ماجدة الرومي: لو كتبت مذكراتي لن تصدق فرح كبير يغمر المطربة ماجدة الرومي هذه الأيام بعد نجاح عملها الغنائي اعتزلت الغرام بكافة المقاييس الفنية. فهي التي غابت عن اصدار أي جديد علي مدي سبع سنوات قدمت عملاً استحق ثناء النقاد والمستمعين، كذلك حصد الفيديو كليب حب المشاهدين. تنظر ماجدة الرومي إلي هذا النجاح علي أنه نعمة إلهية، وعلي أنه ثمرة إجتهاد قامت به إلي جانب مكتبها الفني. وهي تؤكد أن التخطيط السليم لابد ان يعطي نتائجه. تقول ماجدة الرومي أنها في عملها هذا حاكت مختلف الأجيال، فهي تعاونت مع ملحنين مخضرمين ومع ملحنين شباب وتوصلت معهما إلي نتيجة ترضي كافة الأذواق وترضيها بالدرجة الأولي. مع ماجدة الرومي كان هذا الحوار المطول الذي رفضت خلاله الاجابة علي اسئلة تتعلق بانفصالها عن زوجها ونحن احترمنا إرادتها: ما هو سر هذا الانطلاق الذي منحته الالحان الجديدة لصوتك؟ وهل يمكن القول ماجدة الرومي قبل وبعد اعتزلت الغرام ؟ إنها مسيرة مستمرة، الأزمنة تتغير واسلوب الحوار مع الشباب يتغير مع الأيام. إنه نوع من الاضافة علي الصوت أنا سعيدة بها. هذا العمل تم تسليمه لأربابه، سواء بالنسبة للتلحين في أغنية اعتزلت الغرام التي تولاها الاستاذ ملحم بركات، ام علي صعيد الكتابة ببساطة تامة والتي توزعتها في تلك الأغنية مع الاستاذ نزار فرنسيس. وتولت اخراج الفيديو كليب موهبة شابة من لبنان نكن لها تقديراً كبيراً هي نادين لبكي. من المؤكد أن الغناء الذي كان قبل عشر سنوات لم يعد صالحاً لأيامنا، وما هو صالح لأيامنا لن يكون كذلك بعد عشر سنوات. مفاتيح الأمور تطرأ عليها تغيرات لأن الزمن نفسه في حال من التغير. عندما ينشد الفنان التغير فهل يناقش ذلك مع مختصين؟ الحقيقة عندما نهدف لتحقيق خطوة إلي الأمام لا بد من التخطيط والتفكير. لقد قسّمت العمل إلي نصفين. أحدهما سلمته إلي الأساتذة ملحم بركات، إحسان المنذر والدكتور عبد الرب ادريس، والقسم الآخر سلمته لشباب من الجيل الجديد كما الأساتذة مروان خوري، جان ماري رياشي، جوزيف خليفة، أداجيو البينوني ومندلسون. وجدت الآمان في تسليم عملي لهؤلاء الشباب وبأني سوف أتقدم إلي الأمام معهم وهذا ما حصل فعلاً. أنا سعيدة جداً في هذا العمل وأشعر بأني قدمت إنجازاً كبيراً لجهة عدم وجود تنازلات، وفي الوقت نفسه (السي دي) بكامله قريب من جيل الشباب. هل تشعرين فعلاً أنك تملكين طاقات صوتية تحتاج لمن يعرف التعامل معها؟ في صوتي مساحات لم يتم التعبير عنها حتي هذه اللحظة. يسعدني أن يشعر المستمع بوجود جديد إضافي في صوتي، لكني اؤكد أني ما زلت أمتلك الكثير في شخصيتي الفنية للتعبير عنه. أعمالي كانت قليلة خاصة وأني من الناس الذين عاكستهم الظروف. فقد انطلقت مع بدايات الحرب اللبنانية وهي خسّرتنا الكثير من العمر والعمل في الوقت نفسه. ومن ثم مررّت في ظروف حتمت ابتعادي عن انتاج أي جديد لمدة سبع سنوات متتالية. وهذا ليس سهلاً في المقاييس الفنية ولربما كان عرّض الغائبين إلي النسيان. لكن والحمد لله استمرت حفلاتي لأني بنيت علي أساس صلب، ولم تكن علاقتي بالفن وسيلة للكسب أو التجارة. الفن هو رسالة عمري وأضع فيه كافة جهودي الفكرية والروحية والصوتية لأتمكن من تقديم انجاز العمر من خلاله. لذلك سلمت هذا العمل لأناس هم أهل للثقة العظيمة وقد أظهروا ذلك فعلاً. هل كان سهلاً بالنسبة لك إحداث هذا التبدل في اختياراتك اللحنية؟ الحياة التي منحتنا في الماضي ملحنين مبدعين لماذا لن تعطينا الآن؟ من الضروري أن نري الصوت من وجهة نظر هؤلاء الشباب. لكل منهم رؤيته الفنية التي يبرز الصوت من خلالها. أنا سعيدة مع الذين تعاونت معهم سواء بالنسبة للشعر أو الألحان، وثقتي بهم كبيرة. وأعتقد بأني عشت معهم أوقاتاً سعيدة علي مدي السنتين اللتين استغرقهما إنجاز العمل. هل تعتقدين أن من تعاونت معهم أبرزوا الجزء الأكبر من نواحي صوتك؟ من النواحي الشرقية لا زال هناك الكثير في صوتي، ولهذا الجانب مخططه الخاص في بالي سوف أنفذه في المستقبل القريب. لا زالت لديّ امكاناتي الصوتية لجهة التشريق والطرب المطلوب والجميل في أيامنا والذي يفهمه جيل الشباب. هل نقول أن ملحم بركات تولي في هذا السي دي هذه الاضافة الشرقية؟ إنه أسلوب ملحم بركات في التلحين وهو شكل إضافة علي خطي الفني، وهو فنان عظيم يشرفني التعامل معه. معه سمعت صوتي بأسلوب مختلف أحبه كل الناس الأمر الذي جعلهم يتساءلون لماذا لم يتم هذا اللقاء من قبل. بالنسبة لي أشكر الله وأقول إن شاء الله تكون اللقاءات المقبلة كثيرة. ملحم بركات موهبة أعتز بها كما أعتز بكل من تعاونت معه في هذا العمل. التجديد في هذا السي دي هل تركك تحاكمين المرحلة الماضية التي كان يأخذ فيها صوتك الطابع الأوبرالي؟ لا لا. لكل مرحلة اسلوبها ومفهومها. قدمت أعمالاً في الماضي كانت لها مكانتها في قلوب الناس، وانطلاقاً منها استمرت وتابعت ماجدة الرومي طريقها. لم آت إلي سي دي اعتزلت الغرام صدفة أو من خلفية غير ناجحة. لقد غنيت في كافة مسارح الوطن العربي، وكانت تجربتي ناجحة بهذا النوع وهذا الاسلوب. وما قدمته اليوم هو إضافة لكل ما بنيته في السنوات الماضية بنجاح. هل حملت اختياراتك الشعرية واللحنية رسائل خاصة سيما بعد التغيير الذي طرأ علي حياتك الشخصية؟ لو كانت كل أغنية تتطابق مع حياتي الخاصة لأقتصر غنائي علي تلك الناحية. ولا أظن أن فناناً يعتبر كل ما غناه مرتبطا بحياته الخاصة. الغناء تعبير عن مشاعر يمر بها الانسان في الحزن والفرح وفي الغرام والهيام. الفنان يعبر في عمله عن كافة الناس وليس عن ذاته. الموسيقار ملحم بركات كان واحداً من الذين صاغوا صورتك الجديدة. كيف تابعت ولادة لحن اعتزلت الغرام وما هو شعورك حياله؟ نحن من حزب صوت ملحم بركات. نحب كل ما غناه واسلوبه في الغناء. هو من جيل الملحنين الكبار الذي لا يتكررون كثيراً. ولادة اللحن كانت من خلال اتصال هاتفي أبلغته فيه مطلع الأغنية فأبدي اعجابه بجماله، ومن ثم أكملت الكوبليه وزارني وحمل الكلام معه. ومن ثم كنا نتواصل علي الهاتف لسماع ما أنجزه في اللحن. وكانت لاحقاً جلسة موسعة أدي خلالها الأغنية علي العود وفوراً كنت سعيدة جداً باللحن. وأتي دور التوزيع من قبل موهبة شابة لدي جان ماري رياشي. وهنا كنا بمواجهة جيلين من المواهب. ملحم بركات يصف ابداعه بالجنون فهل يمكن وصف اللقاء بينكما بالجنون الفني؟ اصف اللقاء بمنتهي التناغم بين صوت ولحن وكلمة وصورة وفيما بعد مشاهد ومستمع. وماذا عن رحلتك مع التوزيع الموسيقي الجديد الذي أضفي رونقاً علي صوتك وأغنياتك؟ في النهاية يفترض التسليم بأن لغة الفن تتبدل عبر السنوات ويفترض أن نسلم عملنا لأشخاص نثق بأنهم يمكن أن يضيفوا إليه. سلمت عملي لمن هم أهل للثقة وفعلاً أضافوا لي الكثير من خلال رؤيتهم الخاصة التي أعتز بها. وبرأيي أن هؤلاء الفنانين يمكننا أن نسلمهم مستقبل الأغنية اللبنانية، طبعاً عندما يتم اعطاؤهم الفرص، لأن العمل الذي قدمته ليس هو السائد في الأعمال الفنية الصادرة من بلدنا. المطلوب حالياً هو العمل الاستهلاكي التجاري الذي لا يتعدي عمره الاسابيع أو ربما الأيام. بينما الأعمال الدسمة في حالة انقراض. مع السي دي الجديد يري البعض ان ماجدة الرومي نجمة الموسم، فيما انتقدها البعض الآخر الذي يريدها أيقونة جامدة. هل ازعجتك الانتقادات؟ لا اتوقع الاجماع لا في الصورة المتحركة ولا في الصورة الجامدة كما وصفت مع أني اعتقد أن حركتي علي المسرح أو في الفيديو كليب بقيت في إطار من الالتزام والجدية التي تذكر المشاهد والمستمع بمرور المغنيات الكبيرات في أفلامهنّ الاستعراضية. حلمي الكبير كان السينما ولم أتمكن منها كما أريد لذلك أعوض في الفيديو كليب. قدمنا إطاراً متحركاً بأسلوب جدي ومحترم. آخذ رأي الناس بعين الاعتبار لكني أعتقد أن الأعمال التي تتسبب بإختلاف في وجهات النظر وتثير حولها جدلاً هي الأعمال الناجحة جداً. هل وقع اختيارك علي نادين لبكي لشهرتها؟ طبعاً وبعد مشاهدتي لأعمالها. نظرتها الفنية سليمة وأنا معجبة بها. أسلوبها بالتعامل مع الكادر جعلني أثق بها وأسلمها عملي والنتيجة كانت أنها أهل للثقة. هل نفذت كل ما طلبته منك في الفيديو كليب؟ نفذت ما أتمكن منه ورفضت ما ليس لي قدرة عليه. حدث جدل بينكما؟ في أشياء معينة نعم. بعض الأمور قد تكون بسيطة بالنسبة للآخرين إنما هي مصيرية بالنسبة لي. علي سبيل المثال طول الثوب تحت أو فوق الركبة. هذا بالنسبة لي أخذ جدلاً لا بأس به. قبل يوم من التصوير توقفنا لساعتين حول هذا النقطة بالذات. نفذت ما اقتنعت به بدون تردد. أثق بنادين لبكي إنما فيما يتعلق بي هناك خطوط حمر لا أتخلي عنها مع اي مخرج. حبيبي أغنية من السي دي صورت تحية للراحل أحمد زكي؟ لماذا تم اختيارك لهذه المهمة؟ حين كان أحمد زكي علي قيد الحياة بدأ بتصوير فيلم عبد الحليم حافظ وكانت لديه امنية بأن أغني أغنية الفيلم. هو يكن احتراما كبيراً لصوتي وتجربتي بقدر ما أكن له الاحترام نفسه. قبل ذكري وفاته السنوية بعشرين يوما طلب مني تسجيل أغنية خاصة بالمناسبة ولأن الزمن كان قصيرا اعتذرت فتم اختيار أغنية حبيبي من السي دي. وكانت هذه هي التحية من قبل أشخاص يدركون مدي التقدير المتبادل الذي كان بيني وبين الفنان أحمد زكي لفن كل منا. كما كانت لديه رغبة عميقة بأن يكون بيننا فيلم لكنه لم يتم. أما اغنية فيلم عبد الحليم فلا تزال قائمة. ماذا عن الرسالة الاجتماعية والانسانية التي تحملينها من خلال صوتك خاصة وأنك سفيرة لمنظمة الفاو؟ اؤمن بهذا المبدأ سواء كنت سفيرة للفاو أو لم أكن. البعد الانساني أريده علي الدوام لعملي لأنه يشهد لانسانيتي بمساعدة المتألمين بقدر ما تسمح به طاقاتي. الفاو جاءت لتتوج توجهاتي وتؤكد علي ما كنت قد بدأته بفني انطلاقاً من التربية التي تلقيتها في منزلي، وما تابعته مع أنطوان (دفوني) وما أتابعه حالياً في مكتبي. ماذا قدمت حتي الآن لخدمة لقب سفيرة للفاو؟ قدمت صوتي، وصوتي بتصرفهم منذ لحظة التعيين وإلي الأبد. وهم يعرفون أن صوتي هو بخدمة رسالتي. وهل تمكنت منظمة الفاو من الاستفادة من هذا الصوت؟ من المؤكد أن الفائدة كانت موجودة إنما بمقاييس حلمي الخاص بقيت الاستفادة محدودة. هم قادرون علي الاستفادة من كافة سفراء منظمة الفاو أكثر بكثير مما هو حاصل حتي الآن. هل لديك طموح سياسي في المستقبل؟ عرض عليّ خلال الانتخابات النيابية الترشح وقلت لا. رفضت لأن لعبة السياسة في لبنان خطيرة وغير واضحة. وأنا من المؤمنات بوجود الثواب والعقاب. السياسة ليست اختصاصي ولا أفقه بها. وحتي لو تخصصت بها لمدي 800 سنة فلن أتورط بأخذ موقع سياسي في لبنان لأن الله وحده يعرف ماذا يحدث في هذا البلد. وآخر ما أفكر به في حياتي هو التورط بعذابات اللبنانيين. هل تدونين مذكراتك؟ لا أبداً. هذا يعني أنك لن تتركي بعد عمر طويل ما سيحكي عن ماجدة الرومي؟ في حال تركت مذكراتي فلن يصدقها أحد، فهي بالأساس ما بتظبط بفيلم هندي . لن يصدق أحد أن السكينة والهدوء الباديين علي ماجدة الرومي ستكون خلفهما تلك الحياة التي يمكنني وصفها بأنها لم تكن تجربة سهلة. أبحرت في بحر هذه الحياة في ظل عاصفة هوجاء. لو وجدت أن احدي ابنتيك ترغب بمسار فني معين هل تشجعين ذلك؟ لا أشجع ذلك. ليس لأني في مهنة بشعة. أنا في أجمل مهنة في الحياة، لكنها مهنة صعبة. أفضل أن تكون لهما مهنة أقل صعوبة. ومع ذلك أري مستقبل أي فرد هو قرار ذاتي وقدر. في الختام كيف تعبر ماجدة الرومي عن لحظتها الحالية؟ أشعر بأني في حال من النعمة الإلهية. تعبت علي عملي وكل من حولي تعب أيضاً. ربنا أكرمنا جميعاً بالنجاح. بالرغم من كل المصاعب، وكل من يتكل علي رب العالمين فهو لن يتخلي عنه. بالرغم من كل المصاعب تمكنت من الاستمرار والوقوف علي قدميّ في هذه الحياة. موضوع الحياة مهم وهو يوازي بالنسبة لي أني تمكنت من التأكيد لرب العالمين بأني أحسنت التصرف بالأمانة التي بين يديّ |
| إقرأ في المؤتمر نت |
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2003-2024 