الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 05:04 م - آخر تحديث: 03:24 م (24: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
بقلم-يوسف كركوتي -
العبور الى سيناء والجولان حطم اسطورة التفوق "الاسرائيلي"
من يذكر حرب اكتوبر/تشرين الأول؟ سؤال يمر عابراً وسط حالة من السقوط الاستراتيجي للمنطقة، فالحروب اليوم من طراز آخر.. والمعارك التي تشهدها المنطقة أشبه بصراعات البقاء منها للحروب التحريرية. هذا هو المشهد بعد مرور ثلاثة عقود على حرب ربما فتحت للمنطقة آليات جديدة، وكانت نهاية عصر الإصرار العربي والإرادة لاجتياز الأزمات، فحرب اكتوبر/تشرين الأول مهما كانت نتائجها العسكرية لكنها غيرت الجغرافية السياسية للمنطقة ككل، بل وأعادت تشكيل الواقع الاقتصادي في العالم، ويكفي أن نذكر أن منظمة أوبك جاءت بعد هذه الحرب، وبعد الفورة النفطية نتيجة الحرب. إن اقتصار الحرب اليوم على الشواهد العسكرية أمر لا ينقل بالفعل النتائج الحقيقية، السلبية والإيجابية، لما حدث في السادس من ذلك اليوم. لأن الحرب عملياً هي امتداد للسياسة بوسائل أخرى حسب تعبير كلازوفيتز. وبمؤشرات سريعة لما حمله هذا الحدث يمكن أن نلاحظ: * أولا- أعادت الحرب على الصعيد السياسي الشرعية الدولية إلى نقطة ارتكاز، مازالت حتى اليوم معتمدة من قبل كافة الدول، رغم الأيام الدامية التي تعيشها فلسطين. فمسألة الدولة الفلسطينية ظهرت على الساحة الدولية بقوة بعد الحرب، واكتسبت الشرعية عبر قرارات الأمم المتحدة، وباقي الاتفاقات الثنائية.
وإذا كنا اليوم لا نشهد بشكل واقعي هذه الدولة، فلأن الحدث تجاوز نتائج الحرب دون أن يتحرك النظام العربي بشكل دوري لتطوير النتائج التي أدت إليها حرب عام 1973. * ثانيا - شكلت الحرب نقطة فصل استراتيجي لشعوب المنطقة وأنظمتها السياسية.
حيث حركت النظام العربي خارج الأطر التقليدية التي كانت معتمدة، ومن هنا يمكننا فهم اتفاقيات كامب ديفيد على سبيل المثال،
فهي جاءت لتكسر الطوق الذي بني على امتداد السنوات في موضوع السلام. * ثالثا - أعادت الحرب صياغة اقتصاد النفط، وحملت نقلة نوعية لدول النفط العربي كي تمتلك سلاحا جديدا، وتحقق في نفس الوقت طفرة نوعية في حياة مجتمعاتها. إن السؤال اليوم عن الحرب عسكرياً وسياسياً ليس للذكرى فقط، بل لتبيان أن هناك صوراً وحالات في الذاكرة مستمرة رغم السقوط الاستراتيجي للمنطقة
منذ الاحتلال العراقي للكويت. هذا الملف هو للأجيال القادمة، وهو يحمل في واقع الحال صور وشهادات هذه الحرب.
ربما علينا من جديد قراءة الاستراتيجيات العالمية، وطبيعة وجودنا داخل الخارطة العالمية، للخروج من النتائج الكثيرة التي أعقبت حرب اكتوبر، ولتفعيل المجالات السياسية التي فتحتها هذه الحرب. إن ما نقدمه اليوم هو مجرد صور من الذاكرة.. وللأجيال القادمة.
الدكتور هيثم كيلاني (محلل استراتيجي وضابط عسكري شارك في حرب تشرين)، بدأ حديثه عن هذه المناسبة بثلاث ملاحظات بقوله:
- الملاحظة الأولى هي أن حرب 1973 غيرّت معالم الوضع العربي وبخاصة في مشرقه، سوى أن هذه التغييرات طغت عليها حرب الخليج الثانية 1991 ثم احتلال القوات الأمريكية العراق 2003 والانتفاضة الثانية للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال “الاسرائيلي”، والصمت العربي إزاء الاحتلال والانتفاضة.
لقد جاءت تغييرات حرب 1973 ضداً على حالة رسمت حرب 1967 معالمها، حتى لقد بدت العلاقة بين الحربين جد وثيقة، هي رابطة العلة بالمعلول على الرغم مما بينهما من فارق جوهري في الغرض الاستراتيجي. ففي حين كان الغرض العربي ما قبل 1967 هو تحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني حسب نصوص بيانات ومذكرات مؤتمرات القمة العربية التي عقدت قبل حرب ،1967 ثم أصبح الغرض الاستراتيجي العربي بعد تلك الحرب إزالة آثار العدوان أي آثار حرب 1967. ويعني هذا أن الغرض الاستراتيجي لحرب 1973 هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل 5 يونيو/حزيران 1967. وفي مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط (30/10/1991) قبلت جميع الدول العربية في المؤتمر أن يكون ذلك على أساس (الأرض مقابل السلام) وقراري مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973).
وللتسجيل التاريخي أصبح من الضروري إضافة قرار قمة بيروت (28/3/2002) ومن قبله قرار قمة فاس المستأنفة (6-9/9/1982).
الملاحظة الثانية هي أن حرب 1973 ستبقى في الذاكرة العربية كمعركة كبرى من معارك التاريخ. هي لم تدخل التاريخ بعد لأنها لا تزال فيه بروحها ودروسها فهي فصل من قضية لم تكتمل فصولها بعد، وأحداثها لا تزال موضع خلاف واختلاف. وقد حققت بعض أهدافها فقط.
- الملاحظة الثالثة هي أن هذه حرب لا تزال ناقصة التوثيق، على الرغم من كثرة الكتب والبحوث التي درست الحرب بمختلف اللغات، واهم هذه المراجع مذكرات قادتها السياسيين والعسكريين. ولأن معظم الوثائق لا يزال غائباً فإن بعض وقائع الحرب لا تزال موضع خلاف واختلاف.
لقد بلغ التخطيط المصري السوري العسكري المشترك لحرب تشرين 1973 حداً متقدماً من التنسيق، لكنه لم يبلغ حد التكامل، بحيث تسير وقائع الحرب في الجبهتين المصرية والسورية معاً وفق إيقاع متفق عليه مسبقاً وبقيادة واحدة، فتسند إحدى الجبهتين الأخرى في ظروف وشروط محددة. وبالرغم من اتفاق الدولتين على تعيين قائد عام للقوات المصرية السورية، وهو الفريق أول احمد إسماعيل وذلك في 10/1/1973 وبالرغم من تأسيس (المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشتركة) برئاسة رئيسي الدولتين، فلم تكن تلك القيادة حائزة على مقوّمات وامكانات وصلاحيات وواجبات ما اصطلح على تسميته (قيادة مشتركة) أو (قيادة موحدة). وبقي أمر القيادة التي يرأسها الفريق أول إسماعيل محصوراً في التنسيق ضمن إطار الخطوط والتوجيهات العامة، كمثل يوم بدء العمليات (ي) وساعتها (ست) والهدف الاستراتيجي للحرب وغير ذلك من الخطوط والتوجيهات العامة.
وكان الرئيس المصري أنور السادات والرئيس السوري حافظ الأسد اجتمعا في برج العرب قرب الإسكندرية يوم 25/2/،1973 واتفقا على شن حرب مشتركة تهدف إلى تحرير الأراضي المصرية والسورية المحتلة في حرب ،1967 وتوظيف نتائج التحرير في تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة ولمصلحة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. وهكذا بدأ التخطيط المشترك بين قيادتي القوات المسلحة المصرية والسورية بكتمان شديد، وبخاصة أن التخطيط يتم على أساس العمل العسكري في جبهتين منفصلتين جغرافياً، ما جعل مبدأ المركزية في قيادة الحرب تتسم بصفات خاصة تحدّ من قدرتها على مركزية القيادة والإمساك بزمام التوجه المباشر للجبهتين معاً وفي كل حين.
وفي إطار توجيهات عامة للقيادتين العسكريتين المصرية والسورية على أساس:
1- بدء الهجوم في الجبهتين معاً وفي آن واحد.
2- العمل في ظروف التفوق الجوي للعدو.
3- المهمة الأولى : تدمير قوات العدو.
4- أن تكون القوات مستعدة لتطوير الهجوم والتقدم في ضوء نتائج العبور (قناة السويس) والاقتحام (الجولان)،وفي إطار هذه التوجيهات وضعت كل من القيادتين خطة لعملياتها حملت اسم (خطة بدر).
ثمة معلومات تشير إلى أن التصور المشترك في خطة بدر المشتركة يدل على ما يلي:
1- بالنسبة إلى الجبهة المصرية: بعد العبور ونصب رؤوس الجسور (الكباري) من المتوقع أن تصل القوات المصرية نحو اليوم ي+،4 إلى خط الممرات حيث تتخذ الوضع الدفاعي تمهيداً للاندفاع حتى الحدود الدولية.
2- بالنسبة إلى الجبهة السورية: بعد الاقتحام تحتل القوات السورية خط التحصينات “الاسرائيلية” نحو اليوم ي+3 وتستعد لتطوير الهجوم حتى تبلغ خط المرتفعات المشرفة على بحيرة طبرية.
تأخذ الجبهة السورية بعين الاعتبار صفاتها الخاصة، وهي أن الدفاع “الاسرائيلي” في هضبة الجولان كان يشكل خطاً محصناً متواصلاً. وكان عمق الخط المحصن “الاسرائيلي” يراوح نحو 5كلم وفيه 52 موقعاً محصناً و102 معقل اسمنتي. وتدعم الخط قوات مدرعة بعمق15 كلم تقريباً. وكان جبل الشيخ محطة رصد ومراقبة وإنذار. وكانت طبيعة الأرض ذات تضاريس كثيرة تتطلب ترافق المشاة والمدرعات من اجل اقتحام خط التحصينات “الاسرائيلي”.
كان ميزان القوى العسكرية يميل بصورة عامة لمصلحة “اسرائيل”، وبخاصة إذا ما أخذنا بالحسبان الاتفاق الاستراتيجي الأمريكي -”الاسرائيلي”، سوى أن عامل المفاجأة سيغير حالة الميزان في وجهة النظر السورية وبخاصة أن قوات من العراق والأردن أسهمت بعد بدء القتال في تعجيل الميزان لمصلحة الطرف العربي.
كان اقتحام القوات السورية خط التحصينات “الاسرائيلي” مفاجئاً، ما دعا القيادة “الاسرائيلية” في اليوم الثاني للقتال (7/10/) إلى التركيز على الجبهة السورية سواء في حشد القوات أو الغارات الجوية، حتى انها أخذت في اليوم الثالث للقتال(8/10) تضرب أهدافاً مدنية في العاصمة والعمق السوري، وكان الحشد البري والغارات يتصاعدان بكثافة وبشدة كلما ازداد توغل القوات السورية في تحرير الجولان المحتل.
ولقد أدى الهجوم المعاكس “الاسرائيلي” إلى تراجع القوات السورية، وحينما اكتمل وصول القوات العراقية والأردنية، إضافةً إلى تجريدة مغربية كانت متمركزة في سوريا قبل بدء (معركة بدر) وبعد أن أعادت القيادة السورية تنظيم قواتها وتعويض الخسائر، خططت هذه القيادة للقيام بهجوم معاكس شامل على طول الجبهة. وآنذاك يصدر مجلس الأمن يوم 22/10/1973 قراره الرقم /338/ الذي قبلته مصر. ويروي المشير عبد الغني الجمسي (في حديثه إلى مجلة الوسط اللندنية 28/9/1998) أن الرئيس حافظ الأسد طلب من الرئيس أنور السادات تأخير قبول قرار وقف إطلاق النار عدة أيام ريثما تقوم سوريا بهجومها المعاكس. فأجاب الرئيس السادات بأنه غير قادر على محاربة الولايات المتحدة. ثم قبلت سوريا قرار وقف إطلاق النار 338 (1973) لتستأنفه بعد ذلك بشكل حرب استنزاف استمرت ثمانين يوماً وانتهت بعقد اتفاقية لفصل القوات في نهاية مايو/أيار 1974 وانسحاب قوات الاحتلال من جيب سعسع ومدينة القنيطرة.
هناك عدة عوامل أثرت في سير العمليات العسكرية وتطورها في الجولان السوري المحتل، ويأتي في مقدمة هذه العوامل: المعونة العسكرية الأمريكية ل “اسرائيل” واستخدام النفط العربي كسلاح، والوقفة التعبوية في الجبهة المصرية.
لقد كان للمعونة العسكرية الأمريكية ل “اسرائيل” والتي تمثّلت في الجسر الجوي بدءاً من يوم 9/10/،1973 ذلك الجسر الذي حمل بسرعة فائقة وكثافة كبيرة مختلف أنواع الأسلحة والذخائر إلى “اسرائيل” لتستخدمها فور هبوطها على الأرض. إضافةً إلى المعونة التي قدمت بطريق البحر، لقد كان لهذه المعونة اكبر التأثير في سير العمليات في الجبهتين المصرية والسورية، وبخاصة أنها أدّت إلى تعديل ميزان القوى لمصلحة “اسرائيل”، وكان ذلك مفاجأة للقوات السورية والمصرية.
وفي مقابل هذا العامل الذي أثر تأثيراً سلبياً في ميزان القوى، جاء عامل استخدام النفط العربي كسلاح عاملاً ايجابياً لمصلحة الجانب العربي وبخاصة على الصعيد الدولي. فقد أدى تخفيض كميات الإنتاج النفطي وحظر التصدير إلى دول معينة وهي الدول التي أشهرت تأييدها ل “اسرائيل” ومشروعها الصهيوني إلى حدوث اضطراب كبير في سوق النفط العالمية، وفي قدرة الآلة الصناعية في مختلف دول العالم، وبخاصة الدول الصناعية الكبرى، على مواصلة الإنتاج بالطاقة نفسها التي كانت عليها قبل بدء حظر النفط العربي.وهو ما أدى إلى إحداث ضغط عالمي لمصلحة الحقوق العربية التي انطلقت حرب 1973 من اجل استعادتها.
أعادت الثقة بالنفس
الدكتور جورج جبور عضو مجلس الشعب المستشار السابق للرئيس حافظ الأسد 1970-،1989 تحدث قائلا:
حرب 6 أكتوبر/تشرين الاول هي حرب تحريرية. وهي حرب التضامن العربي ضد الاحتلال “الاسرائيلي”. وأثبتت أن من الممكن أن يهزم الجيش “الاسرائيلي” الذي كان يشاع انه لا يهزم.
وقد أميط اللثام مؤخراً عن أن الهزيمة التي الحقت بالجيش “الاسرائيلي” في أيام الحرب الأولى حفزت قادة “اسرائيل” المدنيين والعسكريين على التباحث في امكان استخدام الأسلحة النووية.
وحول الحلول العسكرية المتاحة في الماضي والحاضر قال: للحلول العسكرية دور دائم في الوصول إلى نهاية للصراعات. إلا أن أي انتصار عسكري “اسرائيلي” لن يحل شيئاً نظراً لأن “اسرائيل” نقطة في محيط عربي إسلامي يزدادا رفضه لها.
أمام العرب خياران، حرب وسلم. وليس أمام “اسرائيل” إلا خيار السلم، ولكنها تختار الحرب التي لن تؤدي بها إلى نتيجة.
لقد أعادت حرب اكتوبر للعرب شيئاً من ثقتهم بأنفسهم، ومن شعورهم بوحدة هويتهم، ومن ترسيخ إيمانهم بأنهم ليسوا ضعفاء. وتوطدت هذه الإنجازات الشعبية والسياسية بالمعركة المظفرة التي خاضتها المقاومة اللبنانية ضد القوات “الاسرائيلية” ونجاحها في تحرير معظم جنوب لبنان.
وعن ابرز المشاهدات التي عايشها قال: في 22/10/ 1973 صدر عن مجلس الأمن القرار /338/ وبه تفعيل للقرار /242/ الصادر عن المجلس نفسه في 22/11/1967.
كنت أراجع التقارير الواردة حين رن جرس الهاتف وكان المتحدث الرئيس حافظ الأسد، - رحمه الله- وفي سؤاله لي عن القرار /338/ شعرت بأنه يميل إلى القبول به، ومن خلال الحديث تطورت فكرة أن يكون القبول متضمناً الفهم السوري للقرار/242/من حيث انه يعني الانسحاب من كامل الأراضي المحتلة عام 1967 كما انه يعني صون حقوق الفلسطينيين.
وبالفعل أرسلت الخارجية السورية رسالة بهذا المعنى إلى الأمين العام للأمم المتحدة يوم 24/10/1973 وفي اليوم ذاته أُبلغت قرار رئيس الجمهورية تشكيل لجنة سداسية تدرس كل ما يترتب لسوريا وعليها جراء الموافقة على القرار “338”.
شكل الرئيس اللجنة من اثنين من القصر الجمهوري هما إبراهيم فوزي (رحمه الله) أمين عام القصر ومني أنا. ومن اثنين من وزارة الخارجية هما الدكتور صلاح الدين طرزي والدكتور أديب داودي (رحمهما الله) ومن اثنين من أساتذة الجامعة هما كمال غالي (عميد كلية الحقوق الأسبق) والدكتور حسان مريود الذي شغل أوائل ثورة مارس/آذار منصب وزير الخارجية.قدمنا التقرير إلى الأسد يوم 25/10/1973 وما أزال احتفظ بنسخة منه. ثم أنني أتمنى على الرئيس بشار الأسد أن ينشط عمل لجنة سورية شكلها الرئيس حافظ الأسد بناء على اقتراحي. وأوكل إليها مهمة توثيق حرب اكتوبر لأنه حتى الآن لم يتم توثيق هذه الحرب من الجانب السوري توثيقاً علنياً يرجع إليه كل من يشاء.
ذكريات الحرب
إسماعيل الكفري أبو جهاد مدير مستشفى ميداني في إزرع التابعة لمحافظة درعا يقول: كان عمري ستة وثلاثين عاما عندما كنت متطوعاً في الجيش العربي بالفصيل السوري حيث كانت الاستعدادات لحرب الكرامة العربية ومنا كباقي قطاعات الجيش نستعد بمشروع قتالي اسمه (مشروع العودة) الذي كان موزعا بين ثلاث فرق قتالية من دبابات ومدفعية ومشاة واستطلاع، وخلال عودتنا من المشروع الذي كنت أمارس فيه مهمة صيدلي المشروع شاهدنا دبابات عربية سورية تدخل إلى الجبهة مباشرةً رغم أن بعض الجنود الذين يتمركزون بالجبهة كانوا قد غادروا بالباصات وهذه المغادرة كانت قاصمة الظهر للعدو، وكما علمنا فإن عملاء العدو والخارجيين قاموا بإخبارهم بالاستعدادات السورية ولكن ردهم كان باليقين بعدم الاستعداد لأن العناصر تغادر المنطقة بإجازات طويلة وطبعاً خلال أربع وعشرين ساعة كانت القوات السورية متمركزة وبالنسبة لي تلقيت معلومات من القيادة العامة للجيش بتقييم الموقف باعتباري أحد اعضاء لجنة إخلاء الشهداء ويومها جاءت التعليمات بعدم التخابر أو التحادث بأي معلومات عسكرية ولم أستخدم الهاتف إلا لإخبار النقيب بركات الشوفي ليحضر من أجل الاستعداد مع بقية أعضاء اللجنة وكان الاتصال عبر قائد الكتيبة 156 الذي تلقى المعلومات من النقيب الشوفي وقام بإمداد اللجنة بما تحتاجه من مستلزمات لإخلاء الشهداء، وبدأت المعركة وكما أذكر بأنه طارت حوالي أربعين طائرة سورية من فوق منطقة إزرع في الساعة 1،45 ظهراً كما تقدمت الدبابات باتجاه الجبهة من القطاع الأوسط والجنوبي واحتدم القتال جواً ورأينا طائرات العدو تتساقط كالفراشات مما زاد من حماسنا واندفاعنا.
ورغم صعوبة الموقف فإن اللواء الثاني عشر بقيادة الضابط حكمت داوود إبراهيم والذي كان قائداً للفوج 12 دبابات فإنه تقدم أمامنا لنقوم بإخلاء المنطقة من الشهداء والقتلى ووصلنا إلى منطقة الخشنية حيث كانت معارك تل السقي وتل القيثار وغدير البستان قائمة حيث وجدنا جثث العدو “الاسرائيلي” بالأكوام، وحقيقةً كانت معارك مشرفة وأنا لا أريد أن أعطي استراتيجيات ولكن القطعة العسكرية (اللواء) تقدمت بسرعة هائلة ولم يكن هناك قوات تعزيزية لأن الاعتماد كان على ألوية الأشقاء في الأردن ولكنهم تأخروا بفرض طوق الكماشة على العدو الصهيوني الذي حوصر من قبل القوات العربية السورية والقوات العربية المقاتلة الأخرى حيث وجدنا جثثاً للشهداء من طياري العراق الشقيق وكنا نقرأ أسماؤهم (كالزبير وحسان) وكنا نقرأ مناطق وجودهم (كأربيل والموصل)، وبعد نقلهم من الجبهة تم تسليمهم للقوات العراقية المساندة للقوات المغربية التي أبدت بسالة فائقة ولبسالتها سمي سهل الحولة بسهل الذهب ولم يكن العراقيون والمغاربة لوحدهم معنا بل ساندنا اللواء السعودي الذي تمركز في منطقة الكسوة وكانت هناك كتيبة من الكويت، وباقي دول الخليج العربي زودتنا بالنفط ودعمتنا بموقفها المبدئي بحرب النفط. وهذه الروح المعنوية العالية دعمت البسالة العربية السورية وخاصةً لدى الطيارين السوريين الذين كسروا شوكة العدو “الاسرائيلي” الذي سمعنا عنه بأن طياري العدو كانوا يودعون بعضهم إذا ما طاروا باتجاه سوريا.
3 نتائج الدكتور سليم بركات (أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق) قال: أعتبر أن حرب أكتوبر ينظر إليها من منظارين مهما تغير الزمن، المنظار الأول هو القدرة العربية على رد العدوان الذي حصل على هذه الأمة عبر التاريخ وحرب أكتوبر هي حلقة من حلقات مواجهة هذا العدوان حيث مر على الأمة العربية الكثير من الطامعين المستعمرين والطغاة، وفي هذا الإطار تكون حرب أكتوبر رداً على الظلم الصهيوني عبر التاريخ.
والمنظار الثاني هو أن الحرب أثبتت مدى الالتزام الكامل للإنسان العربي بحقوقه ومدى تمسكه بها فهو لم يتنازل عن حق من حقوقه مهما كانت المصاعب والجبهة الداخلية المتماسكة كانت ترجمة لهذا الأمر والتعاون المطلق الذي كان بين أفراد الشعب والقوات المسلحة، وأيضا كان يعبر عن هذه الحقيقة كل عربي كان يشعر بأن حرب اكتوبر حربه وأن معركة الفصل لابد وأن تكون مهما طال الزمان
ومن المهم في هذه الأيام الاستذكار بأن حرب اكتوبر حققت ثلاث نتائج على صعيد الكيان الصهيوني نفسه.. أولاً تم كشف “اسرائيل” على حقيقتها وبأنها غير قادرة على حماية نفسها فضلا عن حماية المصالح الأمريكية في المنطقة، وثانياً حققت الحرب خيبة آمال قادة الفكر الصهيوني المخادع والمضلل لليهود بأن فلسطين هي الأرض الموعودة لحلم “اسرائيل” الكبرى. وثالثا كشفت الحرب بأن “اسرائيل” الجسم الغريب في المنطقة غير قادر على الحياة كبلد صغير جراء الخسائر البشرية والمادية وتأثر الاقتصاد فيه بالحرب وإغلاق عدد من مصانعه وارتفاع الأسعار ارتفاعا فاحشا وإصابة ميزانيتي المدفوعات والتجارة بعجز كبير.
التضامن سلاح العرب الدكتور مأمون فحام (الأستاذ بكلية الهندسة جامعة دمشق) قال: تأتي أهمية حرب اكتوبر من جانب التضامن العربي واستخدام سلاح النفط وضمن هذا العنوان نقرأ عربياً نتائج الحرب المفخرة لكل عربي كما يلي:
أبرزت الحرب نجاح العرب في استخدام سلاح النفط كسلاح سياسي واقتصادي في محاولة لاسترداد الحقوق العربية المسلوبة من خلال وقف العدوان الصهيوني والحد من دعم الولايات المتحدة والدول الغربية السياسي والعسكري ل “اسرائيل”.
أكدت الحرب ونتائجها أن ساحة المعركة لم تعد في منطقة المواجهة مع العدو “الاسرائيلي” بل تمتد إلى سائر أرجاء الوطن العربي بسبب الموقع كقناة السويس ومضيق باب المندب بسبب ثروات العرب وطاقاتهم، وهذا يفسر احتلال العراق واستمرار الضغوط الأمريكية على سوريا وإيران.
أظهرت الحرب أن امتلاك زمام المبادرة واعتماد خط المواجهة نحو ساحة التحرير هو الطريق الأفضل والأقصر لتعزيز تضامن العرب وزج طاقاتهم في المعركة.
أكدت الحرب وما تلاها في المنطقة الهوية القومية للصراع مع الصهيونية والمخططات الأمريكية وتجلى ذلك من خلال الوعي الجماهيري العربي لدعم المعركة ومن خلال مشاركة الجيوش العربية فيها.
إن التضامن العربي ووحدة الفعل العربي السياسي والاقتصادي هو سلاح العرب الأول الذي أكدته حرب أكتوبر وتتطلب التطورات استعادة فورية وسريعة لهذا التضامن وتعزيزه وتطوير أشكال التعاون العربي لاسيما إقامة منطقة التجارة العربية الكبرى في موعدها مطلع عام 2005.
أما السفير نعيم قداح فيقول: أعتقد أن الحديث عن حرب اكتوبر أصبح ومضة منطفئة في ماضي الأمة العربية طالما لم يتجدد شيء في مستوى أو حتى أقل من مستوى الانحدار العربي في العمل العربي المشترك وفي المواقف مما فتح أبواب الأطماع الواسعة علينا ومكن “اسرائيل” من البدء في تصفية الشعب لفلسطيني صاحب القضية الشرعية لأنهم يريدون أرضا بلا سكان حتى يستعمرونها لذا يرتكبون الإبادة الجماعية التي تفتش عنها أمريكا في كل مكان وتغمض العين عن “اسرائيل” حينما ترتكبها.
إن الانحدار إلى القاع العربي فتح شهية الأطماع الأمريكية علينا وأعاد أمريكا لاستعمار منطقتنا واستولت على أهم الأقطار العربية علما وثروة وحضارة وقوة فنحن الآن نتفرج على عراقنا الحبيب تنهشه الأطماع بحجة تطبيق الديمقراطية والإنعام عليه بالحرية.
وكشفت سجون أبو غريب المستور في هذا الموضوع ولا ينبغي أن نعيد ذكره حتى لا ننبش الألم ومنذ وقت قصير والتقارير ترد عن وجود “اسرائيلي” كبير في المناطق الكردية شمال العراق ولا يمكن لأحد أن يكذبها. فقد جاءت من أكثر من مصدر ولم ينفها الأكراد أنفسهم، وقامت الجنرال كاربينسكي الأمريكية المسؤولة عن السجون في العراق بكشف الستار عن وجود محققين “اسرائيليين” جاءوا إلى السجون العراقية للتحقيق مع العلماء وضباط المخابرات من النظام السابق.
أيام حرب رمضان كنت وقتها أعمل سفيرا لسوريا في الجزائر وحصلت معي الحادثة التالية شخصياً: استدعاني المرحوم الرئيس هواري بومدين وقال لي: اتصل بحكومتك الرشيدة فأنا مستعد لوضع موارد الجزائر تحت تصرف سوريا ومصر ونرحب بشراء الأسلحة لهما وقد قام فعلا بزيارة موسكو أثناء الحرب وتعاقد على صفقة ب 100 مليون دولار في ذلك الوقت، وأحس السوفييت من هذا التصرف بأن أمة العرب لم تمت وأن الشدائد تجمعها وأن العمل القومي المشترك هدف دائم.
نقلاً عن الخليج الاماراتية








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024