هاتـُـوا بُرهانَكُـــم ! ما أغرب أن يبدو بعض السياسيين كما "الحكواتي" قديماً الذي لا يكترث لسرد المبالغات والأساطير الخرافية ما دام جمهور المتلقين مجرد أطفال أو نساء ورجال أميين. وما أعجبهم حين يدّعون الحصافة والحنكة ثم يمارسون العمل السياسي من كرسي "الحكواتي"، رغم أنهم يعلمون أن صغار الأمس كبروا، والجاهلون تعلموا، وقيود العزلة تحطمت وكل مستور صار - رغماً عن أنفه- تحت النور. إحدى الزميلات وصفت رئيس دائرة سياسية لحزب يمني "إسلامي" بأنه "محنك" لمجرد أنه أدعى في تصريح لصحيفتها "إيلاف" بأن في اليمن نساء يتفوقن بمهاراتهن السياسية على رؤساء حكموا اليمن مثل سالمين، وعلي ناصر، والرئيس صالح، وعلى علماء دين بحجم الشيخ عبد المجيد الزنداني، وأنهن أفضل من كل هؤلاء الرموز – يعني "سوبر وومان Superwoman" ! ومع أنني امرأة من نفس وسط "النساء اليمنيات" ، وحرفتي في الصحافة تتيح لي فرصاً أوسع من ذلك السياسي "المحنك" في اكتشاف "الخارقات" اليمنيات من بنات جنسي، لكنني مازلت أجهل عمّن يتحدث صاحبنا، ومن أين أتى بهذا الاكتشاف "المذهل" وهو الأعلم من غيره أن اليمنيات - حتى قبل بضع سنوات - لم يكنَّ يجُرؤن على البوح بأفكارهن لأن هناك آلاف الرجال - ممن يفتون بأن صوت المرأة عورة، ويتربصون أن تنطق ليقطعوا لسانها .. إذا ما نجا رأسها. ربما – أيضاً – فات صاحبنا "المحنك" أن يتذكر أن المرأة اليمنية كانت قبل عقد ونصف، محكوم عليها ألا تخرج من بيتها إلاّ لثلاث" – لا داعي لتفصيلها، وتُزف إلى بيت الزوج في سن الطفولة، وتُباع إلى رجل طاعن بصفة "زوجة" رغماً عن استغاثاتها الطفولية البريئة، فيما بعض المنابر لا تنفك عن غرس النظرة الجنسية الشبقية إليها في نفوس المجتمع ليتم تحريم حلب الأبقار عليها، ثم منعها من تداول الموز، والخيار، والجزر بهيئتها التي خلقها الله عليها إلا بعد تكسيرها قطعاً صغيرة كي لا يُترك للشيطان مجالاً لإغوائها بلعنة الشهوة. وما دام المتحدث موصوف في "إيلاف" بأنه "سياسي محنك" وينفرد عن بقية الأحزاب بما فيها الحزب الحاكم بامتلاك سرّ النساء الأفضل وعياً سياسياً من كل الذين تعاقبوا على حكم اليمن ، ومن الشيخ الزنداني، فلماذا لم تسعفه حنكته السياسية باستثمارهن في مركز قيادي بصفوف حزبه، أو على أقل تقدير تمكينهن للظهور على المسرح السياسي، أو المهني لينتفع من عبقريتهن النادرة اليمن ُوشعبُها، إذا كانت غاية حزبه خدمة الوطن بواقع رؤى إسلامية مثلما يدعي في أدبياته !؟ لا أدري أي جرأة في استغفال الناس تلك التي تحدث بها صاحبنا رغم أن حزبه لا يعترف بوجود أي امرأة ضمن نخبته القيادية والوسطية ، وهو حتى هذا اليوم مازال يجدد رفضه لدعوة تطبيق نظام "الكوتا"! أنصح بألاّ يزايد أحد على المرأة ، فأوراق الجميع مكشوفة ! وإذا كان هناك ثمة من يدعي أن حزبه يحترم حقوق المرأة ، ولا ينظر إليها بتدني ، فنحن نقول : "هاتــوا برهانكــم إن كنتـم صادقـــين" ! وأن من الأولى بمن يؤمن بحقوق المرأة السياسية أن يترجم كلامه الى واقع في تكويناته التنظيمية ، وأن يشركها في صنع قرار الحزب.. لا أن يزايد بها على منابر الصحافة ، والفضائيات ، في الوقت الذي هي ما زالت عنده لا تتعدى بطاقة انتخابية للإستهلاك الذكوري فقط! |