التأصيل الفقهي لـ((النضال السلمي)) تحدث الإصلاحيون كثيراً- خلال الأشهر القليلة الماضية لا غير- عن النضال ((السلمي))..يقول حزب الإصلاح أنه دشن مرحلة (السلمي) هذه مؤخراً لأجل (الهجرة إلى مجتمع الحقوق والحريات) حسب ندوة نظمتها صحيفة الحزب(الصحوة) الشهر الماضي وحملت هذا العنوان ـ ولك أن تفهم (الهجرة) على ضوء الإستراتيجية (الأصولية) التي ميَزت الحركات السياسية المتدثرة بالشعار الإسلامي في المنطقة العربية ـ وعُرفت بها خلال القرن العشرين- النصف الثاني منه تحديداً . تعتمد الإستراتيجية تلك على التكتيك، في الفكر والممارسة معاً ، وفق ما يسمى في أدبيات إخوان السياسة " فقه المرحلة" وهو حالة تنظيرية أخذت على عاتقها استدعاء الحالة الأولى التي أخذها الدين الإسلامي في تدرجه وصولاً إلى (الهجرة) وتأسيس دولة الإسلام في ( المدينة).. حيث توضحت صورة الدولة وضمنها الحقوق والحريات بالنسبة للمسلمين ، وبالنسبة أيضاً لغيرهم من أتباع الديانات الأخرى . نظرياً .. يتكلف ( الإسلاميون) التقريب والتوفيق بين الحالتين المتباعدتين في الزمان والمكان.. وإسقاط نموذج محدد سلفاً بصورة قسرية، لاكتساب هالة زائدة وفضفاضة من (الشرعية)و(القداسة)المفترضة..على حساب الكفاءة المدنية والأهلية في مجال الاجتماع والعمران وسياسة الحاضر باشتراطاته (عينه) ، لا باشتراطات الزمن الأول ، التي كانت مناسبة ولم تعد الآن كذلك. (فقه المرحلة) كان دائماً تكتيك (إخوان السياسة) الإستراتيجية.. وهو يعني، باختصار أن الإخوان طالما وهم خارج دائرة الحكم والقيادة.. فإنهم عملياً يعيشون(المرحلة المكية) ليس على سبيل المقارنة ، بل المطابقة التامة! ونعلم أحكام وظروف تلك المرحلة.. يعطي الإخوان لأنفسهم نفس الحق والاعتبار الذي ساد مرحلة(مكة).. ومكمن الخطورة هنا.. أي إسقاط أحكام واعتبارات الحاضر والتحليل من قوانينه وشرائعه وفقهه.. والارتداد إلى المرحلة الأولى قبل أكثر من أربعة عشر قرناً.. وقد كان لهذا التحلل الكثير من المظاهر العنيفة والتأزمات الحادة التي لا تزال هي ذاتها أصل مشكلة المنطقة العربية والإسلامية حتى يوم الناس هذا. حين تتهيأ الظروف وتلوح إمكانات تقدم (الإخوان – الحزب) إلى مواقع الحكم والسلطة تنتقل مباشرة الجماعة إلى ( مرحلة الهجرة) بأحكامها واعتباراتها ..تليها (المدينة) ثالثاً. ليست ذات الإستراتيجية هي ما تدان .. وإنما المضمون الذي يلغي أحكام الزمان والعصر ، واختلاف الاعتبارات والأوضاع كلها..لمصلحة(انتهازية سياسية) صرفة تجيَش الدين والدنيا خلفها أو في خدمتها. * لعل فقهاء وأصوليو الإصلاح ( بمعنى التأصيل الفقهي) يعنون ذلك وهم يتنقلون من مرحلة إلى أخرى(النضال السلمي) وبينهما (الهجرة) كما عنونتها (الصحوة). وحسب ما يقتضي (فقه المرحلية).. لابأس من الإستفادة قدر الإمكان من كل ما يكفل الأخذ به والتعاون معه نجاح (الهجرة) والظفر بالغاية..(كالدليل وأغنامه)و(الشاة العجفاء) وعابر السبيل الأبعد عقيدة..المهم إنجاح المرحلة،تحالف الإصلاح مع خصوم ألداء في المشترك يؤخذ على الاعتبارية السابقة.. فقط مجرد وسيلة اقتضتها المرحلة لا أكثر! على هذا النحو، أو قريباً منه يعمل الإخوان .. ولذلك تجئ شعاراتهم صاخبة ويكثرون من التدويش واختراع مواضيع الصخب والإلهاء..لصرف الأنظار عن كل نواقص وإختلالات الكيان والمؤسسة الحزبية ..بدءاً بالمرأة- المُغيَبة إلا كناخبة- وإنتهاءاً بالخطاب السياسي المتقرض على الدين. "النضال السلمي"(الهجرة) وغيرها.. شعارات تدين الذات أكثر مما تزكيها.. ولن تتمكن من إلهاء وتعمية الآخرين عن مجمل الاستحقاقات الداخلية التي يؤجلها الحزب ويعجز عن الوفاء بها . |