ولاشك أن بعض الأحداث تعد مختبراْ لفحص الواقع الذي نعيشه وقياس المسافات بين الشعارات المصلوبة على أعمدة الابتزاز ومدى القناعة الراسخة بها .وهاهي أحداث الفتنة التي أشعلتها لوثة الإمامة الجديدة (!!) تضخ ملئ الرؤية مفارقات تدعو المرء إلى التوقف أمامها وإجالة النظر مليا فيها. فالأحزاب التي تقتلع أسماعنا بعواصف النحيب على الديمقراطية وحقوق الإنسان ونقص شحوم الحداثة، تجد في الملمات المتمترسة ضد الوطن لذة النوم على مخدة ريش، نافية تحت الأسرة كل الألسن وكل تلك الشعارات الثورية .. تخرس البيانات، تتبنج اللغة المتقعرة والمتنطعة دون عن الحداثة وعن النظام والقانون والدستور.. تتخدر الشعارات الصاخبة. ولا تتردد أحزاب المآسي أو يندى جبينها بقطرة عرق واحدة بعد ذلك وهي ترفع عاليا راية الحياد بمواجهة كل خطر موتراْ قوسه صوب الوطن وأمنه واستقراره ،ومشرعاْ شروره الداهمة نحو مصالحه ومكتسبا ته؛لكنها وراء الكواليس تغرز أنياب التواطؤ وقد ثبت أنها تتكسر في كل مرة. الموقف السالب الذي تعاملت به الأحزاب- التي تعارض كل شيء عدا التهديدات التي تستهدف استقرار الوطن وأمن أبنائه- مع أحداث الإرهاب التي ضربت الاقتصاد الوطني ،هو نفسه المرفوع اليوم قبالة فتنة أذكى جذوتها حملة رايات الثأر من الثورة ، ألا يستحق التمرد على النظام و القانون والدستور والتحريض على العنف والاعتداء على الجنود، ألا يستحق كل ذلك موقفا ، بيانا واحدا، ولو لم يكن ذلك إلا من قبيل إسقاط الواجب. هناك أحزاب كشفت عن وجهها ولم تتردد عن إظهار حجم الورم الإمامي المتضخم وهي تلك التي تمطى من تحت جلدها (إمام الغفلة) ونافخ كير الفتنة. فحين تحدث رئيس الدائرة السياسية في حزب الحق كان طبيعيا أن يظهر مدافعا عن ذلك الذي أيقظ الفتنة المذهبية النائمة إن أقل الأسباب تتمثل في أن دعي( الإمامة ) في أحراش جبال صعدة،خرج أصلا من هذا الحزب ،ومن غير المتوقع أن ينبري قيادي فيه مدافعا عن الثورة والجمهورية . |