الكذب.. حباله طويلة.. ومتينة أيضاً لا أثق كثيراً أو حتى قليلاً في الكثير من الأرقام التي تعلنها بعض الصحف ومراكز البحث وقياس توجهات الرأي العام. ليس لأن أصحابها مهرة في الكذب، وإنما لأنهم (مقارعون وملقَّطين حجار). وكانت وما تزال مشكلة مراكز وصحف ومؤسسات يمنية في المعارضة والسلطة أنها تنطلق من أمور هي خليط من الخبط العشواء والهوى السياسي والكسل المهني والرغبة في توفير مخصصات الاستبيان أو الدراسة لتأمين طلبات واحتياجات العيال وأمهم. في شارع الصحافة وأكشاك بائعي الصحف ومقابل استعراض هيئة وحضور الإصدارات اليومية والأسبوعية تسمع الكثير من البهتان ولغو الحديث.. فالصحيفة الفلانية توزع ثلاثين ألف نسخة، وتلك خمسين ألفاً، وتلك أقل أو أكثر.. ودعونا من حكاية هذه صحيفة صفراء قائمة على الشتم والابتزاز، أو تلك التي تحركها رئة زمار أو أخرى سيئة السمعة حتى عند من يقولها دعمها واعتبارها "حمام" البيت الخرب.. ولنسأل: ماذا لو توقف هؤلاء عن الإدعاء وحسابات ضرب كل نسخة في عشرين عند الحديث عن التوزيع وتعاونوا جميعاً من أجل إيجاد مؤسسة محايدة مهمتها التحقق من الانتشار وإبلاغ القارئ والمعلن عن الحجم الحقيقي لكل إصدار. بالمناسبة ثمة إصدارات الهدف من طباعتها فقط الوفاء باستحقاق إرفاق النسخة مع رسالة طلب ثمن إعلان عن منتج، أو نفاق في مغادرة عزيز وتهنئة بمناسبة وطنية من حاطب ليل ينطلق في موقف الفرح والبكاء من الأطماع والتزلف. ودعونا من الحديث عن مزايدة صحف لا يقرأها الممول وأخرى صفراء في الموقف وصفراء من شدة تعرضها للصلب تحت "وقيد الشموس".. ولنسأل: لماذا لا تقوم الصحف بعمل استبيان.. تطلب فيه آراء القراء حول ما تنشره وما الذي يريده القارئ من أبواب وأقلام وفنون صحفية ونسبة المادة التحريرية إلى الإعلانات. ولو توقفنا أمام استطلاعات رأي حول اتجاه التفكير عند الناس في مسائل متصلة بانتخابات مجالس محلية أو البرلمان أو المحافظين، أو حتى منصب رئيس الجمهورية، فلا بد أن نأخذ في الاعتبار أن المجتمع اليمني يتركز في معظمه في الريف.. وأن هناك حوالي مائة ألف تجمع سكاني وهو -رقم كبير يفرض على منظمي أي استبيان أن يعدو إلى الألف قبل أن يقرروا عمل استبيان يستخلصون فيه الاتجاهات والفرص وطرق التفكير. قد يقول الكثير إن العينات عشوائية وإن.. وإن.. ولكن.. ثمة الكثير من الخصوصية في أمورنا تستحق أن ننتبه لها، فلا نندفع أو نتهور أو نبني عليها. هذا إذا كنا نؤمن بالموضوعية والصدق والأساليب العلمية.. أما لو كان الأمر مجرد تكسب واسترزاق فهذا ما نستطيع تفهمه واستيعابه، ولو من باب القول بأن المناخ العام يسمح بأن تكون حبال الكذب طويلة بل ومتينة أيضاً. |