الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 11:17 ص - آخر تحديث: 05:05 ص (05: 02) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
محمد جابر الأنصاري -
العروبة بين نهاية وبداية (1 من 4) ... الخندق الأخير للعروبة: معركة الثقافة!

لا يمكن لأي هدف أن يدخل حسابات السياسة ويثبت فيها إلا إذا كان مؤسساً على معطيات موضوعية أعمـق من العواطف والشعارات والايديولوجيا. كل هذه الاعتبارات «الذاتية» تحتاج إلى «الموضوعي» لتقف عليه وإلا سقطت... فما الأسس الموضوعية للعروبة إذا شاءت عودةً الى واقع السياسة، بعد تراجعاتها الأخيرة؟

اللحظة التاريخية الراهنة التي يمرّ بها العرب ليست من اللحظات التي تساعد على اتضاح الرؤية، فهي لحظة ضياع ودوار يشوبهما إحباط التراجعات والغضب الناجم عن التعديات في ظل اختلال التوازنات في المنطقة لغير صالح الأمة. وفي مثل هذه اللحظات تتداخل الأمور ويختلط ما هو فرعي بما هو أساسي، بل ما هو عرضي بما هو بديهي، وتتعايش الأضداد والنقائض تعايشاً عبثياً وعدمياً كما نشهد في الحياة العربية الراهنة. وإذا كان من السهل جداً أن ينفعل الإنسان ويبكي في هذه الظروف، فمن الصعب للغاية أن يفكر بهدوء. ونتيجة لهـذا الوضع فإن «العروبة» التي كانت عنواناً حياتياً لمرحلة سابقة أصبحت أول ضحية لهذا الدواروغدت«المتهم الرئيس» حقاً أو باطلاً في كل ما وصل إليه العرب من شقاء وبؤس. ولم يعد مستغرباً أن نجد نموذج «العربي الكاره لنفسه» الذي يمثل صدى لنموذج «اليهودي الكاره لنفسه» – وأن لم يتطابق معه – ذلك الذي ضاق كإنسان بقتامة «الغيتو» فأراد الخروج منه إلى رحابة المشهد الإنساني... أو هكذا يتصور اليوم العربي الكاره لنفسه باحثاً عن خلاصه إما بهدم المعبد على رأسه ورؤوس من معه مودعاً العروبة، مبيناً مثالبها، منتقلاً هـو ومن يريد مخاطبته إلى العراء العدمي أو اللاشيء، من دون البحث في تقديم البديل وهي مدرسة ذهنية ونفسية سبقت ظهور نعاة العروبة وظهرت في الثقافة العربية والشعر العربي منذ منتصف القرن العشرين ودعوتها الصارخة التمرد من أجل التمرد... من دون تقديم البديل العملي الممكن لذلك، ونحن نرى أنها كحالة ذهنية تسهم في البلبلة الراهنة وإن بدت في مظهرها ثورية وتجديدية غايتها هدم الثوابت... ثم ماذا؟ لا ندري!.. فقد نتج عنها شعراء وكتبة يكتبون بلغة غريبة أخفقت في أهم شروط الإبداع وهو القدرة على التواصل مـع الآخر ناهيك بـ «الجماهير» التي يدعونها إلى هذا التمرد الغامض، وتحول نتاجهم إلى بكائيات مظلمة لم تغادر الصفحات التي طبعت عليها إلى واقع الناس وعالمهم الرحب، فتبرّأ منها وتخلى عنها في النهاية حتى دعاتها وكهنتها ووصموها بأنها «كتابة بلا كاتب»!

ولكن متى؟.. بعد أن وقعت الفاس في الراس واستحال على هذا النفر الخروج من قوقعته الأدبية أو الغيتو الذهني والنفسي الذي نشأ عليه وأنحشر فيه، وصار غذاؤه الثقافي الوحيد (جيل الكتاب الواحد والأستاذ الأوحد فيما يذكرنا بجيل النص الواحد والشيخ الواحد). هكذا غابت عن رؤيته الخيارات الرحبة الأخرى في معطيات الاجتماع وسنن التاريخ وتراث الفلسفة المتمثلة في أمهات الكتب التي تأسست عليها حضارة العالم وتاريخه، ولم يعد قادراً إلا على البكاء والنحيب على إطلال الخرائب والهزائم العربية مفتقداً تماماً الرؤية التاريخية اللازمة في تجارب الأمم لمثل هذه الأحوال التي لا بد أن تمرّ بها في مسيرة التطور، وسقطت كل المعايير والمفاهيم فنشأ من سلالة تلك المدرسة المخفقة «نقد» لا يختلف عنها كثيراً، بل يماثلها في غموضها وفوضاها، وظهرت منه مقولة القراءة المفتوحة بلا ضوابط للنص وتقديسه بإغفالٍ تام بأن النص وليد الإنسان وواقعه وليس تركيباً معلقاً في الهواء، ومع اسقاطها التمييز المعرفي بين النص الفني الذي يحتمل بطبيعته تعدد التفسيرات، والنص الموضوعي العلمي الذي يجب أن يلتزم كاتبه بمعطيات بحثه ويحاسبه نقاده وقراؤه على مدى اقترابه أو ابتعاده عن حقائقها، وإلا كيف يمكن تقييم الأطروحات في الجامعات، والأبحاث في مراكز البحث، والمرافعات بلغتها القانونية في القضاء، والخطاب السياسي العام في البرلمانات والاجتماعات والمحافل، فإذا كان هذا كله يحتمل تعدد القراءات والتفسيرات بلا ضوابط، فكيف يمكن تمييز الغث من السمين والخطأ من الصواب، والصحيح من السقيم...الخ، بل كيف يمكن تأسيس مدارس في حياة الشعوب للدراسات التاريخية والاجتماعية والاقتصادية طالما أن كل معنى جائز ووارد في قراءة النص الذي لا يعدو كونه تشكيلاً من الكلمات؟ فلو صح ذلك، لتحتم الغاء «العلوم الاجتماعية» من تاريخ وسوسيولوجيا وعلم نفس وانسانيات من سجل المعرفة الممكنة حيث كل شيء يمكن أن يعني أي شيء ولا سلطة إلا سلطة المفسر بميوله الذاتية.

وإذا كان بعض المفكرين وعلماء النفس في الغرب المعاصر قد خرجوا بنظريات تدفع إلى تعدد القراءات، فإنهم حصروها في حالات بعينها يتطلبها البحث العلمي لا التنظير اللفظي، وإنهم حاولوا أن يملأوا فراغات مهملة في تراث كبار الفلاسفة والعلماء من أساتذتهم المؤسسين في التراث النهضوي الأوروبي، بعد أن درسوهم واستوعبوهم، وهذا ما لم يتحقق في ثقافة جيل التمرد من أجل التمرد من أبناء العربية.

والواقع أن هذا العرض المفصل نسبياً لهذه الظاهرة يندرج في إطار الضياع الفكري السائد المسؤلة عنه هذه الظاهرة، أو مدرسة الكتابة بلا كاتب، حسب تعبير مؤسسيها المتخلين عنها والمتبرئين منها اليوم، ويكفي أن نقرأ البكائيات المنتحبة في نعـي العروبة واللغة العربية وثقافتها، من دون تبصر بالمعطيات المعرفية أو الموضوعية الواردة في كل مسألة من تلك المسائل لندرك الآثار السلبية لهذا النهج غير المنهجي في النظر والحكم. إنه ببساطة صدى اللامعقول المحيط بالعرب، وإن بدا أنه «يتمرد» عليه! قد يستغرب البعض حديثنا عن هذه الظاهرة في مقاربة أزمة العروبة. لكنا ندعو الجميع إلى تأمل ما حدث لإبداع عدد غير قليل من الشباب العربي في ظلها بما أفقده القدرة على التفكير التحليلي المقارن للظروف المحيطة به التي لم يجابهها بغير تلك الكتابة الانتحارية المكتئبة والفاقدة للوعي التاريخي.

أما النموذج الثاني من «العربي الكاره لنفسه» فتراه قد ملّ انتظار الأمل، الذي يأتي ولا يأتي، فلم يجد مخرجاً إلا بالبحث عن بديل متوسطي أو أفريقي، بل الأدهى من ذلك... عن بديل أفغاني/ طالباني في كهوف تورابورا، وفي المظالم الدولية الواقعة على العرب ما يشجع على هذا الهروب... والالتجاء إلى جبل يعصم المرء من... عروبته!

لقـد تقرر في الوجدان العام أنـه إذا ذلّ العرب ذل الإسلام. وها نحن نرى حركات «ثورية» منتمية إلى الإسلام تملأ الأفق لكن واقع الهزيمة واختلال التوازن مقيم في المنطقة نظراً الى فك الارتباط بين العروبة والإسلام، ومحاولة إذلال العرب باسم الإسلام، وهو ما لا يستقيم عقيدةً وتاريخاً. والغريب أن العربي – وحده – يُطالب بأن يقرر هذه الأيام إن كان عربياً أم مسلماً، بينما بقية الأقوام في العالم الإسلامي متاح لها أن تمارس تسلطها القومي الشوفيني باسم الإسلام... والإسلام من ذلك براء. وعلينا أن نكون في غاية الوضوح بشأن العلاقة بين الإسلام والعروبة. ثمة مركب كيميائي قائم بينهما ويستعصي على التحليل المختبري رده إلى عناصره الأولى وهو ما حاوله كثير من الباحثين، وقدموا إسهامات مهمة في هذا الحقل لكنهم لم يتمكنوا من تقديم الكلمة الفصل بشأن هذا «المركب» وفي تقديرنا أنه لن يستطيع أحد فكّه إلا إذا قطع الوشائج الحية بين جانبيه العربي والإسلامي، وما ذلك بهدف مثل هذا التحليل.

وكما قلنا فالمشهد الراهن غائم وقاتم ويفتقد وضوح الرؤية بشكل مخيف ولكن أحوج ما نحتاج إليه أن «نتمرد» على هذه الوضعية المداجية كي نتبصر في الوقائع والأحوال، ونمتلك الرؤية المقارنة التي تستكشف ما مرّ على غيرنا من الأمم في المراحل المماثلة من تطورها، وذلك ما تحول دون تحقيقه الذهنية المستقيلة التي أشرنا إليها وإلى ضرورة تجاوزها في عقول النشء العربي قبل كل شيء.


كاتب ومفكر من البحرين.

نقلا عن الحياة








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024