الجمعة, 26-أغسطس-2011
المؤتمر نت - عباس الديلمي عباس الديلمي -
الرجل الذي اختار من يكون وكيف يكون
في حالة واحدة فقط يُحمد على المكروه.. وهانحن - نمسح الدموع الحارة- ونحمد الله سبحانه الذي لايحمد على مكروه سواه، ووحده لاشريك له، من إذا شاء قضى، وإذا قضى فلا نسأله رد القضاء ولكن اللطف فيه..
وإذا ماكان القضاء الإلهي قد ابتلانا بفاجعة انتزاع الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني من بين صفوفنا فأين اللطف فيما علينا ان نتقبله بالرضا والحمد على المكاره؟ لقد حل اللطف بنا وبالفقيد الذي أحبه الله فأحبه الناس والعكس صحيح تماماً، اما كيف، فاقول باختصار:
لم ينل فقيدنا احدى الحُسنيين، بل الحُسنيين معاً، فقد نال الشهادة وأنتم أعلم بالشهادة ومكارمها في الدنيا والآخرة، ونال لقاء الحق سبحانه في أكرم الشهور- شهر الله والقرآن- وفي عشر العتق من النار.
قبل ذلك، كان فقيدنا قد نال مثلها، حسنى استباحة دمه وحياته في أول جمعة من شهر رجب الحرام، وحسنى الاعتداء عليه في بيت من بيوت الله.. بيد تنضح من بين اصابعها، سموم الحقد، وبشاعات الخيانة والتآمر، وكل هذا ممايجعله من المقربين جوار الله عز شأنه.
لقد فُجعت بفقد صديق عزيز- ولا أرانا الله بعدها فاجعة بصديق- وبهذه الصفة اكتب هذه الخاطرة، عن الصديق وليس رجل الدولة والسياسة والاقتصاد..
عبدالعزيز عبدالغني الإنسان- بكل ماتعنيه هذه الكلمة- ذلكم الرجل العظيم بأدبه، بعلمه، بأخلاقه، بدماثة طباعه، المنزه عن كثير مما ابتلى الله به عباده.
ها أنا اليوم أتأمل فيه وفي مسيرة حياته، واسترجع ذكرياتي معه منذ تعرفت عليه عن قرب- عبر صديقه المرحوم محمد عبدالوهاب جباري عام 4791م وكنت رفيقاً لهما في رحلة قصيرة الى مدينة ذمار..
أتأمل في الرجل الخلوق وأقول لنفسي: انه واحد ممن جسدوا المقولة الشهيرة للفكر الاسلامي المعتزلي، القائلة «ان الانسان هو صانع افعاله» اي هو من يختار مايفعل ولما يسخر حياته.
لقد اختار كيف يكون، وكيف يعيش.. فكانت حياته مجسدة لمن نال حُسنى النقاء وحب الناس، وحُسنى عدم التلوث بقطرة دم واحدة.
نعم اختار من يكون وكيف يكون، وكيف يعيش، ولولا ايماني بأنه لاتدري نفس بأى أرض تموت، لقلت: وقد اختار كيف وأين يموت، فجمع بين الشهادة، ولفظ أنفاسه الأخيرة في أرض شرفها الله وقدسها بالحرمين الشريفين.. ونزول الوحي وابتعاث الملائكة، وارتفاع راية رفع ظلم الانسان للانسان.. من على ربوعها.. أعرف أن صديقي لم يكن له حق الاختيار في هذا الأمر، إلاًّ أني على يقين ان الله الذي أحبه قد اختار له ذلك.
رحمك الله ياصديقي، وسنتصبر حتى نلقاك جوار الحق سبحانه وكم سأعيش متألماً لما أصابك يوم ذهبت لتصلي وتقف أمام الله في (جمعة الأمان) فجاءك الصاروخ الذي نحمل الجهات المعنية مسؤولية أن لا يظل صاروخ الغيب، بل الصاروخ الذي يعرف العالم بأسره عنه كل شيء، نعم كل شيء.
بقي أن أقول: إن الارهاب والعنف الذي لايسفح دماء البسطاء والمخدوعين والأبرياء من الناس ممن يعتقد الطامحون بتهور، المخططون بغباء، الانتهازيون بصلافه أنهم سيركبون موجة التضحية بهم، ولكن يحصد أرواح خيرة الرجال من ساسة وعلماء.. ويأتي على كل شيء ويبذر أحقاداً وثأرات تتوارثها الأجيال عبر الأحاديث والقلوب، قبل وثائق التاريخ وصفحات الكتب..
ألا يكفي ونتعظ ؟!! ألاًّ يكفينا فواجع بمن نحب، وحزناً على الأبرياء..!!

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 04:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/93088.htm