حينما يصبح النفاق مُنظرا للسياسة العالمية نعاني اليوم من عدم تكافؤ القوى المسيطرة والمتحكمة في أحداث كوكبنا الأرضي المتجه للدمار والفناء نتيجة لسياسات بني البشر الشريرة التي تقايض أرواح الأبرياء مقابل مصالحها الشخصية وبمقابل ديمومة واستمرارية تحكمها وسيطرتها على مجريات الأحداث والسياسة العالمية . تضامننا وتعاطفنا مع الشعب العربي الفلسطيني المغلوب على أمره ،واستنكارا للقمع الصهيوني للإنسان ومحاولته إبادة شعب تأصلت وتفرعت جذوره في أرض فلسطين قرون قبل أن يعرف اليهود أرض تسمى فلسطين، أطلق الرئيس الإيراني تصريحاته الداعية إلى شطب الكيان المزروع قهرا في أرض ليست ملكه حتى نصل إلى وقف ونهاية أقرف أنواع العدوان في تأريخ البشرية ممثلا في الاعتداءات اليومية التي يعانيها الفلسطينيون في أرضهم ومسكنهم ومأواهم الذي انفتحت أعينهم عليه ولم يروا ولم يعرفوا بلدا غيره ، مقابل قدوم اليهود من شتى أنحاء العالم واستيطانهم واقتلاعهم للأرض والإنسان، وإقامة دوله صهيونية لا تقبل بوجود الآخر يعد العدوان وهدر دم الإنسان البريئ أحد دساتير وأعمدة قيامها واستمرارها في الوجود كدوله وكيان قائم ، وبدون ذلك فحتمية ذوبانها وطيها في أروقة التأريخ لا محالة قائم . قامت الدنيا بمن عليها ضد تصريحات الرئيس الإيراني واستدعت الدول الغربية سفراء إيران لديها احتجاجا ورفضا لتصريحات إبادة وحذف إسرائيل من خريطة العالم كون هذا التصريح يدخل ضمن ما يسمى اليوم بـ معاداة السامية. يفسر الغرب تضامنهم هذا تحت مصطلح حق الفرد في البقاء والعيش بسلام دونما عدوان أو اعتداء من طرف آخر .. بكل هكذا نفاق يواصل الغرب سياساته التفريقيه تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني وتقوم الدنيا بمن عليها تجاه تصريح إعلامي فقط بينما هم صامتون والقتل والدمار الصهيوني يمارس صباح مساء أمام أعينهم وتنقلها وسائل إعلامهم على رأس كل نشرة إخبارية . حسنا إذا! فإنهم يراوغون وينافقون بأنهم يرفضون العنف ويدعون وعلى استحياء الصهاينة إلى وقف العنف وإطالة النفس وإعطاء فرصة للغة الحوار والتخاطب بدلا من لغة الصواريخ والطائرات تجاه شعب لا يملك إلا الحجارة لاغير! لــــــــكن أن يدعو وزير الحرب الصهيوني موفاز وبكل صراحة إلى إبادة الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيه وتلاقي دعوته الإباديه هذه صمتا وتجاهلا ممن استدعوا سفراء إيران محتجين ومعترضين على تصريحات الرئيس الإيراني الإعلامية فقط بينما تصريحات وزير الدفاع الصهيوني الداعية إلى إبادة العشب الفلسطيني بدأ ينفذها ويترجمها قولا وعملا بطائراته وصواريخه وجنوده الإرهابيين الذين لا يراعون ضميرا ولا إنسانية بل يفتقدونها مدللة أعمالهم البشعة على ذلك. أن تتعامل القوى المسيطرة على العالم بوجهين مختلفين وأن تكيل بمكيالين أحدهما مخصص للصهيونية يمتلئ بالانحياز والتغاضي والتخاذل والآخر مخصص للشعب الفلسطيني الأعزل يمتلئ بالظلم والقهر والعدوان قد يؤجج ويوسع من دائرة الصراع ويرفع من احتمال قيام فرضية صراع الحضارات إلى أرض الواقع لأن الفلسطينيين لا يمثلون أنفسهم وحسب وأرض فلسطين ليست أرضهم وحدهم بل يمثلون الأمة الإسلامية وفلسطين تعتبر وقف وأرض ملك لكل من يشهد بأن( لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ) وبهذا الحال فإن ما يسمى في لغة اليوم بـ (الإرهاب) ستتسع دائرته وتتعدد منابعه التي تغذيها سياسة النفاق والانحياز السالفة الذكر . هذا الانحياز الأعمى للصهيونية وأعمالها البشعة إنما هو ناتج عن السيطرة الصهيونية على مجريات اتخاذ القرار في عواصم العالم الهامة وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فإن عالم اليوم سيواصل الركب في طريق الانهيار ممثلا بصراع الحضارات العلني والذي لا منتصر ولا مغلوب فيه . كلنا لا نفضل ذلك بقدر ما نفضل العيش في هذا الكوكب بسلام وأمن واستقرار مع سائر الشعوب والأمم شرط أن لا غالب ولا مغلوب ولا غاصب ولا مغتصب، عالم يسوده العدل لا العدوان، السلام لا الحرب ، أو كما قال الرئيس الإيراني ... عالم بلا صهيونية ! * كاتب وباحث يمني مقيم في الصين |