(إذا كنت في نعمة فارعها) لا أدري لماذا تنتابني في كل مرة حالة من الضحك والسخرية وأنا أقرأ بين حين وآخر بعض التصريحات النارية لبعض رموز الفساد وهم ينتقدون الفساد ويتهمون الآخرين به، بل وتهديدهم بالثورات الشعبية للانقلاب على الشرعية الدستورية في حين أن الجميع يعلم حقيقة فساد هؤلاء وغرقهم في أوحاله.. وربما أنهم يلجأون لمثل هذه الطريقة في حديثهم المتكرر عن الفساد لذر الرماد في العيون وتطبيقاً للمثل الشعبي القائل: "رمتني بدائها وأنسلت". فبالإضافة إلى التساؤلات الكثيرة والشكوك والشبهات العديدة التي تحيط بمصادر ثرواتهم الكبيرة التي كد سوها وخلال سنوات "وكيف جاءت؟ ومدى مشروعية كسبها؟ والأساليب والطرق التي تم اللجوء إليها لتحقيق ذلك وهي قطعاً ليست بغائبة عن إدراك وفهم الكثيرين.. ذلك أن كل ممارسات هؤلاء تؤكد ضلوعهم في ممارسات الفساد والإفساد داخل المجتمع، ومن خلال خطف الصفقات والحصول عليها بطرق ملتوية ودون وجه حق، مستغلين كل ما لديهم من مصادر القوة المالية أو النفوذ الاجتماعي وكل شيء غير مباح.. فالهم لديهم هو كسب المال وتكديس الثروة ولكن عبر امتصاص دماء الشعب وقوته وفي المقدمة المساكين والفقراء والمحتاجين الذين –ويا للعجب- يدعي أولئك وبتفاخر مدهش قدرتهم على إخراج هؤلاء التي نهبوا أموالهم ومصادر رزقهم في ثورات شعبية لإثارة الفوضى عسى أن تتيح لهم تلك الفرصة لتحقيق طموحاتهم للانقضاض على السلطة والشرعية الدستورية. مثل هؤلاء ربما لا يدركون بأنهم حابلون بالفساد ومتخمون بالمال الحرام، وإذا كان ثمة غضب شعبي فإنه سيكون حتماً باتجاههم وضدهم إزاء ما نهبوه وبصورة غير مشروعة من أموال الشعب ومحتاجيه وإزاء كل ممارساتهم الفاسدة وغير القانونية التي يحاولون وبسذاجة التغطية عليها بجعجعة التصريحات العنترية الفارغة عبر وسائل الإعلام أو في حديثهم مع الآخرين، وحيث يبدو حالهم حال تلك النملة التي أريشت.. وكأن الشعب لا يدرك شيئاعن حقيقتهم؟ ومن هم؟ ومصادر ثروتهم؟! مثل هؤلاء يستحقون بالفعل نصيحة ذلك الشاعر حيث قال: (إذا كنت في نعمة فارعها.. فإن المعاصي تُزيل النعم) والله من وراء القصد! |