الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 02:33 ص - آخر تحديث: 07:17 ص (17: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - الراحل عرفات
بقلم-عبد الباري عطوان -
الرئيس عرفات.. وداعا
يصعب علينا، وربما علي الكثيرين من أمثالنا، أن نتصور عالما عربيا بدون ياسر عرفات بكوفيته وعقاله وعناقاته وقبلاته الحارة وبزته العسكرية، التي لم يغيرها علي مدي خمسة وثلاثين عاما، ومواقفه السياسية التي يصعب التنبؤ بمعظمها مسبقا.
الرئيس عرفات اعطي الحياة السياسية العربية نكهة خاصة، اتفق معه البعض او اختلف، وتصدر دائما العناوين الرئيسية في الصحف ونشرات الإذاعة والتلفزة، وكان الأقرب إلى قلب الصحافيين، مثلما كان موضع نقدهم وتهجماتهم ايضا، لانه المسموح انتقاده بل والتطاول عليه.
شرعية الرئيس عرفات لم تأت بالوراثة، ولا عبر انقلاب عسكري، وانما من فوهة البندقية التي حملها علي مدي اربعين عاما ثائرا مقاتلا مجاهدا من اجل تحرير المقدسات، واقامة الوطن الفلسطيني المستقل. ثم تعززت هذه الشرعية عبر صناديق الاقتراع من خلال انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي.
حياة الرئيس عرفات كانت دائما ترانزيت يتنقل من منفي الي آخر، متطلعا الي مستقره النهائي في مدينة القدس، ومن المفارقة ان حالة الترانزيت هذه لازمته حتي في مماته، فها هو تابوته ينتقل من مطار باريس الي مطار الماظة العسكري في القاهرة، الي مطار العريش، واخيرا الي مقر المقاطعة في رام الله، حيث سيدفن ايضا في قبر مؤقت.
الرئيس عرفات يظل بشرا، والبشر خطاءون، ومن الطبيعي ان يرتكب اخطاء كثيرة في مسيرته النضالية، ومن هو المعصوم عن الخطأ غير الانبياء، ولكن ابرز خطأين ارتكبهما في حياته كانا زواجه من السيدة سهي عرفات، وتوقيع اتفاقات اوسلو، والخطآن أجبر علي ارتكابهما اجبارا، ولهذا حاول اصلاحهما في مرحلة لاحقة من حياته، فقد انفصل عن زوجته اكثر من اربع سنوات، واطلق العنان للانتفاضة الثانية لنسف اتفاقات اوسلو من اساسها، وجدد شباب حركة فتح وطهرها تماما من تبعات تلك الاتفاقات وادرانها عندما انجب كتائب شهداء الاقصي من رحمها الجهادي الطاهر.
محطات كثيرة في حياة الرئيس عرفات محفورة في كتب التاريخ الحديث، لكن المحطة الابرز تظل مفاوضات كامب ديفيد الثانية، فقد تحمل وعلي مدي اسبوعين الضغوط الامريكية والعربية، ورفض ان يتنازل عن اهم ركنين من اركان القضية الفلسطينية وهما حق العودة والسيادة الكاملة علي القدس.
الرئيس عرفات هو الزعيم العربي الوحيد الذي قال لا للولايات المتحدة الامريكية في عقر دارها، قالها وهي القوة الاعظم الوحيدة في العالم، ولهذا ظل دائما محط احترام شعبه، بمن في ذلك الذين اختلفوا معه.
كان اداريا سيئا.. نعم.. لم يبن مؤسسات حقيقية.. ايضا نجيب بنعم، تستر علي الفساد والفاسدين.. هذه حقيقة مثبتة، ولكن لا يستطيع احد ان يقول انه لم يكن وطنيا، اهتدي دائما ببوصلة شعبه وامته وناور في الهوامش ولكنه لم يتنازل عن الثوابت، وتهرب دائما من الاتفاقات النهائية.
نكتب عن الرئيس عرفات ونحن الذين اختلفنا معه، وتعرضنا لتهديداته، بعد ان انتقدنا بحدة فساد بطانته، وطالبناه بالاستقالة، وحل السلطة الفلسطينية كاحد الاسلحة النضالية، بعد ان فقدت قيمتها وشرعيتها المهلهلة، واصبحت توفر غطاء شرعيا للاحتلال الاسرائيلي، وتعفيه من مسؤولياته القانونية التي اقرتها الشرعية الدولية.
شارون لم يهزم الرئيس عرفات، وانما الزعماء العرب، اذا صح اطلاق صفة الزعامة عليهم، فهؤلاء، او الغالبية الساحقة منهم باعوا انفسهم، وكل قضايا الأمة، وركعوا عند اقدام الولايات المتحدة طالبين الاملاءات كوسيلة لنيل الغفران والبقاء في الحكم وتوريثه بعد ذلك لنسلهم الفاسد المدلل.
في ايامه الاخيرة لم يتفضلوا بالاتصال به ولو هاتفيا خوفا من شارون اولا وسيد البيت الابيض ثانيا، ومن اتصل به منهم فمن اجل اقناعه بالتنازل عن ثوابته، وحثه علي ذبح المقاومة التي سموها ارهابا، ووقف الانتفاضة، والعودة الي مائدة المفاوضات وفق الشروط الاسرائيلية.

الرئيس عرفات ترك ارثا ثقيلا للذين ارادوا خلافته وهو حي وفشلوا، ويستعدون لوراثته وهو ميت، وابرز ملامح هذا الارث رفضه التنازل عن القدس وحق العودة، وهو الرفض الذي ادي الي اعتقاله واحتجازه ثلاث سنوات في مكتبه في مدينة رام الله.
الرئيس عرفات سيظل يحكم الشعب الفلسطيني من قبره المؤقت لسنوات قادمة، مثلما يحكم الرئيس حافظ الاسد سورية علي مدي السنوات الاربع الاخيرة. فالزعماء الكبار لا يختفون بسهولة، وتظل شرعيتهم مستمرة حتي بعد انتقالهم الي جوار ربهم.
نشعر بالألم، وخيبة الأمل، عندما نشاهد هذه الحفاوة الفرنسية الرائعة بالرئيس الفلسطيني حيا ومريضا وميتا. فرنسا تبز الزعماء العرب جميعا، بهذا التشييع المشرف للرئيس الفلسطيني، وهو تشييع لا يحظي بمثله الا الرؤساء الفرنسيون البارزون. كان الرئيس جاك شيراك عظيما في سلوكه الانساني والوطني الذي تمثل في زيارته للرئيس عرفات في مرضه وبعد وفاته، وارسال رئيس وزرائه للانابة عنه في حفل التشييع الرسمي في مطار باريس العسكري.
نقارن بين سابقة الرئيس شيراك ومراسم تشييعه المشرفة للرئيس عرفات، وبين الترتيبات التي اعدها الرئيس حسني مبارك لتشييعه، ونجد الفارق عظيما، ومخجلا في الوقت نفسه، مخجلا لاننا لم نكن نتصور ان مصر التي احبها الرئيس عرفات وعاش قسطا من طفولته وشبابه علي ارضها، وقاتل كضابط احتياط في السويس دفاعا عن ارضها، وتحدث بلكنتها، مصر الرئيس مبارك هذه رتبت له جنازة ترانزيت سرية بعيدة عن مشاركة الشعب المصري، وفي مطار عسكري في قلب الصحراء؟!
الرئيس عرفات كان عقبة فعلا امام السلام الاسرائيلي، ولكن رحيله لا يعني اعطاء الضوء الاخضر لخلفائه بالتفريط، والقبول بهذا السلام المسموم، فالشعب الفلسطيني اذكي من ان تخدعه قيادة يحدد مواصفاتها البيت الابيض وشارون لانهاء انتفاضته، وقمع مقاومته المشرفة.
ختاما نقول ان امنية الرئيس عرفات بالموت شهيدا قد تحققت، في ليلة القدر، لاننا لا يمكن ان نصدق انه لم يمت مسموما، ومن دس له السم هو من فرض عليه الاعتقال في مكتبه، ومن حاول تسميم خالد مشعل زعيم حركة حماس من قبله.
عزاؤنا ان هناك رجالا ما زالوا يحملون رايات المقاومة، ويرفضون الرضوخ والاستسلام: في فلسطين والعراق والجزيرة العربية وافغانستان.
وامة علي هذا القدر من الايمان بثوابتها وعلي هذا القدر من الاستعداد لتقديم الشهداء لا يمكن ان تهزم.
v نقلاً عن القدس العربي









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024