السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 09:33 ص - آخر تحديث: 04:17 ص (17: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمرنت- فهمي هويدي -
من دروس الحملة الأوروبية على نبي الإسلام
لا أستطيع أن أخفي عدم ارتياحي للعنف الذي استخدم ضد بعض السفارات الدنماركية والنرويجية في الخارج، لكن غضبي لكرامة نبي الإسلام الذي أهين في البلدين أكبر، فضلا عن أنني أزعم أن موقف حكومة الدنمارك بوجه أخص يتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية عن الذي جرى لسفاراتها، ولأنني أحسب أنني لست بحاجة لأن أشرح لماذا كان الغضب كبيراً لكرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي وعند غيري، فإنني سأتوقف قليلاً أمام النقطتين الأخريين.
ذاك أنني على ثقة من أن مهاجمة السفارات الدنماركية والنرويجية لم تخدم قضيتنا، وربما أساءت إليها، ولن أستغرب إذا تجاهل الإعلام الغربي خلفيات الموضوع، وركز على ما جرى للسفارات، وأعتبره من دلائل همجية المسلمين وتخلفهم، وربما كانت النتيجة أفضل كثيراً لو أن الجماهير توجهت إلى مقار السفارتين في عواصم العالم الإسلامي، حاملة لافتات التنديد والاحتجاج، وقدم مسؤولون عنها رسائل مكتوبة إلى الدبلوماسيين في البلدين، عبروا فيها عن مشاعر الاستياء والغضب، وطالبوا بالاعتذار الصريح للمسلمين عما جرى، ثم انصرفوا بعد ذلك في هدوء.

ذلك لم يحدث للأسف، الأمر الذي ينبهنا إلى ان الثقافة السائدة لم تستوعب لا فقه انكار المنكر كما تعلمناه في الإسلام، ولا أساليب النضال المدني وفنونه التي تقدمت كثيراً في عالمنا المعاصر، فقد تعلمنا أن للانكار درجات، كما أن له أصولاً وقواعد، منها مثلا أن يؤدي الانكار إلى تحقيق المراد، وأنه لا يتسبب في وقوع منكر أشد منه وأكبر، وهو ما لم يحدث في الحالة التي نحن بصددها، حيث تناقلت وسائل الإعلام العالمية صور السفارات الدنماركية وهي تحترق، في حين تجاهلت الصور التي أهانت نبي الإسلام وأثارت ثورة المسلمين.

من ناحية أخرى، فإن جوهر النضال المدني يقوم على فكرة استخدام الأساليب السلمية التي تحترم القانون في إيصال رسالة الاحتجاج والغضب، وقد أشرت تواً إلى مسألة التظاهر السلمي، التي هي أبسط تلك الأساليب، التي سبقتنا إليها الممارسة في الديمقراطيات الحديثة، لكننا تخلفنا في هذا الباب، لأنه ليست لدينا ديمقراطيات تفرزها!

أما لماذا قلت إن حكومة الدنمارك تتحمل جانباً من المسؤولية عن العنف الذي حدث ضد بعض سفاراتها، فردي على ذلك إن انفعال الجماهير وغضبها، ومن ثم هجومها على السفارات، ذلك كله لم يحدث إلا بعد أكثر من أربعة أشهر على نشر الرسوم البذيئة، وخلال تلك الأشهر لم تحاول الحكومة الدنماركية احتواء الموضوع، والحيلولة دون ارتفاع وتيرة الغضب وانفلات الأعصاب، ولكن تلك الجهود كلها ذهبت سدى، أكثر من ذلك فإن رئيس وزراء الدنمارك رفض مجرد مقابلة وفد الدبلوماسيين العرب والمسلمين في كوبنهاجن، وهو موقف افتقد إلى اللياقة والحس السليم، لأن الرجل لم يقبل بمجرد الاستماع إلى وجهة نظر أولئك الدبلوماسيين، وكان ذلك الرفض معبراً عن الاستهانة والازدراء، فضلا عن أنه كان مشجعاً لمسؤولي صحيفة «يولاندر بوسطن» على أن يتعنتوا في موقفهم، ويتعاملوا مع المشاعر الإسلامية بذات القدر من الاستهانة والازدراء.

إزاء الفشل الذي منيت به جهود الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور أكمل الدين احسان أوغلو، في تغيير موقف الحكومة الدنماركية، ورغم أن السعودية استدعت سفيرها في كوبنهاجن للتشاور، في إشارة لا تخفى دلالتها، وليبيا أغلقت سفارتها، وكذلك سوريا، رغم هذه الجهود كلها، ظل الموقف الدنماركي جامداً ورافضاً أي تجاوب يحل المشكلة سياسياً ودبلوماسياً، ومن ثم يمتص غضب الشارع الإسلامي ويداوي جرحه، وخلال الأشهر الأربعة التي خلت كان الغضب يتراكم، وازدادت وتيرته بعد إعادة نشر الرسوم المهينة في أكثر من عاصمة أوروبية، في إصرار مستغرب على إيذاء مشاعر المسلمين واستفزازهم.

في هذه الأثناء أطلقت الدعوة إلى مقاطعة البضائع الدنماركية، وهي الدعوة التي حققت نجاحاً نسبياً في العالم العربي على الأقل، الأمر الذي أزعج السلطات في كوبنهاجن، التي تعرضت لضغوط قوية من المؤسسات الاقتصادية صاحبة المصالح الكبرى في المنطقة، فنشرت الصحيفة التي أثارت الفتنة اعتذاراً خجولاً باللغة العربية على إحدى صفحاتها، في حين تمسكت بموقفها الذي زعمت أنه يمارس «حرية التعبير»، فيما نشرته باللغة الدنماركية في نفس العدد، وفي الوقت ذاته صدرت عن المسؤولين في الحكومة الدنماركية تصريحات تحدثت بشكل عام عن أهمية احترام أديان الآخرين، ولم تتضمن أي حديث صريح عن الاعتذار للمسلمين عما أقدمت عليه الصحيفة، التي وفرت لها الحكومة الغطاء الأدبي والسياسي.

هذه الجهود التي تواصلت خلال الأشهر الأربعة الماضية، لم تسفر عن شيء يرعى مشاعر المسلمين ويحفظ بعضاً من كرامة نبيهم، ولم يكن مستغرباً بعد ذلك أن تنفجر مشاعر البعض، بحيث يندفعون إلى بعض السفارات الدنماركية محطمين واجهاتها ومشعلين فيها الحرائق.

بطبيعة الحال، لست هنا في موقف الدفاع عن سلوك الجماهير الغاضبة، الذي أكرر أنني لا أقره من حيث المبدأ، ولكنني فقط أنبه إلى ملابسات ما جرى، متمنياً أن نستخلص من ذلك الذي جرى درساً خلاصته أنه في أحيان كثيرة، فإن العنف لا يظهر على السطح إلا حين تنسد أبواب الحلول وأساليب التغيير السلمية، وهي الفكرة التي عبر عنها بعض أهل الفقه حين قالوا بأن أفضل وأنجع وسيلة لتحريم الحرام وقطع دابره، هو أن يفتح الباب واسعاً لممارسة الحلال، بالتالي فلو أن حكومة الدنمارك تجاوبت بصورة واضحة ومقنعة مع مشاعر ملايين المسلمين الغاضبين، بحيث قدمت اعتذاراً صريحاً لهم عما جرى، لاختلف الأمر كثيراً، ولما حدث ذلك العنف الذي تعرضت له سفاراتها، وهو ما يؤيد ادعائي بأنها تتحمل جانباً من المسؤولية عن تردي الموقف على النحو الذي شهدناه.

لا أحد يستطيع أن يتكهن بمصير هذه المواجهة، التي تتسع دائرتها في أوروبا، ربما تعبيراً عن التضأمن مع الصحيفة الدنماركية، وربما كان ذلك أيضاً إحياء لمشاعر بغض كأمنة، رسختها ثقافة ما بعد الحروب الصليبية، التي ما زالت بصماتها قائمة في مناهج التعليم والمرجعيات الثقافية المختلفة، لكن الذي لا شك فيه أن من شأن ما جرى تعميق هوة الجفاء والحساسية بين المسلمين والأوروبين، الأمر الذي لا يخدم بأي حال دعوات الحوار والتعايش، ناهيك عن احترام الآخر، وهو ما دفع البعض إلى القول بأن ثمة أصابع صهيونية وأميركية ماكرة في المشهد أرادت أن تشعل نار الفتنة والوقيعة بين المسلمين والأوروبيين، لتخفيف حدة العداء للأميركيين، ولإشغال المسلمين بـ»معركتهم« مع أوروبا، وصرف انتباههم عن الممارسات الأميركية في العراق.

بقيت بعد ذلك عدة ملاحظات على المشهد ألخصها فيما يلي:

* إن سلاح المقاطعة الشعبية أثبت جدارته، باعتباره يمس المصالح الغربية في اقتصادها (الذي هو أعز ما تملك)، وهو سلاح ينبغي الاحتفاظ بفعاليته، لأهميته البالغة من ناحية، ولأنه يعد من أقوى أساليب النضال المدني تأثيراً، ويحسب لأزمة الرسوم الكاريكاتورية أنها دفعت البعض إلى التنادي لاستحضار ذلك السلاح المعطل، الذي نحن أشد ما نكون حاجة لاستخدامه على جبهات أخرى، خصوصاً في مواجهتنا للضغوط ومظاهر العدوان الغربي الكثيرة على أمتنا.

* إن الموقف الشعبي من الأزمة أسبق وأقوى كثيراً من الموقف الرسمي في العالم العربي والإسلامي، وإذ نقدر الجهود والمواقف التي عبرت عنها منظمة المؤتمر الإسلامي وعدد من الحكومات العربية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أننا يجب أن نعترف بأن النتائج ستصبح أفضل كثيراً لو تضأمنت أغلب أو كل الحكومات الإسلامية في اتخاذ موقف حازم من حكومة الدنمارك، وهو الحد الأدنى، لو أن وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم العربي على الأقل، عقدوا اجتماعاً طارئاً وأصدروا بياناً مشتركاً أعلنوا فيه موقفهم الرافض لإهانة نبي المسلمين، وهم الذين لم يقصروا ـ فرادى ومجتمعين ـ بل وتنافسوا في الحملة ضد الإرهاب وأهله.

* إن موقف شيخ الأزهر كان بكثير دون المستوى المطلوب، إذ في حين تصورنا أنه سيكون في مقدمة الغاضبين لكرامة نبي الإسلام، فإننا وجدنا تعبيره عن الاحتجاج فاتراً للغاية، حين كان اعتراضه على ما جرى مبنياً على أن النبي عليه الصلاة والسلام ميت ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، وهي حجة لا تخطر على بال أي مسلم عادي، يعيش النبي في قلبه ووجدانه طول الوقت، ويصلي عليه ويسلم ثلاثين مرة على الأقل في اليوم الواحد، ثم أنه اعتبر الموضوع منتهياً بعدما استقبل سفير الدنمارك في القاهرة، الذي نقل إليه مضمون الاعتذار الغامض والخجول الذي أشار إليه بيان رئيس وزراء الدنمارك في مستهل العام الجديد، وكان حرياً بشيخ الأزهر أن يتحفظ في هذا الصدد، على الأقل حتى يتحقق من أن الاعتذار المفترض يحقق مراده في الحفاظ على كرامة نبي الإسلام، وهو الأمر الذي أتصور أنه يحتل أهمية خاصة لدى مشيخة الأزهر التي عهدناها ـ فيما مضى ـ منارة يهتدي بها المسلمون في كل مكان، ورأس الحربة في الدفاع عن كرامة الإسلام والمسلمين.

إن أهم حقيقة أسفرت عنها المواجهة التي نحن بصددها هي أننا نملك الكثير من الأوراق الفاعلة لكسب أي معركة، بالتالي فنحن لسنا مفلسين أو عديمي الحيلة كما يصور البعض، لكننا فقط مغلولو اليد ومهزومون: سياسياً وحضارياً!


الشرق الأوسط








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024