السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 06:40 ص - آخر تحديث: 02:02 ص (02: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - د / عبدالاله بلقزيز
د/ عبد الإله بلقزيز -
الحرب على لبنان.. عين المكان
إنها الحرب على لبنان إذاً، حصار من البحر والبر وفي السماء، وأمطار غزيرة من القذائف والصواريخ تنهال، ودمار يمزق الأوصال ويبعثر المباني والجسور ومحطات الكهرباء، ونزوح لعشرات الآلاف وقتلى وأشلاء. وحرائق تلتهم المكان وتلتهم الأنفس والذاكرة والأبدان. من هنا مرت “اسرائيل”، وهنا توقفت: تاركة على جسد لبنان بصمتها التي لا يخطىء قراءتها أحد: الموت.

إنها الحرب إذاً، تقرأها في العيون، في حركات الناس المضطربة، في زحمة السير وتوتر الأعصاب. في تأفف الزائرين، في طوابير الباحثين عن ربطة الخبز والبنزين، في عويل سيارات الاسعاف. تقرأها، وتقرأها في تدفق النازحين.

إنها الحرب إذاً، أطبقت على لبنان فضاق بثقلها المكان. لا الناس تملك أن تبقى في البيوت ولا الباحث منها عن خلاص فردي يملك أن يغادر. المطار مقفل ومحاصر، والطريق من بيروت إلى دمشق تتصيده الطائرات “الاسرائيلية” فتخرجه من حيز المواصلات. والذين أتوا لبنان سائحين، يتدفقون على أبواب سفاراتهم في بيروت عساها توفر لهم خروجاً آمناً من حمام النار وحمم القصف المعمم.

إنها الحرب إذاً، على اللبنانيين وحدهم أن يتحملوها، فلا أحد سيحملها عنهم اليوم كما لم يحملها عنهم أحد في حصار بيروت قبل أربعة وعشرين عاماً. فالأشقاء متعبون أو خائفون. والاعداء على الأبواب متربصون أو في قلب الدار رابضون، لكن أهل لبنان صامدون، على الجمر قابضون، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

إنها الحرب. وفي الحرب متسع لتذكر البداهات، وأولها أن شعباً لا يملك أن يتحمل حرباً إلا إن تماسك وتفقد سلامة أطرافه. ولبنان اليوم في أمس حاجة إلى وحدة بين أبنائه وقواه السياسية كافة يخرج بها من التجاذب كي يؤسس قدرته على اسقاط أهداف العدوان عليه. ويريد به العدو شراً، وهو يفعله. لكن الشر ليس على التدمير والقتل الجماعي يقتصر، بل يبغي أبعد من ذلك: إحداث انقسام حاد بين اللبنانيين تمر من بين شروخه وشقوقه أهداف حملته العسكرية على لبنان.

لا وقت إذاً لتوزيع مسؤوليات ما حصل على هذا أو ذاك. لا وقت للسؤال عما إذا كانت المقاومة قد اختارت التوقيت “غير المناسب” لعمليتها التي أدت إلى أسر جنديين من العدو، أم أحسنت التوقيت. ولا وقت للسؤال عما إذا كان مطلوباً الوقوف مع المقاومة الآن أم مع الحكومة. فهذا حديث سياسي خديج (مولود قبل أوانه). المجال الآن مفتوح فقط لهم واحد وحيد: التضامن الوطني الجماعي لصد العدوان وكف آثاره على اللبنانيين جميعاً. وبعدها لكل حادث حديث.

لا يليق باللبنانيين، وقد خبروا الحروب واتعظوا بدروسها، أن ينقسموا على محنتهم والموت. العدو نفسه يفعل ذلك حين يدهمه الخطر، ينسى صراعاته الداخلية، ويتوقف سياسيوه وأحزابه وكتله النيابية عن رجم بعضهم بعضاً بمفردات المحاسبة والمسؤولية، ليتحد كله وراء الدولة والجيش. تلك نعرة طبيعية في الناس منذ خلق الله الخليقة. وهي كذلك في السياسة والمجتمعات الحديثة والدول، ولا تبديل لنواميس الوجود الانساني، بل ان لفي الانقسام والوحدة اختباراً للأوطان، أو لعيار درجة قيمومتها أو امتناعها عن القيام. ولا يحسبن أحد من اللبنانيين أن العدو يوفره أو يحيده من العدوان لمجرد أنه لا يحمل سيفاً أو حجراً في وجه “اسرائيل”، أو لمجرد أنه يملك أن يرتجل حديثاً نقدياً في “خرق” المقاومة ل “الخط الأزرق”، أو في تكرار الحديث عن التزام حكومة لبنان للقرار 1559 الذي ينص على نزع سلاح المقاومة؛ فاللبنانيون جميعاً هدف للعدوان. وما أكثر ما في حوزة المرء من أدلة وشواهد على ذلك:

فالواحد منا لا يحتاج إلى كبير فطنة وذكاء كي يدرك أن قصف مطار بيروت وتعطيله ليس يبغي كسر شوكة المقاومة (لأن لا سلاح جوياً لدى المقاومة)، وانما ضرب الاقتصاد الوطني وتخريب الموسم السياحي الواعد في البلد. وهو بهذا المعنى عدوان على الحكومة والشعب. ثم انه لا يحتاج إلى تحليل استراتيجي معقد ليدرك أن حصار الموانىء والطرق الدولية والأجواء ليس شيئاً آخر سوى سرقة رغيف الخبز من شعب يوجد قسم من قوته وغذائه خارج أرضه. وهكذا فالعقاب جماعي وان وزع على اللبنانيين بتفاوت فنالت منه مناطق أكثر من شقيقات لها في الوطن.

لبنان، اليوم، يخوض المعركة التي لم يخضها العرب منذ ثلث قرن بالتمام والكمال. ولأنه يخوضها، فعلى من لديه ملاحظات نقدية على سلوك المقاومة إرجاؤها إلى حين تنتهي المعركة. إن حقه في المحاسبة محفوظ، وعلى المقاومة التي حملت عبء هذه المعركة أن تحفظه له غداً فتصغي إليه وتدافع عن نفسها. أما الآن، فالحرب مستعرة، وهي حرب على الجميع: من شارك ومن أحجم ومن لاذ بالصمت. وفي الحرب لا مكان إلا لصوت واحد أحد: الوطن.

* * *

في لبنان حرب، وأي حرب: حرب لا توفر هدفاً ولا مدينة ولا قرية ولا كائناً حياً يدب على الأرض، حرب أفرغت فيها “اسرائيل” مخزوناً تاريخياً من الأحقاد على اللبنانيين والعرب. لا فرق عندها بين مسلم ومسيحي، بين مقاتل ومدني، بين رجل وبين امرأة وطفل وشيخ. بين موقع عسكري وبين محطة بنزين أو فرن أو بناية سكنية. الأرض المحروقة هي اذن. وتلك عقيدة “اسرائيل” منذ قامت في قلب أرضنا على تراب الفلسطينيين وجماجمهم وتوسعت ليتوسع سرطانها في كل الجسم العربي.

يا “اسرائيل”، أيتها الأفعى التي تضرب وتختفي في الجحر، تستطيعين أن تفعلي ما تشائين: تقصفين وتدمرين وتقتلين وتشردين. لكنك أبداً لست تملكين أن تطفئي فينا جذوة المقاومة، أو تكسري في أعماقنا إرادة الصمود.

لم يعد لدينا ما نخسره، فإن أي يوم آخر نربحه في الحياة، ونستله من عجين قتلك اليومي، سننصبه قلعة أخرى في وجه زحفك الهمجي. عبثاً تحاولين إذلالنا بالقصف والحصار وقطع الكهرباء والماء والتجويع. لكننا الأعلون وأهلك الأذلاء.

يا “إسرائيل”، لك منا كل الحقد، ولك ممن سيأتي بعدنا أكثر الحقد









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024