عسكرة أميركا الانتصار العسكري الذي حققه الإسلاميون في الصومال على المليشيا المأجورة الممولة أميركياً لا يعني ان الاقتتال بلغ نهايته. وحتى لو بلغ الاقتتال الصومالي نهايته فإن حروب أميركا المباشرة أو بالوكالة لا تعرف نهاية، طالما أن الولايات المتحدة تمتنع عن وضع تعريف محدد لـ «الإرهاب»، وبالتالي تمتنع عن تعريف «الحرب على الإرهاب». منذ الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا ظلت أميركا في حالة حرب بمبرر إلحاق الهزيمة بالشيوعية العالمية والمعسكر الاشتراكي السوفييتي، فكانت الحرب الكورية في خمسينات القرن الماضي والحرب الفيتنامية خلال الستينات والسبعينات. أما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي فإن الولايات المتحدة شنت خلال عقد واحد تقريباً ثلاث حروب: حرب الخليج وحرب أفغانستان وحرب العراق ـ هذا إذا لم نذكر الحروب بالوكالة. وأحدثها الحرب التي ابتدرتها مليشيا أمراء الحرب في الصومال ضد تنظيم الإسلاميين الذي يعرف باسم «المحاكم الشرعية الإسلامية». هذه المرة «العدو» تحول من الشيوعية إلى الإسلام.. وبالتالي من «مكافحة الإلحاد الشيوعي» تحولت إلى «مكافحة الإرهاب الديني». والسؤال الذي يطرح الآن هو: متى تنتهي الحرب الأميركية على «الإرهاب»؟ كل المؤشرات المتوافرة تفيد بأنها حرب لا نهاية لها.. لأنها حرب لا تتقيد بحيز جغرافي محدد، فميدانها هو الساحة العالمية بأكملها. في هذا السياق ظهر مؤخراً كتاب بعنوان «دار الحرب: البنتاغون والصعود التدميري للقوة الأميركية» من تأليف كاتب أميركي يدعى جيمس كارول. الكتاب يتحدث عن «عسكرة أميركا»، حيث يحاول المؤلف أن يثبت أن وزارة الدفاع الأميركية هي القوة العظمى المسيطرة على رسم السياسة الخارجية الأميركية وليس وزارة الخارجية. بكلمات أخرى فإن العسكريين وليس الدبلوماسيون هم الذين يقررون التحرك الدولي للولايات المتحدة. وعلى هذا النحو فإن وزارة الدفاع تستمد قوتها الطاغية مما يطلق عليه «التجمع الصناعي العسكري» أي ائتلاف كبرى شركات تصنيع السلاح في البلاد. ما تريده شركات السلاح على الدوام هو خلق أسواق جديدة أو تطوير أسواق قائمة من أجل تصريف منتجاتها، وبالتالي فإن أسواقاً كهذه تتطلب خلق توترات تفضي إلى حروب في أنحاء العالم المختلفة، مما يتطلب بدوره تجديد وتوسيع تعاقدات شركات السلاح مع الحكومة الفيدرالية بعشرات، وربما مئات، المليارات من الدولارات تتكبدها الخزينة الاتحادية. هل يمكن القول إذن إن «الإسلام» عدو مفتعل من أجل خدمة مصالح أباطرة صناعة السلاح الأميركية؟ نعم.. إلى حد ما، لكن الاستهداف الأميركي للعالم العربي والإسلامي استهداف حقيقي من أجل حماية إسرائيل ومساعدتها لتكون القوة الاقليمية المتفوقة والمتوسعة في منطقة الشرق الأوسط. فالدول والجماعات العربية والإسلامية التي تحاربها أميركا باسم مكافحة الإرهاب هي الدول والجماعات نفسها التي تستهدفها إسرائيل *نقلا عن البيان الاماراتية |