الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 11:46 م - آخر تحديث: 04:17 ص (17: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - إن الذين يجاهرون اليوم في التذمر والسخط والسخرية من دولة سنحان في نواديهم سوف يأتي عليهم يوم يتمنون فيه عودة حكم سنحان وأهل سنحان. إني أؤمن أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان بل أن ما أخشاه على الهاشميين هو أن يصبح على رأس الدولة اليمنية إمام هاشمي زيدي يسوق الناس بعصى ونزق هاشمي يختلف عمّا يظنونه من حلم وعلم وحكمة الأئمة الهداة الأوائل من أهل البيت وحينها تكون التجربة اشد مرارة على اليمنيين....
د/ محمد أحمد حسين شرف الدين* -
النصيحة الثانيــة للهاشميين في اليمن
مقدمة لابد منها:(يرجى من القراء الاعزاء ملاحظة أن هذه المقالة ارسلت للنشر في يوم السبت 16 يوليو 2005 أي قبل يوم من إعلان الرئيس علي عبد الله صالح عدم ترشيح نفسه للرئاسة وهو أمر أثارني كثيرا وكان سيلقى على هذا المقال ظلالا من الأسى للاسباب التي المح اليها في هذا المقال.)

لم أكن قاسياً على الهاشميين في مقالي الأول بدليل ردود الفعل الإيجابية بل و"السلبية" التي أثارتها نصيحتي. حتى وإن كنت قاسياً ومتعجرفاً (كما وصفني البعض) فالمراد إنارة العقول وإثارة قلوب ران على الكثير منها صداها وتشوشت أفكارها بفعل تراكمات نفسية وسياسية خطيرة. فما عاد بعض الهاشميين في نظري يدركون المعاني السامية التي ناضل من أجلها آباؤهم. ولا عادوا يفهمون معنى وفلسفة العدل والتوحيد التي هي جوهر الإيمان وأساس كل مواقف أهل البيت الذين كانوا يضحون بالغالي والنفيس ويغلبون مصلحة الناس العليا على مصالحم الخاصة وهناك الكثير الذي يدعم هذا في مواقف أهل البيت ليس هذا مجال سردها. وإني لأرجو أن يفطن القراء في اليمن بالذات إلى ما أعنيه من كتاباتي حيث أدّعي أن هناك من يسعى ويتسبب في تهميش العقلاء في المجتمع اليمني من خلال أيديولوجية تحريضية تتسبب في الزج بالمساكين الذين لاحول لهم ولا قوة في آتون المهاترات السياسية وتشريدهم وإلقائهم في غياهب السجون لا لذنب فعلوه إلا أنهم أحسنوا ظنهم بما سمعوه ولم يعوه من مبادىء رائعة أرساها لهم ومارسها الرعيل الأول من أجدادهم ولكنهم عجزوا عن التعبير عنها باسلوب مواكب لتغيرات الزمن فوقعوا في فخ أهواء المحترفين السياسين الذين ليس همهم سوى بطونهم ديدنهم الوحيد.
إذاً قضيتي في كتابة مثل هذا المقال ليست مع الحكومة في اليمن ولا هو نقد للنظام السياسي فيها، ولكنها منصبة على الهاشميين وموقفهم من الأحداث الأخيرة دون غيرهم. إنه ليس تحاملاً نابعا عن حقد أو كراهية بل نابع عن محبة خالصة لأمن وسلامة اليمن و رغبة في سلامة الهاشميين وإنقاذهم من فتنة قد تهددهم. كما إنه ليس نابعاً من شعور بالنقص في إمكاناتهم وكفاءتهم وإنما هو إطمئنان الى قدراتهم في تحقيق الهدف من وجودهم وهو أن يكونوا خداماً لمصلحة الآخرين وحراساً أمينين على سلامتهم حتى وأن استوجب ذلك تضحيتهم بمهجهم رخيصة في سبيل ذلك. وسوف احاول في مقالاتي القادمة تبيان أن هذه النقطة ماتزال غائبة في الفكر والممارسة السياسية اليوم ومتعارضة مع مبادئ وممارسات أهل البيت عليهم السلام.

لقد أثبتت المواقف السياسية الأخيرة لكثير من الشخصيات الزيدية مع إستثناء شريحة العلماء الصادقين إخفاقها في نقل صورة مشرقة للجوانب المضيئة في المذهب الزيدي بل ولا يزال الكثير من الزيود عاجزين عن تمثل أخلاق وسلوك سلفهم الصالح في تجسيد هدف واحد هام على أرض الواقع ألا وهو كيف أن يكونوا خداماً فحسب لهذه الأمة ومخلصين لها بالنصح الجميل والسلوك المتواضع الجم اسوة برسول الله الذي كان يقف إجلالاً للصغير والكبير والعدو قبل الصديق. فقد ذكر في الأثر أنه (ص) كان يأخذ بيد المزارع البسيط وهي ملطخة بالتراب فيقبلها بشفتيه الشريفتين ويرد على من تعجب من ذلك السلوك بقوله "إن تلك يدٌ يحبها الله ورسوله." فصارت هذه الكلمة إعترافاً بجميل ما يصنعه العاملون المخلصون الذين يكدون في الأرض من أجل خدمة وحياة ورفاهية الآخرين. غير أن كلامي لايحمل على أن الهاشميين لايتمتعون بالكفاءات والقدرات كغيرهم من أبناء هذا المجتمع الطيب الا أنهم يعيشون في ظروف مختلفة عنهم وهي ظروف سياسية فرضها عليهم اولئك المغامرون الأشاوس الذين لم يتركوا لنا مندوحة سوى العمل بما ذكرته في نصيحتي السابقة الاّ وهو تجنب العمل السياسي لفترة من الزمن. وإن كانت خمسمائة سنة فترة طويلة حسبما جاء في نصيحتي الأولى فيمكن النظر إليها على أنها فترة زمنية قابلة للنقاش والمراعاه (وخاصة لبعض المستعجلين من الظرفاء الهاشميين الذي كتب الى معاتباً بقوله "إن الهاشميين ليسوا ديناصورات حتى ينتظروا كل هذه المدة"). كما أن تعميمي على تجنيبهم بعض المناصب الوزارية هو موقف ملح لإثبات حسن النية ولا يعني إنعدام كفاءة الهاشميين أو غياب شخصيات مقتدرة ومتواضعة في سلوكها سبق وأثبتت جدارتها في أعمال إدارية ناجحة في الحياة اليمنية المعاصرة أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر أمين العاصمة الأستاذ أحمد الكحلاني والأستاذة القديرة أمة العليم السوسوة وقبلهما نماذج أخرى مثل المرحوم العميد يحي المتوكل والأستاذ أحمد لقمان وإسماعيل الوزير وغيرهم.

غير أني لا أجد بداً من تركيز مقالي هذا لمواجهة ما أسميه بإيديولوجية التحريض هذه وتحليلها لأن أصحابها حتى وإن حققوا مكاسب مالية وشخصية معينة إلاّ أنهم يتسببون في جر الويلات على الآخرين وعلى أنفسهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون. فكما قلت سابقاً تكمن خطورة مثل هذه الأيديولوجية أنها تأتي من البعض فيعاني السواد الأعظم من نتائجها الوخيمة وهذا عموماً ما نفعله نحن اليمانيون بأنفسنا منذ الأزل فإن التسابق فيما بيننا نحو الرئاسة هي التي غرست هذه النزعة في نفس كل يمني فأصبحت هدفاً ومغنماً لا يستفيد منه سوى صاحب المنصب أما الآخرون فلا يستفيدون منه شيئاً سوى الصيت أن فلاناً موجود في السلطة والتفاخر به عند حضور الولائم والجلوس بجانبه عند تخزين القات. وما الفساد والفوضى السائدان من حولنا سوى مرآة لما خفي في صدورنا حيث أصبح كل همنا كيف نقود الآخرين غير مدركين فداحة المسئولية فيها. وها هي أدبيات بعض الأحزاب اليمنية المعارضة ملأى بالمثاليات والوعود الوردية في تحقيق العدالة والمساواة وماهي في الواقع سوى وسيلة لوصول شخصين أو ثلاثة إلى السلطة وتضمحل بعدها كل المبادئ والشعارات في حين ليس هناك ما يضمن تنفيذ الوعود لقواعد هذه الأحزاب المقهورة ناهيك عن القواعد المقهورة في الاحزاب الأخرى. هذه هي طبيعة الإنسان منذ الأزل وليس الأمر مقصوراً على اليمن. والواقع أن جميع الأحزاب قد عجزت وبالذات حزب الحق وحزب القوى الشعبية في تحقيق شيء يستحق الذكر سوى فوزهما بنياشين وأوسمة العمل الديمقراطي لالشيئ فعلوه الا أنهم تم قبولهم في خانة المعارضة وبامتياز جراء مواقفهما الحزبية "الرائعة" والواقع أن غيابهما عن الساحة أولى من صخبهما الذي لم يحقق شيئاً يذكر منذ 15 سنة بل يمكن إلقاء اللوم عليهم أنهم شاركوا في تفتيت عضد الأمة اليمنية الواحدة بإسم التنافس نحو السلطة التي يعترفون أنها مجرد لعبة سياسية. ولو أنهم يقدمون على تحويل هذين الحزبين الى نوادي اجتماعية أو جمعيات اقتصادية لكان خيرا لليمن ولكل اليمنيين (وانا اؤكد أن هذا الأمر كائن ولو بعد حين).كما أن هذين الحزبين عجزا في إعطائنا صورة واضحة تعكس مشروعاً وطنياً واحداً تم إنجازه لجمع كلمة الناس وحل مشاكلهم الإجتماعية والإقتصادية بل على العكس تماماًَ نشهد تركيزاً مسرفاً على السياسة حاشدين في سبيل ذلك ما أمكنهم من المبادئ والمثل السامية التي يعتقدون أنها تجمعهم في وحدة مترابطة.
لقد فوجئت كما قلت بردود الفعل على مقالتي الأولى التي عبر عنها البعض من خلال الرسائل وآخرون عبر مواقع الكترونية مختلفة (بعضهم فضل عدم كشف اسمه ولا بأس في ذلك). ولكن ماراعني هو أن الذين ردوا في رسائلهم أثاروا قضايا أرادوا من خلالها أن أتوقف عن الكتابة في موضوع الهاشميين كما لو كان أمراً محرماً شرعاً و لأنه حسب رأيهم يمس جوهر عقيدة أهل البيت. بل وطلب مني بعض الأعزاء أن أسحب المقال السابق (ولكن هيت لنا ذلك فقد جاوز الحزام الظبيين). والحق أن هذه الردود جاءت لتؤكد أهمية الالتزام بالكتابة عن الهاشميين في اليمن لما يعود بالنفع عليهم وعلى الأمة اليمنية عموماً. وفي حين أعد القراء بإيراد نماذج من هذه الردود دون التصريح بأسماء أصحابها بطبيعة الحال، ألا إني أكتفي في هذا المقال بالإشارة إلى أنها تدور حول محورين أساسيين يمثلان جانباً من الأزمة التي نعاني منها في اليمن.
يتركز المحور الأول في اتهام مقالي بأنه يسعى لمناصرة السلطة في موقفها من أحداث صعدة في حين يعرب المحور الثاني عن أسفه "للإجحاف والتشدد على الهاشميين بدون مبرر وكذلك الإجحاف بحقوقهم المشروعة في الحياة السياسية في اليمن." هكذا ألخص هذه الردود مع شكري لأصحابها لأنهم في نظري صادقون في أحاسيسهم وكذلك في تخوفاتهم من نتائج الكلام الذي أقوله بهذه العلنية المفرطة. حتى وإن طغت على بعض الرسائل عبارات تجريحية وإتهامات شخصية فانا أعذر أصحابها لان الموقف نفسه حساس وموقفي هذا أشبه بمن يلعب بالنار. غير أني واثق ان النتيجة ستصب في الصالح العام حتى وإن كان المضحي في النهاية هم الهاشميون وهذا في حد ذاته هدف نبيل ينسجم مع الأهداف الإسلامية حسبما جسدها الرعيل الأول من أهل البيت وعملا بالحديث الشريف "خادم القوم سيدهم."
أما قسوتي فأنا أعتقد أن الزمن كفيل باثبات حسن النوايا إن شاء الله وأرجو من خلال هذه النصيحة أن أكون قد أسقطت عن كاهلي أداء هذه الأمانة. فالنصح باعمال العقل والحكمة لا يشكل ضررا بل العكس هو الصحيح. وصديقك من أصدقك لامن صدقك. ولذا أرى أن محاولة التغطية والتستر على أعمال بعض اخوتنا في الدم التي تنافي المواطنة السليمة الحقة هو أمر مناف للإسلام ولكل المثل السامية في أي مجتمع كان بل هو عمل جاهلي يعارض روح الدين الحنيف فقد ذكر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" فقيل قد عرفنا كيف ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً فقال "تحجزه- أو تمنعه من الظلم." فلو أن المخلصين مارسوا هذا الحديث النبوي عمليا وحجزوا كل أولئك المغامرين المتسيسين بالكلمة القوية الصادقة لمنعوا الكثير من البلاء ولساهموا في حقن الدماء وخلق أجواء عقلانية تساعد الدولة على الخروج من النفق المظلم الذي تمر به.

وأما بالنسبة لدفاعي عن السلطة فأنا أعترف ولا أجد غظاظة في القول أنني حين أندد وأنتقد الهاشميين الداعين إلى العنف في أحداث صعدة فأنا في الواقع أمتدح موقف الرئيس علي عبدا لله صالح بل وأتعجب من حلمه وأناته على كل من ساهم من بعيد أو قريب في هذه الأحداث المشئومة. بل وأتطلع مع بقية المصلحين من جميع الاطياف السياسية والإجتماعية في اليمن أن يظهر الرئيس حلماً أكبر في عفوه العام حتى على الذين صدرت في حقهم أحكام بالسجن وغيره مثل الديلمي ومفتاح لأنهم لو تركت لهم الفرصة أن يخلوا الى أنفسهم (خارج السجن بالطبع) ومصارحتها ساعة واحدة لأكتشفوا أنهم أساساً لم يقعوا فريسة أهوائهم الشخصية فحسب بل أنهم وقعوا فريسة المحرضين المخفيين الذين زينوا لهم الأمور من وراء حجاب. وأنا هنا لا أخص الهاشميين والزيود بالذات بل كل الشوافع وغير الشوافع و بقية الناشطين السياسيين الشرفاء الذين وقعوا ولا زالوا يقعون فريسة أطماع المحرضين لهم من خلف الكواليس. نعم هناك من يلعب دور المخرج الممول الذين يجيد أسلوب الكر والفر ثم ينسل من الأزمات انسلال الشعرة من العجين بينما يكون الضحية المساكين السذج. والغريب أن البعض توصل إلى نتيجة غريبه حينما أعتقد أني حين أنتقدت أحداث صعدة فأنا بالضرورة "عميل للسلطة" واني ادافع عن كل أعمالها ومواقفها وكان دليلهم في ذلك انني لم أوجه إلي الحكومة نقداً قاسياً كما فعلت مع الهاشميين. ولابد ان ارد على هؤلاء بقولي اني لا اشاهد الأمور من هذه الزاوية بل من منظار آخر سأترك للقارئ الكريم الحكم عليه من خلال ما يلي:
1. كنت أنوي في مقالي السابق إمتداح موقف الرئيس علي عبدالله صالح في إسلوبه في معالجة الأزمة في صعدة لولا خشية أن يثور البعض على مقالي بسبب فداحة الخسائر التي نجمت عنها هذه الحرب في الأرواح البريئة التي أزهقت والخسائر المادية والمعنوية الكبيرة التي انفقت في وقت كان بالامكان تحكيم العقل. ومع ذلك كان المقياس بالنسبة لي مقياس موضوعي وليس مجرد رد فعل عاطفي.
2. ببساطة تخيلت نفسي إماماً هاشمياً يحكم اليمن لاسمح الله مكان الأخ الرئيس فكيف ياترى سيكون موقفي تجاه أشخاص خرجوا على إمامتي وصاروا حسبما سمعنا في الأخبار يهددون دولتي وسؤددي. فهل كنت سأذهب إلى هؤلاء الخارجين والمتمردين على حكمي وأقبل أياديهم وأشكرهم على فعلتهم أم إنني كنت سأعاملهم حسب مقتضيات الحال التي تجيز لي (كما أجازت لغيري من قبل) الفتك بالخارجين على عصى الإمامة حتى لو كان أخي وإبن عمي و أقرب الناس الي.
3. أرجو من الجميع مسامحتي على هذه الصراحة التي من خلالها اطلب منهم أيضاً أن يضربوا لنا أمثلة نموذجية لحكام آخرين فاقوا علي عبد الله صالح فى صبره وشهامته في التعامل مع هذه الأزمة. طبعاً أقول هذا مع تحفظي الشديد على الاسراف الذي حصل في الاساليب التي مورست من قبل البعض (وقد أشار الوالد العلامة محمد بن محمد المنصور الى هذا الأمر في رسالته الحكيمة). ومع ذلك فان هذا الاسراف يتنافى مع ما سمعناه من شهامة الرئيس علي عبد الله صالح والظاهر أنه لم يكن ليسمح به لو علمه مسبقاً.
أما مسألة عدم توجيه النقد إلى شخص علي عبدا لله صالح أو إلى بعض الشخصيات المتشددة في الحكومة والذين ينتمون الى نفس قبيلة الرئيس-حسب رأي هؤلاء- فهذا في الواقع ليس من شأني ولن أفعله. وعذري في عدم توجيه النقد أو النصح للدولة اليمنية بسيط جداً ألا وهو "عدم الاختصاص". ولتوضيح هذه المسألة حتى لا يحصل الخلط أقول أنه لو كنت أنا شخصياً من أقرباء الرئيس أو منتمياً الى قبيلته فحينئذ كنت سأجعل من نفسي ناقداً وناصحاً لعلي عبدا لله صالح لأني حينها سأكون من قبيلته وسيكون لزاماً علي الدفاع عنه وعن سبب بقائه وبقاء دولته بالنصح السليم والذي بدونه لن تستقيم له الأمور وسيكون مطمئنا الى مثل هذا الناصح الأمين الذي يقوم الاعوجاج بصدق واخلاص لاطمعاً في الوثوب على كرسي السلطة. ولا شك أن هناك من يقوم بدور كهذا من العقلاء الصادقين من سنحان. ولكن كون هذا الناصح الأمين من المقربين سيجعل الرئيس مطمئنا اليه وإلى دوافعه ويعلم انه لا يريد منازعته السلطة فلربما يحدث هذا الإصغاء ويتم إصلاح ما هو فاسد من أمور الناس ويكفينا جميعاً شر القتال (بل وربما شر المعارضة).
ومع ذلك فليسمح لي الأخوة القراء في اليمن أن أقول وبصراحة أن دولة سنحان التي ينتقدونها في صحفهم اليوم قد تكون معتدلة مقارنةً بما حصل في الفترات الماضية وما قد يحصل مستقبلاًًًًًً والعياذ بالله، وإن الذين يجاهرون اليوم في التذمر والسخط والسخرية من دولة سنحان في نواديهم سوف يأتي عليهم يوم يتمنون فيه عودة حكم سنحان وأهل سنحان. إني أؤمن أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان بل أن ما أخشاه على الهاشميين هو أن يصبح على رأس الدولة اليمنية إمام هاشمي زيدي يسوق الناس بعصى ونزق هاشمي يختلف عمّا يظنونه من حلم وعلم وحكمة الأئمة الهداة الأوائل من أهل البيت وحينها تكون التجربة اشد مرارة على اليمنيين. نعم قد يقول قائل إنني أتجنب الخوض في قضايا المذهب الزيدي وأطروحاته التاريخية في العدل والتوحيد والإمامة وغير ذلك ولكن أقول لهؤلاء أن مناقشة هذا الموضوع يحتاج إلى منبر فكري هادئ في الصحف والمنابر الحرة بدون تخوف لان فيها مبادئ عظيمة وقضايا هامة بحاجة الى اعادة طرح ويحتاج إلى نقد وتحليل وخاصة تلك الطروحات التي يتحمس لها الشيعة المحدثون سواء الزيود أو الاثني عشرية دون معرفة أخطارها في تشويه الفكر الإسلامي الصحيح القائم على مبدأ المسالمة و عدم استخدام العنف. ولكني سأفعل ذلك مستقبلا في معرض ردي على الرسائل المذكورة والتي أثارت بعض الأسئلة المهمة في هذا المجال ولو إنني أشعر بالأسى أن بقية الرسائل الأخرى من الهاشميين بالذات لم ترقى إلى المستوى الذي توقعته لانها عززت من حالة الإضمحلال والجمود الفكري والمذهبي الذي يميز خطاب أغلبيتهم.
نعم أعود إلى القول أن قضيتي تتوجه نحو بني جلدتي وبالذات كل من يدعي أنه يمثل الهاشميين أو الزيدية في حين أعلم يقيناً أنه إنما يفعل ذلك تظاهراً أو سعياً الى منفعة مالية فيجرنا الى ويلات وشدائد نحن في غنى عنها. وإذ أعجب فأعجب من مطالبة احدهم بسحب المقال السابق بحجة أنه سيفيد "بعض الاعداء في الانتقاص واضعاف المذهب." وليت شعري كيف نخشى الانتقاص من المذهب في حين أعمال بعض المغامرين من اصحابنا تسعى الى اجتثاث ماتبقى من مبادئ المذهب السامية في الصبر في أوقات الشدائد والتعامل مع الأزمات بالحكمة والموعظة الحسنة لأن العنف والحماس المركب لن يحقق الهدف الذي أشار إليه احد الزملاء في رسالته إلي أن الخروج في حد ذاته ضروري من أجل ما وصفه "ابقاء الزيدية حية في نفوس أصحابها." فأي الفريقين يا ترى يسعى إلى بقاء الزيدية والحفاظ على مبادئها الإنسانية؟ (أتذكر بهذه المناسبة قصة طريفة سمعتها من الأستاذ القدير حسن محمد زيد فحواها أن أحد المجانين في صنعاء القديمة إشتبك في عراك مع أحد سكان صنعاء فجاء الناس لفك الإشتباك غير أنهم بدلاً من أن يمسكوا بالمجنون أمسكوا بالعاقل وذلك بسبب خشيتهم من شراسة المجنون فانزعج العاقل من هذا الموقف وصار يصيح في من حوله "لماذا تمسكون بي فالمجنون هو ذاك وليس أنا." ويبدوا أن وضع الهاشميين اليوم منسجم مع هذه الطرفة فالمفترض الإمساك بالمخربين الذين يسيئون تقدير الامور فيدمروا أنفسهم ويدمروا الآخرين. ومهما قيل في هذا المضمار فلايستطيع أحد حتى أكثر الناس تعصباً أن يلومني على توجيه مثل هذه النصائح الى الهاشميين حتى وإن دعوت الى تجميد مصطلح الامامة نفسها فاذا كان اصلاح ذات البين خير من عامة الصلاة والصيام كما جاء في الحديث الشريف فمن باب أولى أن يضحي الهاشميون بإمامتهم بل وبأنفسهم إن كان ذلك سيؤدي الى رضى الناس وسعادتهم بالأمر الواقع عملا بمبدأ وقاية المجتمع من الفتنة خير من حملهم على الإلتزام بمباديء ومثل هم غير مؤمنين بها. وحتى إن لم أركز في مقالي على مثل هذه المبادئ فحسبي أن أهتم بسلامة الناس والتحذير من كل ما يقود الى فتنة المساكين والبسطاء. وإن كان مثل هذا الموقف سيؤدي الى ضياع مباديء يراها البعض أساسية في الدين فليس لنا سوى مقولة "أنا رب ابلي وللبيت رب يحميه."

نعم لابد أن ندعوا إلى الله على بصيرة وبالصبر والتصابر و نؤمن بحكمة الله. فالحياة كلها قائمة على الإعتدال وعلى الايمان بالنسبية في كل شيء حتى في الأوضاع السياسية. إنني أعتقد أنه لو تجمع الهاشميون في مؤتمر واحد يعلنون فيه ولاءهم لسلطة الدولة ما سلمت فيه أمور المسلمين لوفروا على أنفسهم الكثير من المشاكل والأزمات ولأصبحوا مقبولين في كل أطراف اليمن بل وربما يصلح بصلاحهم بقية أهل اليمن. وسوف أعود للتفصيل في هذا الأمر في مقالٍ آخر ولكن لابد من التذكير أنه لو حصلت مثل هذه الصراحة والشفافية بين الهاشميين أنفسهم فسيمنع ذلك وقوع البعض فريسة لأهواء ومغامرات القلة من "المشعّبين." وإني على ثقة أنه لو فتح المجال أمام بعض الصادقين من الزيود العاقلين وهم كثر لكي يتحاوروا مع الناس في منابر مفتوحة لحصلت حوارات مفيدة تسهم في رأب الصدع وجمع الكلمة والانفتاح بين الناس وإعادة الثقة إلى البيت اليمني الواحد بل وسيسهمون في معرفة نقاط الضعف التي وقعنا فيها بالأمس القريب وخاصة أحداث صعده وما تلاها وأشيد بوجه خاص بالدور الذي لعبه ويمكن أن يلعبه العلماء الأماجد أمثال الوالد محمد بن محمد المنصور والوالد أحمد بن محمد الشامي والوالد حمود عباس المؤيد والأستاذ القدير محمد يحي سالم عزان ولكن بشرط تجنب دخول العاطلين عليهم بهدف الارجاف "والوقز." بل وأستطيع أن أجزم أنه لو تمكن هؤلاء العلماء الأفاضل من التحاور مسبقاً مع بعض الذين تطرفوا في مواقفهم في الأحداث الأخيرة بمن فيهم حسين بدر الدين الحوثي (سامحه الله) وغيره لأعترف هؤلاء الآخرون بأنهم كانوا عرضة لمثاليات أقحمهم فيها بعض الخبثاء فأصبحوا ضحية لهم ولوضح للناس أنهم لم يريدوا التسبب في فتنة في أي مكان من أرض اليمن. وأني أبرئ ذمتي أمام الجميع حين اكرر واركز على هذا الأمر فأقول أن بعض "الحوَّل القوَّل" قد يركز على الخسائر البشرية ولا يأبه بأبعاد الفتنة ونتائجها وكأنه لم يسمع كلام الله عز من قائل "والفتنة أشد من القتل."
ولابد في الأخير من أن أقول للهاشميين إنه إذ لم يكن لي غرض من هذه الكلمات سوى التزام العقل والحكمة فإن في ذلك مايغني وأنني وإن لم أكن أكثركم علماً ودراية فيكفي أنني أدافع عنكم ضد أنفسكم أيها الهاشميون لأن أنفسكم مثل نفسي تماما أمارة بالسوء إلاّ ما رحم ربي فهيا إلى جهادها الجهاد الأكبر وجهاد النفس هو لعمري بداية التصحيح لما فيه خير ومصلحة الجميع، فحيا على خير العمل.
* باحث واكاديمى يمنى مقيم فى الولايات المتحدة الاميريكية








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024