الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 12:55 م - آخر تحديث: 01:15 ص (15: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
أ.نجيب غلاب -
الكاريزما في تأسيس الدول "صالح نموذجا"
تحاول هذه الدراسة فهم دور الرئيس صالح في بناء الدولة اليمنية الحديثة من خلال تطبيق أحد النظرية السياسية التي تحاول تفسير نشوء وبناء وتعمير الدول من خلال دور الفرد (القائد السياسي)، ثم نحاول فهم الطرح السياسي لاحزاب المشترك فيما يخص رؤيتها المتعلقة بدور الرئيس صالح وفترة حكمه؟

ونهدف من وراء ذلك إعطاء طرح وتفسير منطقي يدعم استمرار الرئيس صالح في الترشيح للدورة القادمة وضرورة تحمله للمسئولية التاريخية الملقاة على عاتقه في أكمال مسارات بناء الدولة اليمنية الحديثة ونؤسس هذا الطرح على فرضية تقول أن المشروع الوطني الوحدوي والديمقراطي والتنموي في ظل وجود منافسة على المؤسسة الرئاسية بين القوى السياسية في حالة اصرار الرئيس صالح على عدم الترشيح سيتعرض لانتكاسة وأن اليمن ستدخل في حالة صراع بين الإطراف السياسية المختلفة سيؤدي إلى إعاقة إكمال بناء الدولة ويهدد القيم الاساسية التي يرتكز عليها المشروع الوطني ويقود إلى حالة من عدم الاستقرار الداخلي ستمتد تأثيراتها اقليميا ودوليا.

وهذا الطرح نحاول أن نؤسسه على رؤية علمية واقعية ولا نفكر بمثالية بل نحلل ونفحص بهدف الفهم والبحث عن الصواب وعلى من يختلف معنا أن يستخدم عقله ويناقش ويحاور بهدف الوصول إلى ما يخدم مصالحنا الوطنية ونحن هنا لا نتحاور مع العقليات السياسية المراهقة وأصحاب العقول المنغلقة الذي تحكمها الايدولوجيا أو النزعات النفسية المريضة أو من لهم أجندة أخرى تتناقض مع استمرار الرئيس في أكمال المشروع الوطني لأننا لن نصل معهم إلى نتيجة أيا كانت المحاجة العقلية المستخدمة.

وهذه الدراسة تقف من ناحية مبدئية ضد الفردية والدكتاتورية والاستبداد بل هي رؤية تهدف لترسيخ مفهوم الدولة الحديثة وتدعيم للمشروع الوطني بصورته التي يعبر عنها الرئيس صالح والنخبة الداعمة ( وهي النخبة التي ترى في نجاح الدولة وتحقيق أهداف المشروع الوطني تجاح لمصالحها وترى أن أي مصالح تتناقض مع القيم الوطنية هي مصالح مرفوضة ومعيقة لإي تطور أو تقدم وبالتالي فأي فرد مهما بلغ تأثيره داخل النظام وينتمي إلى النخبة السياسية ويسعى لمصالحه الانانية لا نعتبره من النخبة الداعمة) وهي محاولة لتحليل وفهم الواقع بحيادية وموضوعية وليس من هدفها التزلف أو النفاق وليس لكاتبها أي ارتباط بالسلطة وليس لديه أي مصلحة ذاتية بل أن الكاتب مصنف من معارضي النظام وتم أخراجه قسرا من المؤتمر الشعبي العام بعد انتخابات 1997م رغم أنه كان يؤيد وبحماس شديد برنامج العمل السياسي للمؤتمر.

مدخل نظري:
التاريخ السياسي العالمي يزخر بأمثلة كثيرة توضح ان الفرد (القائد السياسي) يلعب دورا جوهريا في نشوء الدول وتأسيسها أو إنقاذها وإخراجها من أزماتها وإعادة تأهيلها وفق منظومة من القيم الجديدة كليا أو تأسيسها على القيم القديمة مع إعادة تفسيرها بهدف التجديد والتوائم مع المتغيرات وعادة ما تعبر تلك القيم عن المصالح الوطنية العليا التي هي من جانب آخر تجسيد لطموحات الناس ورغبتهم في مستقبل زاهر ونتيجة مصداقية الرسالة التي يحملها القائد السياسي ينال التأييد والشرعية مما يسهل علية الامر في بناء الدولة وتعميرها.
وعلى هذا الأساس يستند مؤيدي النظرية ليؤكدوا على وجود علاقة قوية بين الدور الفاعل للقائد السياسي وبناء الدولة وتحقيق نهوضها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذه النظرية حسب اصحابها تكون أكثر صدقيه في الدول الناشئة أو التي تواجه أزمات متلاحقة ولم تستقر بعد هياكلها المؤسسية والمجتمع المدني تجربته بسيطة مما يعطي القائد الفرد دورا محوريا في التأسيس وهذا لايعني ان الدول المتقدمة لا تظهر فيها تلك القيادات خصوصا في وقت الازمات بحيث يقوم القائد الكارزمي بإعادة تأهيل الدول وحلحلت ازماتها.

والنظرية لا ترى أن القائد هو الأمر الناهي والفاعل الوحيد ولكنه رمز يعبر عن الحاجات المجتمعية وعن القيم التي يسعى لتحقيقها وعادة ما يكون القائد مدعوم بنخبة فذة تساعده على تحقيق أهدافه وقيمه الوطنية وهي عادة أهداف وقيم مجسدة لطموحات النخبة والغالبية العظمي من مواطني الدولة.

وهذا الدور لا يقوم به السياسي العادي وإنما القادة الموهوبين الذي يمتازون بسمات شخصية تجعلهم قادرين على التأثير في حياة شعوبهم فهم متميزون بالشجاعة والمبادرة وقادرون على التضحية والعطاء ولديهم إرادة قوية وقدرة فذة على اختيار القرارات الصائبة ولديهم قدرات عقلية قادرة على رسم الطموحات الوطنية برؤية واضحة من خلالها يتم تجسيد القيم العليا للمواطنين وعلى هذا الاساس يكون محل ثقة الغالبية العظمى من أبناء الشعب مما يسهم ويساعد القائد والنخبة في تشكيل فلسفة سياسية نابعة من الحاجات المجتمعية.

وهذا القبول يجعلها قادرة على التعبئة السياسية وتوجيه المواطنين لقبول التغيير لصالح منظومة القيم الوطنية المعبرة عن الشرائح المختلفة المشكلة للمجتمع والدولة وبالتالي القدرة على تأسيس النظام السياسي وقبول سلطة القانون وجعل الشرعية السياسية التي يتمتع بها القائد أداة لترسيخ النظام والقانون والحصول على الاستقرار ومن تلك الفلسفة تتحدد طبيعة الهياكل والمؤسسات ومخرجات العمل السياسي على المستوى الداخلي والخارجي.

وفي المراحل الأولى للتأسيس قد تصبح هياكل ومؤسسات الدولة مرتبطة بشخصية القائد الكاريزمي بحكم التأييد الذي يحظى به وقوة تأثيره وتحكمه بمدخلات ومخرجات اللعبة السياسية ولكنها تنفصل عن شخصه تدريجيا لتصبح مستقلة وتعمل بتلقائية وفق الفلسفة المؤسسة للمشروع الوطني الذي تبناه وعمل من اجله القائد السياسي.

دور الرئيس صالح في بناء الدولة اليمنية:

أتى الرئيس صالح إلى السلطة واليمن تسير نحو وضعية أشبه بالحالة التي وصفها المفكر الانجليزي هوبز حرب الكل ضد الكل فمقتل الرئيس الغشمي بعد مقتل الرئيس الحمدي فتح أبواب الصراعات السياسية والاجتماعية واصحبت الفوضى هي الصفة الغالبة للسياسة اليمنية في ظل تدخلات خارجية لا يهمها إلا مصالح أو فرض ايديولوجيتها ووصل وضع الدولة إلى الحضيض فالمؤسسات الحكومية ضعيفة ومؤسسة الجيش والأمن تعاني من الانهيار وتعدد الولاءات وقد اجمع المراقبين أن إمكانية عادة تأهيل الدولة ونشر الاستقرار والأمن يحتاج إلى معجزة خصوصا والنظام في الشطر الجنوبي من اليمن قد أتخذ من العنف أستراتيجية متبعة لإسقاط النظام الجديد في الشطر الشمالي مستغلا حالة الفوضى التي وصل إليها الوضع في ظل نخبة سياسية وعيها وولاءاتها مشتته واصبحت عاجزة عن تكوين شبه اجماع أو توافق يخرجها من وضع الازمة ومن المعروف أن وضعية الازمة تقود إلى امرين لا ثالث لهما أما البحث عن مخرج يقود إلى الحلول أو الإغراق فيها للوصول إلى الموت والمشكلة ان كثير من القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية كانت تطمح للسيطرة على السلطة ولكن في حالة الفوضى والاضطراب يهيمن الخوف على كل طموح وفي وضعية مثل هذه تبرز شخصيات فريدة تمتاز بالجراءة والشجاعة وتغلب عليها روح المبادرة وعندها قدرة على الحركة التي لا تكل ولا تمل تبحث عن مخارج وحلول وهذه الشخصيات عادة ما تحمل عاطفة قوية مؤسسة على الحلم بمستقبل زاهر والتواصل الوجداني مع الآخرين وتحيط بها هالة من الحماس والتفاؤل والحب للعمل الذي تقوم به ولديها رؤية سياسية مما يجعل تأثيرها في الآخرين فاعل ويدفعهم نحو التأييد لتلك الشخصية وفي الحالة اليمنية ارتبطت تلك الصفات بالرئيس على صالح وبالتالي فقد آتى إلى السلطة بقناعة تامة من قبل الاطراف المتصارعين على السلطة وراءوا فية القائد المستقبلي القادر على اخراج الوضع من حالة الأزمة إلى آفاق جديدة متجه نحو الأمن والاستقرار.

بعد وصول الرئيس إلى السلطة أعتقد البعض في الدخل والخارج أنه قادر على توجيهه فيما يخدم مصالحهم الانانية أو أفكارهم الايديولوجية وقد أصيب الجميع بخيبة أمل فالرئيس كان يحمل مشروع وطني تدعمه نخبة وطنية ناضجة ملت الصراعات السياسية والأرتهان للخارج وحسمت أمرها لصالح الثورة ومبادئها والعمل على التأسيس لمشروع وطني جديد مؤسس على القيم الوطنية التي أسست لها الثورة اليمنية وقادر على التوائم مع المتغيرات والبئية المحيطة وذلك من خلال بناء دولة قوية وحديثة وقادرة على حمل المشروع بقوة وقتدار وثقة.

كان من الصعوبة بناء وتأهيل الدولة دون خلق توافق بين القوى السياسية واستيعاب القوى الاجتماعية المختلفة وبناء علاقات دولية مؤسسة على مصالح الدولة ليس إلا والعمل ايضا على تحسين الوضع الامني والمعيشي للناس وبالتالي فقد اتحه الرئيس والنخبة الدعمة نحو خلق الآليات الضرورية لتجاوز الصراع على السلطة بوسائل عنيفة وكان بناء مؤسسة امنية وجيش قوي يكون ولائه للنظام السياسي يمثل أولوية ملحة مدعومة بنخبة سياسية واجتماعية منظمة لها مشروع وطني متماسك يعبر عن طموح اليمنيين حتى يكون النظام والمجتمع قادر على التأسيس للتنمية بمفهومها الشامل وبالتالي يستطيع اليمن بناء سياسة خارجية متوازنة تعيد لليمن مكانته داخل المنظومة العربية وتمنحة الاستقلال والسيادة والفاعلية في المنظومة الدولية.

وقد استطاع الرئيس تدعمة نخبة متمكنة وفذة أن يبني مشروع وطني ناضج أنتجته الإرادة اليمنية فكان محل اتفاق الجميع تجسد ذلك المشروع بالميثاق الوطني الذي شكل الفكر المؤسس على القيم والمصالح الوطنية العليا وبالتالي الدليل النظري والفكري لابناء اليمن على المستوى الداخلي والخارجي.

ومع توافق القوى السياسية وخلق التوازنات الاجتماعية والسياسية ومشاركة الجميع في السلطة اصبح القائد ونخبته يسعون نحو بناء الدولة وأنزال اهداف المشروع إلى الواقع ورغم المعوقات الكثيرة إلا أن الرئيس بما يمتلك من مؤهلات واستخدامه للحور والتسامح وإيمانه بمشاركة الجميع بالسلطة والثروة في ظل ايمان بالحسم والقوة للحفاظ على سيادة واستقلال واستقرار اليمن استطاع أن يتجاوز الكثير من تلك المعوقات وان لم يحسمها بشكل نهائي لظروف ترتبط بالبئية المحيطة ومازلت بعض المعوقات تعمل حتى اللحظة الراهنة رغم الضعف الذي أصابها.

وكانت الوحدة تمثل أهم المرتكزات في المشروع الوطني وهي الهدف المركزي في النسق السياسي للرئيس فقد سعى لتحقيقه وعمل قبل الوحدة على تجاوز فكرة العنف كاستراتيجية لتحقيق الوحدة وأسس لاستراتيجية سلمية قائمة على الحوار والعمل على تحقيق الامن والاستقرار في الشطرين وتكوين مؤسسات وحدوية تعمل على تهيئة الظروف لاعلان الوحدة وكان لديه عقيدة تقوم على ان الوحدة مسألة حتمية ومع تحقيق الوحدة وربطها بالديمقراطية انتقل المشروع الوطني نقلة نوعية وتم إعادة بناء المشروع الوطني ليتوافق مع المتغيرات المحلية والعالمية وأصبحة الفلسفة الدافعة نحو بناء الدولة اليمنية هي الهدف السامي للقوى السياسية.
ولكن المشروع الوطني تعرض لتهديد عرضه لاخطار جسيمة نتيجة صراع القوى السياسية على السلطة والثروة وفق آليات متناقضة مع المشروع الوطني وقيم الدولة الحديثة وقد اسهمت المصالح الانانية والقوى الخارجية على تعميق الصراع واصبح الوطن كله في مهب الريح.

وأدار الرئيس صالح الازمة السياسية وفق القيم الوطنية للمشروع والدولة الحاملة له وكانت الحرب هي الأمر الحتمي لحماية المشروع الوطني من السقوط خصوصا بعد استخدام كل الوسائل لحلحلة الازمة واصبح الاستسلام لمشروع الانفصال خيانة وطنية وهي من جانب أخر متنافضة مع العقيدة السياسية للرائيس صالح المتعلقة بضرورة العمل بسرعة وقوة للدفاع عن قيمة السياسية فكيف عندما تصبح كل القيم مهددة؟
ومع انتصار الوحدة تبنى الرئيس سياسات كثيرة تصب لصالح بناء الدولة والدفع نحو الامن والاستقرار وتعزيز المشروع الوطني لعل أهمها إعادة بناء التوازنات الداخلية والاصلاح المالي والاداري والتركيز على فلسفة الانجاز واحداث تعديلات دستورية والعمل على تجاوز المخلفات السلبية الناتجة عن الازمة والحرب.

وواجهت اليمن بعد الحرب ظروف إقتصادية صعبة وأنتشرت كثير من السلبيات في المجتمع ومؤسسات الدولة ودخلت القوى السياسية في المعارضة والسلطة وضعية الحرب الباردة على مصالحها واستخدمت بعض القوى الخارجية المعارضة في الخارج ونتيجة للاصلاحات الاقتصادية المتلاحقة تأثرة الحياة المعيشية للمواطن تم أستغلال ذلك من بعض القوى السياسية في الداخل لتهديد الدولة والمشروع الوطني كل ذلك سبب مشاكل كثيرة لليمن وأصبح الأمن القومي مهدد مرة أخرى وعمل الرئيس باستراتيجية تقوم على تفعيل القيم التي تؤسس للمشروع الوطني وأعلاء قيمة الدولة وهذا جعله يعيد بناء التحالفات وتخلى عن سياسة أي توافق لا ينسجم مع الدستور والقوانين المنظمة للدولة وهذا دفع مراكز القوى خصوصا الفاسدة منها للتحرك نحو أشباع مصالحها قبل أن يتم تصفيتها واستغلت نفوذها وتواجدها في السلطة لتضخيم مكاسبها وعبر الرئيس عن أستيائه من خلال الاعلان عن مواجهة الفساد واتخاذ الكثير من السياسات لمعالجة وباء الفساد وبناء مؤسسات جديدة لتدعيم الأمن القومي ومواجهة معوقات بناء الدولة وعمل على إعادة تأسيس النخبة بأدخال قوى جديدة من أصحاب الخبرة والاختصاص ورجال الدولة من العناصر المتعلمة والتي تثقفة ثقافة عصرية وتحمل روح الشباب.

ونتيجية ذلك بداءت القوى المضادة المتحدية للمشروع الوطني والفاسدة وأصحاب المصالح الانانية بتوظيف قوتها لمقاومة اي إصلاحات وفي تصوري أن بناء الدولة لم يكتمل بعد ومازال مهدد ويحتاج إلى وقت وقائد قوي وتلك القوى يعرفها الرئيس صالح وهو القادر على محاصرتها وخنقها خصوصا وكل الظروف المحلية والاقليمة والدولية ستكون عوامل داعمة للامن والاستقرار الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال أكمال بناء الدولة وتحقيق القيم المؤسسة للمشروع الوطني حتى يتحقق التطور والتقدم وتصبح اليمن قادرة على المشاركة الفاعلة بفاعلية في عالم القرن الواحد والعشرين.

الرئيس صالح كقائد كاريزمي:

من جانب آخر يؤكد أصحاب النظرية أن القائد الكاريزمي يمارس ثلاث آليات ليكون قادر على امتلاك القوة والنفوذ والتأثير ليقوم بالدور المطلوب لتحقيق بناء الدولة وهي تكوين صورة الذات (Image-formation) نقل صورة الذات (Image-Communication) دعم صورة الذات (Image- Reinforcement) وسنحاول اختصار هذه الآليات بمحاولة تطبيقها على الرئيس صالح.

بتطبيق هذه الآليات على الرئيس صالح نجد أن الرئيس صالح منذ البدايات الأولى لحكمة استطاع أن يخلق القبول والشرعية من خلال قدرته على إبداع آليات اتصال عالية الجودة مع كافة الشرائح الاجتماعية والقوى السياسية المختلفة وحقق التوافق والتوازن من خلا ل الميثاق الوطني الذي جسد القيم العليا لأبناء الشعب اليمني وأصبح الرئيس نقطة التقاء كافة التيارات السياسية التي احتواها المؤتمر الشعبي العام واستطاع أن يحقق الاستقرار في الشطر الشمالي قبل الوحدة وظلت الوحدة الهدف المركزي في حركته السياسية ومع تحقق الوحدة وربطها بالديمقراطية اكتملت صورة القائد الكاريزمي.

وأكد الرئيس صالح صورته الكاريزمية بدفاعه عن الوحدة وهزيمته للمشروع الانفصالي وعمله الدائم على إشاعة فلسفة دولة النظام والقانون في مجتمع ظل تاريخيا ينزع للاستقلال وعدم الرضوخ للسلطة المركزية وقد استخدم الرئيس بقدرة فائقة القوى المناصرة لرؤيته السياسة خصوصا القوى الحداثية التي كانت معزولة في مجتمع تقليدي وتم هزيمتها أكثر من مرة وابرز دورها ومنحها الثقة لمواجهة عوائق بناء الدولة وهي كثيرة وعمل جاهدا على تحييد تلك العوائق بتحالفاته المتنوعة.

وحاول أن يخلق انسجام بين مختلف القوى لتدعيم الاستقرار والامن حتى يتم بناء الدولة ونتيجة خوفه من سقوط مشروع الدولة فقد تحالف مع القوى التقليدية داخل المجتمع وتلك التحالفات كانت تهدف إلى إمتصاص النزعات والصراعات وهضم تلك القوى أو تحييدها لصالح بناء الدولة العصرية فقد استطاع بجدارة إدخل القبيلة في معادلة الدولة وتحالف معها بهدف استيعابها ومحاصرة المقاومة التي تبديها للدولة وقوانينها ولكن قوة التيار القبلي والعقلية القبيلة التي تعاملت مع الدولة كغنيمة جعلها تبدو للمراقب قوة أضعفت الدولة وعرقلتها كثيرا ولكن في المحصلة النهاية ومع الوقت تم إدماج القبيلة وأصبحت أكثر مرونة في الدفاع عن الدولة وقوانيننا وأكثر رغبة في التحاكم إليها والدفاع عن مصالح أبنائها من خلال آليات المشروع الوطني ومع الوقت ستتحول القبيلة إلى أداة ايجابية حامية للدولة ومدافعة عنها.

وتحالفات الرئيس المختلفة كانت ضرورة سياسية للحفاظ على مصالح جميع الفئات المتعارضة حتى يكون القائد السياسي مقبول وخادم لجميع الإطراف لخلق صورته الايجابية التي تجعل منه نقطة التقاء للقوى المتصارعة التي تقبل قيادته وتتجسد فيه الوحدة والانسجام مما يسمح له بتحقيق التوافق خصوصا في المراحل الأولى لإعادة البناء حتى يكون قادرة على تمرير المشروع والرؤية السياسية المؤسسة للمشروع الوطني وللدولة الحديثة.

وقد انتقد البعض تلك التحالفات ونقول نعم قد تحدث أخطاء ويصاب المشروع بالقصور ولكنها أمور حتمية بحكم البيئة المحيطة التي يعمل فيها القائد السياسي فقد تنزع بعض مراكز القوى المشكلة للنظام أما نحو الهيمنة وضرب الاطراف الأخرى أو تحيد عن الأهداف المؤسسة للمشروع أو تنزع لتحقيق مصالحا الانانية وخلال عملها تلجأ لإحيا الولاءات الدنيا ومختلف الادوات كالفساد وغيرها من القيم السلبية المعيقة لبناء الدولة بل أن البعض قد يستخدم العنف وهذا قد يعيق عمل القائد في التعمير ويصبح همه حلحلت مشاكل القوى الداعمة للنظام ولكن الرئيس صالح أثبت أنه قادر على الحزم في اللحظة التي يحس أن المشروع الوطني مهدد.

وهذا يفسر تخلي الرئيس عن بعض التحالفات السابقة والتي شكلت في بعض جوانبها أعاقة لمشروع دولة النظام والقانون وإجبارها على الرضوخ لفكرة الدولة العصرية وأنظمتها وقوانينها ومحاصرتها ولكن بشكل يجعلها مؤيدة ولكن حركتها اصبحت غير فاعلة.

وكان الرئيس على قناعة مع النخبة السياسية الحديثة أن خطابه السياسي مع الزمن قادر على فرض نفسه لذلك عمل الرئيس على تطوير مشروعه السياسي مدعوم بنخبة سياسية وثقافية مع الوقت تجسد في الدستور والأنظمة الصادرة والهياكل والمؤسسات المختلفة.

وبذلك استطاع الرئيس أن يدعم صورته لدى الجماهير وأنصاره أنه المدافع عن طموحاتهم وان قدراته وخبرته تزداد مع الوقت وأكد الرئيس خلال فترة حكمه أنه على استعداد للتضحية والالتزام بحماية المصالح العليا مهذا عمق ثقة الناس بقيادته.

ولابد أن نشير أن القائد يحتاج إلى أدوات لدعم صورته وابراز انجازاته وما يقوم به الإعلام الرسمي والأحزاب المؤيدة للرئيس هي آلية ضرورية للحفاظ على شرعية القيادة حتى تكون قادرة على تعبئة الجهود الوطنية لإكمال مشروع بناء الدولة وأن كان هناك مبالغة من البعض في الطرح مما يجعله اقرب إلى الخداع ويتحول إلى أداة سلبية لا تساند القائد وتعيق تحقق القيم التي تدافع عنها، وهذا يتطلب في المرحلة القادمة أن يكون الاعلام إداة لدعم الصواب وممارسة النقد الايجابي البناء بكشف السلبيات والاخطاء وان تصبح إداه داعمة للقائد والمشروع الذي يدافع عنه وليس إداة للتعمية ولن يضيرها شيء أن تكشف الحجب عن الفساد التي قد تمارسه النخبة الداعمة ومحاورة القائد بأدب عالى وهذا لا يعني عدم ممارسة النقد ومناقشة الرؤى المطروحة من قبل القائد بحكمة واحترام وهذا أمر مهم فالقائد السياسي يمثل رمز للوطن كل.

واستطاع الرئيس أن يدعم صورة الذات من خلال تميزه والتزامه بالثقافة الاسلاميه وخطابة السياسي لم يتأثر بأي ايديولوجية بل ان الاسلام هو المصدر الاساسي لخطابة السياسي ولم يتبنى العلمانية وعمل على اقناع النخب الحديثة أن الاسلام قادر على استيعاب قيم الحداثة وبالتالي فقد لعب دور اساسي في كبح العلمانية المتطرفة.
كما أن الرئيس نموذج للمواطن اليمني الذي ينتمي للغالبية العظمى من اليمنيين وبالتالي جسد طموحهم فهو رمز للمناضل الجسور الذي أثبت نفسه باستناده على القيم التي يدافع ويقاتل من اجلها كل اليمنيين.

وتميز بقدرته في استخدام عقله وأحاط نفسه بأهل الخبرة والمعرفة ومعظم القرارات المصيرية كانت نتاج مشاورات طويلة مما جعلها مؤسسة على حسابات دقيقة وقادرة على فهم الواقع كما هو وبالتالي حققت نجاحات في تدعيم الدولة برؤية عقلانية ومتزنة ومعبرة عن مجموع القوى المشكلة للنظام وهي قوى وطنية تعمل على إنجاح الدولة وتحقيق اهداف المشروع الوطني.
وهكذا استطاع الرئيس أن يدافع عن مشروعه السياسي بحكمة وشجاعة وهذا ماجعله يتعامل مع معارضية وخصومة بعقلانية ولم يعرف عنه أنه متهور مما جعل الكثير يمنحوه الثقة وجعل معارضية يمارسوا النقد بكل قوة يصل احيانا إلى درجة الاسفاف دون ان يتأذى أي منهم.

من جانب آخر تعامل الرئيس مع أعداء الدولة والقوى المعارضة للمشروع الوطني ودولته الحاملة له بحزم شديد من خلال ممارسة القوة بمفهومها المادي المباشر ولكن هذا السلوك ليس إلا حل اخير لحماية القيم الوطنية من الانهيار وبعد استخدام الوسائل المختلفة ذات الطابع السلمي ورغم ذلك فعندما تنتصر القيم والمصالح العليا للوطن ويصبح المشروع الوطني في مأمن يتسامح الرئيس بشكل يذهل الاعداء قبل الحلفاء، وكل ذلك دعم صورته كقائد كاريزمي.

ونجح الرئيس بجدارة أن يدعم صورته ايضا من خلال خطاب سياسي ومواقف قوية في الدفاع عن استقلال القرار اليمني الخارجي وفي دعم القضايا العربية والاسلامية وجعل القرار الخارجي قرارا فاعلا في خدمة المصالح الوطنية.

وتجربة الرئيس صالح لم تكن خالية من الأخطاء فلقائد الكاريزمي ربما تصبح أخطاءه كثيرة بحكم حركته وفاعليته ولكنه قادر على تجاوز تلك الأخطاء وقد يمارس القائد السياسي الخطاء وهو على قناعة أن نتائجه الحتمية ستخدم مشروعة في نهاية الأمر وهذا الامر لا يدركة إلا القادة الذين يتمتعون برؤية ثاقبة قادرة على اسشراف المستقبل فمثلا التحالفات التي اقامها الرئيس مع بعض القوى السياسية والاجتماعية والتي يعتبرها البعض انها اضعفت الرئيس ولكن لولا تلك التحلفات التي اسهمت في خلق التوافق السياسي والذي جعل حركة بناء الدولة اكثر فاعلية رغم السلبيات التي نتجت عن ذلك ولكنها الضرورة التي تبيح المحظور وكان الهدف الحد من القوى المضادة المنظمة وغير المنظمة التى حاولت القضاء على المشروع الوطني من البداية.

وبدراسة تجربة الرئيس صالح نجد أنه يتمتع بجدارة بمقومات الشخصية الكاريزمية التي عملت جاهدة من اجل بناء اليمن الحديث وتحمل مشروع وطني متكامل اسهم في التأسيس للدولة اليمنية وفق رؤية عصرية متوافقة مع التغيرات والتحولات المحلية والدولية وان المشروع قطع أشوط كبيرة وأصبح قادر على الدفاع عن نفسه وأصبحت الدولة أكثر قدرة وثباتا مقارنة بالمراحل التاريخية السابقة فالهياكل المؤسسية للدولة أصبحت شبه مكتملة وتحتاج إلى تطوير وتفعيل وإضافات وهي مدعومة بكوادر أصبحت تحمل الخبرة كما أن الفئة التقنوقراطية المحترفة أصبحت كبيرة وتعمل جاهدا لخدمة المواطنين حسب الإمكانات المتاحة كما أن الهياكل المؤسسية بشكلها الحالي تعبر عن طموح أبناء الشعب ومازلنا ننتظر الكثير من مشروع الإصلاحات الشاملة التي يتحدث عنها الرئيس لإكمال البناء والتعمير.

ومن الواضح أن الرئيس في المرحلة الحالية يطرح مشاريع اصلاحية شبه شاملة مدعومة بقوة من النخبة التي اخذت في التوسع لصالح القوى المتعلمة والمتخصصة والتي تحمل افكار عصرية وهي نخبة معبرة عن الشرائح الاجتماعية المختلفة.
ولعل أبرز تلك الاصلاحات التي بدأت تظهر بوضوح إصرار الرئيس والنخبة السياسية وفق اليآت منظمة وأجراءات واضحة لمكافحة الفساد وفي حالة تفعيلها وتطبيقها ستكون قادرة على محاصرة وباء الفساد كحالة مرضية معيقة للبناء التنموي ولمختلف الاصلاحات الأخرى ورغم المخاطر الناتجة عن ذلك ونزوع البعض لمقاومة ذلك أما بالتآمر أو بإعلان المعارضة أو بدعم المعارضة بشكل غير مباشر لتهديد الرئيس في التراجع عن سياساته الإصلاحية واقناعة أن ذلك قد يهدد شرعية النظام ويجعله يفقد الكثير من أنصاره ولكن تلك القوة تفكر بعقلية ماضوية وتجهل كثيرا الحراك الاجتماعي والسياسي ورسوخ فكرة الدولة لدي الغالبية العظماء من أبناء الشعب ونشوء فئات جديدة غير قادرة على تحمل أعباء تلك التحالفات وعلى استعداد للتضحية ببسالة من اجل المشروع الوطني ودولته الحديثة.

أحزاب المشترك وممارسة الدعاية السوداء؟

ولاثبات الفرضية التي تستند إليها الدراسة لابد من تناول دور المعارضة فيما يخص دور القائد الكاريزمي والمتمثل هنا في الرئيس صالح .
يمكن القول ابتدء ان أحزاب المشترك لا تجمعها أرضية أيديولوجية واحدة فهي أما قومية لم تفهم بعمق أن الدولة الوطنية وبناءها هو المقدمة الضرورية لإي مشروع عربي مستقبلي وعليها أن تدرس مشروع الدكتور محمد جابر الانصاري حتى تكون قادرة على ممارسة النقد الذاتي لتجاوز اغراقها في التفسيرات والطرح الذي يهدد المشروع الوطني وأنا على قناعة أن الناصريين رغم أنهم جناح ضعيف إلا انهم يمثلوا كنترول للمشترك وحمايته من التهور خصوصا فيما يتعلق بالاستقوى بالاجنبي واستغلال ضغوطه لتخويف النظام السياسي.

أو حزب حداثي في الخطاب لا الفعل فالحزب الاشتراكي يطرح الحداثة وفق رؤية مثالية متجاوزه للواقع اليمني وعليهم دراسة تجربة الدولة الحديثة في أوروبا وفي المنطقة العربية وتطوراتها فلا يمكن القفز في مجتمع تقليدي إلى الحداثة السياسية دون اشكاليات لا حصر لها وهناك اطراف داخل الحزب الاشتراكي غارقة في الولاءات الدنيا وتفسير العمل السياسي من خلال المصالح الانانية للذات مما جعل حركتها متناقضة مع المشروع الوطني، وفي تصوري أن الحزب يحوي كوادر وطنية مثقفة وتملك من الخبرة ما يجعل منهم رجال دولة حقيقين ولها رؤية عصرية وعقلية مرنة منفتحة ويستطيع الحزب أن يبني معارضة ناضجة ومستقلة عن المشترك بل أرى أن بناء تحالف بين الحزب والمؤتمر لصالح بناء الدولة اليمنية الحديثة سيمثل نقلة نوعية للمشروع الوطني ويسهم في الامن والاستقرار وبالتالي دعم للرئيس في إنجاز الاصلاحات القادمة.

أو أصولية متدثرة برؤية عصرية في الجانب السياسي لإخفاء حقيقة وطبيعة المشروع الذي تعمل من أجله وممارسة النضال السياسي وفق عقلية متحمسة لمشروعها السياسي ولكن افراطهم في الخصومة ونزوعهم نحو الصدام نتاج فقدان مصالح اعاق توازنهم الفكري وعليهم أن يدركوا أن خروجهم الجزئي من السلطة(لأنهم مازالوا مشاركين بطريقة أو بأخرى في النظام السياسي) وضعف تحالفهم مع الرئيس وتوسع دائرة النخبة العصرية ذوي التوجهات الليبرالية لا يعني نهاية المطاف وعليهم أن يشتغلوا في دائرة المشروع الوطني الذي دعموه وساهموا في تأسيسة وعليهم ان يفكروا بعقلية الحزب المدني لا الحزب الديني وعليهم أن يؤسسوا لطرح يقبل الحداثة ويهضمها بقناعة وممارسة السياسية وفق المبادئ التي يدافعوا عنها وأن لا تتحول السياسة إلى ممارسة ميكافيلية لتحقيق الاهداف الخاصة للحزب.

وعلى الاصلاح كبح جماح المتطرفين والباحثين عن الفوضى ومحاصرة المشروع الذي يؤيد الإنقلاب أو الثورة سلمية كانت أو عنيفة تحت أي مبرر لأن ذلك ليس إلا دعوة للتدمير وخنق للمشروع الوطني ولن تكون الحركة الاسلامية قادرة في حالة الصراع الصفري قادرة على ضبط ايقاع الصراع وستكون اول الخاسرين ولكن بعد إرهاق للدولة وأعاقة المشروع الوطني من تحقيق أهدافه رغم قناعة المتطرفين أن أختراقهم للسلطة وباعتبارهم حزب منظم ومنتشر سيجعلهم قادرين على توجيه المسار لصالحهم ومن ثم قطف ثمرة السلطة وهذه من وجهة نظري رؤية عمياء متجاهلة للواقع المحلي والدولي وغير مبنية على رؤية عقلانية ولكنها مبنية على حماس ثوري مؤسس على تفسيرات ناقصة للفكر الاسلامي.

أما الحزبين الاخرين المشكلين للمشترك فهما في التحليل النهائي ينزعان نحو الطائفية وهما تجمع للفئات الارستقراطية الهاشمية التي خسرت مواقعها لصالح شرائح اجتماعية جديدة ولا تحمل أهداف واضحة وهي محاصرة داخل ذاتها وليس لها بعد جماهيري رغم أن صوتها مرتفع ومزعج وهي تحتوي على كوادر مؤهلة وخبيرة في ممارسة العمل السياسي وهذا جعلها قادرة على أخفاء هويتها وحقيقة مطالبها ولكنها من وجهت نظري رغم المقاومة التي تبديها أنها أكثر القوى السياسية قدرة على التعامل مع السياسة كفن الممكن في حالة تحقيق مصالحها وهذا المصالح لا يمكن تحقيقها وفق آليات الديمقراطية وبالتالي فتحالفها مع النظام هو الحل وهذا الامر مستبعد في ظل وجود أغلبية هاشمية تمارس السياسة وفق آليات المشروع الوطني وليس لهم رؤية طائفية ولا عقد مسبقة وتتعامل مع السياسة بعقلية المواطنة بمفهومها الحديث ولانها كفؤة ومتميزة فهي متواجدة في السلطة لذلك في تصوري أن المجموعة الطائفية ستظل مزعجة وسيدفع البعض منها الامور نحو الصدام ويمثل دفع متطرفي الاصلاح نحو الصدام مع النظام السياسي احد الخيارات المطلوبة وفي هذه الحالة فأنهم يمارسوا السياسة بهدف الانتقام نتيجة خسائرهم المتلاحقة وما تأييدهم الواضح للحركة الحوثية إلا نتاج تلك العقلية واي إشكاليات تصيب تلك الاحزاب تتهم السلطة فمثلا إنقسام حزب اتحاد القوى الشعبية هو في حقيقة الأمر نتاج خلل في المنظومة الفكرية والعملية التي تسير الحزب واتهام السلطة دون ممارسة النقد الذاتي نوع من الهروب وعدم قدرة على حل التناقضات التي تحكم الحزب.

وليس بخافي على المراقب لواقع تلك الاحزاب والمتابع لتاريخها ولمنظومة الافكار الحاكمة لها أنها أحزاب لا تجمعهم منظومة قيمية واحدة تعكس هوية سياسية موحدة قادرة على تحديد أولوياتهم في الفكر والعمل فالتناقض هو الأمر الطبيعي ولكنهم متفقين خصوصا بعد هيمنة المتطرفين داخل المشترك على إفشال مشروع الدولة اليمنية الحديثة الذي يعبر عنه الرئيس صالح والنخبة السياسة العصرية الداعمة له وعلى الرغم أن المشترك قد لا يختلف في الشعارات العامة عن المؤتمر الشعبي العام وعن الفصائل السياسية الأخرى في الساحة اليمنية ولكنه يقدم رؤية وأجندة مختلفة وكل طرف داخل المشترك له أهداف وإغراض مختلفة في الدفاع عن تلك الرؤى والاجندة.

والاستراتيجية الواضحة والمتبعة للخطاب الاعلامي للمشترك يلاحظ هيمنة فكرة أن خنق الدولة ومشروعها الوطني لا يأتي إلا من خلال تدمير القائد والنخبة الداعمة وهذه الفكرة مؤسسة على أنه لا يمكن الهيمنة والسيطرة في ظل وجود قائد كاريزمي بوزن الرئيس على صالح ونخبة قوية تمثل الغالبية العظمي من شرائح المجتمع اليمني ومن هنا كان لابد من تشويه صورة الرئيس وتدمير المرتكز الكاريزمي في شخصيته وتشويه صورة النخبة الداعمة للمشروع من خلال التشكيك بأهم المرتكزات التي يقوم عليها النظام ومشروعه السياسي فهي تشكك بالوحدة وتشكك بأن الرئيس يتحرك ضد منظومة النظام الجمهوري من خلال اتهام النظام بأنه يقوم بالتأسيس لفكرة التوريث وسندهم الوحيد هو تعيين أبناء النخبة في مواقع قيادية (هذا التفسير مبالغ فيه وله تفسيرات أخرى ومحكوم بحسابات مختلفة لا علاقة لها بفكرة التوريث وهي اشبه بحسابات الاصلاح في تلميعها لقيادات شابه لتحتل مواقع اقاربها أنشاء الله بعد عمر طويل) وعادة ما تسعى المعارضة لنسف كل المنجزات الديمقراطية بل أن البعض يرفض وجود الديمقراطية وتنفي أي انجاز تنموي أو أي تطور في كافة المجالات بل لديها اعتقاد أن الفساد والخراب والدمار هو الحاكم لكل شيء ويكفي قراءة مقدمة برنامج العمل السياسي للمشترك للتضح رؤيتهم في تشويه النظام ناهيك عن المقالات والندوات والمحاضرات والمهرجانات .....الخ كلها تصب في اتجاه يرفض كل شيء ويعمل على تشويه النظام بكل الوسائل المتاحة وحركته مرتكزة على البعد الاعلامي وبالتالي ممارسة دعاية هي أشبه بالدعاية السوداء المشككة والساعية لتدمير سمعة النظام فالبحث عن الحق ليس من أولوياتها.

ويقوم المشترك باستغلال الأوضاع الاقتصادية السيئة ويفسرها وفق الاستراتيجية المتبناه مع تجاوز الظروف الموضوعية التي يدركها الجميع لعل أهمها قلة الموارد وتزايد الطلب عليها بسبب الزيادة السكانية وتضخم المطالب المجتمعية وتزايد المتطلبات التنموية وأيضا استغلال تفشي الفساد في القطاعات الحكومية لأسباب كثيرة اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية وتنظيمية ويتم تضخيم الحالة إلى دراجة الاعتقاد أن كل شيء فاسد في اليمن فمن يقرأ صحف المشترك يعتقد أن جهنم ارحم من العيش في اليمن ونحن هنا لا ننفي أن الحكومة بمؤسساتها لابد أن تتحمل نصيبها من المسئولية لكن الإشكالية أن المشترك لم يقدم دراسات موضوعية قائمة على فحص التجربة وفق عقلية مرنة تربط بين المنجز والواقع التاريخي لليمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي بهدف التقويم والتعديل والمراجعة ووضع البدائل الواقعية لإصلاح أوضاعنا المختلفة وتقديم الخطط والبرامج والإجراءات الواضحة والواقعية والقادرة على التعامل مع البيئة اليمنية وتجربتها السياسية.

ويمكن القول أن تلك الاستراتيجية أضعفت المشترك حيث وقع في خطاء استراتيجي افقده قدرته على الحركة والفعل الايجابي فأقام مشروعة السياسي على نفي كل شيء وعلى فرضية مسبقة غير محققة أن التجربة السابقة فاشلة وقدم مشروع حالم ومتناقض وناقص وغير قادر في بعض جوانبه التعامل مع التجربة اليمنية الناشئة وقام باتهام الرئيس وتحميله كل السلبيات التي يتحدث عنها ويسعى جاهدا بحملة منظمة بدقة لتزييف الوعي الجماهيري بممارسة دعاية فجة لتشويه كل شيء خصوصا تشويه صورة الرئيس صالح وأنه أداة تدمير وانه لا يحمل أي مشروع لبناء الدولة وان نظامه السياسي بكليته لا يحمل أي مشروعية؟؟؟

وهذا الكلام غير مبالغ فيه فالمتابع للمنتج الإعلامي للمعارضة السياسية في اليمن وخصوصا التي تبنت الأجندة السياسية للمشترك يجد أن أغلب المقالات الصحفية متشائمة تصب جام غضبها على الرئيس صالح والنخبة السياسية واتهامها بالفساد والتخريب وهكذا يمكن القول أن الفقه السياسي للمعارضة يغلب عليه التمحور حول شخصية الرئيس وتحميله كافة الأخطاء بما فيها الأخطاء التي اقترفتها أحزاب المشترك وفي تصوري لا يوجد معارضة على المستوى العالمي يرتكز مشروعا على تشويه رأس النظام السياسي إلا المعارضة اليمنية ورغم كل ذلك لم يتعرض أي من كتاب المشترك لأي أذى لأنه لو تعرض أي منهم لكان الرئيس متناقض مع مشروعة السياسي ومن صفات الشخصية الكاريزمية التسامح وموجهة الخصوم بالمبادئ التي يؤمن بها ويسعي لترسيخها وحرية الصحافة هي احد مرتكزات المشروع الديمقراطي الذي يدافع عنه الرئيس ويعمل من اجل تحقيقه بصورته المثالية.

ويمكن الإشارة هنا أن المشترك لم يدرك أن المؤسسة الرئاسية هي مرتكز النظام وهي المؤسسة الأكثر حيوية والقادرة بحكم السلطات الممنوحة لها في الدفع بالإصلاحات لتصل إلى مداها النهائي في المرحلة القادمة وهذه المؤسسة ليست تعبير عن شخصية الرئيس بالمعنى الذاتي للشخصية وإنما قراراتها هي تعبير عن رؤية سياسية تنتجها وتدعمها نخبة سياسية لها امتداد وأنصار في كافة المستويات وهي التي تمنح النظام الشرعية والقدرة على الفعل في إحداث التغيير المطلوب وقد تبدو المؤسسات الأخرى مرتبطة بالمؤسسة الرئاسية بفعل قوة وتأثير الرئيس ولكن في حقيقة الأمر المؤسسة الرئاسية تلعب دور الكنترول المتحكم بمسارات المؤسسات حتى لا تخرج عن مساراتها الدستورية ولا تتحول إلى أدوات بيد مراكز القوي وتعيق المشروع الوطني من الاكتمال ومؤسسة الرئاسة في حالة من التطور وعندما تصبح الدولة أكثر استقرارا ورسوخا يمكن إعادة بنائها بناءا على رؤية علمية ناضجة وبما يتوافق مع البئية اليمنية ويحقق المصالح العليا للوطن.

عموما يمكن اختصار مشروع الإصلاح السياسي للمشترك بأنه مشروع لاستهداف شخصية الرئيس وتجربته السياسية ومشروعة في بناء دولة النظام والقانون فقد حمل الرئيس كل السلبيات الموجودة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وصورته أنه صانع كل المصائب وهذا يدل على رؤية لا عقلانية وعجز عن تقديم رؤية تاريخية موضوعية لفهم الواقع السياسي وطرح رؤية واقعية للإصلاح السياسي كما انه يحمل في طياته رؤية انقلابية لكل المنجزات التي حققها أبناء اليمن بقيادة الرئيس صالح مما يجعل خطابهم خطاب استبعادي متخلف عاجز عن ممارسة السياسة بشكلها الصحيح وازعم هنا أنهم يمارسوا السياسة بعقلية مراهقة تنقصها الخبرة والاحتراف.

وهذا جعل الخطاب السياسي للمشترك يعاني من الضعف والركاكة رغم الحماسة والثورية ونزعة المقاومة لكل شيء مما جعله عاجز عن تقدم تحليلات سياسية واقعية وعلمية قوية ( إلا فيما ندر ونحن نتحدث عن الصفة الغالبة على الخطاب ) قادرة على فهم الواقع وتحليله برؤية منطقية وعلمية فعرضه القضايا الوطنية تتم في ظل عموميات خالية من المعلومة وفيها سطحية وتركيز على رمز النظام السياسي دون احترام لتاريخه السياسي وتضخيم للجانب السياسي مما افقده عمق العرض وشمولية التناول كما أن خطابها خطاب يحمل في عمقه للتشاؤم واليأس وهذا جعل منه خطاب تخويفي وبالتالي عاجز عن البناء والتعمير والتقدم.

لماذا نؤيد ترشيح الرئيس صالح للدورة القادمة؟

أولا: ان المرحلة القادمة هي مرحلة الحسم لصالح المأسسة السياسية بعد أن وصلنا إلى مرحلة من الوعي وتسعت دائرة المناصرين المؤيدين للنظام والقانون واصبحت القوى المقاومة للدولة أما مؤيدة للدولة أو تم محاصرتها وهذه المرحلة تعتبر اهم المراحل في تاريخ اليمن وتحتاج إلى شخصية تتسم بصفات كاريزمية لذلك على الرئيس صالح أن يستمر لدعم بناء المؤسسات حتى تكون قادرة على العمل وفق الآليات المنظمة لها وبالتالي فصلها نهائيا عن شخصية القائد لتكون قادرة تلك المؤسسات على حماية المشروع الوطني من أي تقلبات.

فالمرحلة القادمة هي مرحلة الحسم لصالح اتمام المشروع الوطني وتجاوز معوقات بناء الدولة اليمنية الحديثة حتى يصبح الأمن القومي اليمني بمفهومه الشامل قادر على تجاوز الإشكاليات التي يعاني منها وعلى الرئيس كما عودنا ان يصبح قدوة ونموذجا يحتذى في الالتزام بمشروع بناء الدولة وتحقيق اهداف المشروع الوطني الذي دافع عنه واسهم في تطويره واستمراريته والواجب يستدعيه ليكمل دوره التاريخي فخروجه في المرحلة الحالية تهديد لتاريخة السياسي رغم طرح المعارضة التي تؤكد دوما أن تاريخ الرئيس سيكون أكثر نصاعا بترك السلطة وهو تصور لا علاقة له بالواقع والمعارضة في الحقيقة غير مقتنعة به خصوصا وخطابها السياسي والمقدمة التي احتواها مشروعها السياسي يقول كلام غير هذا ويصب في خانة اللعن والسب والشتم للمرحلة التي حكم فيها الرئيس صالح وفي مرحلة لاحقة في حالة اصرار الرئيس على عدم الترشيح ستجعل المعارضة من كل مصيبة قادمة أيا كانت نتاج المرحلة التي حكم فيها الرئيس.

وعلية فأن الاستمرار من اجل الاصلاحات القادمة يمثل مسك الختام لتاريخ مليء بالانجازات الكبيرة وبذلك يصبح الرئيس المؤسس للدولة اليمنية الحديثة وستكون بمثابة وضع الحجر في أفواه المشوهين.

ثانيا: في ظل الصراع على السلطة واتجاه بعض الاطراف لتدمير المشروع الوطني من خلال نزوع البعض نحو ممارسة آليات غير دستورية للدفاع عن مصالحهم وفي ظل نزوع بعض مراكز القوى في السلطة أو خارجها نحو ممارسة السياسة والقيم الوطنية لخدمة مصالحهم الانانية كما أن البدائل المطروحة غير مقنعة وكل ذلك يقود إلى الصراع والفوضى وهذا يجعل المواطن في حالة خوف على مستقبله وعليه يصبح استمرار الرئيس في المرحلة امر ضروري على الاقل لمنح المواطنيين اشباعا نفسيا من خلال شعورهم أن الامور تسير في مسارها الصحيح فالرئيس هو القائد القادر على تصدير المشاكل التي يواجهها النظام السياسي والقادر على حلحلت الازمات ويملك قدرات فذه على ابداع توافق يعمل لصالح بناء الدولة القوية ويملك الخبرة والقدرة في تحقيق الأمن والاستقرار وهو القائد القوي القادر على اعادة بناء التوازن الداخلي لتوفير البئية الملائمة لاكمال المشروع الوطني.

ثالثا: أن المشروع السياسي الذي ناضل من اجله الرئيس صالح مع القوى الوطنية طول فترة حكمة أصبح قويا وقادر على الاستمرارية بثقة كاملة ولكنه لم يكتمل بعد ويحتاج إلى إصلاحات عميقة وبدونها يمكن أن ينتكس مشروع الدولة الحديثة والاستقرار السياسي وبالتالي فالبرنامج السياسي للدورة الرئاسية القادمة في تصوري لابد أن يركز على تلك الإصلاحات الشاملة وليس غير الرئيس صالح قادر على تفعيلها بحكم الخبرة والقدرة على التأثير والإقناع والقوة التي يملكها في خلق التأييد لصالح تلك الإصلاحات وكبح جماح مراكز القوة داخل النظام السياسي وخارجه.

رابعا: لان المعارضة السياسية لا تحمل مشروع سياسي متماسك وسلوكهم السياسي غير رشيد يهدد الأمن القومي اليمني خصوصا بعد المطالبات الغبية بالعصيان المدني والثورات الشعبية والمشترك يقودنا نحو فضاءات حالمة ومجهولة مما يجعلنا متخوفين على مستقبلنا في ظل عقلية متشنجة عمياء عن فهم السياسة كفن الممكن تحمل خطاب متضخم في ممارسة السياسة ليس إلا ومتشائم وعائم لا يضع البرامج والخطط الواضحة وغير قادرة على استيعاب حركة الواقع ومتطلباته وبالتالي فالمسئولية التاريخية في ظل انعدام البديل تجعلنا نطالب بإلحاح أن يتراجع الرئيس عن قرار عدم الترشيح.

أضافة إلى ذلك كل الشخصيات السياسية التي أعلنت عن نفسها والمحتمل أن تعلن عن نفسها مستقبلا لا تحمل أي مشروع واضح وحتى أن حملت مشاريع جادة أو على استعداد أن تكمل ما تم بناءه سيكون من الصعوبة أن تنال الولاء السياسي من جميع الإطراف الفاعلة داخل النظام السياسي والمؤيدة له من مؤسسات المجتمع المختلفة وبالتالي عدم تمكنها من إدارة دفة الحكم باستقلالية تامة وربما يقود ذلك إلى صراعات مدمرة للمشروع الوطني ككل.

خامسا: لان الرئيس هو الشخصية الكاريزمية القادرة على خلق التوازن المطلوب داخل الحزب الحاكم وفي المجتمع السياسي عموما ورغم وجود قيادات فذة تحظى بالتأييد وهي قادرة على إتمام مشروع الدولة اليمنية الحديثة إلا أنه لا يوجد شخصية سياسية بحجم الرئيس صالح.

سادسا: أن استمرار الرئيس في الحكم وخروجه في المرحلة القادمة بحكم النص الدستوري يكون ذلك أكثر جدوى في ترسيخ التداول السلمي للسلطة ويرسخ مبدأ الدورتين الرئاسيتين وتكون الأجيال القادمة قادرة على الدفاع عن هذا النص الدستوري خصوصا أن مؤسس الدولة اليمنية الحديثة وحامل مشروعها السياسي قد ترك السلطة بحكم النص الدستور وهذا يمنح الدستور قوة ومصداقية مما يقود إلى ترسيخ الديمقراطية ويسهم في الاستقرار، وفي تصوري أن انسحاب الرئيس في الفترة الحالية لا يخدم فكرة التداول السلمي للسلطة مطلقا.

سابعا: إن الإصلاحات الشاملة في المرحلة القادمة والتي يتحدث عن الرئيس والنخبة المؤيدة والمؤتمر الشعبي العام وحتى المعارضة تحتاج إلى خبرة وقيادة تنفيذية فعاله ومتميزة بالكاريزما مدركة للواقع اليمني ومدخلات ومخرجات اللعبة السياسية وقادرة على التعامل مع القوى المختلفة بعقلية متزنة منفتحة ومتسامحة وقادرة على الدفع بالإصلاحات بقوة وعزيمة وحسم وهذه لن تكون إلا للرئيس صالح بحكم طول فترة الحكم وخبرته الطويلة التي تتمتع بمعرفة عميقة بحاجات اليمن ومكامن السلبيات ويعرف جيدا كيف يحسمها وهذا لا يعني أن الرئيس قادر على ذلك إذا لم يكن مدعوم بالقوى صاحبة المصلحة في بناء اليمن الحديث وهي النخبة العصرية مدعومة بالقوى المجتمعية المختلفة والمعبرة عن طموحات الجماهير.

ثامنا: تشكلت شخصية الرئيس الكاريزمية من خلال الأهداف والبرامج التي عمل من اجلها والانجازات التي تحققت خلال حكمه وقدرته الفذة في قيادة النخبة السياسية لصالح قيم سياسية جديدة دعمت أهداف الثورة واعادة تفسيرها وفق القيم العصرية كما أنه كان يملك القدرة على نيل إعجاب مناصريه ومعارضيه والتأثير عليهم وكان قادرا على التواصل الوجداني مع من حوله ويبرز ذلك من خلال التعبئة التي أحدثها طوال فترة حكمه لخلق التوافق السياسي ووتمكنه من التعبير عن الرغبة الجماهيرية في تحقيق القيم الوطنية العليا والدفاع عنها.

وما يميز الشخصية الكاريزمية للرئيس صالح أنها تجمع بين القائد السياسي والقائد التنفيذي الفعال فقد أثبت أنه استطاع أن يتفاعل ويتعامل مع متغيرات العصر والتحديات المركبة والمعقدة في المجالات المختلفة ولديه وضوح في الهدف وبالتالي الاستمرار في تحقيقه والعمل على تجاوز المعوقات للوصول إليه ويمكن الاشارة إلى أن كفاءاته القيادية مدعومة بنخبة مؤهلة تثق بالرئيس ولديها قناعة بقدراته القيادية.

تاسعا: الرئيس صالح لديه القدرة على التحكم والسيطرة على آليات التواصل السليم مع مشروعه والقيم التي يدافع عنها ويتواصل بشكل فعال مع النخبة الداعمة ومع المعارضين والرافضين حتى للمشروع فهو يتمتع بمرنة غير عادية ويتقبل الآخرين مهما كانت درجة الاختلاف معهم ولديه قدرة فذة على التعايش وفهم المتغيرات والتفاعل معها بايجابية بما يخدم القضايا والمصالح الوطنية العليا أضافة لذلك لدى الرئيس ثقة قوية بنفسه وإيمان وتفاؤل قوي بالقضايا التي يدافع عنها.

عاشرا: أن السياسات الحالية والتي يتحدث عنها رموز النظام السياسي تسعى بشكل جاد لإحداث إصلاحات شاملة وتسعى لمراجعة المنظومة التي يتأسس عليها النظام ككل في جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتجاوز العيوب والسلبيات وتحقيق الحكم الرشيد من خلال مراجعة منظومة القوانين والتشريعات المالية والإدارية، وتعديلها وبنائها من جديد واقتراح العديد من التشريعات في المجالات المتنوعة بما يتوائم مع العصر والتغيرات المتلاحقة ويخدم فلسفة بناء الدولة وترسيخ مشروعها الوطني كما أن التوجهات واضحة نحو تفعيل المنظومة القانونية من خلال الالتزام بها وجعلها المرتكز الحاكم لمسيرة العمل الوطني ككل والتأكيد على تعميق الآليات التي تحقق استقلالية الأجهزة الرقابية والقضائية.

كما أن محاربة الفساد أصبح من اولويات النظام السياسي ويمثل الاعتراف بوجود الفساد والخلل في منظومة حماية المال العام البداية الفعلية والجادة لمقاومة الفساد ومحاربته والقضاء على جذوره بفهمه بشكل صحيح وفهم أسبابه ومن ثم وضع المعالجات المناسبة والمتابع للشأن العام يدرك أن مقاومة الفساد أصبحت إستراتيجية فهناك العديد من الفعاليات والأنشطة والتشريعات الجديدة التي تهدف لمعالجة الاختلال في منظومة حماية المال العام وتعمل في الوقت نفسه على احداث رؤية توعوية لدي الرأي العام بمخاطر الفساد ،مما يعني اعداد الارضية من أجل بناء واعداد الإصلاحات الشاملة لتحقيق رشادة الحكم وتدمير بنية الفساد يعني تحسين الخدمات والوضع المعيشي للمواطنيين.

وهناك خطط واضحة لتفعيل الحرية واعطى الصحافة ووسائل الاعلام المختلفة خصوصا الرسمية منها للتحول إلى لسان يدافع عن المصالح الوطنية ومقاومة وفضح السلبيات وإداة إجرائية لمكافحة ومحاربة الفساد.

وأخيرا يمكننا القول أن تحديات العصر والتغيرات المتلاحقة أصبحت من التعقيد مما يجعل مهمة الإصلاح صعبة بل شبه مستحيلة ولا يمكن للقائد السياسي لوحده أيا كانت السمات الشخصية التي يتمتع بها أن يحقق تلك الطموحات وبالتالي لابد من نخبة مؤمنة وواسعة متخصصة في المجالات المختلفة وتتمتع بالقدرات المطلوبة لانجاز الإصلاحات الشاملة وقادرة على التعبئية للدفع بجميع أبناء الوطن للمشاركة بفاعلية وبالتالي لابد أن نؤكد أن النخبة السياسية المؤيدة للمشروع السياسي لابد أن تقف مع القائد بحزم وقوة وتناضل وفق الآليات الايجابية التي يؤسس لها المشروع وأن يكونوا نماذج حيه في القول والفعل وان يتواصلوا مع الجماهير والقوى الحية مؤيدة أو معارضة للدفاع عن المشروع بمنطق العقل والحوار والعاطفة المخلصة القادرة على التواصل الوجداني مع الآخرين ويؤسسوا حركتهم على التضحية والعطاء ويدعموا القائد السياسي كرمز معبر عن مشروعهم وطموحهم في الدولة والمجتمع الذي يحلمون به ولن أبالغ أذا قلت عليهم ان يتميزوا بالروح الثورية الجادة التي ترى في أهدافهم وطموحاتهم طريق الخلاص للمشاكل المتراكمة التي يعاني منها اليمن فالإحساس بالواقع والتماهي معه لتجاوزه إلى افاق الحياة الحرة والنهوض التنموى والعمل على اضعاف طريق الجهل والهزيمة حتى نكون قادرين على مواجهت ازماتنا وتجاوزها لمواكبة التغيرات المتلاحقة والاندفاع بقوة لتعبئة الانصار وابناء الشعب ليكونوا هم الحاملين الحقيقيين للمشروع الوطني يقودهم زعيم سياسي كاريزمي ونخبة سياسية تحمل النقاء والصدق والإخلاص.

وعلى النخبة أن تعمق معرفتها بالواقع بحياد وموضوعية ومعرفة ما الذي تريد ولماذا تريد حتى تعرف وتستوعب أهداف الأمة بوضوح تام ومن هنا تبدأ الحركة والفعل الايجابي من خلال التفاعل مع الواقع وتغييره نحو الهدف المراد والمحدد بدقة وممارسة العمل بنشاط وحيوية وتفاءل مع الاقتناع التام بالقدرة على تحقيق طموحاتنا بقوة العقل والعزيمة والاجتهاد والعمل الدائم القائم على المعرفة واليقظة الدائمة ولابد من ممارسة النقد وإعادة التقييم للفعل والنتائج التي تحققت ومدى اتجاهها وتوافقها مع الأهداف الاستراتيجية وعليها أن تفرق بين التكتيك والإستراتيجية وعلى النخبة إن تتمتع بعقلية مرنة منفتحة ولا يعيبها ان تغير رأيها وسلوكها في الحالات التي تخدم الهدف وبما لايتناقض مع القيم المؤسسة للمشروع الوطني.

قسم السياسة – جامعة صنعاء









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024