحمة وانفتاح علي الزمان والمكان والعصر.

الاسلام يعني الحب والجمال والانسانية والانفتاح علي الحياة وليس يعني الغضب وكراهية الدنيا والبؤس والتباؤس.

اعلم ان للتاريخ الحزين دورا، وان بعض الحكومات التي حكمت التاريخ بلغة السيف خلقت ندوبا غائرة علي نفسية هذا الشاب المسلم، فالذاكرة مازالت متورمة بسبب اثقال التاريخ واوجاعه والامه ،ولكن كل ذلك لايبرر كراهية الحياة وتقديس الموت علي الحياة.

يجب ان نفتح شبابنا المسلم علي الحياة الجميلة ،علي الفن الذي يهدب الروح ،علي الموسيقي التي تستثير فيه انسانيته، وتفجر فيه احاسيسه المكبوتة بسبب الالام التاريخية، وبسبب العقد التي خلقت في نفسيته بسبب الاحزاب وتناقضاتها، وبسبب السياسة التي كانت تقطر علي ضميره وعقله وثوبه نجاسة مواقف وقذارة تناقضات .

يجب ان يعرف هذا الشاب ان الله خلقه ليعيش ويفرح ويمرح ويمارس كل انشطة الحياة الجميلة دون ان يتعارض ذلك مع الاسلام العظيم.

يجب ان يقدس الحياة و(الدنيا اولي بها ابرارها لافجارها) كمايقول الرسول.

اعرف بعض الاحزاب الاسلامية في العالم العربي تحظر علي الشباب وهم في عمر العشرين الذهاب الي المقاهي او البحر او نوادي الرياضة بحجة الخوف عليهم من التأثير السلبي تجاه الحزب.يقول نيتشيه ((في كل انسان حقيقي يختبئ طفل صغير يبحث عن المرح)).ان كبت الشباب وقتل هذا الطفل فيهم، يقودهم الي الاحباط والعدمية الي ان يصابوا بعاهات سيكولوجية فيجدون الحياة سوداء.

شبابنا معتقلون في زنزانات حزبية ،لايقدرون ان يعبروا عن ارائهم، لايستطيعون ان يتحكموا حتي في علاقاتهم الخاصة مع اهلهم واصدقائهم ولوكانوا اصدقاء من الطفولة لانهم ليسوا من ذات الحزب ، فيفرض عليهم حتي طبيعة العلاقات ونوعيتها فلاتحب فضلا من ان تصادق الا من ذات الحزب.الامة الاسلامية كلها تعيش مرحلة بكائية جنائزية علي الواقع وكرهت الانسان في الحياة بسبب نظرية المؤامرة المتفاقمة.

لقد جعل الله سبحانه وتعالي الضحك بحداء الحياة والبكاء بحداء الموت قائلا ((وانه هو اضحك وأبكي وانه هو امات واحيا )).هنا البكاء العربي رمز الي كراهية الحياة، الي البؤس والتباؤس وكأن الانسان كما يقول محمد شكري (( وقع عقدا مع البؤس)).

العالم الاسلامي كله الان في واقع بائس ويعيش علي البكاء علي الواقع بأنه مضطهد ومظلوم، وان هناك مؤمرات عليه من قبل العالم، لكنه لايسعي لتغيير الواقع بصورة افضل.

السنة والشيعة يبكون علي واقعهم في العراق وهم كذلك يبكون لواقعهم في لبنان وهكذا دواليك.

للاسف لقد شرح الاسلام للمسلم بصورة خاطئة ان الدنيا سجن المؤمن وجنة المنافق.بمعني عليه ان لايضحك، ان لايمزح مع رفاقه ،ان لايلبس لباسا انيقا ان لايضع عطرا. وحوصر في الشكليات فقط.

العرب كانوا يمتدحون الانسان الذي يكثر من التبسم فيقول:ضحوك السن . ،بسام الخ ويذمون العبوس فيقولون:(عبوس ،كالح ).

يقول الرسول ((التمسوا الخير عند حسان الوجوه))، ويقول ((اني اكره البؤس والتباؤس))، ويقول ((روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ، فان القلوب اذا كلت عميت )).

الضحك -كماقرأت في أحد الكتب- وانا لست طبيبا يقوي دورة الدم ويزيد من افراز العرق ويزيد من قوة اعصابنا .

اذن لماذا يبقي الشاب المسلم متوترا كفهد افريقي ،مشدود الاعصاب سرعان مايثور ويغضب .ولك ان تنظر الي المتظاهر الباكستاني كيف يبدو متوترا يريد تكسير اي شئ للتعبير عن غضبه.ان ذلك يحتاج الي تحليل سيكولوجي، اظن اننا قد نجده في كتاب ((سيكولوجية الانسان المقهور )) وكذلك كتاب ((سيكولوجية الانسان المهدور))لحجازي.والسؤال :

لماذا الياباني يتمسك بالبشاشة دائما؟

هل تعلمون ان الضحك خصه الله علي البشر، فالكلب لايسعه التبسم، فيعبر عن ارتياحه لمن يحبه بتحريك ذيله.

يجب ان نركز علي الانفتاح المنضبط وفق الضوابط الاخلاقية، وفي ذلك فسحة كبيرة للانسان المسلم لان يروح عن نفسه، فيعيش حيلة جميلة ملؤها الحب والجمال . وكما يقول احد الفلاسفة (اني اري الله في كل جمال).

فعلا ان المسلم لن يعرف قيمة الحياة حتي يميز بين القبلة والقنبلة بين الوردة والرصاصة بين البحر والزنزانة بين الشلال وعمود الكهرباء.اقول لاحزابنا ودعاتنا رفقا بهؤلاء الشباب فالله تحدث عن نار جهنم لكنه تحدث ايضا عن فواكه الجنة.

الشباب العربي والمسلم سينحرف الي حيث الضياع والانفلات في المغريات بكثرة الخطابات المبالغة في كراهية الحياة فلنرحم شبابنا ولنقل له ان الله جميل يحب الجمال وان الرسول والصحابة كانوا يروحون عن انفسهم وقد مزح الرسول مع تلك العجوزبصورة تدل علي محبته وبشاشته والامام علي كان يوصف ان به دعابة وكثيرا ما ينقل لنا التاريخ مواقف جميلة للصحابة كيف كانوا يمرحون.

الحياة جميلة واننا كلما اكتشفنا مواقع جمالها ازددنا ايمانا بالله .نعم انه اله الحب والجمال والانسان.
* (رئيس مركز الحوار الثقافي بالبحرين)- الراية

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 03:02 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/43409.htm