لعبة قحطان ربما أراد محمد قحطان رئيس الدائرة السياسية لحزب الإصلاح ذي التوجه الديني الإخواني تهديد السلطة بقوله في مؤتمر صحفي لأحزاب اللقاء المشترك أول أمس السبت إن المعارضة ستتخذ موقفاً فاصلاً عبر مقاطعه النظام السياسي وآلياته إذا ما استمر الانسداد السياسي على حاله. لكن هذا الطرح الجديد يحمل في طياته كل التفسيرات ليس على المستوى السياسي فحسب بل وعلى نمط التفكير والاعتقاد الإيديولوجي الإخواني الذي لا يخلو بناءً على حديث قحطان من إيحاء في إدخال مبدأ جاهلية المجتمع ومفاصلته الذي أحدثه سيد قطب على مرونة الإيديولوجية البناويه (نسبة لمؤسس الحركة حسن البنا) وما تبعه من تفريخ الحركات جهادية متطرفة وتكفيرية تؤمن بالشروع في تنقية مجتمعاتها المحلية ((الجاهلية)) بالعنف والسلاح، وهي المفاهيم التي ظلت الإخوانية اليمنية متحررة منها إلا في أوقات وقوفها الإعلامي والسياسي وحتى العسكري إلى جانب السلطة التي نشأت متصالحة معها، منذ السبعينيات من القرن الماضي، غير دخولهما في معمة الحرب السوفيتية الأمريكية بأفغانستان في الثمانينات وبحسب مؤلف عبد الكريم قاسم حول (الأخوان المسلمون والحركة الأصولية في اليمن) فإن جماعه الأخوان تأسست كحزب سياسي بعد المصالحة بين الملكيين والجمهوريين عام 1970م لتقوم بدور المبرر السياسي الأيديولوجي للسلطة ما شكل علامة فارقة ميزتها عن كثير من حركات الإسلام السياسي في البلدان العربية ذات الجذور الشعبية. ومرت بأربع مراحل هي التأسيس والتشكل وتمدد من 1967م حتى 1973م ساهمت أثناءها بوضع الدستور الدائم عام1970م ، والثانية استمرت في الفترة 73-1978م وتم فيها تأسيس المعاهد العلمية ومكتب الإرشاد بقرار من الرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي وتولى الإخوان إدارتها ومارسوا نشاطهم السياسي من خلالها ، أما المرحلة الثالثة فامتدت من العام 1978م حتى قيام الوحدة عام1990م لتنتقل الحركة إبانها من نشاطها شبه السري المنغلق إلى عالم الظهور وقدمها قادتها للحكومة باعتبارها قوة ذات فعل في مواجهة أحداث السبعينات وبداية الثمانينات ، وفي هذه الفترة شكل الإخوان الجبهة الإسلامية كجناح عسكري لهم بدعم سخي من السلطة لمواجهة التمرد المسلح للجبهة الوطنية التي تضم فصائل يسارية وقومية مدعومة من الحزب الاشتراكي الحاكم في جنوب اليمن أنذاك ، وبعد إعلان الأخيرة برنامجها السلمي ومهادة السلطة وتخليها عن السلاح حصل ما يمكن وصفه بالحرب الباردة بين الإخوان والسلطة لشعور هذه بأنهم باتوا يشكلون خطراً بابتزازهم إياها، وفي المرحلة الرابعه عاد الإخوان للتحالف المرسوم بالإستراتيجي مع المؤتمر أحد جناحي الحكم بعد الوحدة بقي حتى على أثر خروجهم من السلطة وفقاً لنتائج الانتخابات البرلمانية عام 1997م التي لم يحوزوا فيها على عدد من المقاعد تؤهلهم للإشتراك مع المؤتمر في تشكيل الحكومة، ومع ذلك ترددوا في الانتقال لمربع المعارضة لدرجة إعلانهم عام 1999م ترشيح علي عبد الله صالح قبل المؤتمر الشعبي الذي يقوده الرئيس ، غير أن العلاقة بين الإخوان الممثلين في حزب الإصلاح وبين السلطة وحزب المؤتمر بدأت بالتوتر تدريجياً ، وانخرطوا مع عدد من أحزاب المعارضة في تشكيل إطار تنسيقي تحت مسمى اللقاء المشترك ليتمكنوا مؤخراً من قيادته . ومع ذلك ظل الإخوان حريصين في لغتهم الإعلامية والسياسية على الظهور في العمل داخل النظام . من حق الإصلاح (مفاصلة ) السلطة ، ولا عيب في ذلك وهو حق دستوري وقانوني وسياسي لكن خطورة اللعبة القحطانية ليس على السلطة بالدرجة الأولى وإنما على المجتمع في العبث خارج آليات النظام المتبلورة في دستور حاز على الرضا الشعبي ، ووافق عليه الإصلاح. والخروج على المشروعية لا يعني سوى الفوضى والدماء والعنف والتكفير والتطرف وكل شي هدام. |