الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 02:19 م - آخر تحديث: 02:03 م (03: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - الكاتب الصحفي نزار العبادي
المؤتمر نت- نزار العبادي -
السلطة وعقود الشراكة السياسية
بكثير من الجدل الفكري تقاطعت أبجديات الدول بمناطيقها في تأسيس نظمها السياسية ففي مراحل معينة تبلور الجدل على خلفية فلسفية أفلاطونية تفترض أطرا ثابتة لهياكل السلطة تحرم كل الصيغ الانتقالية طبقا لخارطة وعي فكري تقليدي ذو نسب قياسية معلومة.
لكن فئة غير صغيرة من المفكرين بدت متأثرة إلى حد الهوس بالطريقة التي تعامل بها جان جاك روسو في بلورة اتجاهات ( العقد الاجتماعي) الفلسفية، فصار هؤلاء يعرفون نظم الحكم بسلسلة قيم ومبادئ تتجاهل بقدر كبير مسميات الهياكل،والآليات السياسية، مفترضين ضمانة الضوابط الأخلاقية في تنفيذ بنود العقد السياسي.
ومع أن فئات جدلية كثيرة حاولت دخول المعترك، وصياغة اتجاهات مختلفة، إلا أنه بتقادم ثقافة العصر، وتعدد احتياجاتها الفكرية والإنسانية تطورت فلسفة ديمقراطية تقول بالشراكة السياسية بين مختلف الأقطاب الوطنية على أساس عقود سياسية تقتبس بعض ملامح الفلسفة الأفلاطونية للجمهورية المفترضة، وكذلك بعض اتجاهات التصور الوضعي لروسو، ليتم استكمال ما تبقى من مناهج وخصوصيات وطنية تمليها ظروف وتطورات محددة.
لاشك أن الدولة اليمنية لم تكن بمنأى عما يدور من جدل فكري وسياسي، بل أعتقد أنها قاست مخاضا عسيرا في تقاطع الأبجديات السياسية جراء وضعها التشطيري، وقدرها التاريخي الذي عزل شمالها بفزاعات الاحتكاك الحضاري التي أرستها قوى تقليدية منغلقة على ذاتها، فيما وجد الجنوب منفذا رحبا على العالم الخارجي، واحتكاكا مباشرا مع أفق حضاري مختلف.
يبدو لي أن منعطف السادس والعشرين من سبتمبر 1962م رغم أهميته التاريخية لليمن إلا أنه ظل أعواما طويلة يصطدم بأزمة الرؤى السلطوية الناقصة لمفهوم الشراكة السياسية بين الجمهورية والجماهير، في الوقت الذي أفرزت ساحة الشطر الجنوبي بعد بضعة أعوام تصورات سلطوية شمولية تتداول الشراكة السياسية من واقع قناعة أيديولوجية تخنقها بعقود الوصاية السلطوية على الجماهير خلافا لنظام الشمال الذي كان يعي – إلى حد ما- معنى الشراكة وجدواها إلا أنه يجهل أدواتها، وهياكلها الآمنة.
فقد مثل ( مؤتمر حرض) 1965 اتجاها مبكرا نحو خلق شراكة وطنية سياسية، لكن عفوية المبادرة، وافتقارها للبعد الفكري قاد إلى وأدها. وعندما سعى السلال عبر 15 شخصية وطنية لرسم معالم بادرة جديدة، ثم تغيب عن اجتماع تعز المخطط له سلفا لم يصمد في الحكم أكثر من يومين، وحدث انقلاب على حكمه، ليأتي القاضي الإرياني الذي حقق المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين دونما اتضاح أي توجه جاد نحو خلق شراكة سياسية – ولو بحدودها الدنيا- وهو ما أكده دستوريا. أعتقد أن الرئيس الحمدي كان يحمل مشروعا وطنيا بذلك الاتجاه، لكن تعدد خصومه ( الرجعيين) لم يمهله وقتا لترجمة ذلك المشروع إلى واقع، فقد قتل الحمدي، ولحقه بأشهر خلفه الغشمي، حتى تجلت سعة الهوة التي باتت تفصل السلطة عن الجماهير، وقواها الوطنية إننا لو تأملنا الفترة (1962 – 1978) من تاريخ الشطر الشمالي لوجدنا أن الخط السياسي الثوري كان يتدنى بشدة، وتتراجع قيمة التحولية لدرجة الاقتراب من الصفر بحلول منتصف عام 1978م، ولم يكن سبب ذلك سوى الإخفاق الذريع الذي منيت به السلطة في علاقتها مع القوى الوطنية المتواجدة على نفس المسرح السياسي اليمني.. فأنظمة الحكم كانت إما لاتكترث لمسألة إبرام عقود شراكة سياسية مع القوى الوطنية، وإما تصنفها إلى مستويات متباينة تمنح العقود لبعضها المحدود جدا وتتخلى عن البعض الآخر. وهو الأمر الذي قاد في كلا الحالتين إلى اصطدام تلك القوى ببعضها البعض، أو مع السلطة.
ويمكن القول أن الاقصاء السياسي لمراكز قوة معينة (أفراد أو جماعات) زج الجمهورية الحديثة في أتون فوضى، وتصفيات، وحالة مخيفة من غياب الأمن والاستقرار، خاصة في ظل استفادة القوى الخارجية مما يجري، وإمعانها في تأجيج الخلافات الوطنية داخل اليمن ضمن حسابات إقليمية مختلفة.
وعلى صعيد الفترة (1967- 1990م) من تاريخ الشطر الجنوبي فلم يكن الأمر مختلفا سوى أن الظرف الاستعماري السابق أوجد مشروعاً ليبرالياً، سرعان ما انضوى تحت العباءة السوفيتية، وصار يفرض وصاية مطلقة لا تسمح بشراكة النفوذ المتعدد، ولا بقيام مثل تلك الاتجاهات.. ورغم أنها حافظت على تجانس نسبي إلا أن تأثر اللبراليين الجدد بفلسفات العصر دفع الجنوب إلى واقع مقارب من الشمال من حيث التصفيات السياسية التي انفجرت بعنفوان دموي صاخب في يناير 1986م، قلب كل حسابات الاشتراكيين.
لكن بعد وصول الرئيس علي عبدالله صالح إلى سدة الحكم (يوليو 1978م) في الشطر الشمالي ظهرت بعد عامين من ذلك أول محاولة يمنية حقيقية لتبني فلسفة عقود الشراكة السياسية والتي ترجمها الرئيس إلى مناهج عملية من خلال تشكيله لجنة حوار وطني لصياغة (ميثاق وطني) تم اتخاذه منهجا فكريا لتأطير أي عمل سياسي وطني للقوى اليمنية على مسرح الأحداث، والتي اشتركت جميعها في تحديد مساراته.
في أغسطس 1982م تحول الميثاق الوطني إلى أول عقد شراكة سياسية وطنية في تاريخ اليمن، وتأسس المؤتمر الشعبي العام ليمثل مظلة شركاء حكم ما كان يسمى بـ(الجمهورية العربية اليمنية)، وهو الأمر الذي قاد إلى مرحلة استقرار سياسي واسع انتعشت به مبادئ الثورة مجددا، ودخلت به اليمن حقبة تاريخية فريدة كانت عنوان الحداثة التي ترفل بها اليمن اليوم.
وهنا لا بد من السؤال: هل تعتبر التعددية الحزبية التي لبست ثوبها وحدة الشطرين 1990م عقدا نهائيا يفي بكل التزامات الشراكة السياسية مع السلطة!؟
لا شك أن التسليم برأي كهذا قد يقربنا من صورة الجمهورية الإفلاطونية، وهو أمر قد يكون مفضلا لأي سلطة تحكم اليمن كونه يلغي التزاماتها إزاء القوى المعارضة، إلا أن الأخيرة قد لا ترى في ذلك أكثر من عقد سياسي غير متكافئ يرسخ اتجاهات سياسية محدودة جدا على حساب وأد الاتجاهات الصغيرة المتنامية، التي هي بأمس الحاجة إلى الشراكة الأخلاقية بجانب السياسية بوصفها ضمانة الحراك الديمقراطي التي تدفع تجاربه للأمام.
إن ما نعتقده هو أن التعددية الحزبية ليست سوى هياكل تنظيمية عامة لتوزيع خارطة النظام السياسي للدولة، وأن قيمة عقود الشراكة يتمثل بعدها الحقيقي في قواسم التفاعل الإيجابي بين السلطة والمعارضة في التأثير على الحياة السياسية، والاقتصادية، والثقافية والاجتماعية والديمقراطية وغيرها.. وكذلك في رسم اتجاهات مسارات العمل السياسي الوطني الأساسية.
لعل المنطق الأكثر فصاحة بمقتضيات الشراكة المنشودة يجب أن يرتكز إلى استراتيجيات واضحة ومقدسة للعمل الوطني بما لا يقبل التأويل، واللبس بين ماهو ثابت وطني، وماهو غير ذلك، وبين ماهو مشروع وماهو انتهاك.. وبين الأولي والثانوي من الغايات المتوخاة، حيث أن أي خلط في ذلك – مقصود أو غير مقصود- قد يتحول إلى خرق صارخ لعقد الشراكة مع السلطة، يبيح لها إلغاء قيمة الآخر السياسية، والتسبب بخسارة فادحة لمستقبل الجماهير.
إن عظم مشاكل الشراكة السياسية القائمة في اليمن هي أن المعارضة تنظر إلى السلطة على أنها المعني الوحيد بالتنفيذ الحرفي لبنود عقد الشراكة، لذلك نجدها تتشبث بكل وسائل الضغط التي تطولها- بما في ذلك الاستعانة بالخارج أحيانا- لخلخلة الثقة بالسلطة، في ذات الوقت الذي يتم تفسير أي دعوة من قبل السلطة للمعارضة للإيفاء بالتزاماتها الوطنية التي تمليها الشراكة، على نحو يحرج السلطة، ويضطرها أحياناً لتجاهل الأمر أو الكف عنه.. وهو ما يعني إخفاق الشركاء في بلوغ غايات العقد السياسي- وهنا تكمن الإشكالية!
يبدو لي أن بعض الشراكة السياسية تصبح ضعيفة جراء محدودية إمكانيات بعض أقطاب المعارضة السياسية أو المادية- وهذا أمر متوقع جدا في دول الديمقراطيات الناشئة التي أغلبها بلدان فقيرة.- لكن حيئنذ تبرز أهمية العقود الأخلاقية السياسية للسلطة مع قواها الوطنية المعارضة، لأنها وحدها من يلزم السلطة بمسئولية تعزيز قوة المعارضة، وتهيئة فرص تمكينها من التأثير الإيجابي باتجاهات القرار السياسي للدولة، ولعب أدوار تقويمية لأداء الحكومة.. وهذا هو واقع ما يجري في اليمن.
ربما تعترضنا إشكاليات معينة في تصنيف أو تعريف السياقات التي تتشكل بها حوارات السلطة مع المعارضة في اليمن، إلا أن الاتفاقات وعقود الشراكة السياسية التي تتمخض عنها كل مبادرة للحوار تؤكد أن لليمنيين خصوصيات في العمل السياسي الوطني ظلت تمثل سرهم الأعظم في الحفاظ على وحدتهم الوطنية، رغم كل التحديات والرهانات الصعبة.. فالسلطة الباراغماتية في اليمن تؤمن أنها لا تحكم في (جمهورية إفلاطون)!












أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024