حين أخذ التواصل والاتصال بين حاضرة دولة الخلافة العباسية، وأطرافها يعاني من الصعوبات، سعت الدول اليمنية المستقلة إلى الحفاظ على وحدة اليمن، وإن كانت أخذت أشكالا من الصراع وخوض الحروب فيما بينها، وقد بدأت بقيام محمد بن عبد الله بن زياد بإنشاء إمارة شبه مستقلة عن العباسيين في عام 204ه/819م، امتدت سلطتها من مدينة حلي بن يعقوب شمالا حتى عدن وحضرموت والشحر والمهرة جنوبا، وأسس مدينة زبيد عاصمة للدولة.
وأدى قدوم الإمام الهادي يحيى بن الحسين في 284ه/897م إلى صعدة إلى خروجها عن إمارة آل زياد، ومثلها خرجت حجة التي تنازعها اليعفريون ودعاة الإسماعيلية، وظهرت دولة آل نجاح على أنقاض آل زياد .. وعلى الرغم من تعدد قيام الدول في فترات متداخلة، فإن كلا منها كانت تحرص على وحدة اليمن، إلا أن تعدد الإمارات في آن معا جعل اليمن مجزأة بعد وفاة سيد بن أحمد الصليحي، تحت أربع سلطات سياسية (سلطة الأئمة في صعدة وما جاورها، وسلطة آل حاتم في صنعاء وأعمالها وآل زريع في عدن، وآل مهدي في تهامة التي امتدت إلى المخلاف السليماني.
وجاء الأيوبيون واليمن مجزأة إلى عدة إمارات، فوحدوها تحت إمرتهم وحكموها ما بين 569-626ه/1174-1229م ... ويحدثنا التاريخ أن الدول التي نجحت في توحيد اليمن لفترات طويلة لم تحجم عن أداء دورها الحضاري وعلى الأخص الدولة الصليحية والدولة الرسولية.
وتظهر الخصوصية اليمنية مرة أخرى في احترام مكانة المرأة وتبوئها واقع القيادة الفاعلة، فكما حكمت بلقيس في العهد السبئي، فإن ملكة أخرى في عهد الدولة الصليحية هي سيدة بنت أحمد الصليحي خلفت زوجها في الحكم في دولة امتد نفوذها إلى سائر البلاد اليمنية، وإلى الحجاز.