الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 07:44 م - آخر تحديث: 03:24 م (24: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
سامح فوزي -
أزمة حوار التيارات الإسلامية مع الأقباط
يمر الحوار الإسلامي - المسيحي في مصر بحالة من الفتور، دفعت شخصيات تاريخية في مسألة الحوار إلى ما يشبه الاعتكاف، في حين شرع آخرون في تسييس الحوار، وإخراجه من سياقه الطبيعي، بوصفه خبرة تعايش إسلامي مسيحي، إلى حوار بين الأقباط والتيار الإسلامي على خلفية تأييد المشروع الإسلامي. هنا يبدو مأزق الطرفين معا. مأزق الإسلاميين الذين يحاولون تسييس الحوار، ومأزق الأقباط الذين يحاولون الإبقاء على الحوار في دائرة الفكر لا السياسة. ولدى كل طرف حججه، الصريحة والمستبطنة.

أنصار الحوار من التيار الإسلامي يرون أن الأقباط لم يتجهوا إلى كبح جماح «الغلو» في صفوفهم، وفي رأيهم أن هذا الغلو مصدره الأساسي المواقف الكنسية التي يتهمونها بالسعي الى ذاتية قبطية مستقلة عن الكيان السياسي للأمة.

هذا هو الخطاب المعلن، ولكن الخطاب المستبطن «المسكوت عنه»، هو رغبة الإسلاميين في أن يلعب الأقباط المشاركون في الحوار دوراً في تهدئة الهواجس تجاه صعود «الإخوان المسلمين»، وأن يكونوا جسرا للتواصل بين الأقباط والإسلام السياسي. ويرى الاسلاميون أن الأقباط لم يفعلوا ذلك، بل كانوا أقرب إلى الاشتباك المباشر مع طروحات «الإخوان» ومواقفهم العملية تجاه الآخر الديني، وهو الأمر الذي لم يصادف ارتياحا لدى الجانب الإسلامي.

أما الأقباط فيرون أن التيار الإسلامي - بمثل هذه المواقف - يضع قيودا على اندماج ومشاركة الأقباط في الحوار انطلاقا من وضع شرط مسبق - صريح حينا وضمني أحياناً - بضرورة انتقاد المؤسسة الدينية القبطية، قبل الولوج في الحوار الإسلامي المسيحي.

هذا هو الخطاب المعلن، أما الخطاب غير المعلن «المسكوت عنه» فهو شعور الأقباط بأن التيار الإسلامي الذي كانوا طرفا في حوار معه لا يوجد داخله التنوع الذي كانوا يفترضونه، إذ أدى صعود «الإخوان المسلمين» في الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى ما يشبه التغيير في الوجدان العام للإسلام السياسي بصفة عامة، حيث بدا الجميع في خطابهم ومواقفهم كما لو كانوا في صفوف «الإخوان المسلمين»، رغم أن ذلك حركيا غير صحيح. وعملياً كان هؤلاء في مقدم من سجل مواقف نقدية في السابق لخطاب وممارسات «الإخوان»، وبعضهم انفصل عنهم، وكوّن مشروعه السياسي والثقافي الخاص.

ومن الملاحظ أنه في الشهور الماضية التي أعقبت الانتخابات البرلمانية والتي انشغل فيها الإسلاميون من غير «الإخوان» من ناحية والأقباط من ناحية أخرى بالسجال حول قضايا «الغلو المسيحي» محاولين تخطي عثرات الحوار. كان «الإخوان المسلمون» يجرون حوارات متوازية مع عناصر قبطية تحت لافتة «تهدئة الهواجس القبطية». ولم يطرحوا القضايا التي تشغل الإسلاميين المشاركين في الحوار، ولم يكن غرضهم - على الأقل على الصعيد المعلن - وضع الأقباط في مأزق انتقاد الكنيسة، بل على العكس كانوا يسعون إلى استيعاب الأقباط والكنيسة - مرة واحدة - وتوظيفهم في خدمة المشروع الإسلامي، وتحييد معارضتهم، وتهدئة مخاوفهم تجاهه. وحاول «الإخوان المسلمون» أن ينفذوا إلى كل مكونات النخبة القبطية، من عناصر مدنية ودينية، مثقفين وسياسيين، أرستقراطية وطبقة وسطى مدنية. وسعت قيادات في «الإخوان» إلى لقاء شخصيات دينية بارزة للحوار معها إلا أن موانع عديدة حالت دون ذلك، أبرزها غموض موقف «الإخوان» تجاه الأقباط. وفي كل الأحوال كان «الإخوان» أكثر رحابة في التعاطي مع المسألة، ولم يكونوا منفعلين انفعال بعض الإٍسلاميين المشاركين في الحوار الإٍسلامي - المسيحي. وهكذا بدا المشهد غريبا مختلطا. فالإسلاميون المشاركون في الحوار حرصوا على نقله من الفكر إلى السياسة في إطار سياسة تحييد المعارضة للمشروع الإسلامي، في حين أن «الإخوان المسلمين» - أصحاب المشروع حركياً - حاولوا أن يكون الحوار بينهم وبين الأقباط فكرياً في ظاهره.

يعني هذا أن هناك مأزقا إسلامياً - إسلامياً ليس في ما يتعلق بالموقف في التعامل مع الأقباط - هذا هو الظاهر - ولكن في ما يخص الانفراد بالمشروع الإسلامي ذاته في لحظة من لحظات صعوده الجزئي، وهو أمر يجد الأقباط أنفسهم طرفا فيه.

أما في ما يتعلق بالأقباط المشاركين في الحوار فهم يمرون بأزمة من نوع مختلف. يشعرون بأنهم تحولوا إلى احدى الأوراق الرئيسية في الصراع بين الدولة و «الإخوان المسلمين». فالحكم يتحدث عن خطاب استيعابي للأقباط من دون مردود واضح على أرض الواقع، و «الإخوان» يودون أن يجردوا النظام من إحدى القوى التقليدية التي تقف إلى جواره. وهكذا أصبح الأقباط في منطقة الصيد Catching area ويبدو أن كلا الطرفين يسعيان من وراء العلاقة مع الأقباط إلى إرسال رسائل خارجية خاصة الى الإدارة الأميركية على وجه الخصوص.

المدنيون الأقباط في مأزق حقيقي. هم يريدون الخروج من أسر الدولة الموازية التي خلقتها الدولة والتيار الإسلامي للأقباط، واستكان الأقباط فيها، ولا يريدون الخروج منها. الكل يريدهم أن يبقوا في دولتهم الموازية رغم ادعائهم العكس. اختارت الدولة الأصلية أن تمثل المؤسسة الكنسية الأقباط في الدولة الموازية. كان أحد مظاهر هذا النهج هو تنحية دور المدنيين الأقباط على مستوى مؤسسات الدولة وأجهزتها. فمثلا لم تعد هناك شخصيات قبطية عامة تدعي صفة تمثيلية، أو وجودا مؤثرا في الوسط المسيحي. إذا نظرنا إلى المعينين أخيراً في مجلس الشعب من الأقباط لن نجد لأي منهم صلة بالملف القبطي أو وجوداً مؤثراً في الأوساط القبطية.

والمثقفون الأقباط تحولوا إلى أسرى مواقع شتى. فريق منهم اختار التدثر بالإيديولوجيا وأحيانا بالنفعية السياسية للبقاء في الدولة الأصلية، والبعض الآخر التحق بالدولة الموازية للأقباط على أساس التسليم الكامل بتمثيل الكنيسة للأقباط مقابل بعض الظهور المحدود في الحياة العامة، وهناك فريق ثالث يحيا على هامش الدولتين - الأصلية والقبطية - سواء بمعارضة كلتيهما وقد يزيد على ذلك بالخضوع للإسلام السياسي. وفي الفترة الأخيرة تبلورت مجموعة أخرى من المدنيين الأقباط ترتبط بالمشروع المهجري بانقساماته المتعددة، كوكلاء للقوى المتصارعة في المهجر. وهناك فريق آخر من الهواة في مجال العمل العام الذين ينخرطون في العلاقات الإسلامية المسيحية من دون استيعاب للخريطة بكل مشتملاتها. نتيجة لكل ذلك يواجه المثقفون الأقباط دعاة المواطنة الحقيقية صعوبات جمة في التعامل مع واقع يقوم على الفرز السياسي الشديد، لكنه خالٍ من المضمون.

تحولت الكنيسة إلى الهيئة التمثيلية للأقباط في الدولة الموازية. تسد حاجاتهم المعيشية في ضوء انسحاب الدولة الأصلية من المجتمع، وعدم قدرتها على الوفاء بالرعاية الاجتماعية الواجبة عليها تجاه مواطنيها وأبنائها. يكفي أن نبحث عن أعداد الأسر التي تعيلها الكنائس شهرياً لنعرف إلى أي حد تحولت الكنيسة إلى الدولة الموازية للأقباط، تتلقى التهاني في الأعياد نيابة عنهم، وتسد حاجاتهم، وتتفاوض مع الدولة باسمهم، وتحمل لواء الدفاع عنهم في المنعطفات الطائفية. هناك قوى تدفع بشدة في اتجاه أن يصبح الأقباط رعايا في الكنيسة وليسوا مواطنين في الدولة والتيار الإسلامي في مقدم هذه القوى. فهو يريد أن يرث الدولة المصرية بتحالفاتها، وترهل مؤسساتها، وجيش موظفيها. ومن مصلحته بالطبع أن يتحرك الأقباط بوصفهم جماعة طائفية مغلقة صماء، لا يوجد فيها تنوع أو تمايز سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي. هنا يصبح تمرير المشروع الإسلامي أكثر يسراً على أرضية التمثيل الطائفي النسبي.

لقد اقامت الدولة المصرية الدولة الموازية للأقباط بكل ما تحويه من صيغ تمثيلية، ونظم رعاية اجتماعية واحتجاجات طائفية، وجاء دور التيار الإسلامي كي يختزل هذه الدولة الموازية في طائفة قبطية تبرر وجوده، وتعطيه سند البقاء، وشرعية الانقضاض على الدولة.

*نقلا عن جريدة "الحياة" اللندنية








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024