الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 11:10 م - آخر تحديث: 04:26 م (26: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - الفروق النفسية موجودة بين الجنسين لكن إلى حد نسبي جدا, وخاصة أنه في كثير من الحالات ترث المرأة عن أبيها ما لا ترثه عن أمها, والمثال الأوضح هنا هو السيدة بناظير بوتو التي ورثت حب العمل السياسي عن والدها
ليلى أحمد الأحدب -
عمل المرأة بين الشرعي والعُرفي
كان من أجمل البرامج التلفزيونية التي تمكنت من متابعتها في الأسبوع الماضي برنامج "وجهة نظر", وقد عرض فيلماً وثائقياً عن نساء موريتانيا ومكانتهن في المجتمع, ومن وصلته رسالة البرنامج التوعوية لا يستطيع إلا أن يقول: إذا كان هذا هو وضع النساء الموريتانيات حقيقة فإننا يمكننا أن نعتبر المرأة الموريتانية نموذجا للمرأة العربية المسلمة التي تحافظ على تقاليدها الأصيلة المستمدة من شرع ربها, كالحياء الذي تتوجه الثياب السابغة, دون أن تمنعها هذه الأصالة من ولوج المعاصرة من أوسع أبوابها .

أغلب النساء اللواتي عرضهن البرنامج كن يعملن بالتجارة على أنواعها, فإحداهن تعمل ببيع الأثاث الخشبي والمفروشات, وأخرى ذكرت أنها ورثت حرفة التجارة عن أمها التي كانت تتاجر بين البلدان فتصحبها معها إلى السنغال والسعودية وغيرهما, وذكرت ثالثة قصتها عندما تقدمت بعرض لإحدى الشركات فوقعت عليها المناقصة لكن لم يكن لديها المبلغ لتوفي بما تعهدت للشركة عليه, وعندما طلبت من المصرف قرضا لم يمنحها لأنها لا تملك ما يمكن وضعه كرهن للبنك ريثما تؤدي دينها, وعاشت فترة من الزمن بمعاناة لسببين أحدهما: أنها لن تستطيع الوفاء بعهدها من جهة, والآخر: أنها ستكون مثالا سيئا للمرأة التي تعد ثم لا تفي بوعدها وبذا ستشوه سمعة النساء الأخريات من جهة أخرى،

لكنها استطاعت أن تتجاوز هذه المحنة وأصبحت سيدة أعمال ناجحة بعد أن كانت تاجرة صغيرة, وذكرت هذه السيدة - وغيرها - أن عملها لا يحول بينها وبين الاهتمام ببيتها حيث إنها أقامت أمور أسرتها على النظام والتوازن بين العمل والبيت, والأساس هو التفاهم مع زوجها الذي لم يمنعها من ممارسة هوايتها في البيع والشراء, وقد أظهرت تلك السيدة قوة في الشخصية يفتقدها كثيرون، وأما السيدة الأخيرة فقد كانت امرأة تتحصل على مورد رزقها من بيع الأسماك, ويبدو أنها من بيئة أفقر من النساء اللواتي ظهرن في البرنامج لكنها لم تكن أقل منهن قدرة على الحديث وإثبات مكانة المرأة في المجتمع الموريتاني الذي تعارف على عمل الجميع سواء كانوا رجالا أو نساء, وأَضافت أنها تحب عملها واستشهدت بحكمة جميلة معناها أنك ما دمت تحب عملك فسوف تبدع فيه، وعندما تساءلت بيني وبين نفسي عن سر هذه الثقافة لدى تلك المرأة البسيطة, جاءني الجواب فورا, وهو أن الثقافة ليست بالشهادات بل هي بالخبرة الحياتية التي تمنح الإنسان مضمونا إنسانيا فريدا بقيمته من خلال عمله والنفع الذي يقدمه لنفسه ولأسرته ولمجتمعه .

في نفس الوقت الذي كنت أتابع فيه البرنامج وصلتني رسالة قصيرة على هاتفي المحمول من قارئ عزيز, يطلب رأيي في عبارة لمصطفى لطفي المنفلوطي يقول فيها:(تستطيع المرأة أن تجاري الرجل في سرعة الفهم وحضور البديهة ولا تستطيع أن تجاريه في الأناة والرفق وامتلاك هوى النفس عما تحب وعما تكره), فأجبته على الفور:(هذا ليس قاعدة, خاصة في هذا الزمان), وبالطبع فجوابي هذا نابع من معرفتي بالرجال والنساء على السواء, وكذلك من خبرتي بكتابات المنفلوطي المثالية والتنظيرية والبعيدة عن الواقعية وخاصة النظرات والعبرات وغيرهما من الكتب التي توضح أنه لم ير من الحضارة الغربية سوى سفور المرأة دون أن يدرك القيمة الأخرى للمرأة عندما تأخذ على عاتقها مهمة النجاح والإنجاز فتتفوق على نفسها وقد تتفوق على كثير من الرجال؛ والطريف أني قرأت العبارة لصديقتي التي كانت تزورني وتتابع البرنامج المشار إليه, فبدل أن تفهم كلمة (الأناة) على أنها الحِلم وسعة الصدر, فهمتها على أنها الأنانية, فقالت بكل تأكيد وجزم: نعم, الرجل يتفوق على المرأة في الأنانية وحب النفس !

لا ريب أن الفروق النفسية موجودة بين الجنسين لكن إلى حد نسبي جدا, وخاصة أنه في كثير من الحالات ترث المرأة عن أبيها ما لا ترثه عن أمها, والمثال الأوضح هنا هو السيدة بناظير بوتو التي ورثت حب العمل السياسي عن والدها, واختياري لهذا المثل لأن عمل المرأة في السياسة هو الأمر الذي يحتاج تفرغا كاملا تقريبا وبالتالي ابتعاد المرأة عن مهامها الأسرية, فلست ممن يحبذونه إلا في حالة النساء اللواتي يثبتن قدرات مميزة, وهو الشرط الذي يجب أن يفرض على الرجال أيضا, فمن الضروري اختيار الأكفأ للعمل السياسي لأن نتائجه تظهر في المجتمع بشكل سريع سلبا أو إيجابا؛ أما اعتماد الذكورة كأساس للأخلاق الفاضلة والمناصب السياسية وغير ذلك فهو أمر مشكوك بصلاحيته, لأن الخلق الفاضل لا ينتمي إلى جنس, وإنما هي الثقافة والبيئة والتربية التي تضع في عقل جنس أنه متفوق ومتفرد وتضع في عقل الجنس الآخر أنه دوني وناقص .

إن الأصل الأصيل في مهمة المرأة أن تقوم برعاية بيتها وزوجها, وتربية أولادها خلقياً لتعد جيلاً طيباً يُسهم في بناء الأمة, ومع ذلك فإن الإسلام لا يمنع المرأة من القيام بأي عمل يعود عليها بالفائدة أو على أسرتها بالنفع أو على مجتمعها بالخير, وقول السيدة عائشة رضي الله عنها:(إذا صلت المرأة فرضها وأطاعت زوجها وأمسكت المغزل كانت كأنها تسبح الله) يكفي كدليل أن من واجب المرأة الاستفادة من وقتها وإمكانياتها على أفضل وجه لتنمية مواهبها وتحسين معيشة أسرتها والمساهمة بتطوير مجتمعها, ما دامت هذه الأعمال لا تخرج عن إطار المباحات الشرعية حيث الأصل في الأمور الإباحة, وما دامت لا تحول بين المرأة وبين مهامها الأسرية النبيلة من حسن تبعل للزوج وحمل وإرضاع وتربية للأولاد .

وإذا كان الإسلام دين الفطرة فهو أيضا دين الواقعية يضع الأمور في مواضعها المناسبة, ويقف الموقف الوسط, فالله عز وجل الذي خلق الإنسان وأمره ببناء المجتمعات يعلم أن هناك ظروفاً قد تضطر المرأة للخروج إلى العمل, فهو يسمح لها أن تخرج للمصلحة الفردية أو الجماعية؛ ولقد كانت المرأة في العهد النبوي تجني الأرض وتستصلحها بالزرع والغرس, وكانت تغزل بيدها وتبيع نتاجها وتتصدق بثمنه للفقراء أو للجهاد- عندما كان للجهاد معناه المقدس وليس كما هو الحال الآن- وكانت المرأة تشتري وتبيع وتمارس ما يحلو لها أو ما تحتاج إليه من المهارات وتشترك في كثير من الصناعات اليدوية المتاحة لها أو تشرف عليها, ومن أمثلة ذلك عملها في دباغة الجلود بيديها لتعمل منه ثيابا أو سترا أو بساطا, وكانت السيدة زينب ـ رضي الله عنها ـ زوجة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ امرأة صنّاعة باليد تدبغ وتخرز وتصدق في سبيل الله, ولم يقل لها أحد إنه ليس بك حاجة إلى هذا العمل أو أن هذا العمل خاص بالذكور دون الإناث .

وبمناسبة قيام بعض المعاهد المهنية بتدريب الفتيات على الأعمال الحرفية فقد تعالت أصوات معارضة كالعادة, ومن الواضح أن هذا التدريب ليس بغاية استعراض جسد المرأة ومفاتنها بل من أجل حصولها على بعض الخبرات الجيدة, ويحق لنا أن نتساءل هنا: ما الفرق مثلا بين عمل المرأة في دباغة الجلود على العهد النبوي وعملها في مهنة الدهان وممارستها إياه في بيتها على الأقل حالياً؟ لنفرض أن امرأة ليس لها معيل واحتاجت أن تدهن بيتها فما المانع أن توفر على نفسها التكاليف وتقوم بهذه المهمة ما دامت لا تعرض نفسها لأعين الرجال أو تخالطهم بشكل غير شرعي؟ وما يقال عن الدهان يقال عن الأعمال الأخرى كالحياكة والنجارة فقد أخرج البخاري في صحيحه عدة أحاديث بعضها تحت باب النساج وبعضها تحت باب النجار واستعمل صيغة المذكر (النساج والنجار), مع أن الأحاديث الواردة عن امرأة حاكت شملة لرسول الله عليه الصلاة والسلام أو عن أخرى كان لها غلام نجار صنعت منبرا لرسول الله, وهذا تأكيد على أن الأعمال المباحة للرجال لا تختلف عن الأعمال المباحة للنساء، ومن تتعلم مهنة النجارة ولديها رأس مال قد لا تعمل هي بيدها بل تكون مسؤولة عن ورشة نجارة, ويساعدها ذلك على التأكد من حسن سير العمل, فهل هناك مانع شرعي؟ أبدا, حتى لو اختلطت بالرجال ضمن الضوابط الشرعية كعدم الخلوة، وستر المفاتن الأنثوية وما شابه، وإذا كانت مهنتا النجارة والدهان تحتاجان جهدا عضليا لا يوجد عند المرأة كما يوجد عند الرجل فما المانع أن تتعلم المرأة هذه النشاطات لنفسها ولبيتها؟ على الأقل فإنها مهن عملية تشغل بها وقتها وتوفر نقود عائلتها بل وتنقذ بها نفسها من موقف ما كإصلاح باب أو تركيب لمبة أو فتح بالوعة !
والسؤال الذي يطرح نفسه: أي عمل يدوي أصعب من الجهاد في سبيل الله؟ ألم تقم به المرأة المسلمة وتشارك أخاها المسلم في جميع المستويات حتى في الدفاع عن سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام؟ فلماذا نمنع فتياتنا ونساءنا من شغل أوقاتهن بهوايات نافعة ومفيدة؟

وبعد ذكر كل هذه الشواهد من العهد النبوي ستجد من يقول: كله ممنوع بسبب سد الذريعة, فأعتقد أننا في عصر يجب أن يبدأ فيه البحث عن حلول مقتبسة من فتح الذرائع لا سدّها, كي لا تُفتح علينا أبواب لا نستطيع سدّها .

* نقلا عن صحيفة" الوطن" السعودية








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024