الأربعاء, 01-مايو-2024 الساعة: 11:20 م - آخر تحديث: 11:17 م (17: 08) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
* حافظ سيف فاضل -
قيد العقل في معتقل الجسد

اذا ما اردنا ان نعرف ماهو العقل (الذهن) هو: المجموع الكلي المنتظم للبنيات والعمليات النفسية, الواعية منها واللاواعية, ولكافة الظواهر النفسية الباطنية او الداخلية. اما على الصعيد الفلسفي, فالعقل هو الجوهر الكامن وراء هذه البنيات والعمليات (موسوعة علم النفس, 1987). ولكي نتعرف اكثر على الذهن يتوجب ان نعرف ماهو (الجنون) وكون التعبير العلمي لايستخدم مصلح لفظ الجنون وانما الذهان, فالذهان هو: اصطلاح يدل على اضطراب عميق وخلل في تفكير او وجدان الانسان يغير من نظرته وادراكه للعالم والحياة ويؤثر في طبيعة سلوكه وانتاجه بصورة خطيرة. ويعتقد بان اسبابه ليست نفسانية مباشرة في اغلبها بل عضوية كيمياوية مبهمة (داخلية او وراثية) الطابع (اصول الطب النفساني, 1983).

وبين هاتين الحالتين المتضادتين, المعافاة والسقيمة للعقل او الذهن, نحاول هنا ان نتطرق الى عنوان مقالنا (قيد العقل..). فالعقل يوجد في الجسد (المخ) والجسد يعتبر قيد ومعقل للعقل وبالتالي هناك محدودية للتفكير من هذا المنطلق العام, وذلك من حيث اطلاق العنان للصور الذهنية وممارسة العمليات الحسابية والاسترسال بالتطلع نحو الكون, في العالم الاكبر المرئي, والغوص في العالم المتناهي في الصغر (النانو) من خلال تكنولوجيا علم النانو الحديثة والغير مشاهدة بالعين المجردة, بل عبر ميكروسكوبات مجهرية خاصة, كل ذلك يمّكن الانسان من التطلع والتفكر الى ابعد زاوية في الكون يصل اليها الانسان, وقد يكون ماكثا في مكانه او من زاوية في معمله العلمي يجول بمشاهداته العينية التليسكوبية وخاطراته الذهنية التفكيرية مساحات الكون, في عدة اجزاء من الثانية. ومع ذلك يشعر المرء ان هناك قيد مضروب على العقل بحدودية التفكير, تحد من اختراق الحجب والمستكشفات واستشراف المستقبل. ويلامس الفرد مساحات في الذهن مضائة يمكن تصورها ومساحات عقلية مظلمة تحد من صفاء الرؤية وتصبح غامضة اوغير مدركة. العالم الجليل اينشتاين اوجد نظريته من خلال العمليات الحسابية وتصوره الذكي للكون فاوجد البعد الرابع, الزمن. وسيغموند فرويد غاص في النفس الانسانية واوجد طريقة التحليل النفسي. واكتشافات مثل هذه العلوم تتطلب صفاء ذهني وذكاء ذو مقياس مرتفع. لكن في الحالة الذهانية المرضية لايتحكم الذهاني بتحركات التفكير العقلانية المنضبطة وادارتها والعودة بها في نمط منظم ومنتظم في مجرى الذهن. اذ, من خصائص الذهان الاساسية: تدهور واضطراب في شخصية الانسان, تفكك واضطراب في التفكير ومجرى الذهن, اضطراب وتشتت في الوجدان, انفصام عن الواقع والحياة, حياة حالمة تنتابها الاوهام والهلاوس, فقدان بعض او كل البصيرة (الاستبصار) (نفس المصدر السابق).
حاول الانسان وعلى شكل عام, ان يكون متمتعا بكامل قواة العقلية وفي ذات الوقت غريزيا رغب في التحرر من قيد العقل المعتقل في الجسد وتجاوز اللامعقول دون ان ينزلق الى مرحلة الذهان المرضية, من وازع حب الاستطلاع الغرائزي, وكذلك بهدف اكتشاف امور او شيئا ذو طبيعة مغايرة غير معتادة, او خارقة للعادة, كحافز للتمكن من اكتشاف سر الوجود, ووجوده على الارض. ولايكف الانسان عن التسائل ان كان الانسان في الكون بمفرده؟ او ان هناك عوالم خفيفة ذكية يمكنه مقابلتها ومعرفة طبيعتها وضم حضارتها الى حضارته في سلام كوني بديع. وهتك الانسان لبعض الاستار وحاول بمحدودية قدرته ان يخترق الحجب الغيبية ويفك الالغاز والاسرار ويستشرف بعض المستقبل. ولكي يستمر الانسان في ذلك التوجه المثير, اعتقد الانسان لاشعوريا, ان عليه ان يمر بمراحل فقد الوعي التدرجية او الخروج عن سيطرة العقل الواعي, بعدة تجارب عملية منها: تناول المسكر, ممارسة التصوف, ممارسة السحر, الدخول قسريا في مرحلة الموت السريري لااراديا. وبذلك يكون الانسان قد تقدم خطوة كبرى نحو فتح ثغرة مهمة في حلقة القيد العقلية اوالتغلب على الحالة الواعية مع الحفاظ على حضور العقل.
وفي تناول الكحول, كانت التجربة والطريقة (الايسر) للتغلب على قيد العقل او الحالة الواعية بالمسكر المكتشف منذ قديم الزمن, بحيث يبقي تأثير مفعول الكحول على العقل حاضرا والوعي في تناقص او مركز, ونعتقد ان هذا هو السر الخفي الكامن في اللاشعور حول مدى اصرار الانسان على تناول المسكر, بالرغم من المحذورات الطبية من الاستمرار والزيادة في تناوله التي قد تسبب الادمان المرضي لبعض الناس والتي تعتمد على سن المدمن ونوعية المخدر. ولكن يبقى الانسان المتعاطي ينشد اليه وفق تبريرات, اهمها, نسيان المشاكل, او السباحة في جو مختلف نوعا ما عن الواقع. واقل التبريرات اهمية, ان ينشد المتعة والفرح ويشدوا بها. وهناك من يرى ان المخدرات مثل (ال. اس. دي.) هي الحالة المثلى للتخلص من القيد ويساعد على وضع شعور الانسان خارج حدود العقل وقبل حافة الجنون بسبب التأثير على الصور المرئية المباشرة والتي تكون في حالة حركة تقفزية (زغللة) ومكبره جراء اتساع حدقة العين لدى المتعاطي تصاحبها بهرجة الوان, غالبا مختلفة عن لونها الاصلي وتبرز تقسيمات على الاشكال المشاهدة لم تلحظ في الحالة الطبيعية للعقل (الملاحظة منقولة من ملفات المرضى في العيادة النفسية). او في الحشيش كما يفعل الهنود الحمر في طقوسهم التعبدية وتقاليدهم الاجتماعية, او في المنشطات الحادة الاقل تخديرا والمختلف في تفسير تأثيرها ان كانت مادة مخدرة ام منشطة, مثل ورقة (القات) الخضراء والتي عادة تمارس تناوله بعض الشعوب مثل اليمن, الصومال, اثيوبيا. اذ, لايعقل ان تقبل غالبية شعوب باكملها ومنذ القدم كالهنود الحمر الى ممارسة تغييب العقل او تخديره او طلب الشعور بالنشوة الروحية, الا ان يكمن وراء ذلك مكمن خفي في اللاشعور الانساني يؤكد ماسقناه حول ان الرغبة في اكتشاف الذات والوجود من حولنا بالتخلص من قيد العقل والتغلب على الوعي هي بتناول المسكر او المخدر وكذلك ممارسات اخرى سنأتي على ذكرها.

وفي الطرق الصوفية, كانت هناك طرق وممارسات عديدة الى جانب ماسبق ذكره في المحاولات الحثيثة لادراك الانسان لمعنى نفسه وماحوله وماخفي عنه, بلجوئه الى بعض الطرق الصوفية مثل طريقة الدراويش التركية, والتصوف يجعل الانسان في نشوة وعلياء حتى يخر ساقطا مغشيا وقد لامست روحه شفافية عوالم خفية تبتعد عن زمن اليقظة الطبيعي, او الطرق البوذية القاسية التي تروض الجسد بمنعه من تحقيق مطالبه بكبح ماديته لصالح ترقية النفس فتصبح اكثر شفافية ومقدرة عالية على التغلب على الالم بوسائل عدة اهمها طريقة التأمل والتركيز الطويل والقدرة على التحكم بالتنفس بطريقة صحيحة تملئ الرئتين بالاكسجين مما يساعد على خفض التوتر وتنقية الدم من السموم وتحسين الدورة الدموية وبالتالي علاج لبعض الامراض الشائعة النفسجسمية كالقلق وبعض انواع الاكتئاب وزيادة ملحوظة في القدرة على التركيز وتحسن في الذاكرة.
اما في ممارسة السحر, وجد الانسان انه يمكنه ان يكون خارقا ومتفوقا او مدركا لعالم المجهول, وقد ابدع في ممارسته بشتى انواعه المتعددة, حيث ضر بسوء ونفع بحسن التصرف مع السحر, وكل ذلك من اجل تحقيق الهدف الخفي الواقع في اللاشعور ان يكتشف الانسان ذاته وماوراء الطبيعة في المسكر والتصوف والطرق البوذية وممارسة السحر عله يكتشف او يتلقى اجابات شافية عن السبب الحقيقي في وجوده على الارض, والى اين ذاهب, ومن وراء ذلك. ومن الطرق القسرية اللاارادية الاكثر خطورة لذلك السعي هي الوقوف على حافة الموت, بالموت الاكلينيكي او السريري, اذ, يتجول الانسان الميت سريريا فوق صالة العمليات الجراحية مثلا, ويرى جسده ممدا رؤي العين وحوله مجموعة من الاطباء والممرضات, ويصف الامور والاحداث بدقة متناهية بعد افاقته, او ينطلق بجسده الطيفي نحو السماء, او يمر من خلال نفق ضوئي بسرعة فائقة والعودة الى الجسد مرة اخرى ليخبر ماذا رأى وشاهد في نهاية النفق او خلال الرحلة, وقد تحولت نفسيته الى اكثر صفاء وشفافية مما كانت عليه قبل الموت السريري, او قد اكتسب بعض القدرات الخارقة, كلمسات علاجية باليد المجردة, او القدرة على التنبوء باحداث مستقبلية. تفسير ذلك التحول يترك لقسم الباراسيكولوجي في كليات علم النفس في الجامعات الاكاديمية. ولايزال يلح الانسان (وجاء تعميم الانسان مجازيا) وباصرار ان يكون سباقا لاكتشاف نفسه وعالمه بطريقته الخاصة, لا بطريقة يعتقد انها فرضت عليه سلفا, مؤطرة وفق اطار ديني مقدس ومقيدة بالعقل, والعقل معتقل في الجسد. وبفضل ذلك الانسان المصّر على اكتشاف المجهول على الرغم من استخدامه بعض الطرق الخاطئة والخطرة احيانا, الا انه بفضله, تعول عليه البشرية, كونه يقدم اكتشافات علمية مذهلة تساعد على تقدم البشرية, وهذا قد يفسر بعض الحقيقة ان الانسان الغربي يمتلك تلك المقومات والمؤهلات عن نظيره الشرقي, كون علو سقف الحرية في تفكيره وواقعه ومجتمعه ونظامه السياسي يتيح له التحرك بحرية اوسع, فضلا عن انخفاض قائمة المحرمات والتابو المعدة له, مما يتيح ذلك العمل بحرية تامة ومسؤولة في المجتمعات الغربية عنها في المجتمعات الشرقية.
* كاتب وباحث اكاديمي








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024