التعددية السياسية
صورة أولية عن حالة المجتمع المدني في عهد الوحدة
ترجع نشأة الأحزاب السياسية والجمعيات، والمؤسسات الأهلية في اليمن إلى المرحلة التاريخية السابقة على إعادة تحقيق الوحدة، وقيام "الجمهورية اليمنية" في مايو 1990م، ففي الثلاثينيات من القرن العشرين ظهرت منظمات سياسية سرية في إب، وصنعاء، وعدن، بل إن وجودها في عدن كان أقدم من ذلك حيث نشأت نهاية القرن التاسع عشر في عدن أول غرفة تجارية وصناعية كانت الثانية في المنطقة العربية بعد غرفة حيداء اللبنانية، كما ظهرت في عدن، وهيئة للمحامين في الجزيرة العربية، ونشأت أول الأحزاب السياسية في الأربعينات في عدن كحزب الرابطة، والجمعية اليمنية الكبرى، وحزب البعث، ثم تلتها أحزاب قومية في فترة لاحقة، غير أن تلك الأحزاب كانت عادة سرية عدا في عدن حيث كانت الأحزاب علنية في ظل الاستعمار البريطاني، لكنها دخلت في طور السرية بعد الاستقلال، كما هو الحال في صنعاء. وحتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي لم يكن في اليمن سوى حزبين اثنين علنيين هما الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب، والمؤتمر الشعبي العام الحاكم في الشمال، وكان هذا الأخير بمثابة مظلة للأحزاب السرية، حيث كان الدستور يحظر النشاط الحزبي، كذلك الأمر بالنسبة للمنظمات غير الحكومية (جمعيات، نقابات، اتحادات...) كانت قائمة في السابق، إلا أنها في الغالب كانت مقيدة الحركة ولا تتمتع بالاستقلالية نتيجة للوصاية الحكومية عليها.
وهكذا يمكننا القول إن مظاهر التنظيم الاجتماعي السياسي والمجتمع المدني في اليمن له امتداد تاريخي طويل نسبياً، إلا أنه لم يكن فعالاً بحكم الظروف السياسية التي كانت سائدة في الماضي.
لذلك فإن التاريخ الحقيقي للمجتمع المدني بمفهومه المعاصر قد بدأ مع قيام "الجمهورية اليمنية" عام 1990م لأسباب كثيرة سنأتي على بعضها لاحقاً بقدر من الإيجاز.
إن حرية الأحزاب والمجتمع المدني وضمان حقوق الإنسان هي من مظاهر الدولة المدنية الحديثة التي هي في الأساس دولة قانون تخضع فيها جميع الهيئات، والممارسات لقواعد دستورية ونصوص قانونية، وتكون هذه القواعد، والنصوص ضماناً للحقوق وعلى أساس الالتزام بها يحكم بشرعية السلطة.
وقد اقترن تحقيق الوحدة عام 1990م بالديمقراطية، فصارت الفلسفة السياسية للحكم الجديد قائمة على الديمقراطية، وتحت صياغة الدستور والقانون، بحيث تعكس هذه الفلسفة. فبالنسبة للأحزاب والجمعيات يقر الدستور اليمني حرية التعددية الحزبية، وحرية تشكيل الأحزاب والجمعيات السياسية والنقابية والمهنية والعلمية والثقافية، كذلك فيما يتعلق بالانتخابات التنافسية بين الأحزاب، والتداول السلمي للسلطة، وحرية الرأي والتعبير، وحق التظاهر، والتنظيم... الخ.
وفي هذا الجانب صيغت قوانين لتنظيم المجتمع المدني، وتنظيم ممارسة الحقوق، انطلاقاً من تلك المبادئ الدستورية. فقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية، وقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقانون النقابات، وقانون الصحافة، وقانون المظاهرات والمسيرات تضمن للمجتمع المدني ممارسة الحقوق الدستورية دون قيود سوى تلك القيود المتعلقة بحظر سوء استخدام الحق للإضرار بالمصالح العامة، والآداب العامة، والصحة العامة.
ونتيجة لأن الدستور والقوانين في اليمن انبعثت من الفلسفة السياسية للنظام الجديد، وهي الديمقراطية. فقد صيغت صياغة منسجمة مع الديمقراطية، وبالتالي وفرت المناخ، والبيئة لحرية المجتمع المدني.

الأحزاب السياسية:
فور قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م خرجت الأحزاب السرية إلى العلن ونشأت أحزاب جديدة وصلت في العام التالي إلى (46) حزباً وتنظيماً أساسياً تحت تأثير الشعور بأجواء الحريات السياسية، الخروج من الكبت الذي كان مستحكماً في السابق، لكن بدأت أعدادها في التراجع بتجميد كثير من الأحزاب والتنظيمات نشاطها أو اندماجها في أحزاب أخرى. وقد استقر عدد الأحزاب حالياً عن الرقم (22) وهو عدد الأحزاب والتنظيمات السياسية المسجلة رسمياً لدى لجنة الأحزاب، وهي:
- المؤتمر الشعبي العام.
- حزب البعث العربي الاشتراكي.
- الحزب الناصر الديمقراطي.
- التجمع اليمني للإصلاح.
- حزب رابطة أبناء اليمن.
- التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري.
- الجبهة الوطنية الديمقراطية.
- حزب جبهة التحرير.
- تنظيم التصحيح الشعبي الناصري.
- الحزب الاشتراكي اليمني.
- حزب الحق.
- حزب البعث الاشتراكي القومي.
- حزب التحرير الشعبي الوحدوي.
- الحزب القومي الاجتماعي.
- حزب الشعب الديمقراطي.
- حزب الوحدة الشعبية.
- حزب الرابطة اليمنية.
- التنظيم السبتمبري الديمقراطي.
- التجمع الوحدوي اليمني.
- حزب الخضر الاجتماعي.
- اتحاد القوى الشعبية.
- الاتحاد الديمقراطي للقوى الشعبية.
ومعظم هذه الأحزاب شاركت في الانتخابات النيابية للأعوام 1993م، 1997م، 2003م، والانتخابات المحلية عام 2001م.
غير أن تأثير وشعبية هذه الأحزاب والتنظيمات متفاوتة إلى حد كبير. ففي انتخابات 1993م، التي شارك فيها (21) حزباً حصلت بعض هذه الأحزاب على (16) صوتاً، أو (30) أو (71)، ولم تحقق (7) أحزاب أصواتاً تفوق الألف، بمقابل الأحزاب الكبيرة مثل المؤتمر الشعبي العام (640.823) صوتاً، والتجمع اليمني للإصلاح (382.545) صوتاً، والحزب الاشتراكي اليمني (413.984) صوتاً. وفي الانتخابات النيابية لعام 1997م، تنافست على مقاعد البرلمان الـ (301) (13) حزباً، و(21) حزباً في انتخابات 2003م.
في برلمان 1993م كانت هناك (8) أحزاب ممثلة في البرلمان هي المؤتمر الشعبي العام (124) مقعداً، والتجمع اليمني للإصلاح (63) مقعداً، والحزب الاشتراكي اليمني (56) مقعداً، وحزب البعث (7) مقاعد، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (مقعد واحد)، وحزب الحق (مقعد واحد)، وتنظيم التصحيح (مقعد واحد)، والحزب الناصري الديمقراطي (مقعد واحد)، وانخفض هذا التمثيل في برلمان 1997م إلى أربعة أحزاب فقط هي: المؤتمر (189) والإصلاح (53) مقعداً، والبعث (مقعدان)، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (3) مقاعد. ثم عاد إلى الارتفاع قليلاً في برلمان 2003م، الذي تشكل من (5) أحزاب إلى جانب كتلة المستقلين، وفي هذا البرلمان يحتل المؤتمر (229) مقعداً، مقابل (46) للإصلاح، و(7) للاشتراكي، ومقعدان للبعث، وثلاثة مقاعد للتنظيم الوحدوي الناصري.

المنظمات غير الحكومية:
صارت المنظمات غير الحكومية جزءاً من الحياة العامة، وخلال الفترة التي أعقبت قيام الجمهورية اليمنية بدأت هذه المنظمات تمارس دوراً بأس به بد في تنظيم المجتمع على أسس حديثة وتلعب دوراً في مجال الإغاثة والدفاع عن حقوق الإنسان والتنظيمات المهنية، والحريات النقابية والنشاط الحقوقي الثقافي.
حتى منتصف 2003م ( وهي الأرقام المتوافرة لدينا حالياً) وصل عدد المنظمات غير الحكومية إلى (1015) منظمة موزعة على (2609) جمعية، ومؤسسة أهلية، و(1138) جمعية واتحاد تعاوني.
المؤسسات الأهلية مقسمة إلى 36 اتحاداً عاماً، (1769) جمعية خيرية، (38) مؤسسة خيرية، و(368) جمعية اجتماعية، و(40) ثقافية، و(44) مهنية، و(40) علمية، و(25) نقابة، و(220) نادياً، و(24) جمعية صداقة وإخاء، و(5) منتديات. بينما تتوزع الجمعيات والاتحادات ا لتعاونية على (18)اتحاداً، و(6) جمعيات عامة ,(627) جمعية زراعية، (87) استهلاكية، و(233) سكنية، و(133) سمكية، و(34) حرفية. ويتمحور نشاط هذه المنظمات حول القضايا التالية: توسيع المشاركة السياسية، الدفاع عن الحقوق، والتنمية الثقافية، والإغاثة ورعاية الفئات الخاصة، وبناء القدرات، وتمكين المرأة، ورعاية المعوقين والأحداث، العناية بالفئات المهمشة، الدفاع عن الحقوق المهنية، التوعية القانونية.. الخ.
http://22may.almotamar.net/showdetails.php?id=136