الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 09:12 ص - آخر تحديث: 04:17 ص (17: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
بقلم: د‏.‏ محمد جابر الأنصاري/نقلا عن صحيفة الاهرام -
من المستفيد من الجريمة؟
من الواضح أن الرسوم المسيئة لم تفد أصحابها في أوروبا‏..‏ فمن المستفيد من الجريمة؟‏!‏
ولابد أن يقر في ضمير العالم أولا أنها جريمة بكل المعايير الدينية والدنيوية‏.‏ فالاساءة إلي نبي عظيم وإنسان كبير مثل محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم يجب أن يرفضها المتدينون وغير المتدينين من المنتمين للإسلام‏,‏ وأن يشارك في رفضها غير المنتمين إليه ممن يحملون ذرة من الإنسانية الصافية في نفوسهم‏,‏ سواء كانوا من أهل الأديان أو ذوي الفكر الحر‏,‏ فهذه الإساءة لإنسان بلغ رسالة السماء وجاء لاتمام مكام الأخلاق وسعي للأخذ بيد الإنسان في كل مكان وعمل علي تحريره وإخراجه من ضيق الدنيا إلي سعتها‏,‏ وغير مسار التاريخ إلي ما هو أرقي وأنبل‏,‏ لا يمكن أن تصدر إلا ممن يريدون إعادة البشرية إلي الوراء‏,‏ وزرع الكراهية فيما بينها‏,‏ وتحويل أمل الإخاء الإنساني إلي حروب كونية مدمرة وإعادة المسلمين بالذات إلي الفيتو التاريخي الذي يحاول آخرون الخروج من أسره‏.‏
إن رفض هذه الإساءة للرسول البشر محمد بن عبدالله يجب أن تلتقي حولها مختلف أطياف الفكر والاجتهاد في العالم الإسلامي والعالم أجمع‏,‏ لا فرق في ذلك بين إسلامي وليبرالي سلفي أو عصري‏,‏ لأن النبي الأعظم ملك الانسانية جمعاء وتراثه‏,‏ ورسالته السمحة من أغلي ما تملك في معترك تقدمها الحضاري الذي هو معركة المسلمين اليوم‏,‏ معركة تقرر مصيرهم في وجه هذا الشر اللا مسئول وأن كان مصدره الغباء الأهوج برغم أنه لايبدو أن الغباء وحده قادر علي صنع مثل هذه الأزمة وإشعال كل هذه النار‏,‏ فعندما تحدث أي جريمة‏,‏ ناهيك بجريمة بهذا الحجم‏,‏ يأتي السؤال دائما‏:‏ من المستفيد من الجريمة؟ وفي هذه الحالة ومن وراء دخان الحرائق المتصاعدة‏,‏ ألا يجدر بنا أن نستعيد لحظة هدوء وتعقل لنسأل أنفسنا‏:‏ من المستفيد من الجريمة حقا؟‏!‏
فبداية لم تستفد منها الدنمارك التي تضررت مصالحها وطرد رعاياها‏.‏ كما تبرأت من أوزارها ونأت بنفسها عنها قوي أوروبا الكبيرة كألمانيا وبريطانيا وفرنسا وشاركتها الولايات المتحدة وروسيا والاطراف الاسيوية والمحافل الدولية في هذا الموقف‏.‏
الغريب أن إسرائيل المحاطة بأمة محمد والمجاورة لها والمحتلة لبعض أراضيها ومقدساتها بقيت صامتة عن الجريمة برغم مطالبتها الجميع بإدانة كل مالا يرضيها‏.‏ والأدهي برغم انتمائها الديني السامي وانتماء يهودها بعامة إلي التراث الإبراهيمي نسبة إلي تراث سيدنا إبراهيم الخليل الذي يمثل النبي محمد خاتمته وذروة عطائه لبني الإنسان‏,‏ مع أخوته من الأنبياء كافة‏,‏ بمن فيهم انبياء بني إسرائيل‏,‏ كما تؤكده الآية الكريمة‏:‏ قولوا‏:‏ آمنا بالله‏,‏ وما أنزل إلينا‏,‏ وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط‏,‏ وما أوتي موسي وعيسي‏,‏ وما أوتي النبيون من ربهم‏,‏ لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون‏(‏ البقرة‏136).‏
فهل بإمكان الفكر الديني اليهودي التحرر من فكرة شعب الله المختار والاحتكام إلي هذه الآية العظيمة‏,‏ تأكيدا لإيمانه بالتراث الإبراهيمي وانتمائه إليه إن أراد سلام الشجعان لا سلام الساكتين عن الحق؟ السكوت علامة الرضا‏..‏ والسكوت في جريمة كهذه يحيط هذا الرضا بعلامات استفهام لانهاية لها‏,‏ مع أن إسرائيل تملك الصوت العالي في كل مكان من العالم الفاعل والمنفعل ـ علي السواء ـ وها هو ذا صوتها يطال روسيا لأنها لم تفعل أكثر من الاعتراف بإرادة الشعب الفلسطيني في اختيار حماس واصفة هذا الاعتراف الروسي الواقعي بأنه طعنة في الظهر لها‏,‏ فلماذا تصمت عن طعن مقدسات من تقول إنها تسعي لتحقيق السلم معهم؟
لو كان في إسرائيل اليوم قادة تاريخيون كبار ذوو رؤية ـ كما تأسي لغيابهم أحد آبائها وهو ناحوم جولدمان قبل عقود ـ لبادروا إلي إدانة هذه الإساءة لشخص النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم من زاوية الضمير الديني المحض‏,‏ قبل أن يطالبوا رجال الدين الإسلامي والمسيحي بحضور منتديات حوار الأديان معهم‏..‏ فحيال هذا الصمت الإسرائيلي تجاه الإساءة للنبي الكريم‏,‏ ما قيمة أي حوار ديني كان أو سيكون‏..‏ بمشاركة رجال دين يهود‏..‏ خاصة من إسرائيل؟
أم أنه سيكون سكوت الرضا الذي لايشرف إسرائيل‏,‏ إذا افترضنا براءتها‏,‏ في هذا العصر الذي اصبح عنوانه حوار الأديان والثقافات؟
وأيا كان الأمر‏,‏ فإن توقيت هذه الإساءة يطرح علامات استفهام كبري في اتجاهات عدة‏
أولا‏:‏ أن الدانمارك والنرويج ودول الشمال الأوروبي الاسكندنافية عامة هي الأكثر اقترابا وتفهما لمعاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال الإسرائيلي المتطاول والأبعد عن التعصب ضد العرب والمسلمين‏..‏ أن تأتي الرسوم المسيئة في هذه الآونة يعني أن ثمة محاولة لإعادة عقارب الساعة الأوروبية إلي الوراء‏,‏ وتأخير اللقاء التاريخي المنتظر بين أوروبا والإسلام‏.‏ وهذا التلاقي التاريخي حتمي ولا مفر منه‏,‏ بحكم الجوار والتفاعل البشري والفكري‏,‏ وبحكم ما مرت به أوروبا من تجارب الانفتاح علي المعتقدات والأديان الأخري‏,‏ ما يتهيأ له العالم الإسلامي من عودة إلي روح الإسلام الحق في التعايش الديني والفكري مع العشيرة الإنسانية‏.‏
ثانيا‏:‏ تجاوزت أوروبا ـ كحضارة وثقافة ـ صراعاتها الدينية الدامية عبر تطورها التاريخي بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس‏..‏ كماتصالحت ـ بمبادرة من الفاتيكان ـ مع اليهود بعد أن ظلت ملايينها تعتقد أن يهوذا الأسخربوطي باع المسيح عليه السلام إلي الرومان بحفنة من فضة‏.‏ ولم يبق أمام أوروبا غير الاستحقاق التاريخي الديني الأخير‏:‏ ماذا عن الإسلام؟ هل يستمر إرث الحروب الصليبية معه؟ أم تستعاد معه ـ شراكة العصر والتحضر‏..‏ الشراكة التي كانت في قرطبة وغيرها من حواضر العرب والمسلمين في الأندلس؟‏..‏ وهؤلاء الذين نشروا الرسوم المسيئة هل لديهم حقا في تنشئتهم وتربيتهم أية فكرة عن هذه الشراكة الراقية مع العرب والمسلمين التي يعود فضلها إلي محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام‏.‏ إذن ففكرة الرسوم المسيئة لا تبعد شعوب اسكندنافيا عن قضايا العرب والمسلمين فحسب‏,‏ وإنما تؤخر عقارب الساعة الأوروبية كلها كيلا تدق لحظة الانفتاح الحتمي علي الإسلام‏!‏
ثالثا‏:‏ يسهم انتشار الرسوم المسيئة إلي نبي الإسلام في إحراج تركيا المسلمة التي اختارت الانضمام بحكمة إلي جوارها وجارها القريب منها‏(‏ الاتحاد الأوروبي‏)‏ بما سيتيحه من فرص التطور الاقتصادي‏,‏ العلمي والمدني‏.‏ وبلا جدال فإن المتعصبين المتاجرين باسم المسيحية واليهودية لا يريدون انضمام سبعين مليون تركي مسلم إلي أوروبا‏.‏ ومع انتشار هذه الرسوم فإن تركيا توضع بين خيارين أحلاهما مر‏,‏ فإن أدانت الرسوم التي زعموها تعبيرا عن حرية الرأي قامت عليها قيامة المتعصبين في أوروبا‏,‏ وإن سكتت فإن شعبها المسلم ينتظر كلمة دولته ولن يسكت‏,‏ وللأمانة فإن رئيس حكومتها اتخذ موقفا ضد هذه الرسوم‏.‏ ولكن الأوساط الإسلامية في تركيا تطالب الرئيس التركي نجدت سيزار نفسه ـ بصفته رئيسا للجمهورية ـ تحديد موقفه من تلك الرسوم المسيئة‏.‏ فإلي جانب ما ناشد به حزب السعادة الإسلامي المعارض رئيس وزراء تركيا بالكف عن السعي إلي الالتحاق بأوروبا‏,‏ بعبارة دالة ومثيرة خلاصتها عد لأصلك وابتعد عن الاتحاد الأوروبي‏,‏ فإن ناطقا باسم ذلك الحزب وصف عدم تطرق رئيس الجمهورية التركية ـ حتي الآن ـ لموضوع الرسوم المسيئة بمثابة عيب كبير علي تركيا‏(‏ راجع‏:‏ الأهرام‏2006/2/12).‏
لا جدال في أن هذا الإحراج لتركيا يمثل هدية مجانية لمعارضي دخولها الاتحاد الأوروبي‏,‏ وإذا كانت أكثر القوي الأوروبية المحافظة قد أفصحت بجلاء عن هذه المعارضة لأسباب لا تخفي علي المتابعين‏,‏ فإن السؤال الكبير يبقي ما حقيقة مواقف إسرائيل من مشروع دخول بلد إسلامي كبير‏,‏ مثل تركيا‏,‏ إلي أكبر وأقوي تجمع اقتصادي عالمي ستصل حدوده‏,‏ بانضمام تركيا إليه إلي حدود سوريا والعراق وإيران‏..‏ هل ترتاح إسرائيل لمثل هذا الجوار الأوروبي ـ الإسلامي المشترك؟‏(‏ خاصة بعد فتور علاقاتها بأنقرة في ضوء دعم إسرائيل لانفصال أكراد العراق؟‏).‏

الحقيقة الكبري وراء هذا السؤال هي أن إسرائيل ودوائرها ـ منذ إنشائها ـ راهنت علي تخريب العلاقة بين الغرب والإسلام بأي ثمن‏..‏ وعلينا أن نعترف بأنها حققت نجاحات خطيرة بهذا الشأن ليس آخرها اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة التي صبت في النهاية لمصلحتها دون أن تدخل في أية اتهامات ضدها‏.‏ ويبدو مرة أخري قد لا تكون أخيرة أن الآثار المدمرة الناجمة عن نشر الرسوم المسيئة للنبي العربي تصب في هذا المجري عن قصد أو عن غير قصد‏.‏ ومن غير المستبعد أن تنشط جهات لها مصلحة أكيدة في ذلك لتستفيد من الجريمة وإن غسلت يدها وابتعدت عن مسرحها‏.‏ ويبقي أن الضمير الديني في إسرائيل مشارك‏,‏ أقلها في ظاهرة الصمت حيال هذه الجريمة‏!‏

‏...‏ نحن لا نتهم‏,‏ نحن فقط نسجل ظاهرة‏!‏










أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024