الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 01:09 ص - آخر تحديث: 12:56 ص (56: 09) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - الكاتب والصحفي نزار العبادي
نزار العبادى -
ديمقراطية الإصلاح بالخارج
أغرب توافق سياسي معاصر بين مفردات تجارب التغيير ودعاة الإصلاح السياسي في صقاع مختلفة من العالم العربي، هو أن القوى المفتونة بالتغيير السياسي – الخاطف- المتولد عن تدخل الأداة الحربية الأمريكية في العراق ما زالت تصر على مشروعية التوقف عند (ولا تقربوا الصلاة) برفض الجدل فيما آلت إليه تجربة المعارضة العراقية من انتكاسات مخيفة جداً أعقبت الساعات الأولى من حالة (التغيير) الاحتلال، واستمرت حتى يومنا هذا.
لعل تبلور مثل هذا الاتجاه في ظل تداعيات وشواهد حية للحالة الدولية يترجم تصوراً لوعي ديمقراطي سلبي يكاد ينقل أبجديات الفلسفة الديمقراطية إلى غير مكامن قيمها الحقيقية التي نتوخى منها تعزيز اتجاهات تنمية وطنية فاعلة متفاعلة مع ظرف مراحلها، ومتغيرات محيطها؛ بحيث تستحيل الديمقراطية ضربا من الانتقاء العشوائي، وغير المسئول للممارسات الحرة، المكفولة دستورياً.
فالديمقراطية الحقة فلسفة متكاملة لا تجزءها الأهواء، أو المصالح الفئوية، ولا حتى تقلبات مراكز المنظومة السياسية، لأنها ليست مجرد خيار سياسي للدولة، بقدر كونها مجموعة قيم ووسائل أخلاقية وإنسانية وحقوقية تتشكل بممارساتها نظم الحياة المجتمعية، ودوائر الحراك التنموي لجميع قطاعاتها السياسية، والاقتصادية والثقافية، والاجتماعية، وهو الأمر الذي يجعل أي تعطيل لإنسياب إحدى تلك الدوائر بمثابة إخلال في التوازن العام لديناميكية حياة المجتمع، وبالتالي إفراز مراحل مشوهة بالكثير من الأورام المتفاوتة بخطورتها، وأحجامها.
إن تبني الخيار الديمقراطي في حكم الدولة لا بد أن يعني الإيمان بالأدوات الوطنية، والإرادة الشعبية كعناصر وحيدة في تشكيل نظم الحياة السياسية والعامة، بل أيضا كوسائل مشروعة في فرض الخيارات الوطنية على مختلف الأصعدة – بما في ذلك تداول السلطة.
فعندما تتفق القوى الوطنية على الانتقال من حكم الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية – مثلما حصل في اليمن- فإن هذا الاتفاق الموثق بلوائح دستورية سيمثل اعترافا جماهيريا ببطلان أي نظام حكم سياسي لا يأتي عبر صناديق الاقتراع، وسيعد أي قوة وطنية تتطلع إلى غير ذلك السبيل قوة خارجة عن الدستور، ومنتهكة للإرادة الوطنية العامة، وبالنتيجة يسقط حقها في التمتع بالحقوق الدستورية، لأنها أصلاً خرقتها، ورفضت العمل بموجبها.
إن الإشكالية الأساسية في ما يتجه نحوه دعاة الإصلاح السياسي تكمن في أنهم يلزمون السلطة بالامتثال للدستور في كل ما يتعلق بحقوقهم الديمقراطية وحرياتهم الإنسانية، في نفس الوقت الذي يرفضون هم أنفسهم احترام الأسلوب الذي أقره الدستور في تداول السلطة – عبر الانتخابات- فنراهم يتطلعون إلى استقدام قوى خارجية تفرضهم – بآلتها الحربية- على الشعب بعد إبادة النظام الحاكم، على غرار ما حصل في أفغانستان أو العراق أو بنما، وغيرها من التجارب التي استعانت فيها قوى المعارضة الوطنية بنفوذ الخارج.
لا شك أن إشكالية دعاة الإصلاح السياسي في الوقت الحاضر هي بالأساس إشكالية دستورية – قبل أي شيء آخر- لأنهم يتشبثون بكل حقوقهم الدستورية من أجل مدها كجسور لقوى أجنبية تلغي السيادة الوطنية (المقدسة)، والدستور نفسه، وكل ما يرتبط به من حقوق مواطنة.
لكن ما ينبغي إيضاحه هو أن مظاهر هذا اللون من القوى الإصلاحية ليست بالضرورة أن تترجمها دعوات تدخل عسكري مباشر، فهناك ما يمكن وصفه بـ(ديمقراطية القتل الرحيم)، وهي الممارسات الديمقراطية التي تستثمرها بعض قوى المعارضة في تقويض دعائم السيادة الوطنية بدلا من تعزيزها وترسيخها- أو بمعنى آخر – استخدام الديمقراطية لا أخلاقياً. وهذا يحدث عندما (مثلاً) يكرس تيار معارض حريات الصحافة والتعبير عن الرأي لتأجيج فتن وصراعات داخلية، تشتت قوة السلطة المركزية، وتستنفذها، وتزعزع استقررا ساحتها السياسية بقدر قد يتيح لأي فصيل مرغوب لدى قوة خارجية معينة الحصول على دعمها والاستيلاء على مقاليد الحكم. أو قد يوجه ذلك التيار المعارض حريات الصحافة لتشويه سمعة البلد خارجياً، وتأليب الرأي العام الدولي على نظامه- مثلما جرى عليه الحال في اليمن إبان أحداث التمرد في صعدة، حين روجت بعض وسائل إعلام المعارضة قصص إبادة بشرية مختلفة، وانتهاكات شتى كادت تشعل حرباً مذهبية.
في أحيان أخرى تترجم بعض القوى المعارضة سياسة (ديمقراطية القتل الرحيم) باستثمارها منظمات مجتمع مدني معينة في إفشاء معلومات للعدو ذات طابع استراتيجي أو أمني أو سيادي، والعمل كعيونه التي يترصد بها الثغرات، وبالتالي تمكينه من ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على السلطة على النحو الذي يدفعها أحيانا لتقديم تنازلات غير مرغوب بها.
الأمثلة عديدة- وبعضها على درجة كبيرة من الخطورة تندفع نحوها بعض القوى السياسية من غير اكتراث لعواقب ما قد ينجم عنها، كما هو الحال في دعوة بعض المعارضين اليمنيين لاستقدام قوات دولية إلى صعدة، أو كقيام إحدى الصحف بتحديد أسماء مواقع يمنية ادعت أنها معاقل للإرهابيين، أو حتى كدعوة نقابة الصحافيين اليمنيين لدول أوروبا بصياغة قانون للصحافة اليمنية، في بادرة غير مسبوقة تفتح الطريق أمام الغرب لفرض تشريعات قانونية على دول ذات سيادة وطنية تمتلك أجهزة تشريعية منتخبة ديمقراطياً!.
على ضوء ما سبق نجد أن دعاة الإصلاحات السياسية بتدخل الخارج المباشر، أو بضغوطه المختلفة يجهلون تماماً مفاهيم الديمقراطية، وقيمها، كما أنهم ليسوا سياسيون حقيقيون (بالمعنى الفكري للمفردة)، وإنما هم انتهازيون باحثون عن السلطة والمال بغض النظر عن مشروعية الوسائل أو القيم الوطنية التي يضحون بها لأجل بلوغ مرادهم.
يقينا أن الديمقراطية متى ما تجاوزت على عناصرها الوطنية تفقد خصائصها، ووظائفها التي قامت لأجلها، بوصفها فلسفة متكاملة تتشكل بممارساتها نظم الحياة المجتمعية ودوائر الحراك التنموي للدولة. وإذا ماكان هناك من يعتقد أن عيوب أو فساد بعض الأنظمة السياسية في دول الديمقراطيات الناشئة تقف عائقا أمام مسارات الحراك السياسي الديمقراطي، والتنمية الشاملة لبلد ما، ويبرر على أساس ذلك دعوته لتدخل الخارج، فإنه بكل تأكيد مخطئ، لأن أي إصلاح سياسي لدوائر الحكم يستحيل تحقيقه بغير استيعاب دقيق لما تعنيه الديمقراطية من مفاهيم، وإدراك سليم لديناميكية ممارساتها، وكيفية تفاعلها مع نظم الدولة، ومؤسساتها.
فالفلسفة السياسية المعاصرة لا تؤمن بالرموز السلطوية، أو العناوين الحزبية التي تتقلد الحكم، وإنما تراهن على ما تؤصله الدساتير من تشريعات ترسم أبعاد المؤسسات الديمقراطية المناطة بها مسئولية تشكيل خارطة العمل السياسي للدولة، وطبيعة توزيع المسئوليات والحقوق عليها.
ومن هنا كان لا بد أن يلتفت دعاة الإصلاح السياسي بتدخل الخارج إلى تلك الحقيقة، من أجل أن يتركز اهتمامهم الأول على تنمية تجاربهم الديمقراطية، وترسيخ ممارساتها، وتنمية أداء مؤسساتها، وغرس قيمها في حياة المجتمع، حيث أن مستوى صلاح وقوة أي نظام سياسي لدولة ما مرهون بقوة مؤسساتها الديمقراطية التي تعمل كرديف تقويمي لأداء أجهزة السلطة.. وحتماً أن الإصلاح السياسي للدول ذات النهج الديمقراطي لا يكون إلا بمزيد من الديمقراطية.
ويستحضرني في النهاية أن نابليون بونابرت جاءه ذات يوم أحد العملاء من بلد آخر بعد أن قدم خدمة كبيرة للجيش الفرنسي، وقد هم بمصافحة نابليون، إلا أن الأخير رفض مد يده لمصافحته قائلاً: أن نابليون لا يصافح الخونة، ولا يضع يده بيد من خان شعبه وبلاده.. واكتفى بأن أشار إلى أحد رجاله قائلاً أعطه بعض المال، وأحرص أن يرافقه أحد الحراس إلى خارج المدينة، فمثل هذا الخائن لبلده لا تأمنه على إبرة.










أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024