الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 03:48 ص - آخر تحديث: 03:33 ص (33: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء

قراءات في مسيرة 21 عاما- (الحلقة الثالثة)

المؤتمر نت: نزار خضير العبادي -
المؤتمر الشعبي العام.. مشروع دائم للسلام والأمن والاستقرار
لا شيء قد يفي المؤتمر الشعبي العام استحقاقاته التاريخية غير أن يقترن اسمه بمستقبل الوطن اليمني، وبأفق عريض تحتشد عليه غايات البناء الإنساني والحضاري، ويرتسم في محيطه غد الأجيال الزاخر بالأمل في حياة حرة كريمة.. فالمؤتمر الشعبي العام كان مخاض أعوام الثورة المثخنة بالأوجاع والنزيف السياسي الذي كاد أن ينسف كل التضحيات ويغتال الجهد الثوري الجماهيري العظيم، لولا أن ألهم الله ابن اليمن البار الرئيس علي عبدالله صالح بفكر ثاقب وتجربة عميقة، وخبرة نضالية غزيرة، وإرادة لا تثنيها التحديات لتكون كلها قاعدة الانطلاق الصلبة التي يرتفع عليها طود المؤتمر الشعبي العام في 24-29 أغسطس 1982م.
لقد انبثق المؤتمر الشعبي العام في تلك الفترة بالذات ليداوي جراحات الثورة، ويأخذ بيد أهدافها الستة إلى واقع عملي يحررها من السكون، وأقبية الشعارات الخاوية، وإرث المجد الثوري القديم، وينقلها إلى ديناميكية نابضة بالفعل التحولي والإنمائي.. لكن المؤتمر لم يكن كغيره من الحركات التي تفتح فوهات المدافع، وترفع ألوية الاغتيالات والعنف السياسي سبيلاً لبلوغ الغايات وإثبات الذات، بل- على العكس من ذلك تماماً- وجد المؤتمر الشعبي العام أن السلام والاستقرار أداة فاعلة في التغيير والتحول الثوري، وهما الخيار الأكثر صواباً لشعب أدمته الحروب والفتن والاضطرابات السياسية التي أثقلت كاهله بعبء مضاف إلى ما كبدته إياه العهود الملكية الظالمة أو قوى الاحتلال الأجنبي في فصول عدة من تاريخه.
لقد تبلورت هذه الأبجديات التنظيرية لأولويات السلام الوطني في بناء الدولة وتحديد خياراتها السلطوية بفعل حي على امتداد السنوات الإحدى والعشرين من مسيرة المؤتمر الشعبي العام، وامتلكت من مناهج عمله السياسي ما جعل السلام جزءً متأصلاً في أسباب ديمومة المؤتمر ومميزاً لصفته الحركية في ساحة العمل الوطني.. وهو الأمر الذي يتجلى بوضوح في المقدمة المتقضبة التي كتبها الأخ رئيس الجمهورية لاستهلال "الميثاق الوطني" والتي يولي فيها عناية فائقة لمسألة السلام والاستقرار وأثرهما في نهوض الأمم ونمائها.. إذ اعتبر ذلك شرطاً أساسياً لإنجاح أي مشروع سياسي ولتحقيق أيا من أهداف الثورة السبتمرية، ولرفع عماد أي قاعدة صلبة على طريقة إعادة تحيق الوحدة اليمنية.. وهو الأمر الذي يجر الوصف على قيام المؤتمر الشعبي العام بأنه بداية الطريق إلى سلام يمني حقيقي مع الذات الوطنية أولاً، ثم مع الآخر الذي لطالما كان أمره مثيراً للجدل، وبالتالي فإنه مشروعاً لسلام شامل وبقدر عظيم من الإحساس بالمسئولية.
كان قيام المؤتمر الشعبي العام في تلك الفترة العصيبة ليس إلا نقطة الانطلاق الأولى لقطع دابر الفتن الداخلية، وتوحيد الصف الوطني بمختلف قواه السياسية التي كانت من قبل تعمل في الخفاء وبكثير من الحذر في ضوء تحريم الدستور الدائم للعمل الحزبي وفقاً للمادة (37) منه.. والتي باتت في وضع يمكنها من الظهور والكشف عن وجودها بصيغ متعددة بعد اكتسابها قدراً معقولاً من الحريات والحقوق الديمقراطية التي أقرها "الميثاق الوطني".. مما أسهم – لا حقاً- في وضع حدٍ للفوضى السياسية والاغتيالات والسباق المشحون بالعنف.
ومن جهة أخرى – كان قيام المؤتمر الشعبي العام يمثل بداية النهاية لحالة العنف الدموي على الحدود بين شطري الوطن اليمني، والتي كانت تشعل فتيلها العصابات الماركسية المتطرفة ومليشيات ما كان يسمى بـ(الجبهة الوطنية) وغيرها من القوى المتمرسة على حروب العصابات في مدارس (باذيب) و(النجمة الحمراء) ذات التوجه الإرهابي المتطرف.. إلا إن الفترة التي شهدت صياغة مشروع الميثاق الوطني والتحضير للمؤتمر الشعبي العام قد اقترنت بجهد سياسي كثيف على صعيد تقريب الرؤى واختصار المسافات بين قيادتي شطري البلاد، وكان ذلك مبعثه رغبة وطنية جامحة للسلام والاستقرار وإعادة الساحة إلى نصابها الأمني القديم الذي أزهرت فيه الحياة وامتلك الوطن عمقه الحضاري العظيم، ومجده التاريخي المعروف.. وعلى هذا الأساس كان بمقدورنا الوقوف على وضع سياسي متحرك بين الشطرين، تتفاعل في أفقه العديد من الاتفاقيات واللقاءات المشتركة، فضلاً عن استئناف اجتماعات لجان الوحدة، والتخطيط لكثير من المؤسسات والمشاريع الاستثمارية المشتركة التي ما لبثت أن بددت القلق وكسرت حواجز القطيعة والنفوذ.
وعلى كل حال، فإن السلام في الأبجديات السياسية للمؤتمر الشعبي العام لم يكن ضيقاً في أفقه أو محدوداً في أدواته ليبقى محاصراً بحدوده الجغرافية.. بل هو اللغة العصرية التي كانت تحمل الدولة اليمنية إلى مساحة واسعة خارج حدودها الإقليمية انطلاقاً من مبدأ سياسي نبيل يرى فيه المؤتمر الشعبي العام أن ما يحققه من أمن واستقرار في نطاق الساحة الوطنية الداخلية هو شرط أساسي من شروط صناعة الاستقرار الإقليمي- الذي سيشكل بدوره عاملاً أساسياً في نهوض الدولة اليمنية، وأحد أسباب تقريبها من غاياتها الثورية الطموحة.
ومن هنا كانت أدبيات المؤتمر الشعبي العام تعطي الكثير من الأولويات في سياستها الخارجية للعلاقات مع دول شبه الجزيرة العربية، وتحرص على تأطير السياسة الخارجية للدولة اليمنية بالوضوح، والثوابت الاستراتيجية، والاستقلالية، واعتماد الحوار الإيجابي صيغة ثابتة لا لبس فيها لحل الخلافات مع دول الجوار أو بين الأشقاء داخل البيت العربي.. وهي السياسة التي نجح من خلالها المؤتمر الشعبي العام في الانفتاح على العالم الخارجي مولياً اهتماماً خاصاً للاعتبارات القومية والتاريخية والجغرافية في تفصيل أولويات الانفتاح واتجاهاته.
وهكذا وجدت المناهج السلمية في سياسة المؤتمر الشعبي العام إمكانية غير محدودة لتمثيل نفسها في واقع حي ومترجم على عدة أصعدة، منها حل الخلافات الحدودية مع سلطنة عمان 1992م بالطرق السلمية، ثم تكرر الأمر ذاته مع المملكة العربية السعودية عام 2000م، وربما كان من أعظم ما يمكن أن يقف شاهدا للمؤتمر الشعبي العام بهذا الخصوص هو قدرته الخارقة التي قادته إلى تنقية الأجواء مع الأشقاء في دول الخليج العربي عقب الجفوة والقطيعة التي تسببت بها ملابسات فهم الموقف اليمني أثناء أزمة الخليج الثانية عام 1990م.. بل أنه تجاوزها إلى الانضمام ( الجزئي) لمجلس التعاون الخليجي، وفي زمن قياسي ما كان بمقدور أحد غيره الحذو على ذلك النحو.
أن فلسفة البناء السلمي في فكر المؤتمر الشعبي العام ظلت تفتح نفسها على المزيد من الخيارات الإستراتيجية التي تعزز من أهمية الكيان اليمني المستقل في بلورة مفاهيم ناضجة.. فالمؤتمر الشعبي العام- وعلى إمتداد الأعوام الواحدة والعشرين من مسيرته النضالية- كان المبادر الأول للعب أدوار خارجية كبيرة من أجل إقرار أمن وسلام واستقرار المنطقة الشرق أوسطية, ومنطقة دول ساحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
فقد ذهب المؤتمر الشعبي العام إلى دعم النضال الأرتيري من أجل الاستقلال، وبذل جهودا مضنية في الوساطة بين الفصائل الصومالية ومحاولة إيصالها إلى وفاق وطني يحافظ على استقلالها ويحمي سيادتها الوطنية.. علاوة على تبني دورا جيدا في السودان الشقيق لتهدئة الخلافات القائمة بين السلطة الحاكمة وبين فصائل الجنوب السوداني.. لكن التأكيد الأعظم لطبيعة التوجه السلمي في سياسة المؤتمر الشعبي العام هو تلك الطريقة الحضارية التي تعامل بها مع أرتيريا أبان احتلالها لجزر أرخبيل ( حنيش).. فيومها أسقط رهان المتربصين، وكسر شوكة المطبلين للفتن والحروب من خلال إصراره وثباته على خيار الحوار السلمي، والطرق القانونية المشروعة, والسعي إلى حسم المشكلة عبر محكمة العدل الدولية.. فكان ذلك خيارا ذكيا للغاية, ولعل النصر الذي تحقق به لاحقا كان رصيدا صرفا للمؤتمر الشعبي العام لا يقاسمه فيه أحد من القوى السياسية اليمنية التي اجتمعت كلها في جبهة واحدة تدق طبول الحرب، وتأجج فتنة داخلية شعبية لزج الوطن في أتون الموت والدمار في حرب كانت ستعجز عن أخذ حق مسلوب بأسرع مما فعل الحوار، وأتى به السلام ولغة المنطق والحكمة للمؤتمر الشعبي العام.
وفي الحقيقة, أننا لو حاولنا سوق الأمثلة عن الأدوار التاريخية التي لعبها المؤتمر الشعبي العام، وأكد من خلالها ضروراته لاحقاق الأمن والسلام وبناء الاستقرار الوطني والإقليمي والدولي لاستغرق منا ذلك وقتا طويلا وشرحا مديدا قد نزهق فيه في تفصيل موقفه الحكيم أبان أحداث 13 يناير 1986م في عدن عندما أمتنع عن إقحام أبناء الشعب اليمني في أتون تلك المجزرة الدموية البشعة التي أزهقت أرواح آلاف الأبرياء.. رغم أن الرئيس علي ناصر محمد كان قد طلب من فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح التدخل في الحرب مقابل إعلان الوحدة الفورية، لكن فخامته آثر الرفض لأنه كان مقتنعا بكون القوة والعنف والإكراه ليست بالأدوات المناسبة في حل الخلافات أو تحقيق المنجزات والمكاسب المشرفة.
وإذا ما شحذ أحدنا ذاكرته لاستذكار يوميات الأزمة السياسية بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي أثناء المرحلة الانتقالية( 1990-1993م) لوقف مذهولا أمام تلك الشفافية التي تعامل بها المؤتمر مع الأزمة، وكيف داومت قيادة المؤتمر على تقديم التنازلات تلو التنازلات في سبيل درء وبال الحرب الانفصالية وتجنيب الشعب اليمني والمنطقة بأسرها عواقب ما قد يترتب عن وضع كهذا من آثار سلبية ومخاطر جمة لا تحمد عقباها.. ولكن رغم اشتعال الحرب وخروج القادة الانفصاليين على إرادة الشعب والوطن ظل الأخ الرئيس يبسط كف السلام للجميع ويعفو من موضع مقتدر فيه على العقاب, وكان أخيرا يدعو الجميع- ممن فر إلى الخارج- للعودة إلى أحضان الوطن والمشاركة في بنائه ومسيرة تقدمه.
أن رؤى المؤتمر الشعبي العام لقضية السلام مبنية أصلا على قناعات فكرية مبدئية وبأفق استراتيجي ينظر إلى العالم على أنه كيان موحد يتأثر ببعضه البعض، ولا تنفصل أحداثه عن دوائر التأثير الأخرى.
وبذلك المنظور يعتبر الأخ الرئيس علي عبدالله صالح- رئيس المؤتمر الشعبي العام أن السلام الشرق- أوسطي لا يمكن أن يتحقق بوجود الكيان الصهيوني كقوة متطفلة على المنطقة، وتحدد فرصة ديمومة وجودها في الظرف الذي يتغيب فيه السلام وينعدم الاستقرار ولعله الموقف الذي لاينفك المؤتمر الشعبي العام من ترجمته إزاء قضايا الصراع العربي المماثلة، مثل الوضع في الجنوب اللبناني أو الوضع الأمريكي والبريطاني الحالي من العراق، علاوة على وضع القوات والقواعد الأجنبية في الأراضي والمياه العربية وما تشكله من خطورة وتهديد للأمن القومي العربي وللمنطقة بأسرها.. والتي على أثرها كثفت القيادة السياسية اليمنية من جهودها الداعية إلى توثيق علاقات دول المنطقة مع بعضها البعض ومضاعفة التشابك في المصالح وتفعيل مستويات التعاون على أمل ردم الفجوات وإغلاق الثغرات التي كانت على الدوام مصدرا لزعزعة الأمن والاستقرار وتهديد السلام في العالم، كخيار بديل للإرهاب، وكمسار إجباري للشعوب المتطلعة لبناء ذاتها الإنسانية وتجديد نهضتها الحضارية.
ومن المؤكد كان وقوف المؤتمر الشعبي العام يوجه الأساليب والسياسات الإرهابية التي سادت معاملات العصر مبني على قاعدة الفهم الواعي لضرورات الصناعة السلمية في السياسات الدولية.. فالسلام هو طريق الأمم المتحضرة، ولغة الإنسانية الناطقة بحقوقها الشرعية الكريمة.
يقينا أن الوقوف على أبعاد ومدلولات قيام المؤتمر الشعبي العام بعد إحدى وعشرين سنة من مسيرته لا يعني تقليدا احتفاليا عابرا، بقدر ما يعني استذكارا واستحضارا للمعاني الفكرية والإنسانية الخلاقة للتجربة، واستلهاما لأسرارها ومقومات انتصارها.. وحتما هو الموقف الذي يجد فيه البعض إجابات وافية لسؤالهم: لماذا منحت الجماهير شرف الأغلبية البرلمانية الكاسحة للمؤتمر الشعبي العام؟









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024