السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 09:07 ص - آخر تحديث: 02:02 ص (02: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
حكم البابا -
غزوة التلفزيون الكبري!
مادمنا قد عدنا إلي عصر الغزوات، من غزوة مانهاتن لبرجي التجارة العالمي، إلي غزوة قطار أنفاق لندن، إلي غزوة محطة القطارات الاسبانية، فلا توجد تسمية أدق لهجمة العمائم واللحي والمسابح الكثيفة علي شاشات القنوات الفضائية من وصفها بـ(غزوة التلفزيون الكبري)، فلم يعد المواطن العربي يفتح محطة تلفزيونية إلا ويشاهد سماحةً تفتي في قضية، أو فضيلةً تجتهد في مسألة، أو سيّداً يتفقه في حادثة، والبرامج الوحيدة التي نجت من غزوة التلفزيون الكبري حتي اليوم في الشاشات العربية هي برامج الطبخ، وأرجو أن لايذكرهم كلامي بها، فينقضوا عليها ويأخذوها أخذ عزيز مقتدر، فباستثنائها لم يعد يمر برنامج إلا وتطل منه لحية، أو تلوح منه عمامة، أو تظهر فيه سبحة، حتي ليظن المشاهد أن سماحتهم وفضيلتهم وسيادتهم صاروا يفضلون الاستديو التلفزيوني علي صحن المسجد، والكاميرا علي محرابه، والمايكرفون علي منبره، وأصبحوا يمضون أوقاتهم علي الشاشات، أكثر مما يمضونها في العبادات، وينتظرون اتصال معدي البرامج التلفزيونية بهم، أكثر من انتظارهم لأصوات مؤذني الصلوات، ويفضلون استغفار الله لتخلفهم عن صلاة الجماعة بسبب ارتباطهم ببث تلفزيوني مباشر، علي الاعتذار عن المشاركة في هذا البث.

اسلام 5 نجوم

أسمع الآن في هذه اللحظة وفي هذا السطر من مقالي قارئاً حقيقياً وليس افتراضياً، يعترض علي انتقادي لـ(غزوة التلفزيون الكبري) التي تدور رحاها يومياً علي الشاشات العربية، علي اعتبار أن غايتها الكبري نشر الدعوة الاسلامية، وأطلب من هذا القارئ المعترض أن يشرح لي أي دعوة اسلامية تقوم هذه الغزوة التلفزيونية الفضائية والأرضية بنشرها، فأي متابع بسيط للشاشات العربية، سيجد أن الاسلام الذي يقدمه سماحتهم وفضيلتهم وسيادتهم ليس اسلاماً واحداً، لو أجري مقارنة بين مايسمعه منهم، فهناك اسلام المفتي الرسمي في الدول العربية، وهو اسلام سياحي من فئة الخمس نجوم مرفه، شبعه يصل إلي حد التخمة، حتي ليستطيع المشاهد لو دقق قليلاً أن يري اللقمة الأخيرة في حلقه عندما يظهر متحدثاً في برنامج ما، وفي جبته ينضوي الخطباء الرسميين لصلاة الجمعة والعيدين، والذين حددت وظائفهم باعتبارهم الناطقين الدينيين باسم حكومات بلادهم، ويفهمون الاسلام مختصراً في الآية الكريمة وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم إلا أنهم يجتهدون في تفسيرها، بتقديم طاعة أولي الأمر علي طاعة الله ورسوله، وهذا يفسر اقتصار عملهم علي الدعاء بطول العمر لزعيم دولتهم، والثناء علي كل قرار أو إجراء تتخذه سلطتهم، متنقلين بين متضاداتها ببهلوانية كما لو أنهم من خريجي مدرسة سيرك موسكو لا كليات الشريعة، فإن أعلنت دولتهم العداء لاسرائيل فإن وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم جاهزة، وإن بدلت سياستها باتجاه مفاوضات ومعاهدات السلام فإن وإن جنحوا للسلم فاجنح لها حاضرة، ولولا الجبة والقفطان والعمامة لما استطاع المشاهد التفريق بينهم وبين مذيعي التلفزيون في البرامج التي يظهرون بها، لأن فصاحة عربيتهم وثراء أمثلتهم وفرط تزلفهم تقدمهم باعتبارهم النموذج المثالي والكامل للمذيع في التلفزيونات الرسمية، ولولا اللحية والسبحة وزبيبة الصلاة علي جباههم ـ كما يسميها اخوتنا المصريون ـ لظن المتابع انهم مدراء ماليون أو أمناء صندوق أو محاسبون، لأنهم يقضون معظم أوقاتهم بحساب مردود عملهم بالريالات والدراهم والليرات والدينارات والهدايا العينية والأعطيات، أكثر مما يحسبونه بالحسنات والسيئات والقرب من الجنة والبعد عن النار.

لا مفاتيح للشيفرة!

وهناك اسلام تنظيم القاعدة الذي تظهر عناصره ومؤيدوه ومنظروه علي الشاشات التلفزيونية بسحن متجهمة عبوسة، كما لو أنها قضت حياتها في أداء شخصية ياغو الشريرة في مسرحية شكسبير الشهيرة (عطيل)، تهدد وتتوعد وتتفاخر بالتفجيرات وقطع الرؤوس ورؤية أجساد البشر ممزقة، ودماؤهم مهدورة، بطريقة أقرب إلي استعراضات عصابات الاجرام في أفلام الكاوبوي، مختصرة الاسلام في الآية الكريمة ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ، كما لو أنه دين موت لا دين حياة، وكما لو أن الله أرسل نبيه لتخريب الأرض لا لعمارها، وإذا كان المشاهد العربي لأفلام قطع الرؤوس وجز الأعناق بالسيوف التي تصور وترسل للعرض في المحطات التلفزيونية، يستطيع أن يلتمس بعض الأعذار لوحشية تلك المشاهد، باعتبار أنه معني بشكل أو بآخر بالقضية التي يدافع عنها هؤلاء، ومتفهم لمرجعياتها الجهادية، فإن أي مشاهد غربي لايملك مفاتيح الشيفرة الاسلامية التي يتحدث بها هؤلاء، سيظن من خلال مشاهدته اللقطات الاجرامية أنه يواجه ديناً ارهابياً، وأن المسلمين ليسوا أكثر من مجموعة قتلة.

اعادة المعركة بعد تغيير نتيجتها!

أما النوع الثالث من الاسلام الذي غزا شاشات المحطات التلفزيونية بالترافق مع الغزو الأمريكي للعراق، فهو اسلام الحوزة العلمية في العراق، الذي لايوجد وصف أدق له من نعته بالثأري فلا هم له ولعمائمه البيضاء والسوداء في كل ظهور تلفزيوني إلا الانتقام لدماء الامام علي بن أبي طالب ولمقتل الامام الحسين، في محاولة عصرية لاعادة معركة صفين مع تغيير نتيجتها، ويلاحقه شبح صورة معاوية بن أبي سفيان وابنه يزيد فيراهما في وجوه مواطنيه من أبناء سامراء والموصل وبغداد، ويعتبر الاحتلال الأمريكي للعراق تحريراً له من أحفادهما، وتحكم حضوره التلفزيوني طقوس المناحة الكربلائية، ويصر علي إعادة تمثيلها في أي ندوة أو مقابلة أو حوار.
أمام هذه الاتجاهات الثلاثة المتناقضة التي تستأثر الآن بتقديم صورة الاسلام علي الشاشات، أخلي الاسلام المعتدل المنفتح المتنور مكانه لصالح دين عصابي متشدد يكره الآخر، ويلغيه بدلاً من أن يحاوره، ويقتله بدلاً من أن يهديه بالموعظة الحسنة، بحيث صرنا كمسلمين عاديين نشعر بالغربة أمام غزوة العمائم واللحي والمسابح الكبري للتلفزيون، والتي تمثل أي شيء آخر إلا الاسلام، ونشتهي أن يمر برنامج في أية محطة تلفزيونية يفلت من عمامة تتسلل إليه، أو لحية تطل منه، أو سبحة يعلو صوت اصطكاك حباتها علي صوت الحوار فيه.
قبل أن أنهي لابد من الاشارة إلي أنه ما قبل ظهور قناة المنار اللبنانية كانت العمائم واللحي والمسابح مجرد ضيوف مؤقتين علي مرتدي البدلات وربطات العنق، لكن مع ظهورها تم تدشين عصر تلفزيون الحجاب والعمامة واللحية رسمياً، وصار منظر مذيعاته بالحجاب يدفعني بشكل لا إرادي في كل مرة أود مشاهدة المنار ، وقبل أن أضغط علي جهاز التحكم في يدي، إلي غض بصري للحظة والصراخ بصوت عال: ياساتر.. يالله.. دستور، كمن يدخل بيتاً غريباً فيه نساء، ويود أن يترك لهم فرصة لتغطية رؤوسهن إن كنّ سافرات، ثم بعدها أنظر إلي شاشة المنار !
كاتب من سورية
[email protected]

القدس الغربي








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024