الحقيقة في حقوق الإنسان!! أسوأ ما يصيب حقوق الإنسان أن يجري إخضاعها لمحاولات وغايات الاستغلال والتوظيف السياسي.. والاستغلال دائماً ما يمثل وفي مختلف الاتجاهات وكافة المجالات أقسى بل أبشع صور وحقائق الانتهاك للحق الإنساني.. ويكون من الطبيعي أن يخلو تقرير يصدر عن طرف كهذا من المصداقية والحقيقة. ويزيد الأمر سوءاً أن يكون الضغط على الدول وابتزازها واحداً أو في مقدمة الأهداف الاستغلالية للقضية الإنسانية. إذ أن الشعوب والمجتمعات عادة أو غالباً ما تدفع ثمن أية تنازلات تضطر الحكومات لتقديمها وبذلك يحدث المساس بحقوق المجتمعات والنيل منها. ومن الانتهاك الفردي لحقوق الإنسان إلى الاعتداء الشامل على حقوق المجتمعات يحدث أن تتطور المشكلة وتتسع المأساة لتلتقي في صورة من صورها مع شكل من أشكال الاستخدام السافر لأسلحة الدمار الشامل أو أنها التي تحمل وجهاً من أوجه خطورتها. ويثور السؤال حول إمكانية التعويل على من يهون عليه حق المجتمع في أن يرعى حق الإنسان الفرد. ويتكرر الاعتداء على حقوق الإنسان وانتهاكها حيث يكون إخضاعها لمقاييس ومعايير خاصة بجهة وحيدة ويبدو عليها بوضوح هدف تعميم وفرض ثقافة طرف ما على المسلك والالتزام العالمي. والواضح في ذلك أنه الذي يسقط من الاعتبار حرية التفكير والاختيار من الحسبان الحقوقي للإنسان وهو ما يتعارض كلياً مع المواثيق الدولية التي جعلت من الحصول على المعلومة وحرية الاعتقاد الركن الأساسي إن لم يكن الأول في بناء حقوق الإنسان. وتتأثر هذه الحقوق سلباً بأن تتعرض أوضاعها المتخلفة للنقد من طرف لا يقف في الموقع المثالي منها، الأمر الذي قد يسبب في إثارة ردود أفعال سلبية تجاه ذلك النقد وقد يجر المواقف إلى نوع من المكابرة التي تزيد من تعثر مسيرة التقدم الإنساني نحو الكمال الحقوقي. وإذا كانت الأوضاع المأساوية في جوانتانامو وافغانستان والعراق تلغي أحقية الإدارة الأمريكية في تناول أوضاع حقوق الإنسان في العالم وهي التي باتت في حال التلبس بممارسة أفظع الانتهاكات لها فإنها التي تعطي الحق للآخرين في محاسبتها على ما ارتكبته من تجاوزات وإساءات. وتتيح المناسبة ظروفها في نفس الوقت أمام الدول الأخرى وبخاصة في مجتمعاتنا النامية إلى أخذ زمام المبادرة لاستعادة الحق الوطني المعبر عن الإرادة الإنسانية في التعامل في قضايا حريات وحقوق الإنسان كمسألة سيادية ذات بعد وانتماء حضاري له اعتباره الكامل في الالتزام السياسي الممارسة العملية في مختلف جوانب ومجالات الحياة. ويقفز السعي من خلال كافة المنظمات لتحرير هذه الحقوق من أشكال الاستغلال والابتزاز السياسي إلى صدارة أولويات العمل الاقليمي المشترك. ولا شك أن بذل الجهود في اتجاه العمل من أجل استصدار تشريعات دولية واستكمال ما هو قائم من المواثيق بإدراج نصوص تحرّم وتجرّم ممارسة الابتزاز وتضعه على رأس قائمة أشكال وصور الانتهاكات لحقوق الإنسان. وفي ما يخص بلادنا فإننا سنواصل السير على درب الارتقاء والاكتمال بأوضاع حقوق الإنسان بإرادتنا الخالصة كما بدأناها أول مرة وقد أعلنها قائد مسيرتنا الحضارية منذ البداية أن ذلك خيارنا الوطني الذي لا رجعة عنه. |