الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 02:26 ص - آخر تحديث: 02:16 ص (16: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
حوار
المؤتمر نت - حاوره : أحمد الزبيري -
أنيس يحيى : الإصطفاف الوطني غدا حاجة موضوعية لبناء اليمن الحديث
ما يقارب النصف قرن في معترك السياسة وحتى الآن ظل انيس حسن يحيى يحظى بحضور متفرد.. وفي رحلته الطويلة في خضم العمل القيادي الحزبي والسياسي العام كان شاهداً ومشاهداً ومشاركاً في الكثير من الأحداث والمنعطفات التاريخية التي مر بها اليمن المعاصر.. رؤاه ومواقفه الصريحة والجريئة كما يقول كانت سبباً لمشاكل وخصومات عرضته احياناً لمخاطر، لكنها ما دامت منسجمة مع تصوراته وقناعاته فليس هناك ما يدعوه للأسف عليها.. «26سبتمبر» طرحت عليه العديد من المحاور والأسئلة لكن صادف أن الرجل بسبب ظروفه الصحية لم يستطع الاجابة على كل ماطرحناه عليه من اسئلة لكنه اجاب على معظمها ويبقى الأهم الشفافية التي تحدث بها عن جملة القضايا الوطنية الراهنة والمستقبلية في هذا الحوار: < استاذ انيس انخراطكم في العمل السياسي يعود الى خمسينيات القرن الماضي.. كيف تستقرئون تجربتكم الآن وطنياً وقومياً بعد كل هذه التحولات والمتغيرات في المنطقة والعالم؟ >> حقيقة لم أكن أرغب في أن أتحدث عن تجربتي الشخصية في الحياة السياسية، وانخراطي المبكر في الحركة الوطنية والنقابية، في الشطر الجنوبي من الوطن (سابقاً) ولكن، ونزولاً عند رغبة محاوري، ومعرفتي بدوافعه الطيبة، فإنني أشير، هنا باقتضاب شديد، إلى دوري المبكر في الحركة الوطنية والنقابية. فعلى صعيد الحركة الوطنية اضطلعت بدور أحد المؤسسين للجبهة الوطنية المتحدة في عدن، وهي الجبهة التي لعب الدور الريادي في تأسيسها المناضل الكبير الراحل محمد عبده نعمان، إلى جانب عدد من المناضلين الرواد من أمثال الأخوة محمد سالم علي، ومصطفى رفعت ومحمد زليخي، والأخ عبدالله الأصنج. وكان تشكيل الجبهة الوطنية المتحدة هو نقطة البداية في تحديد مسار وتوجه الحركة الوطنية اليمنية في جنوب الوطن، حيث تحدد البعد اليمني لهذه الجبهة العريضة، منذ لحظة ميلادها. وعلى الصعيد النقابي شاركتُ في الإجتماعات التأسيسية لعدد من النقابات، واضطلعت بمهمة صياغة بياناتها التأسيسية، بالنظر الى أن الغالبية من اعضاء هذه النقابات كانوا من غير المتعلمين. وشغلت منذ عام 1957م وحتى عام 1959م منصب الأمين العام المساعد لنقابة المعلمين، وهي النقابة التي كانت تمثل، حينئذ، الحلقة الأضعف في الحركة النقابية. والجدير بالذكر أن التسامح والتفاعل بين مختلف تيارات الحركة الوطنية، كانا السمة الغالبة، حينئذ، التي طبعت نشاطنا في الحركة النقابية. فعلى صعيد نقابة المعلمين، على سبيل المثال، كان المناضل الراحل جعفر علي عوض رئيساً لها، وكان الأخ المناضل علي أحمد ناصر السلامي أميناً عاماً لها، وذلك في نفس الفترة التي شغلت فيها منصب الأمين العام المساعد في النقابة. وكان الأخوان جعفر علي عوض، وعلي أحمد السلامي، عضوين بارزين وفاعلين في حزب رابطة أبناء الجنوب، قبل أن يتحولا، فيما بعد، إلى حركة القوميين العرب كعضوين مؤسسين فيها، ثم إضطلاعهما، مع زملاء لهما آخرين، بدور تأسيسي للجبهة القومية. وكنت، بالمقابل، حينئذ، أمثل التيار السائد في الحركة الوطنية الداعي إلى الوحدة اليمنية، في وقت لاحق، وذلك بعد تحرير واستقلال جنوب الوطن، وزوال نظام الإمامة في شمال الوطن. ولعل في هذا الإنخراط المبكر في العمل السياسي، الذي يعود فعلاً إلى منتصف الخمسينات من القرن الماضي، ما يجعل المرء أكثر قدرة على التفاعل مع المتغيرات وطنياً وقومياً وعالمياً. وتجربتي في العمل السياسي هي في حقيقة الأمر، ملك الشعب، بكل قواه السياسية وشرائحه الإجتماعية. أنتصر لما أراه صحيحاً < حضوركم في الساحة السياسية اليمنية يرجع الى تفردكم في مواقف متميزة تجاه العديد من القضايا الوطنية.. الى ماذا يمكن ارجاع ذلك؟ >> أما تفردي في مواقف مميزة، كما جاء في سؤالكم، طوال تجربتي في العمل السياسي التي تمتد لأكثر من خمسة وأربعين عاماً، فإنه يعود إلى حرصي البالغ على أن أنتصر لما أراه صحيحاً. وقد كلفني ذلك، أكثر من مرة، الثمن باهظاً. وأنا لست نادماً على شيء، طالما أنني كنت، وما زلت، أنطلق في كل مواقفي من دوافع وطنية. أقول بأن تجربتي الطويلة في العمل السياسي، ستكون، يوماً ما تحت تصرف الجميع، وسأتحدث عنها بكل شفافية وبكل موضوعية. الإصطفاف الوطني < افرازات الاحداث العاصفة التي تمر بها المنطقة في انعكاساتها على الوضع الداخلي لليمن تقتضي اصطفافاً وطنياً.. هل القوى السياسية لما تطرحونه من الآراء مستوعبة لمسؤولياتها ولما يتوجب عليها القيام به؟ >> أعتقد أن الاصطفاف الوطني الواسع، في بلادنا، غدا حاجة موضوعية لبناء اليمن الحديث، ولمواجهة كافة التحديات التي تواجه الشعب والوطن على مختلف الصعد، سياسياً وإقتصادياً واجتماعياً وحتى ثقافياً. واعتقد أن هذا الإصطفاف الوطني ممكن فيما لو توافرت الإرادة السياسية عند الجميع، وصدقت النوايا. وما يعطل قيام هذا الإصطفاف الوطني المنشود عاملان، كما أعتقد: يتمثل العامل الأول في تعامل الحزب الحاكم، مع الآخر، أي مع المعارضة، والذي لابد ان يستقيم مع حقيقة أن المنظومة السياسية لا تتكامل ولا تتعزز إلا بوجود حزب يحكم وأحزاب في المعارضة تمتلك كامل الحق في الوجود السياسي، وفي التعبير عن آرائها، حتى وإن كانت هذه الآراء تختلف، وبالمطلق، مع آراء ومواقف السلطة وحزبها. ويتمثل العامل الثاني في أن أحزاب المعارضة، والإشتراكي تحديداً، فهي لم تستطع بعد أن تتحرر من الإحساس بالمرارة التي خلفتها حرب صيف 1994م. ولذلك لا أجد غرابة في أن يأتي الخطاب السياسي للمعارضة، في الغالب، نارياً. إن خطاباً سياسياً نارياً سيكرس، بالضرورة، القطيعة القائمة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، ويفقد المعارضة القدرة على تقديم البديل الديمقراطي. إن أوجاعنا على الصعيدين الخاص والعام، عندما تتحكم بخياراتنا السياسية، تفقدنا القدرة على إمتلاك البديل الديمقراطي الذي يحتاجه الوطن على مختلف الصعد. هذا لا يعني أن كل الخطابات السياسية لأحزاب المعارضة نارية فهناك اصوات عاقلة ومؤثرة في هذه الأحزاب، وهي بحاجة إلى بعض الوقت لكي يتسع ويتعمق تأثيرها داخل أحزاب المعارضة. هذان العاملان كرسا القطيعة في الحياة السياسية، بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وهو أمر ضار وخطير. . إن العبء الأكبر في إزالة هذه القطيعة السياسية، يقع الحزب الحاكم ومع ذلك، فإنني أطالب أحزاب المعارضة، والاشتراكي تحديداً، بأن تتقدم خطوات إلى الأمام لإنهاء هذه القطيعة التي أثبتت الحياة ضررها على المجتمع وعلى مختلف الصعد. إن ما يجري في صعدة من أحداث يتطلب من الجميع، حزب حاكم وأحزاب معارضة، الإرتفاع إلى مستوى المسؤولية، لأن ما يجري يهم المجتمع برمته، بكل ألوان الطيف السياسي فيه، وبكل شرائحه الإجتماعية. إن ما يجري من أحداث في صعدة، هو الحافز الأهم للجميع، حزب حاكم وأحزاب معارضة، إلى الإستشعار بأهمية قيام إصطفاف وطني واسع، من داخل الحكم ومن خارجه. ونؤكد أننا لا نعني بهذا الإصطفاف قيام حكومة وحدة وطنية، لأن شروط قيام هذه الحكومة، غير متحققة بعد على أرض الواقع اليوم. والإصطفاف الوطني الذي ندعو إليه ليس إصطفافاً مؤقتاً. بل هو إصطفاف لمرحلة طويلة نسبياً، تنجز خلالها مهمات إستراتيجية، تأتي في مقدمتها بناء دولة المؤسسات، دولة النظام والقانون، في ظل تقاليد ديمقراطية تترسخ، مع الزمن، من خلال الممارسة. دولة قادرة على تحقيق المواطنة المتساوية أمام الدستور والقانون، وتحقيق قدر معين من العدالة الإجتماعية، إن واقع الغالبية من الناس بائس ويزداد بؤساً، في ظل تزايد الهوة بين الأغنياء والفقراء. وهذه مسألة أخرى تتطلب معالجة مستقلة. وهنا أود أن أذكر بدعوة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، إلى قيام إصطفاف وطني واسع هذه الدعوة بحاجة ماسة إلى إعادة طرحها مجدداً من قبل الأخ الرئيس والحزب الحاكم. لقد تقدم الأخ الرئيس بهذه الدعوة قبل حوالى سنتين، وبسبب القطيعة السياسية بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، ماتت هذه الدعوة في مهدها. وبالنظر إلى حيوية وأهمية هذه الدعوة، وإلى استجابتها لمتطلبات المرحلة التاريخية الراهنة، فإنني أدعو إلى تجديد طرحها، مع شرط توافر الإرادة السياسية وصدق النوايا، لتتحول هذه الدعوة الطيبة والمباركة إلى واقع ملموس يسمح بتفاعل الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة مع بعضها، إنطلاقاً من المصالح العليا للوطن، وكل من موقعه في الحكم وفي المعارضة. إن الوطن يبنيه الجميع، وبشكل خاص في واقع شديد التعقيد كما هو الحال في بلدنا. وقيام هذا الإصطفاف لا يعني أن تنعدم التباينات والإختلافات في الرؤى فهذا الأمر طبيعي وصحي ويجب أن نشجعه. وفي ظل هذا الإصطفاف الوطني الذي ندعو إليه، يمكننا أن نجد الحل للعديد من التباينات ومسائل الخلاف. وما يتعذر حله اليوم، فالزمن كفيل بحله، طالما وأن هناك قواسم مشتركة لدى كل الأطراف. وهي موجودة فعلاً لو أننا نمتلك العقل والبصيرة في التعامل مع بعضنا. التقاليد الديمقراطية < التلازم الاشتراطي بين الوحدة والديمقراطية جعل اليمن في نظامها السياسي التعددي نموذجاً اقليمياً يحظى باحترام وتقدير دولي.. ما الذي يمكن قوله عن ديمقراطية الاحزاب في تكوينها الداخلي وفي علاقتها بشركاء العملية السياسية في الساحة الوطنية؟ >> التقاليد الديمقراطية في بلادنا ما زالت في مرحلة جنينية. وكان يمكن لهذه التقاليد أن تترسخ في حياتنا السياسية فيما لو تعززت الثقة بين صانعي الوحدة «المؤتمر» و«الاشتراكي» بعد قيام الجمهورية اليمنية. فغياب الثقة كان من بين أهم الأسباب في إندلاع حرب صيف 4991م، ولعله من المفيد أن يستوعب الجميع أن المنتصر الوحيد في هذه الحرب. هي القوى الطارئة على السوق، التي تسير وتهيمن بالكامل على الحياة الإقتصادية. كما إنه من الأهمية بمكان أن تستوعب قوى الحداثة، في المجتمع، داخل الحزب الحاكم، وفي أحزاب المعارضة على السواء، أنها هي المهزومة في هذه الحرب. لقد تراجع كثيراً تأثير قوى الحداثة في المجتمع وبعد هذه الحرب، وهذه واحدة من أبرز الآثار المدمرة لهذه الحرب الكارثة. < تعميق الديمقراطية داخل البنى والتكوينات الداخلية للتنظيمات السياسية شرط مهم لتعزيز وجودها في المجتمع وتأثيرها على مجمل التحولات الوطنية في اتجاهاتها السياسية والاقتصادية التنموية والديمقراطية.. ما هي تصوراتكم في هذا المنحنى؟ >> لأن التقاليد الديمقراطية لم تترسخ بعد في حياتنا السياسية وداخل أحزابنا، فإنني أدعو إلى ممارسة الديمقراطية في أحزابنا، كشرط لنموها وتطورها الطبيعيين في المجتمع وأشعر بالسعادة أن الحزب الاشتراكي، حالياً، يعيش حالة من التنوع والتعدد في الآراء والإجتهادات. وهذه ظاهرة صحية بحاجة الى مزيد من الرعاية من قبل هيئات الحزب القيادية التي اعتبر نفسي غير راضٍ عن أدائها بشكل عام. ويتعذر علي أن أتحدث عن مدى ترسيخ تقاليد ديمقراطية في الحياة الداخلية لأحزاب المعارضة، وإن كنت ألمس تطوراً نسبياً، داخل هذه الأحزاب باتجاه تشييد تقاليد ديمقراطية، وذلك من خلال التعبير عن تنوع في الإجتهادات والرؤى داخلها، وهذا حاصل بشكل خاص داخل التنظيم الوحدوي الناصري والتجمع اليمني للإصلاح وبالنسبة للأخير فإن ثمة حاجة موضوعية لإفساح المجال للقوى الشابة فيه كي تمسك بزمام المبادرة. وأكتفي بهذا القدر من التعليق. أما الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الشعبي العام، فعلى الرغم من إمتلاكه لطاقات مجربة وذات خبرة في البناء الحزبي، إلا أنه لم يتحول بعد إلى حزب حقيقي بالمعنى المتعارف عليه للكلمة. فالحزب، بوضعه الراهن، تنقصه تقاليد مؤسسية، ويشكو من تضخم هيئاته القيادية، الأمر الذي يجعل هذه الهيئات، بالضرورة غير قادرة على الفعل والحركة. والعجيب أن هذا العيب، أي عيب تضخم الهيئات القيادية قد انتقل الى الحزب الإشتراكي اليمني، الأمر الذي لعله يفسر ضعف أداء هذه الهيئات في «الإشتراكي». إن ترسيخ تقاليد ديمقراطية في حياتنا السياسية مشروط بالإنتصار لهذه التقاليد الديمقراطية في الحياة الداخلية لأحزابنا. هذه هي الخطوة الأولى والضرورية لتنمية وتطوير وترسيخ الحياة الديمقراطية في حياتنا السياسية. وضعف التقاليد الديمقراطية في حياتنا السياسية، ساهم وما زال يساهم في تزايد نفوذ وهيمنة القوى الطارئة على السوق التي تعمل ما بوسعها لتغييب دور الدولة في مجالات الحياة كافةً، لأن وجود دولة، بالمعنى المؤسسي للكلمة، يتعارض كليةً مع مصالح هذه القوى الطارئة على السوق، وهذا ما يتعين أن تتنبه له كل قوى الحداثة في كل ألوان الطيف السياسي، وقوى الحداثة في الحزب الحاكم التي لا نشك أنها تسعى، حقيقة، إلى بناء دولة المؤسسات، دولة النظام والقانون. ولا أعتقد أنه يمكن لجم طموح هذه القوى الطارئة على السوق، والمتسيدة فيه، إلا ببناء الدولة بالمعنى المؤسسي، وفي ظل تقاليد ديمقراطية راسخة. فالأمور لا تقاس بما يعلن عن نوايا طيبة، وإنما بما يتحقق على أرض الواقع من نتائج. وتكاد معظم خطابات الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، تؤكد على أهمية بناء دولة المؤسسات، دولة النظام والقانون، ما يعني أن هناك إستشعاراً حقيقياً، من الرجل الأول في النظام السياسي، بضرورة قيام هذه الدولة بالمعنى المؤسسي، ويتعين على أحزاب المعارضة، بدورها، أن تسهم مع الحزب الحاكم، في وضع اللبنات الأساسية لبناء هذه الدولة، وذلك من خلال صياغة ميثاق وطني، بشكل مشترك، يرسم ويحدد ملامح هذه الدولة العصرية. فمهمة بناء الدولة اليمنية العصرية، هي مهمة الجميع، حزب حاكم وأحزاب معارضة، وهنا تتأكد، مرة أخرى، أهمية قيام إصطفاف وطني واسع. ولعل أحداث صعدة الدموية تكون المدخل المناسب لقيام هذا الإصطفاف الذي لا يجوز أن ينطلق من حسابات ضيقة واعتبارات تكتيكية. وفي حالة إستمرار ضعف التقاليد الديمقراطية داخل أحزابنا، الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، ستظل الدعوة إلى قيام إصطفاف وطني واسع مجرد رغبات تعبر عن نوايا طيبة، وتصطدم بعقبات جدية تحول دون تحقيقها. عجز «المشترك» < من خلال متابعتكم لتطورات العملية الديمقراطية كيف تقيمون صيغ تجارب الإئتلافات الحزبية التي في قواسمها المشتركة هي ذات طابع تكتيكي تعكس مصالح آنية.. اين تكمن سلبية وايجابية هذه التجارب على مجمل تطورات العملية الديمقراطية؟ >> التحالفات والإئتلافات الحزبية محكومة، في الغالب، باعتبارات قد تكون ضيقة ومرحلية وتكتيكية. وقد تكون هذه التحالفات إستراتيجية، تنطلق من أفق أرحب لطبيعة هذه التحالفات والغرض منها. وإذا كان الغرض من سؤالكم لي هو تقييمي لتجربة أحزاب اللقاء المشترك، فإنني أعتقد بأن هذه التجربة بحاجة إلى مزيد من الرعاية والتطوير، وإن كنت أعيب على أحزاب اللقاء المشترك أنها عجزت، حتى الآن، عن تقديم البديل الديمقراطي. كما أنها عجزت عن ترسيخ هذا التحالف في صفوف قواعدها. وعلى كل فإنني أتطلع إلى توسيع هذا التحالف/ الإئتلاف، ليتحول إلى إصطفاف وطني واسع، وهذا أمر مرهون تحقيقه بإرادة القوى السياسية مجتمعة، بما في ذلك، بل في المقدمة منها حزب المؤتمر الشعبي العام. ظاهرة صحية < عدم قدرة ادارة التباينات داخل الاحزاب يحولها إلى خلافات.. أيعني هذا أن بعض قيادات هذه الاحزاب ما زالت غير قادرة على مغادرة مواقع الفكر الشمولي في تعبيراته المختلفة؟ >> إن التعامل مع التباينات في الإجتهادات داخل كل حزب من أحزابنا يجب أن يكون محكوماً بقاعدة تؤكد حق أصحاب الآراء والإجتهادات في التعبير عن نفسها بحرية تامة داخل أحزابها، عبر صحفها، أو حتى في الصحف الأهلية الأخرى. إن وجود إجتهادات متنوعة داخل أي حزب يعتبر ظاهرة صحية، وهذا ما نشجعه، اليوم، ونرعاه، داخل الحزب الإشتراكي اليمني. < البعد الواحد والنظرة إلى الامور على نحو أن لم تكن معي فانت ضدي تمخض عنها نتائج كارثية.. هل مثل هذا التفكير ما زال بهذا القدر أو ذاك موجوداً في أوساط قيادات الاشتراكي؟ >> ما ألاحظه على الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الشعبي العام، أن الصوت الواحد والرأي الواحد هما السائدان فيه. وهذا العيب المتمثل في سيادة وهيمنة صوت واحد ورأي واحد، قد شكونا منه نحن في «الإشتراكي» سابقاً، ودفع الحزب والمجتمع في الجنوب، من جراء تسيُّد الرأي الواحد، الثمن باهظاً. وأتمنى، صادقاً، أن أرى الإجتهادات المتعددة والمتنوعة، داخل الحزب الحاكم، تُعبر عن نفسها، بشكل علني وديمقراطي، ولعل هذا الأمر بحاجة إلى بعض الوقت، بسبب غياب التقاليد المؤسسية داخل الحزب الحاكم. كما أن تضخم الهيئات القيادية للحزب الحاكم من شأنه أن يعطل إمكانية بروز أي تنوع في الآراء والإجتهادات إلى العلن. < ايوجد لديكم رؤية لكيفية التعاطي السياسي الديمقراطي على نحو ايجابي يعمق في الوعي السياسي فكرة القبول بالرأي الآخر المختلف في اطار الواحد المؤتلف؟ >> إن لدي قناعة راسخة بأهمية التنوع في الإجتهادات داخل أي حزب من أحزابنا. وهذا ما نسعى إليه ونحاول الإنتصار له داخل الحزب الإشتراكي اليمني. وهنا يجدر بي أن أنوه بأن الفساد الذي يشكو منه المجتمع ككل قد إخترق أحزابنا، قيادات وقواعد، ولذلك لا معنى للتفاعل بين الإجتهادات عندما تكون هذه الإجتهادات المتنوعة صادرة عن عناصر، في القيادة أو في القاعدة، قد تورطت في الفساد. الحزب الإشتراكي اليوم، بأداء الخيرين فيه، في القيادة والقاعدة، يتقدم بخطوات حثيثة نحو إحداث نقلة نوعية في تأكيد وتعزيز حق التنوع في الإجتهاد داخل صفوفه. لقد عانى الحزب الإشتراكي اليمني، قبل الوحدة، من تغييب الرأي الآخر داخل صفوفه، فكانت الكارثة تلو الكارثة. اليوم الحزب الإشتراكي يعيش وضعاً مختلفاً، إذ لم تعد ثمة إمكانية لتغييب الرأي الآخر فيه. تجديد القيادة < ماذا عن المؤتمر الخامس للحزب الاشتراكي؟ >> الحزب الإشتراكي مقدم على عقد مؤتمره العام الخامس، في نهاية هذا العام أو مطلع العام القادم. ويجرى التحضير، اليوم لهذا المؤتمر، على نحو حثيث وجدي. ولكنني أقول بأن أي حزب ليس مجرد وثائق، على أهميتها، بل هو، إلى جانب ذلك كوادر قيادية قادرة أن تجسد، في الممارسة، ما يرد في هذه الوثائق، على نحو خلاق. والإشتراكي بحاجة ماسة إلى تجديد في هيئاته القيادية ليؤكد حضوره الفاعل في الحياة السياسية، وليضطلع بدوره القيادي في حياة المجتمع. < الخطاب الإعلامي في صحف بعض الاحزاب يخلط بين الخاص والعام.. بين الشخصي والاجتماعي.. إلى أي مدى يعكس هذا ازمة بعض الاحزاب في ظل الديمقراطية ويكشف قصورها في استيعاب معاني وابعاد مفهومها؟ >> أعيب على الخطاب الإعلامي، سواء منه الخطاب الإعلامي للصحف الرسمية، أو الخطاب الإعلامي لصحف المعارضة، أعيب عليه إفتقاره إلى الرصانة والموضوعية، في التعامل مع بعضها، ومع مختلف القضايا التي تعني المجتمع. وبعض صحف المعارضة إنزلقت إلى إستخدام مفردات غير لائقة بأية صحيفة رصينة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحكم، في أي بلد في العالم، يقدم كل يوم مادة خصبة للنقد. ومن حق صحف المعارضة أن تمارس حقها الكامل في نقد أية ممارسات للحكم، كما أن من حقها أن تفضح قضايا الفساد، ولكن دون أن تنزلق إلى شخصنة خطابها، ودون أن تلجأ إلى إستخدام مفردات جارحة لا تليق بشرف وأخلاقية مهنة الصحافة ورسالتها السامية. وهذه هي مهمة العقلاء، ومسؤولية رجال الصحافة الذين يحترمون أخلاقية المهنة ويصونون رسالتها النبيلة. وعندما يغيب صوت العقل في صحافتنا- وهو غائب فعلاً- تفسد الحياة السياسية كليةً. نقلاً عن صحيفة 26 سبتمبر








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "حوار"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024