السبت, 31-يوليو-2010
المؤتمرنت -
العنوسة في مصر.. قنبلة في طريقها للانفجار
قالت إحصائية رسمية حديثة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية إن 9 ملايين شاب وفتاة تعدوا الـ 35 عاماً يعانون من العنوسة، منهم 5.5 ملايين شاب و3.5 ملايين فتاة، وان معدل العنوسة يمثل (%27 في الوجه البحري و%38 في المحافظات المحدودة والحضر و%25 في الوجه القبلي) جدلا كبيرا في المجتمع المصري.

فقد أكد المركز القومي للسموم انه يستقبل شهرياً من 50 إلى 60 حالة انتحار بسبب العنوسة أو الخيانة الزوجية. وتقر وزارة التعليم المصرية بأن %17 من طلاب الجامعات لجأوا إلى الزواج العرفي الذي لا يحتاج إلى تكاليف كبيرة مقارنة بالزواج الرسمي.

خطر من نوع خاص يلاحق البيوت العربية فرضته الظروف والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية على الشباب من الجنسين، وبدأت رحلة البحث عن حل من جانب الدول والمنظمات الأهلية والأفراد لمواجهة هذه الظاهرة. فهناك من قال بتعدد الزوجات وآخر اقترح زواجا بالتقسيط، وهناك من أنشأ جمعيات لتلقي طلبات الزواج وإتاحة الفرصة للتعرف بين من لحقتهم العنوسة رغبة في تحقيق حلمهم المنشود ببناء بيت جديد وأسرة سعيدة.

ترى ما فصول القضية؟ وما السر وراء تضخم خطر العنوسة عربيا؟
الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري قال إن ظاهرة العنوسة ترجع إلى أسباب عدة، منها المغالاة في طلب المهور ووضع شروط تعجيزية من جهة أهل الفتاة أو الشاب، وقلة عدد الرجال الراغبين في الزواج، وعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وصعوبة توفير المسكن المناسب.

ولحل هذه المشكلة ينبغي على أهل الفتاة البحث عن الرجل المناسب الذي يستطيع أن يسعد ابنتهم وعدم طلب مهر كبير مغالى فيه، إنما البحث عن رجل دين وأخلاق طيبة يحفظ على ابنتهم دينها ويصونها ويسعدها.

وعلى الفتاة ألا تعتذر عن الزواج بحجة مواصلة التعليم فيضيع عمرها وتصل إلى مرحلة العنوسة فلا تجد من يتزوجها، فيمكنها أن تتفق مع الزوج على مواصلة التعليم وهي متزوجة. فبعض الفتيات يتعلقن بحجة إكمال الدراسة زاعمات أن الزواج يحول بينهن وبين ما يردن من مواصلة التحصيل العلمي، فمتى كان الزواج عائقاً عن التحصيل العلمي؟ بل ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن وصفاء النفس وراحة الفكر وأنس الضمير والخاطر.

وأكد البدري أن العلاج يتمثل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه».
وأضاف أن الإسلام وضع الحل لهذه المشكلة منذ أربعة عشر قرنا، وما زلنا نعاني منها إلى الآن لعدم لجوئنا لهذا الحل، والبديل هو أن نقف متفرجين على هذا الانهيار الأخلاقي ونتجاهله وكأننا لا نراه، وهذا عار علينا جميعا كمجتمع متدين.
ظاهرة غير مقبولة

أدت ظاهرة العنوسة في مصر إلى زيادة حالات الزواج السري والعرفي بين الشباب في الجامعات، كما أدت إلى مناداة الكثيرين بتعدد الزوجات كحل لهذه المشكلة.

وتقول أستاذة علم الاجتماع الدكتورة سلوى كريم إن الأسرة المصرية ما زالت ترى في الزواج العرفي نوعا من العار ولا تحبذ تعدد الزوجات، لكن الواقع الاقتصادي يفرض نفسه تدريجيا، وأصبح هناك عدد كبير من الفتيات اللاتي لا يمانعن في كونهن زوجة ثانية أو ثالثة، طالما ان الزوج قادر ماديا، وان كان اكبر منهن في العمر.

والكثير من المطلقات والأرامل استفدن من فتوى أجازت الزواج المسيار، غير ان التقاليد الاجتماعية جعلتهن يبقين تلك الزيجات طي الكتمان، وهذا في حد ذاته يلقي بالشك حول شرعية الزواج.

وأضافت د. كريم قائلة: إن مشكلة العنوسة ستتفاقم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الشباب حاليا، وخاصة عدم حصول الشاب على فرصة عمل تدر عليه دخلا ثابتا يمكنه من تحمل أعباء الزواج. وإذا وجد الشاب عملا فانه يتعذر عليه العثور على مسكن يتزوج فيه في ظل ارتفاع أسعار الشقق إلى الضعف، إلى جانب مغالاة أهل العروس في طلبات ومستلزمات الزواج، فهي لا تزال تطالب بمطالب يعجز الشاب عن تلبيتها.

واعتبرت كريم أن تأخر سن الزواج قنبلة موقوتة تهدد المجتمع، وأرجعت ذلك إلى ارتباطه بالكثير من الظواهر مثل زيادة التحرش الجنسي والتطرف الديني والانتحار.

البحث عن شريك العمر
تقول نهى محمود (مهندسة - 35 سنة): أنا عانس لأنني لم أعثر بعد على شريك حياتي، أما الزوج بمفهومه السلطوي فهو موجود بكثرة لكنني أبحث عن شريك حياة يقدر اهتماماتي ويفهمني، وهذا لم أعثر عليه بعد. وأفضل أن أعيش وحيدة خير من العيش مع زوج سيئ.

أما محمد علي (موظف - 37 سنة) فقال لم أتزوج لعجزي المادي لأنني لم استطع توفير أي ماديات لشراء سكن أو شراء شبكة. ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشباب فإنه عندما يتقدم أي شاب لخطبة فتاة ترى والدها يشترط الشبكة والمهر ومصاريف الفرح، وبالتالي يضطر الشاب إلى ترك الفتاة ويبحث عن غيرها تلائم ظروفه ومادياته.

وتقول هناء محمود (طالبة جامعية): إن الزواج تحول إلى قضية مادية بحتة نتيجة التغيرات الحادة التي طرأت على تفكير اغلب الفتيات، بحيث لم تعد الفتاة اليوم تحلم بالفارس الذي يحملها على الحصان الأبيض، وإنما أصبح كل اهتمامها منصبا على توفير حياة مرفهة لها، خاصة ان خروجها للتعليم في الجامعة والعمل واختلاطها بالشباب ورؤيتها لأنماط مختلفة منهم جعلها مترددة في الاختيار.

*القبس
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 10:05 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/82980.htm