الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 08:27 ص - آخر تحديث: 07:17 ص (17: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
ويليام فاف -
أوروبا وخطر الحِجاب المهاجر... ويليام فاف
لقد كان روي جنكينز وزير الداخلية البريطاني في عقد الستينيات، وهو سياسي وكاتب متحضر مستنير من حزب "العمال"، هو من كتب وقتئذ قائلاً في وصف سياسات الهجرة البريطانية إنها "إنما وضعت لإسعاد مجتمعات المهاجرين الأجانب إلى بريطانيا، ولضمان حسن تجاورهم مع بعضهم بعضاً، ولكي تحافظ كل واحدة من هذه الجاليات المهاجرة على ثقافتها الخاصة، إلى جانب التمتع بهوية انتخابية بريطانية موحدة لها جميعاً". لكن وعلى رغم إشراق هذه الفكرة وبريقها، إلا أن الذي تكشف هو أن تلك لم تكن هي حقيقة السياسات التي وصفها جنكينز. والحقيقة أن الجاليات المهاجرة في بريطانيا قد أنشأت كل واحدة منها "غيتو" العزلة العرقية الثقافية الخاص بها، بينما كظمت غيظها وغضبها على المجتمع البريطاني الذي تعيش فيه في معظم الأحيان. وعلى نقيض ذلك التصور لمصير المهاجرين تماماً، كتب إينوك باول وهو سياسي وكاتب بريطاني محافظ مخضرم آخر –ربما كان أكثر نبوغاً من جنكينز- قائلاً في عام 1968 "إنه سوف يكون من الخبل والجنون أن تعتمد بريطانيا خطة لاستقدام 50 ألفاً من العمال المهاجرين إليها سنوياً". وجاء في استقراءاته الصائبة لنتائج هذه الخطة أنها سوف تسفر عن بلوغ نسبة المهاجرين من إجمالي التعداد السكاني البريطاني بحلول عام 2000 رقماً يقارب 10 في المئة. يُشار هنا إلى أن النسبة التقريبية المعلنة لعدد المهاجرين الأجانب بين إجمالي السكان البريطانيين لعام 2001 هي 10 في المئة بالفعل. إلى ذلك يضاف القول إن إجمالي تعداد المهاجرين المسلمين في المجتمع نفسه، تبلغ نسبته 2.8 في المئة.

ومن وجهة نظر باول، فإن واقعاً كهذا سوف يسفر حتماً عن نزاعات اجتماعية جامحة تتعذر إدارتها والسيطرة عليها. وسوف تكون هذه ظاهرة جديدة وغير مسبوقة في تاريخ المجتمع البريطاني. ولم يكتف باول بهذا بل أشار إلى أزمنة الإمبراطورية الرومانية الدامية التي امتلأ فيها نهر التيبر برغوة هادرة من دماء البشر المتنازعين مع بعضهم بعضاً. وما أن قرأ اليمين البريطاني هذه الأفكار، حتى اتخذ منها ذريعة ومسوغاً للترويج لآيديولوجية كراهية الأجانب.

وكان ذلك ما أسدل الستار بغتة على الحياة السياسية لباول. غير أن هذا الأخير لم يبدِ أدنى دهشة لهذه النهاية الخاطفة لعمله السياسي. فهو بصفته مفكراً وسياسياً كلاسيكياً، إنما يؤمن عميق الإيمان بأن من قدر السياسة أن تنتهي إلى مثل هذه الخواتيم الفاشلة الخائبة. بل إن من رأيه أن هذه هي سنة السياسة وطبيعة البشر أنفسهم. وكان أن فارق باول الحياة في عام 1998 دون أن يمتد به العمر ليشهد كيف سالت أنهر الدماء في هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، مع العلم أن تلك الدماء قد أريقت بعيداً وخارج الحدود البريطانية، وأنه لم تكن لها صلة تذكر بالهجرة أو المهاجرين.

وعلى أية حال، فقد عانى المهاجرون الأميركيون الأمرّين من بعبع الخوف الذي تلا تلك الهجمات. وكانت الهجمات ذاتها ما حفز رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على الانضمام إلى صف حليفه جورج بوش، والوقوف إلى جانبه في دعوته القائلة بشن الحرب على الإرهابيين في عقر دارهم، مما يجنب أميركا وغيرها من الدول والديمقراطيات الغربية خوض تلك الحرب معهم في عقر دار الديمقراطيات المعنية. وكان أن ترتب عن ذلك الموقف، انضمام بريطانيا نفسها إلى قائمة الدول المستهدفة بالعمليات الإرهابية. فما أن شهدت هذه الأخيرة الهجمات الشهيرة على مترو أنفاق عاصمتها، حتى تلقت رسالة مفادها أنها إنما سعت إلى حتفها بظلفها، بإطلاقها مارد إرهابها الداخلي من قمقمه. على أن السمة الرئيسية للجهاديين البريطانيين هي أنهم كارهون لوطنهم البديل، وساعون لاستبداله بـ"دولة إسلامية" وفق ما تصوره لهم أحلامهم ورؤاهم الواهمة.

وعلى الرغم من أن التعددية الثقافية تظل هي السمة العامة لغالبية المواطنين البريطانيين، إلا أن احتدام وتصاعد التوترات خلال الآونة الأخيرة، إنما يشيران إلى ازدياد انفصال المسلمين المهاجرين عن الأغلبية. وقد عبر هذا الانفصال عن نفسه بصفة خاصة عبر ميل الكثير من المهاجرات المسلمات إلى ارتداء الحجاب.

يذكر هنا أن جاك سترو وزير الخارجية السابق كان قد احتج على انتشار هذه الظاهرة في وقت مبكر من شهر أكتوبر الجاري، وطالب بعدم السماح لأية محجبة بمقابلته أو زيارته في مكتبه بصفته عضواً برلمانياً عن منطقة بلاكبيرن، حيث تتراوح نسبة المسلمين بين ناخبيه هناك بين 25-30 في المئة. ووصف سترو الحجاب بأنه يضع حاجزاً سميكاً بين البشر، ويحول دون تفاعلهم مع بعضهم بعضاً بسبب إخفائه للوجه كله عدا العينين. أما في تفسيره السياسي له، فقد وصفه بأنه بمثابة إعلان صريح عن انفصال النساء المسلمات عن المجتمع البريطاني.

وفي منطقة بريطانية أخرى جرى إيقاف مساعدة تدريس أخرى في إحدى المدارس عن عملها بسبب إصرارها على ارتداء الحجاب داخل الفصول وقاعات الدرس. وهذا ما دعا أحد كبار الشخصيات في حزب "المحافظين" إلى القول إن سلوكيات بعض المسلمين البريطانيين تظهر ميلاً واضحاً إلى ضرب من العزلة الطوعية الإرادية على الذات. أما جوردون براون الذي ترجح خلافته لرئيس الوزراء الحالي توني بلير في منصبه، فجاء في تعليقه أنه سوف يكون خيراً لبريطانيا وأهلها، فيما لو قل عدد النساء اللائي يرتدين الحجاب. وبالنتيجة فقد عم في بريطانيا كلها جدل وخلاف مستعر حول ما بدا فضيحة مدوية ذات صلة بالتمييز ضد الآخر وبالكراهية الدينية. يجدر بالذكر هنا أنه كثيراً ما أشير إلى نموذج التعدد الثقافي البريطاني على أنه يمثل نمطاً فريداً ومتميزاً للتمازج والتعدد العرقي الثقافي الإيجابي، قياساً إلى التجربتين الفرنسية والأميركية في هذا الشأن، وهما تجربتان تقومان أساساً على الاستلاب السياسي والثقافي للأجانب والمهاجرين. وكانت آخر إحصائية سكانية أشارت إلى الدين في فرنسا في عام 1872، بحكم عدم شرعية مجرد الإشارة إلى المواطنين الفرنسيين على أساس انتمائهم الديني أو الثقافي. أما في أميركا فإن استلاب المهاجرين في الثقافة الغالبة ليس مهمة رسمية تضطلع بها الدولة وأجهزتها، وإنما يتحقق عبر التأثير العارم للثقافة الشعبية الغالبة، وتحت وطأة تأثير الرأي العام، فضلاً سطوة ماكينة الإعلام على المجتمع الأميركي بأسره.

بيد أن اكتشاف جهاديين بريطانيي النشأة والمولد، يعلنون رفضهم للقيم السائدة هناك، ويميلون إلى تعريف أنفسهم على أساس الانتماء الثقافي الديني وليس على أساس المواطنة، لاشك قد أحدث هزة عنيفة في أركان هذا المجتمع وأعمدته الأساسية التي قام عليها واستقر.

* نقلا عن صحيفة " الاتحاد" الإمارتية








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024