الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 04:04 م - آخر تحديث: 03:22 م (22: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - محمد حسين العيدروس
بقلم الأستاذ/ محمد حسين العيدروس * -
المجالس المحلية.. رهان على إرادة شعبية
عندما طرحت القيادة السياسية موضوع المجالس المحلية للمرة الأولى تحمس كثيرون مع الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، فيما تردد البعض، ووجدوا مسوغات لتبرير القلق من التحول إلى تجربة المجالس المحلية، فهم كانوا يرون أن الوقت ما زال مبكراً، وأن التجربة الديمقراطية لم يمض عليها سوى بضع سنوات تخللتها أزمة صيف 1994م، ثم مشكلة الجزر اليمنية مع إرتيريا، وغير ذلك من الظروف التي مثلت تحدياً للديمقراطية في مقتبل زمن التعددية الحزبية.
إلا أن الحوار والمناقشات التي أدارها الرئيس أفضت إلى قناعة تامة بأن الانتقال بالديمقراطية إلى مستوى المجالس المحلية سيمثل التأهيل الأمثل لمواطنينا على تعود ممارسة السلوك الديمقراطي، وبما يتيح لليمن استباق عنصر الزمن وتعويض ما فاتها في أمد قصير.
وفي الحقيقة لم يكن تبني هذا الخيار الجريء قائماً على بعد واحد هو توسيع الممارسة الديمقراطية، لأننا نعلم أن اتساع دائرة الممارسة الديمقراطية هي مسألة مسلم بها ما دامت الديمقراطية منبثقة عن قناعة وإرادة وطنية حرة، وإيمان حقيقي بخيارها، وليست إملاء خارجيا، أو مفروضة في ظل ظروف قسرية كما يحدث في بعض البلدان، لكن كانت هناك ضرورات وطنية أخرى لتبني مسألة التحول باتجاه المجالس المحلية، ألا وهي القضية التنموية.
فالديمقراطية لا قيمة لها إن ظلت عاجزة عن التفاعل مع الحاجة التنموية، وإن لم تحدث تغييراً في مختلف مجالات الحياة السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، كما أن العملية التنموية لا يمكن أن تكون مأمونة، وواثقة الخطى مالم تحدث في كنف مناخ ديمقراطي يقوم مساراتها، ويوجهها إلى غاياتها، طبقاً للأولويات الوطنية، وهذه العلاقة الجدلية بين الديمقراطية والتنمية لم تعد تحقق كفايتها إذا ما ظلت تراوح في مستواها الذي بدأت به، إذْ أن الحكومة اليمنية منذ منتصف التسعينات تبنت برنامجاً واسعاً وشاملاً للإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، وهي مهمة صعبة جداً تكفلت الحكومة بحملها على عاتقها من أجل تسريع النهوض، وحركة البناء الوطني للدولة اليمنية الحديثة التي طالما ظلت حلم الجماهير اليمنية على مدى عقود من الزمن.
إن هذا التحدي التنموي كان بأمس الحاجة إلى تضافر مختلف الجهود الوطنية من أجل كسب الرهان النهضوي، وهو الأمر الذي جعل من التطلع إلى توسيع قاعدة المشاركة الجماهيرية على النحو الذي تخلقه المجالس المحلية بمثابة انتقال إلى أدوات مناسبة لحجم الرهان نفسه، وزخم الجهد المطلوب؛ حيث أن المجالس المحلية تنقل القرار من يد السلطة إلى أيادي الجماهير، وبالتالي فإن الجماهير ضمن دوائرها المختلفة ستكون الأقدر على تحديد احتياجاتها التنموية، طبقاً لظروفها وحالتها المدنية، وواقعها البيئي، كما ستكون الأحرص على استثمار الموارد المتاحة لها على النحو السليم الذي يكفل تلبية الجزء الأعظم من احتياجاتها، وبحسب الأولويات التي تضعها لنفسها.
إذن فقد كانت هناك رغبة ملحة للانتقال بنظام الحكم إلى اللا مركزية، سواء في صنع القرار، أو الإدارة، أو استخدام المال العام، وعلى مستوى أصغر التقسيمات الجغرافية للجمهورية اليمنية.
وهذا الأمر يؤكد مصداقية النظام السياسي في تبنيه الخيار الديمقراطي، ومصداقيته في تنفيذ إصلاحات حقيقية في أنظمته المؤسسية، وإن كل ما أوردته الأدبيات السياسية للمؤتمر الشعبي العام ضمن برامجه الانتخابية لم تكن مجرد شعارات سياسية للكسب الجماهيري، والمزايدة الحزبية، وإنما هي توجهات مبرمجة بعناية، ومحددة بجداول زمنية، وعمل ميداني بدأت تجسده بجدية وإخلاص، وتجعله واقعاً معاشاً على مستوى أصغر الوحدات الإدارية وليس ضمن حدود جغرافية ضيقة تنحصر فائدتها بنسبة ضئيلة من الشعب اليمني.
لاشك أن تجربة المجالس المحلية في اليمن تعد من أجرأ التجارب التي شهدتها المنطقة العربية، نظراً لخلفيات الواقع اليمنية المثقل مواريثه التاريخية، ولقصر عمر التجربة الديمقراطية التي تواجهها اليمن، سواء من حيث ضعف مواردها الطبيعية اليمن سواء من حيث ضعف مواردها الطبيعية، وارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، والأمية، وكذلك الزيادة السكانية التي تعد من أكثر النسب ارتفاعاً على مستوى العالم، بما يجعلها تلتهم أي قدر من التنمية التي يتم تحقيقها.
لكن من جهة أخرى نجد أن هذه التحديات هي من تجعل المجالس المحلية أفضل خيارات اليمن لمواجهة تحدياتها، فهي تكفل لكل وحدة إدارية عدالة نوعية في الحصول على المشاريع الحكومية، والوظائف التي تخصص لأبنائها بالدرجة الأولى، وأيضاً في المطالبة بالمشاريع عبر هذه القنوات التي بات لها حق تحديد احتياجاتها، خلافاً لما كان معمولاً به من قبل في إيلاء هذه المهمة للأجهزة التنفيذية بالمحافظة، أو الوزارة، وبجانب هذا فإن السلطات المحلية المنتخبة باتت هي الرقيب الأول على المال العام، والمهام التي تؤديها الأجهزة الحكومية المختلفة ضمن نطاقها الجغرافي.
أما فيما يتعلق بالتجربة الديمقراطية فهي لن تكون منفصلة عن العملية التنموية، لكن إتاحة الفرصة أمام مواطني كل وحدة إدارية لانتخاب ممثليهم ضمن المجالس المحلية لابد أن يؤدي إلى تنامي الوعي بأهمية الديمقراطية، ويطور من أساليب ممارستها، لأن المواطن هنا سيتحمل جزءً كبيراً من المسئولية إزاء كفاءة الأجهزة العاملة ضمن دائرته، ومستوى حرصها وإخلاصها، لأنه هو من قام باختيارها طبقاً لصناديق الاقتراع، وبالتالي فإن أي إخفاق في أدائها لواجباتها المحددة في قانون السلطة المحلية لا يمكن أن يعزى لأحد سواه،لأنه كان صاحب القرار الأول والأخير في المفاضلة بين المرشحين لهذه المراكز.
ومن هنا يمكن القول إن التجربة التي نفذتها اليمن على صعيد المجالس المحلية ستساعد على تطوير الممارسة الديمقراطية نفسها، من خلال تطوير وعي الناخب نفسه، بأهمية ما سيترتب عن صوته كناخب، من نتائج تنعكس على حياته اليومية، ومستوى الخدمات التي يحصل عليها، والحقوق الممنوحة له، والعدالة المتحققة في بيئته، فالحراك التنموي ضمن وحدة إدارية معينة هو مرآة الديمقراطية المتمثلة في الانتخابات المحلية، وانعكاس لصورتها الحقيقية كيفما كانت، جميلة أم يتخللها بعض التشويه.
اليوم ونحن نستعد لخوض استحقاقنا الوطني في ثاني تجربة للمجالس المحلية المزمع إجراء الانتخابات فيها خلال سبتمبر القادم، لابد من الاعتراف بأن التجربة الأولى، وعبر إفرازاتها خلال السنوات التي تفصلها عن التجربة التي نستعد لخوضها قد تخللتها بعض العيوب أو جوانب القصور في الأداء، بحيث لم تؤت ثمارها كاملة بالحجم المفترض، وهي –بتقديري- نتيجة متوقعة ولم تكن مفاجأة أو نتيجة محبطة، فليس من تجربة تولد كاملة، فبعض المجالس المحلية لم تتوفق كثيراً في أداء مهامها على عكس غيرها، التي حققت نتائج تفوق التصور والخطط المرسومة، وهذا التفاوت يمكن أن نرجعه إلى عوامل مختلفة نلخصها بالآتي:
أولاً: تأثير البيئة الجغرافية، فبعض الوحدات الإدارية إما أن تكون نائية جداً، أو تقع ضمن منطقة وعرة جداً، أو ذات ظروف جغرافية صعبة، وبالتالي فإن هناك صعوبة بالغة في تنفيذ المشاريع فيها، إذْ تكون مكلفة للغاية، وتستنفذ جزءً كبيراً من مخصصها من الموارد المالية، كما أن بعض المناطق –بحكم موقعها الجغرافي، كأن تكون ساحلية أو بيئة سياحية، أو ذات موارد طبيعية- تجعل من المشاريع المنفذة فيها نوعية، وبما يعود على سكانها بكثير من الخدمات وفرص العمل ويساعدها على الانتعاش سريعاً، خلافاً لتلك الواقعة ضمن نطاق صحراوي، أو جبلي، قاحل لا يتيح فرصة لحركة استثمارية صناعية أو تجارية أو سياحية وغير ذلك.
ثانياً: تأثر بعض الوحدات الإدارية بالثقافة التقليدية المكرسة فيها، وبالتالي كان انتخاب أعضاء المجالس المحلية يمثل استنساخاً للواقع ذاته بحيث أفرز نفس الولاءات الداخلية على حساب معايير الكفاءة الأكاديمية والمهنية والإدارية التي تناط بالسلطة المحلية، وهو الأمر الذي أضعف قدرة هذا النوع من الوحدات الإدارية على التخطيط وتحديد الأولويات، أو تبني برامج استراتيجية طموحة، على عكس الوحدات التي يتنامى فيها وعي حداثي مدني اتجهت من خلاله لانتخاب عناصر نوعية تتمتع بكفاءة ومؤهلات تتيح لها وضع تصورات طموحة لإقليمها الجغرافي.
ثالثـــــاً: فارق الموجود في البنى التحتية من قبل توزيع وحدات المجالس المحلية كأن تكون هذه الوحدة في قلب العاصمة، أو مركز مدينة ساعدها على توجيه جهدها نحو خدمات ومشاريع نوعية عالية، بينما كان على الأخرى أن تؤسس لنفسها قاعدة بنية تحتية أولية، ومن هنا يتطلب الأمر خطط حكومية استثنائية، وجهود مضاعفة لمساعدة المناطق المحرومة على مواكبة النهضة التي تشهدها بقية المناطق لتقليص الفجوة، أي أن تدخلاً حكومياً سيفرض نفسه لبعض الوقت حتى تتأهل هذه المناطق لإدارة نفسها بنفسها.
رابعــــاً: بشكل عام واجهت المجالس المحلية بعض الصعوبات المنعكسة عن واقع عام كارتفاع نسب الأمية، ونقص الكوادر المؤهلة، وبالتالي فإن أداء بعضها جاء ضعيفاً، لأن المجلس المنتخب يفتقر للمؤهلات العلمية والخبرات القادرة على التخطيط وتحديد الاحتياجات، وهو أمر غير مقلق كثيراً ما دامت هناك حركة نهضة شاملة في اليمن تعمل على إنتاج الكوادر وتخرج المؤهلين، وتطوير الخبرات ضمن مؤسسات أكاديمية ومهنية، بما يجعل الرهان على جيل يجري إعداده وتطويره.
خامساً: إن بعض المجالس المحلية تأثرت بالصراع السياسي القائم بين الأحزاب والتنظيمات، جراء نقل الجدل الحزبي إلى داخلها وشحن مناخها بخلافات ومشاكل عكست نفسها على تعثر أدائها، وتقصير في تنفيذ واجباتها إزاء جماهيرها.
إن هذا الظروف تمثل جزءً من واقع يمني غير متقوقع على نفسه، بل متحرك لتجاوز إشكالياته، واكتساب مزيد من الخبرات والمهارات التي يستدعيها وضعه، فالتطور الكبير الذي شهده المجتمع اليمني منذ انتخاب أول مجلس محلي، وحتى اليوم يجعلنا متفائلون جداً أن تفرز التجربة القادمة مجالس محلية نوعية يكون الناخب والمرشح على حدٍ سواء قد استلهم فيها تجارب السنوات الماضية، واستوعب دروسها، وعمل بما تقتضيه مصالحه الوطنية العليا.

·عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
·مدير معهد الميثاق








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024