السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 03:32 ص - آخر تحديث: 04:17 ص (17: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
بقلم: نزار خضير العبادي -
تقاليد "رمضان" في بلاد السعيدة

ليس كمثلها بلد يفوح بعبق التاريخ، وألق التراث وهو يكحل عيون العصر، ويخضب أكف قرون التحديث بصبغة الأصالة، ويغرس رياحينه عند عتبة كل دار، فينبعث شذوها كما السحر يؤسر الأفئدة، ويجتذب الألباب.. فليس من حجر من هذه الأرض إلا ويدعوك: ألا أيها المثخن بالضجيج يعييك السعي، هلا حللت بموطن الأجداد، فتشهد زمناً لا تدركه بغير اليمن!.
يقيناً أن (رمضان) شهر تتجدد فيه أنفس الحياة في كل بلاد المسلمين، لكنه في اليمن يضيف للحياة أنفاساً عبقة من صدر الإسلام، وذاكرة العروبة التي ما برحت آذاننا تسمع دبيبها مذ أن عرفت وجه الأرض، وقرأت ابتهالات بلقيس في سبأ.
فالشهر الفضيل لا يبزغ هلاله إلا وقد استبقه اليمنيون بأيام في التبشير بمقدمه العظيم، وتنظيم البيوت، وغسل الأفرشة، وتنظيم كل ما يلزم تنظيمه من أثاث وأغراض وخزانات الملابس، وحتى حضائر الحيوانات في الريف اليمني ويخرج رب البيت للأسواق لشراء الحبوب وكل ما يلزم من مواد غذائية وأدوات منزلية، ومؤكداً أنه سيجد سوقاً عامراً ينتظره بشتى الصنوف.
الناس كلهم يترقبون الإعلان برؤية هلال رمضان، الكثير منهم لا يبارح المسجد بعد صلاة المغرب عله يعود لأهله بخبر دخول الشهر الكريم.. حتى إذا ما علموا بيومه جعلوا الليلة السابقة له ليلة سمر حتى ساعة متأخرة من الليل، والشائع أن يواصلوها حتى الفجر بالتهليل والتكبير والترحيب عبر المآذن،
كما وتمتد القراءة والترتيل للقرآن حتى أذان الفجر. وستجد النساء ليلة رمضان منهمكات في بيوتهن بالتنظيف والترتيب والتبخير للبيت، وبعدها بإعداد أول وجبة سحور سيستمتع أفراد العائلة بالتهامها وسط أجواء من الانشراح والابتهاج، وربما يجتمع الأقارب أو الجيران أو الأصحاب معاً في هذه الوجبة، بينما سيتبادل بعض الجيران ألواناً مختلفة من الأطعمة التي حرصت النسوة على إعدادها خصيصاً لمناسبة كهذه.
ولأهل صنعاء ومناطق أخرى قليلة عادة ينفردون بها عن سواهم، فالليلة السابقة لرمضان يعملون بها ما يسمونه بـ(يانفس ما تشتهي)، حيث يلتقي الرجال والشباب والصبيان في المساجد، وبعض الأحيان في المنازل وقد أحضر كل فرد منهم شيئا مما تطيب له نفسه من المأكولات والمشروبات، فيجتمعوا في حلقات صغيرة واضعين ما أتوا به مع بعض ليشتركوا في تناوله، ويتبادلوا الأحاديث الممتعة وذكريات رمضان ثم يتفرغوا للتسبيح والتكبير وحمد الله.. وهو الحال نفسه بالنسبة للنساء لكن في البيوت.. وبلا شك سيدعى إلى هذا كل مسكين ومستطرق وعابر سبيل.
أسواق اليمن في رمضان تنشط بعد الساعة العاشرة صباحاً، لكن الغالبية العظمى من الناس تفضل التبضع بعد الخروج من صلاة الظهر.. البعض يجد متعة في الذهاب للسوق بمعية أحد أو بعض أبنائه أو أصدقائه، لكن الجميع يستمتعون كثيراً في التسوق رغم الازدحام الشديد.. فمنظر الخضروات الطازجة والبضائع المختلفة المرصوفة بعناية فائقة عند واجهات المحال التجارية والبقالات يسرق الأبصار- خاصة وأن الأسواق ستعج بأصناف جديدة لم تعتمد العيون على رؤيتها في غير شهر رمضان، وستكون هناك الكثير من المواد الرخيصة الأثمان التي تجتذب ذوي الدخول المحدود،
أما بالنسبة للنساء، فهن أول من يستيقظ ويباشر عمله المنزلي، وفي الأرياف يكون عبئهن أثقل، فالمرأة تقع على عاتقها مسئولية تحضير علف الحيوانات، وإطعام البقرة، وإحضار الحطب، ورعاية الأطفال وغيرها من الأعمال اليومية الخاصة بالأسرة.. إلا أن الجمعان في النهاية سيلتقيان بعد صلاة العصر بمهمة واحدة وهي إعداد الفطور – وهنا ستعدد الأصناف على نحو مفرط أحياناً، وسنجد الغالبية العظمى من البيوت اليمنية، تحرص على ملازمة تحضير بعض الصنوف بصورة يومية مثل الكاسترد (المحلبية)، والشوربة، و (الشفوت)، و( الحلبة الحامضة) و (السلتة) وصنف معين من الحلويات أو المعجنات مثل (السبايا)، أو (بنت الصحن)، أو (السوسي) وجميعها تؤكل مع العسل، وهناك الكثير غيرها.. فضلاً عن أن جميع الأسر اليمنية تحرص على أن يتضمن فطورها شيئاً من اللحوم الحمراء أو البيضاء، وبعض الخضار الطازج مثل (الفجل) أو (الكراث) بجانب الفواكه التي لا تنقطع عن السوق اليمنية على مدار السنة بأصناف مختلفة.
في رمضان لا ينقطع اليمنيون عن قراءة القرآن كلما فرغوا من أعمالهم، والبعض يحمل في جيبه نسخاً صغيرة من المصحف الشريف ليتسنى له القراءة أينما حل به المقام.. وجرت العادة أن ينتظم الرجال في المساجد بحلقات قراءة قرآنية مصغرة فيعمل أحدهم على القراءة والآخرين يتابعون ويصححون اللفظ، وهكذا يأتي الدور عليهم فرداً فرداً.. وكذلك يفعل الشباب، أما الصبيان فعلى الدوام هناك دورات تحفيظ، قرآن ينظمون إليها، وهذه الدورات تتبناها إما جمعيات أهلية أو حكومية أو أئمة المساجد أو بعض أساتذة المدارس. وهناك حلقات تحفيظ يتم تنظيمها للفتيات أيضاً ولكن ليس في المساجد، بل بمباني حكومية أو أهلية أو بيوت.
ومن عادات اليمنيين في هذا الشهر الكريم أن يولوا عناية كبيرة لنظافة أنفسهم وارتداء الثياب النظيفة وفي الأغلب الجديدة أو أحسن ماهو متوفر، وكذلك التطيب بالعطور، وإشعال البخور في البيوت، ويفضلون الخروج للتمشية في المزارع والحقول القريبة أو من حيث تنساب عيون الماء من بطن الجبال، وأحياناً التجوال في المواقع التاريخية الأثرية المجاورة لمناطق سكنهم، وربما نجد بعض الشباب يفضلون ممارسة بعض الألعاب الرياضية بعد صلاة العصر، وهذا أمر يستهوي حتى الفتيان والصغار.
وباقتراب موعد الإفطار تبدأ رحلة الصحون بين مطابخ الجيران، يبادلون بعضهم البعض صنوف الطعام ولو بكوب لبن- فكلاً يجود بما فضل الله عليه.. وستجد الأسر محدودة الدخل ألواناً مختلفة من الأطعمة تُهدى إليها من معظم بيوت الحارة أو القرية. فاليمنيون لا يتركون فرصة الإحسان وإعطاء الصدقات تفوتهم حتى أننا لنجد الصغار والكبار يخرجون الصدقات لكل من صادف طريقهم أو طرق أبواب دورهم.
ومن جهة أخرى فإن الغالبية العظمى من الرجال تفضل بدء الفطور في المساجد، فيأخذ كل فرد منهم شيئاً قليلاً من الطعام مثل التمر و (السمبوسة) والبطاط والبيض والمعجنات ويجمعون ما أتو به مع بعض ويفترشون الأرض بحلقات ليشتركوا جميعاً في الفطور وينضم إليهم كل من رغب دون استئذان- فالدعوة مفتوحة. وهناك الكثير جداً من أهل الخير ممن يقيم في المساجد مآدباً مفتوحة للفقراء والمساكين وعابري السبيل وكل من طاب له الزاد.. رمضان في اليمن موسم للكرم، يستعيب الناس فيه على بعضهم إغلاق أبواب البيوت، فيتركونها مشرعة كيلا يجد السائل أو عابر السبيل حرجاً في طلب الطعام.. وأن الغريب ليجد العشرات في طريقة ممن يدعوه إلى منزله لتتناول الفطور رغم عدم وجود سابق معرفة بينهما.
في أغلب مناطق اليمن يعود الرجال من المساجد لإكمال العشاء مع بقية أفراد أسرهم، لكن في بعض المناطق الشمالية مثل صعدة والجوف يؤخرون العشاء حتى الساعة التاسعة مساءً تقريباً. وفي كل الأحوال فإن المساجد ستشهد بعد صلاة العشاء محاضرات دينية وصلوات وأدعية وحلقات ذكر، ودورات تحفيظ قرآن للصغار، وسيتعالى التسبيح والتكبير والدعاء في المآذن، وهناك بعض الناس يمكثون في المساجد حتى ساعات متأخرة من الليل.
بعد صلاة العشاء والتراويح يفضل بعض اليمنيين التوجه إلى (المقايل) حيث يجتمعوا بالعشرات يمضغوا (القات)- رغم أن هذه الظاهرة آخذة بالانحسار- والبعض يجلس للاستماع لما سيدار من حديث ومواعظ دينية وسرد في السيرة النبوية، وسيرة الصحابة، والقصص القرآني.. ومن حين لآخر يخصص زمن قصير للتشفيع والابتهالات وترديد الأناشيد والابتهالات الدينية.. وبلا شك أن من كان المقيل في داره يتوجب عليه إعداد لوازم الاستضافة من قهوة وزبيب وغير ذلك.
أما النساء فيتبادلن الزيارات، ويجتمعن ببعضهن البعض، وسيكون على من يجتمعن عندها واجب الضيافة بالقهوة والزبيب والكيك والمعجنات أو بأي شيء طاب لها تحضيره، وغالباً ما يتسامرن حتى منتصف الليل فقط.
اليمن بلد تروج أسواقه ليلاً، وتعج شوارعه بالناس حتى أذان الفجر، والكثير من شبابه لا يتورعون عن العمل في هذا الموسم مستغلين نشاط حركة السوق- حتى وإن كانوا طلاباً أو موظفين.. وأجمل ما في اليمن أنها مع التكبيرة الأولى لأذان الفجر تتحول كل أسواقها إلى مدن مهجورة لا بشر فيها غير مئات المحلات والفرشيات المغطاة بقطع من القماش وليس من أحد يحرسها غير الثقة بالله والتوكل على رحمة من لا يغمض له جفن أو تنام له عين.













أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024