الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 09:13 م - آخر تحديث: 08:56 م (56: 05) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
دين
اسلام اون لاين -
تدمير البيئة في الحروب : بين الشريعة والقانون
جاءت الشريعة الإسلامية لتحافظ على البيئة حتى في حال الحرب، فتمنع إهلاك الحرث، وتبتعد عن المدنيين، ولا يقاتل إلاّ من حمل السلاح معتديا، ولا يقطع فيها زرع، ولا تباد فيها مقدرات الشعوب، وجاءت القوانين الدولية الحديثة لتنص على هذه الفضائل، فتحظر الإبادة وتحفظ للشعوب مقدراتها، وللبيئة حمايتها، وما حدث في العراق جرائم حرب لا تقرها شريعة، ويجرمها القانون الدولي، ويعاقب عليها.

يقول الأستاذ الدكتور محمد السيد الدسوقي أستاذ الشريعة بقطر:

الحرب الإسلامية حرب حماية ووقاية، وحرب فضيلة وتعمير، فالشريعة الغراء لم تتخذ من الحرب وسيلة للقهر والإعنات والإبادة، وإنما أباحتها - عند الضرورة علاجاً لمرض لم يُجْدِ معه توجيه ونصح وإرشاد، ولم تنفع معه محاولات المودة والسلام فكان لا مفر من مواجهة الباطل بقوة الحق، ليدمغ الحق الباطل، وتظل كلمة الله هي العليا.

ومادامت الحرب في الإسلام حرب حماية للإنسان وغيره من الكائنات التي سخرت له فإن البيئة في هذه الحرب يحرم أن تتعرض لكل ما يلوثها.

ويمكن استنباط ما يلي حول حماية الشريعة للبيئة في وقت الحرب:

أولاً: تضييق دائرة المعارك الحربية، وقصرها على الأهداف العسكرية يحول دون أن تتعرض البيئة بعناصرها المختلفة، وكذلك البيئة المشيدة وبخاصة ما يتعلق منها بوسائل الحياة كالمزارع والحيوانات والمياه والمصانع التي تنتج الغذاء والكساء والدواء وما إلى ذلك - لأسباب التخريب أو التلوث والإفساد، فهي بمنأى عن أن توجه إليها أسلحة تحدث بها ضرراً أو دماراً.

وإذا اقتضت الضرورة الدفاعية أن يلحق بالبيئة بعض الأضرار فإن ذلك يكون محدوداً ومقيداً بالضرورة فلا يترتب عليه غالباً إفساد عام أو تدمير شامل.

ثانياً: ونتيجة حتمية لتضيقق دائرة المعارك ومقاتلة المقاتلين دون سواهم، والأخذ بمنطق الرأفة والرحمة والجنوح إلى السلم إذا جنح إليه الأعداء، وعدم اللجوء إلى القتل إلا إذا فرضت الضرورة ذلك، والنهي عن الإسراف في إزهاق الأرواح، ومراعاة حرمة الميت فلا مثلة ولو بالحيوان، والأمر بسرعة دفن القتلى وعدم ترك الجثث في العراء دون مواراة لها في الثرى نتيجة لكل هذا تحمي الشريعة البيئة من بعض مصادر التلوث، لأن تقليل القتلى وعدم المثلة أو التشوية ودفن من يقتل دون إبطاء يمنع من أن تصبح الجثث إذا لم تدفن مرتعاً للجراثيم، حيث تصاب بالتعفن، وتنبعث منها الروائح الكريهة التي تلوث الهواء وتفسد التربة.

ثالثاً: وفضلاً عن الأمر بتضييق دائرة المعارك وما يترتب عليها من أن تكون آثار الحرب التدميرية لا تتجاوز الأهداف العسكرية فإن هناك توجيهات عدة أو وصايا تحض في الحرب على حراسة البيئة وحمايتها وعدم التعدي عليها.

ومن أهم هذه الوصايا ما أوصى به أبو بكر رضي الله عنه أمير أول بعثة حربية في عهده وهو أسامة بن زيد، قال له: "لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له".

هذه الوصية تعد دستوراً لآداب الجهاد في الإسلام واشتملت على تشريعات في الحرب لايدانيها ما وصلت إليها قواعد القانون الدولي الحديث.

وما كان للصديق أن ينهى في وصيته عما نهى عنه إلا من هدي أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخصوصاً أن الصحابة أجمعين أقروه على ذلك ولم يوجد منهم من استنكر ذلك، ولو أنكر ذلك أحد على الصديق لعلم من سيرة الصحابة ما يدل عليه.

وذهب الإمام الأوزاعي مستدلاً بما ورد في وصية أبي بكر إلى أنه لا يحل للمسلمين أن يفعلوا شيئاً مما يرجع إلى التخريب في دار الحرب أي في بلاد الأعداء، لأن ذلك فساد، والله لا يحب الفساد، واستدل أيضاً بقول الله تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام• وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) البقرة.

رابعا: بين الشريعة والنظم الوضعية:

أدركت البشرية أخيراً أن الحرب تمثل خطراً على البيئة، وأن على المحاربين ألا يتعرضوا بأذى للمدنيين وكل وسائل الحياة، وأن يتحاشوا في حربهم التخريب والتدمير، فقد نصت اتفاقية جنيف المؤرخة في 21 أغسطس سنة 1949م في بعض موادها على حماية الأشخاص المدنيين والجرحى والمرضى من المحاربين وغيرهم، وكذلك الأطفال والنساء والمسنين، والمرافق الصحية كالمستشفيات ونحوها.

وجاء في المادة (54) من ملحق هذه الاتفاقية بشأن حماية البيئة بأنه يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وكذلك تحظر مهاجمة أو تدمير أو تعطيل الأعيان المهمة مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وأشغال الري•

وتشير المادة (55) إلى أنه يجب أن يراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من الأضرار البالغة وواسعة الانتشار وطويلة الأمد، وقد حظر بموجب هذه المادة استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب أضراراً بالبيئة، ومن ثم تضر بصحة أو بقاء السكان المدنيين، كما حظر أيضاً القيام بهجمات الردع التي قد تشن ضد البيئة.

ويحظر كذلك الهجوم على الأشغال الهندسية أو المنشآت التي تحتوي على قوة خطرة كالسدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الكهرباء.

هذا طرف مما دعت إليه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بخصوص حماية البيئة في وقت الحرب، وهو ينبىء عن إدراك بما آلت إليه الحروب الحديثة بأسلحتها التدميرية من خطر على البيئة وخطر على السكان المدنيين.

ولكن مثل هذه الاتفاقيات على جدواها من الناحية النظرية لا تلقي الاحترام أو الالتزام من الناحية العملية، ومازالت الأصوات تحذر من المخالفات التي ترتكبها الجيوش في صراعها العسكري، لأنه لا يوجد وازع نفسي يفرض الالتزام بمثل هذه الاتفاقيات، ومازالت الأطماع الإقليمية تسوق المحاربين إلى ميادين القتال غير عابئين بقيم إنسانية أو معاهدات دولية.

والشريعة السمحة بتعاليمها الخالدة سبقت القوانين الوضعية في حماية البيئة وقت الحرب، وجعلت هذه الحماية جزءاً من عقيدة المسلم، وفريضة مكتوبة عليه، فهو بهذا يلتزم بما دعت إليه الشريعة وأمرت به التزاماً صادقاً ويطبقه تطبيقاً كاملاً، لأنه يعي أنه محاسب إن فرط أو قصر.

وخلاصة القول: إن الجهاد الإسلامي خير ورحمة وأمن وسلام وحماية، وأنه يحرس الأحياء كل الأحياء، فلا يبغي حي على حي، ولا يستعلي مخلوق على مخلوق، ولا تبطش أمة بأمة، ولا تتكتل كتلة ضد أخرى ولا يستبد قوي بضعيف ولا يمكن الأحلاف المسعورة من إطلاق الموت الجماعي، والفناء المستأصل والدمار الشامل والتلاعب بالأسلحة الذرية والنووية والهيدروجينية والنتروجينية وسائر مصادر الشقاء والتعاسة والإبادة لهذه الإنسانية ووسائل حياتها وليس هناك من تشريع كتشريع الله يكفل للحياة الأمن بمفهومه الشامل الدقيق، ويحمي البيئة بمعناها الواسع، لأنه تشريع الخالق الذي يعلم ما فيه صلاح الإنسان وسعادته، إنه التشريع الذي يقدم درء المفاسد على جلب المصالح، وأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، فكل تشريع سواه لن يحقق للإنسان ما يتمناه وستظل البشرية تعاني ما تعاني من قلق واضطراب وفساد وانحلال حتى تفيء إلى أمر الله، (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون). المائدة: 50أ.هـ








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "دين"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024