المؤتمر نت - بدا المشهد اليمني السبت الماضي شبيهاً بـ23 نوفمبر يوم توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. استبشر الناس خيراً بإقرار البرلمان لقانون الحصانة، وتزكية هادي لانتخابات الرئاسة.

الثلاثاء, 24-يناير-2012
المؤتمرنت - تغطية- نبيل عبدالرب -
قانون الحصانة وتزكية هادي أصبحا حقيقة..التوقيع:مجلس النواب
بدا المشهد اليمني السبت الماضي شبيهاً بـ23 نوفمبر يوم توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. استبشر الناس خيراً بإقرار البرلمان لقانون الحصانة، وتزكية هادي لانتخابات الرئاسة.

انتشر خبر حضور الحكومة إلى البرلمان لتقديم قانون حصانة معدل في المواقع الإلكترونية الإخبارية والفضائيات. وفي صباح السبت قبل إقرار القانون كان الناس في شوارع العاصمة بين يائس من حسم الأمر وقلق من فشل إقرار القانون، وبين متفائل بأن ليل الأزمة سينجلي وسيترك اليمنيون وراءهم خطوات أخرى في طريق تنفيذ مبادرة الخليجيين.

وبالسير في شوارع صنعاء باتجاه منطقة التحرير التي يقع فيها مقر البرلمان، كان المرء يقترب أكثر من كثافة وأهمية قطع شوط جديد للانعتاق من أزمة تجاوزت عشرة أشهر من عمر اليمنيين، وأخذت منهم السكينة والهدوء والطمأنينة وحلم العيش في ظل دولة حقيقية يعرفها سكان العالم؛ إلا نحن اليمنيين..

قبل الفاتحة..

مداخل البرلمان كانت خالية من سيارات غير النواب، وإلا من رجال القوات الخاصة المكلفة بحراسة البرلمان، تشديد الحراسة لم يكن بالشكل الذي وجد السبت إلا في حالات خاصة.

وبعبور البوابة الرئيسية إلى ساحة البرلمان، يظهر للعيان مدى الاستعداد لإذابة جليد الحصانة، والتزكية. فعلى غير العادة توافد النواب منذ الثامنة صباحاً ومن مختلف الأطياف، ولفت الأنظار العدد الكبير للصحفيين اليمنيين، وكاميرات التصوير الحاضرة لتوثيق الحدث وإخراجه للعالم. وحتى انعقاد الجلسة لم تهدأ الساحة من نقاشات ثنائية وجماعية بين النواب، ومن تصريحات لبعضهم ينقلها الصحفيون.

الساعة الحادية عشر تسارع الحرس لفتح بوابة ساحة النواب، وما هي إلا ثوان حتى ولجت سيارة متواضعة ووحيدة يتيمة من موكب يرافقها، مرافقين يرتدون بزات عسكرية يجرون هنا وهناك وينتشرون بعيداً عن السيارة. وآخرون يتحلقون حولها تأميناً لسلامة الشخص المهم الذي يستقلها حتى من مصافحات هواة المصافحة. تدخل السيارة ببطء وتظهر صورة محمد سالم باسندوة رئيس الحكومة الذي لا يحب الضجيج وزحمة المرافقين، وقد قال لقائد حراسة البرلمان عندما أتى ببرنامج حكومته: الحارس هو الله. لما شكى له القائد أن جنود خارج سور البرلمان أساءوا التصرف مع الحراسة. وقال إنهم أتوا لتأمين باسندوة.

استقبله أمين عام مجلس النواب عبدالله صوفان ورافقه إلى المكتب المجاور لقاعة انعقاد الجلسات الخاص برئيس البرلمان الذي قابله هناك.

سبق باسندوة وزير الثروة السمكية عوض السقطري، ووزير شئون النواب والشورى رشاد الرصاص. أما بقية الوزراء الحضور فلحقوا رئيسهم في باصات صغيرة اعتادوا على الإتيان فيها إلى البرلمان منذ تولي باسندوة رئاسة حكومة الوفاق.

رحلة الحصانة:

غاب نواب، وتخلف وزراء.. لكن الأغلب حضروا لإنجاز التزام داخلي أولاً، وإقليمي ودولي ثانياً. ولواحدة من المرات القليلة اكتظت قاعة النواب بالأعضاء، وندر تسربهم إلى خارجها، أو إلى البوفية الملاصقة للقاعة.

"بسم الله ثم باسم الشعب"
افتتح رئيس البرلمان يحيى الراعي الجلسة ليعقبه أحد النواب بقراءة محضر الجلسة السابقة، وهو إجراء روتيني حسب اللائحة البرلمانية.

وما إن انتهى حتى صعد رئيس حكومة الوفاق محمد سالم باسندوة منصة القاعة وشرع بقراءة رسالة الحكومة بسحب مشروع قانون للحصانة سبق أن أرسل للبرلمان، واستبداله بمشروع معدل للحصانة.

ويُعد قانون الحصانة من أكثر بنود المبادرة الخليجية جدلاً في الأوساط الداخلية والخارجية على السواء.. المؤتمر وحلفاؤه يعتبرونه جزءاً لا يتجزأ من المبادرة الخليجية وآليتها، والتزاماً دولياً بموجب قرار مجلس الأمن (2014) لسنة 2011م. واعتبرته أحزاب المشترك على لسان رئيسها السابق ياسين سعيد نعمان تنازلاً قاسياً، أما شباب الساحات فقد رفضوه بأي صيغة، كما رفضوا المبادرة الخليجية هم والحوثيون.

وفي الخارج رفضت منظمات حقوقية مبدأ الحصانة لأي شخص، فيما الولايات المتحدة والخليجيون تحديداً أصّروا على كونه التزاماً لا مجال للفكاك منه.

صياغة القانون ظلت مثار خلاف بين قيادات المؤتمر والمشترك منذ توقيع المبادرة والآلية، وانتقل الخلاف إلى مجلس الوزراء، وبعد الاتفاق على صيغة جعلت المادة الأولى منه مانحة الحصانة لصالح ومن عمل معه أثناء فترة حكمه في القطاعين المدني والعسكري.

ووصلت هذه الصيغة إلى البرلمان في العاشر من هذا الشهر، وبقيت حبيسة هيئة الرئاسة لرفض أي نائب قراءتها حتى جاء وزير شئون مجلسي النواب والشورى لتلاوة مشروع القانون؛ إلا أن كتلة المؤتمر أصّرت على تقديمه من وزير الشئون القانونية ونقاشه مع وزير العدل، وهما محسوبان على قائمة المشترك في حكومة الوفاق.

وخلال عشرة أيام وتلك الصيغة في عهدة النواب تسربت أنباء عن اقتراح لأحزاب المشترك يعدل الصياغة المفتوحة لنص مادته الأولى بحيث تضاف فقرة تحدد أسماء المشمولين بالحصانة بكشف مرفق، ومنعهم من مزاولة العمل السياسي لمدة خمس سنوات. أنباء مقابلة وردت على ألسنة دبلوماسيين أجانب في صنعاء أشاروا على بقاء صياغة القانون كما هي. وتضاربت المعلومات حول اليوم الذي ينجز النواب القانون.

وكان متوقعاً بعد عودة باسندوة من زيارة لدول خليجية أن تأتي الحكومة الأربعاء الماضي؛ إلا أنها بدلاً من ذلك أرسلت اعتذاراً عن الحضور طالبة من البرلمان التأجيل إلى الاثنين. الموعد التالي لم يتم. وبحثّ من المبعوث الأممي جمال بن عمر التواجد في صنعاء طيلة الأسبوع الفائت عقد مجلس الوزراء اجتماعاً استثنائياً الخميس وأقر حضور الحكومة وليس وزيري العدل والشئون القانونية فقط إلى مجلس النواب السبت؛ إضافة لإقرار تعديلات على قانون الحصانة تلاها باسندوة السبت أمام النواب. وتضمنت منح الحصانة التامة لصالح، والحصانة السياسية وحسب لمعاونيه خلال فترة حكمه باستثناء الاعمال ذات الصلة بالإرهاب.

دموع باسندوة

بعد أن فرغ رئيس الحكومة من قراءة النص الجديد للحصانة ارتجل كلمة حذّر فيها من تعرض اليمن للتشرذم إلى أشطار، وليس شطرين شمالي وجنوبي فقط. وقال للنواب: أحدثكم وأنا رجل مدرك لما أقول. وناشد النواب عدم التلكؤ في إقرار القانون وتزكية عبدربه منصور هادي للانتخابات الرئاسية.
وتوجه مرة أخرى للنواب وقال لهم وعيناه تذرفان الدموع: هل تحبون أن ترو اليمن كالصومال أو أفغانستان.

من جهتهم قابل النواب والوزراء دموع وكلام باسندوة بتصفيق حار. وبمجرد عودته لمقعده في مقدمة القائمة أكد رئيس البرلمان يحيى الراعي وقوف المؤسسة التشريعية والرقابية إلى جانبه.

وفيما رفع أكثر النواب أصواتهم بإقرار القانون دون تداول سمح الراعي للبعض بالنقاش. وطالب عبده بشر، رئيس ما يسمى كتلة الأحرار- وهي كتلة تضم أعضاء استقالوا من المؤتمر- بتأجيل النقاش يومين حسبما تنص لائحة البرلمان. وعبر عن رفضه للقانون.

رئيس كتلة المؤتمر سلطان البركاني من جانبه أكد على سرعة التصويت، واقترح أيضاً تزكية هادي للرئاسة. أما النائب الإصلاحي منصور الزنداني فاعتبر القانون المقدم من الحكومة اجتهاداً قابلاً للإضافة والتعديل. وهو ما رفضه الأعضاء، ثم فتح الراعي باب التصويت على القانون بالوقوف وليس برفع الأيدي. وأُقر القانون بالإجماع ما عدا عبده بشر.

وبينما طغى توجه بتزكية هادي ذكّر نواب بضرورة اجتماع مشترك مع مجلس الشورى للتزكية وفقاً للدستور، فرد الراعي بأن المبادرة الخليجية وآليتها علقت أحكاماً دستورية. وطالب النواب بالتصويت وقوفاً على تزكية هادي للانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 فبراير القادم، وافقوا بالإجماع.

وبذلك تكون اليمن تخطت بندين آخرين في المبادرة وآليتها..

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 05:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/96325.htm