التجارة والإرهاب بدأت الحكومة الأميركية حملة جديدة لمكافحة الإرهاب عن طريق مراقبة التبادل التجاري وعمليات التصدير والاستيراد بهدف منع استخدام التجارة في تمويل الإرهاب وفي تطهير الأموال. وكانت أجهزة الأمن والقانون الأميركية تركز عادة على عمليات تطهير الأموال عن طريق البنوك. ولكن استخدام التبادل التجاري الدولي لنقل الأموال من بلد إلى آخر في الخفاء وبعيدا عن أعين الحكومة هو أحد اقدم الأساليب المستخدمة من جانب عصابات الجريمة الدولية لتحاشي المراقبة الحكومية. والفكرة هي انه إذا كان أحد المنتجات المستوردة له سعر مفرط في غلوه فإن المصدرين يحصلون على ربح أعلى (مفرط في تضخمه) وتنتقل الثروة من المستورد إلى المصدر الأجنبي. ولا تكون هذه الصفقة مربحة في العادة للمستورد ، ولكن إذا كان هناك اتفاق او تواطؤ بين المستورد والمصدر فيمكن للطرفين تقاسم الربح. وبالمثل ، عندما يحول مطهرو الأموال النقد السائل إلى بضائع يبيعونها في الأسواق الأجنبية بسعر بخس أو أدنى من سعر السوق ، يمكن للمستورد ان يعيد بيعها بسعر السوق الحقيقي فيحقق ربحا فيها بعيدا عن رقابة الحكومة. ورغم أن أنماط هذا النشاط اكثر وضوحا في التبادل التجاري بين الولايات المتحدة ودول عربية وآسيوية فإن الخطوة الأميركية الأولى لمكافحة هذه الأنشطة التجارية بدأت مع دول في أميركا الجنوبية من بينها الأرجنتين وباراغواي. وتهدف المبادرة الأميركية مع هاتين الدولتين إلى إقامة وحدات للشفافية التجارية ولتقاسم المعلومات المفصلة عن عمليات التصدير والاستيراد في كل من هذه الدول. وصممت الحكومة الأميركية أجهزة كومبيوتر خاصة للمساعدة في رصد الانماط التجارية المثيرة للشبهات. وتقوم هذه الأجهزة بتحليل العمليات التجارية لرصد أسعار المنتجات المفرطة في غلوها عن سعر السوق او المفرطة في انخفاضها. من بين الأمثلة على هذه الأسعار وجدت دراسة جديدة أن الصادرات الأميركية بخسة الأسعار تشمل هوائيات التليفزيون المصدرة إلى ماليزيا وأجهزة التليفزيون والكاميرات المصدرة إلى الكويت والسيارات المصدرة إلى الأردن والبلدوزرات المصدرة إلى المملكة العربية السعودية والمقبلات المعروفة باسم المايونيز المصدرة إلى لبنان. على سبيل المثال فإن سعر السيارة المتجهة إلى الأردن بلغ في بعض الحالات 377 دولارا فقط. وسعر البلدوزر المتجه إلى السعودية بلغ في بعض الحالات 5909 دولارا. ومن أمثلة الواردات إلى الولايات المتحدة وجدت الدراسة أن الأرز الآتي من باكستان وبعض أنواع الملابس النسائية الآتية من المغرب والخبز الآتي من ماليزيا مفرطة في غلوها بصورة تثير الشبهات. في بعض الحالات وجدت الدراسة أن رجل الأعمال خارج الولايات المتحدة يقول إنه يصدر مائة مطرقة حديدية إلى الولايات المتحدة بسعر إجمالي مقداره مائة دولار ، ولكن المستورد داخل الولايات المتحدة الذي يستلم هذه المنتجات يقول في أوراقه ومستنداته إنه يستورد قطع آلات مقدارها مليون دولار. بنما والفلبين والهند سمعت عن هذا البرنامج الجديد فتحمست له كوسيلة لمكافحة التهرب من الضرائب والتزوير فيها. ورغم ان البرنامج لا يشمل تعاونا من الدول العربية بعد فإن الحكومة الأميركية سوف تتفاوض في نهاية المطاف مع هذه الدول بعد أن تستكمل تعاونها مع دول أميركا الجنوبية.، لأن الحكومة الأميركية تعتقد ان منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين وباراغواي والبرازيل هي من انشط مناطق الصفقات التجارية غير المشروعة في العالم، وان قدرا كبيرا من التمويل الإرهابي وتطهير الأموال يتم عبر هذه المنطقة. |