الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 03:25 م - آخر تحديث: 03:24 م (24: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
بقلم/ نقولا ناصر -
أسرى وهم عملية السلام
ترعى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في القدس المحتلة يوم الإثنين ، التاسع عشر من شباط/فبراير الجاري ، ثالث لقاء قمة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت ، وسط توقعات فلسطينية وإسرائيلية متضاربة واختلافات بين الطرفين حول أجندة قمتهما و"تحفظات قوية" أميركية حول اتفاق مكة الفلسطيني تجعل من المؤكد تقريبا أن هذه القمة لن تتمخض كسابقتيها عن إحياء عملية السلام ، ناهيك عن صنع السلام نفسه ، وأنها لن تخرج عن كونها تكتيكا إسرائيليا - أميركيا لإبقاء الفلسطينيين أسرى لوهم وجود عملية للسلام ولشراء مزيد من الوقت لخلق مزيد من الحقائق على الأرض تجعل من حلم السلام سرابا خادعا .

خلال الأسبوع الماضي صرح عباس إن لقاءه الجديد مع أولمرت سيمهد الطريق لوضع ملامح الطريق لبدء عملية سلام نهائية ، وإن القضايا المتعلقة باتفاق دائم ستكون على جدول الأعمال ، قائلا: "لقد اتفقنا مع (الوزيرة) رايس على ضرورة بحث ترتيبات للوضع النهائي وبدء مفاوضات على الحدود الدائمة والمستوطنات ومشكلة اللاجئين ." وكان كبير مفاوضيه العائد من واشنطن ، صائب عريقات ، أكثر جزما في تفاؤله وتأكيده على أهمية القمة المرتقبة التي ، كما قال ، ستركز بشكل رئيسي على "آلية الإنتقال من الأقوال إلى الأفعال" لتحويل رؤية الرئيس الأميركي جورج دبليو. بوش لما يعرف بحل الدولتين إلى واقع ، لكنه أكد "بأننا حتى الآن لم نتمكن من الإتفاق مع الإسرائيليين على جدول الأعمال ."

غير أن الحكومة الإسرائيلية كان لها موقف مغاير تماما وقالت إن القمة ستبحث في "الأفق السياسي" وإنها ستشمل "محادثات نظرية" ، في سياسة مدروسة ل"خفض مستوى التوقعات" الفلسطينية" . فقد أبلغ أولمرت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست: "لن تكون هناك أي مداولات" حول القضايا الرئيسية لأي اتفاق على الوضع النهائي ، أو مباحثات حول القدس ولا اللاجئين ولا أي إنسحاب إلى حدود 1967 ، لأن بحث هذه القضايا يهدد بفشل القمة ، بينما قالت الناطقة باسمه ميري إسين إن الوقت غير مناسب لمحادثات سلام كاملة حول القضايا الجوهرية وإن القمة ستركز على "إجراءات بناء الثقة وتوجه المفاوضات في المستقبل " . وكانت وزيرة خارجيته تزيبي ليفني أكثر تحديدا إذ اعلنت بأن المباحثات ستركز على إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود مؤقتة ، كما تقترح المرحلة الثانية من "خريطة الطريق" على حد قولها ، وهو ما تتفق منظمة التحرير وحماس وسلطة الحكم الذاتي وحكومتها على رفضه رفضا قاطعا .

وكان اجتماع بين عريقات ومدير مكتب الرئيس عباس رفيق الحسيني وبين يورام توربويتز مدير مكتب أولمرت ومستشاره السياسي شالوم ترجمان أواخر الأسبوع الماضي قد فشل في الاتفاق على جدول لأعمال القمة كما كان من المقرر أن تجتمع رايس مع عباس وأولمرت كلا على حدة عشية القمة للإنفاق على جدول أعمالها . والأرجح أن رايس ستكون ملتزمة ببيان اللجنة الرباعية الدولية إثر اجتماعها بواشنطن في الثاني من شباط/فبراير الجاري الذي رحب بقمة عباس – أولمرت السابقة والجديدة من أجل "الحوار" ؟! وكانت رايس قبيل إجتماع الرباعية ذاك قد صرحت بأن قمة الرجلين ستكون "غير رسمية" .

وكانت تصريحات رايس قبيل لقائها مع عباس الأحد -- بأن إدارة بوش لديها "تحفظات قوية" على إتفاق مكة وبأن خطة عباس للحكم مع حماس "تعقد جهود الولايات المتحدة لصنع السلام"وأن حكومة الوحدة الفلسطينية المقبلة "يجب أن تلبي شروط الرباعية" -- تصريحات سلبية جدا وتشكك إلى حد كبير في نية واشنطن المساعدة في إنجاح قمة عباس – أولمرت . أما تأكيدها في التصريحات نفسها بأن بلادها تدعم الرئيس الفلسطيني فإنها تندرج فقط في سياق سياسة إدارتها المشجعة على شق الصفوف الفلسطينية حتى لو قاد ذلك إلى اقتتال داخلي . وقد نسبت رويترز لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه قوله إن الأميركان "يريدون من عباس أن يقوم بأعمال تقود إلى حرب أهلية من أجل حماية اتفاقيات سابقة دمرها الإسرائيليون " .

وإذا صدق ما نسبته هآرتس الإسرائيلية ولوموند الفرنسية إلى "مسؤول فلسطيني رفيع المستوى" من أن "الأميركيين قد أبلغونا بأنهم سوف يقاطعون الحكومة الجديدة التي تقودها حماس" ، بمن فيهم وزراءها الفتحاويين والمستقلين ،وما نقلته رويترز عن دبلوماسيين ومسؤولين من أن "تحذيرا" كهذا نقل إلى عباس يوم الخميس الماضي ، فإن نتيجة القمة الفلسطينية الإسرائيلية التي إقترحتها رايس نفسها تكون قد حسمت سلفا وتكون لإتهامات "المعارضين المتشائمين" بأن القيادة الفلسطينية أسيرة لأوهام السلام وعملياته ما يسوغها .

إن موقفي "الرباعية" ورايس اللذان تجنبا الإلتزام ب"مفاوضات" واكتفيا ب"الحوار" الفلسطيني الإسرائيلي في إطار "غير رسمي" يصبان في الواقع في خدمة الموقف الإسرائيلي الذي يماطل متهربا من أي مفاوضات جادة ثنائية كانت أم في مؤتمر دولي ، كما طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته الأخيرة للأردن وكما تطالب القيادة الفلسطينية والأطراف العربية ، لأن إسرائيل مستفيدة أكثر من الوضع الفلسطيني المحاصر والوضع العربي المأزوم الراهن ، وهما وضعان تتحمل "الرباعية" ، وخصوصا عضوها الأميركي ، مسؤولية كبيرة عن استمرار تدهورهما .

وكان عريقات وعبد ربه في واشنطن بينما ذهب نبيل عمرو إلى أوروبا لتسويق إتفاق مكة ، ولم ينجح الرجال الثلاثة في انتزاع أي التزام أميركي أو أوروبي باعتبار حكومة الوحدة المنبثقة عن الاتفاق مستوفية لشروط رفع الحصار ، ولخص عمرو الحصيلة بقوله لرويترز: "قالوا لي إنهم حتى الآن غير واثقين من أن إتفاق مكة قريب من الوفاء بشروط الرباعية " .


وقد شجع موقف "الرباعية" هذا إسرائيل على إنتهاج سياسية تستهدف تفريغ قمة عباس – أولمرت من أي محتوى . فهي قد استخدمت موقف الرباعية السلبي من إتفاق مكة الفلسطيني واستمرارالرباعية في مطالبة القيادة الفلسطينية الإلتزام بشروطها الثلاثة لرفع الحصار لتسويغ استمرار إسرائيل في إدعائها بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام وبأن اتفاق عباس مع حركة حماس ، التي تصنفها تل أبيب وواشنطن كمنظمة إرهابية ، يشكك في أهليته لأن شراكته الجديدة معها تحد من قدرته على الوفاء بما قد يلتزم به في القمة .

بالرغم من ذلك تبدو منظمة التحرير ما زالت مراهنة على "الرباعية" بقدر مراهنتها على لقاء القمة مع أولمرت . فرعاة عملية السلام الأميركان والأوروبيون والروس والأمم المتحدة سيجتمعون للمرة الثانية في أقل من شهر في برلين في الحادي والعشرين من الشهر الجاري ، بعد يومين من قمة عباس – أولمرت ، وقد وصف عريقات هذا الاجتماع بأنه "هام للغاية" . لماذا ؟ لا أحد يستطيع حتى الآن التكهن بما تحتويه جعبة الرجل مما لم يتسرب إلى وسائل الإعلام ، غير أن امتناع الرباعية عن رفع الحصار الذي تفرضه على الشعب الفلسطيني بعد اجتماعها أوائل الشهر وموقفها السلبي من اتفاق مكة بعد ذلك ثم امتناع مجلس النواب الأميركي عن الموافقة على طلب الرئيس بوش إعتماد 86 مليون دولار لأجهزة الأمن الفلسطينية التي تأتمر بأوامر الرئيس عباس عقوبة له على إبرام اتفاق مكة مع حماس ، جميعها مؤشرات إلى أن إجتماع برلين سيكون فعلا هاما للغاية لكن في إتجاه تأزيم الوضع الفلسطيني بهدف الالتفاف على اتفاق مكة أو إجهاضه قبل أن تتاح له فرصة التحول إلى واقع على الأرض .

لقد رسخ اتفاق مكة الفلسطيني حركة المقاومة الإسلامية "حماس" شريكا أساسيا في صنع القرار الوطني ، وبالتوافق على تأليف حكومة وحدة وطنية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وجه لطمة قوية لتيار داخلي وقوى خارجية كانت وربما ستظل تتحين الفرص لإشعال فتيل حرب أهلية جهدت إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لإشعالها أو لاستخدام خطر اندلاعها للضغط على القيادات الفلسطينية من أجل الرضوخ لإملااءاتهما وشروطهما . وكان عباس قد حسم اختياره بين الوحدة الوطنية وبين الاستحقاقات الدولية فاختار الأولى بعد أن خذلته الثانية مما فتح الطريق أمام الإتفاق في مكة المكرمة: "الأولية بالنسبة لي هي الحفاظ على الوحدة الوطنية ومنع الاقتتال الداخلي ."

وعكست صدمة إسرائيل من اتفاق مكة النتيجة العكسية لسياستها التي كانت تتوقع أن يقود تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني إما إلى حرب أهلية للانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة أو إلى تطويع حماس للقبول بما تقبله قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ولخص أولمرت خيبة امله بقوله ، على ذمة يديعوت أحرونوت : "إن الإتفاق على إقامة حكومة وحدة في السلطة الفلسطينية يضع المنطقة على مفترق طرق قرار استراتيجي ذي أهمية ضخمة لا يقل درامية عما حدث بعد انتصار حماس في انتخابات السلطة الفلسطينية قبل سنة " ، مما يوجب على إسرائيل أن "تحسب بعناية سياساتها تجاه حكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة ."

وبالرغم من نفي أولمرت نية حكومته مقاطعة الرئيس عباس -- ردا على حملة إسرائيلية سياسية وإعلامية استهدفت التشكيك في صدقية عباس وأهليته وتطالب بمقاطعته إثر توقيع إتفاق مكة بل طالبت بإلغاء القمة ذاتها -- فإن تصميمه على تفريغ قمته مع عباس من أي محتوى ينطلق من الدوافع نفسها ويحقق الهدف نفسه ، مما يؤكد مجددا أن ما يسعى إليه هو نفسه ما سعى إليه أسلافه ، أي إبقاء العرب ومنهم الفلسطينيون اسرى وهم عملية سلام لا يمكن الاستخلاص من فصولها السابقة سوى أنها لن تصنع السلام إلا إذا تحقق بالشروط الإسرائيلية .

لذلك بدل أن يتجه أولمرت إلى قمته مع عباس وهو "في إطار ذهني إيجابي ، وبدل أن يكرر الوعد بالانسحاب من معظم الضفة الغربية في مقابل إتفاقية سلام" كما وعد مؤخرا ، كما علقت هآرتس في افتتاحية لها ، فإنه أعلن "لاءاته" ثم بادر ، كما كتب ناشط السلام الإسرائيلي يوري أفنيري ، إلى "إستفزاز" الفلسطينيين لكي يصرف الأنظار عن وضع حكومته المأزوم الغارق في مضاعفات حرب خاسرة في لبنان واتهامات بالفساد وقضايا أخلاقية قادت جميعها إلى إنخفاض شعبيته في استطلاعات الرأي العام .

وكان من "إستفزازاته" ، كما قال أفنيري ، تفجير قضية "الحفريات الأثرية" في باب المغاربة بالقدس المحتلة التي حذر الملك عبدالله الثاني من تهديدها لأساسات المسجد الأقصى كما من مضاعفاتها المحتملة على قمة عباس – أولمرت وتحرك "الرباعية" لإحياء عملية السلام ، وحث على كل ما رفضه أولمرت ، داعيا إلى عدم تضييع أي وقت لإستئناف عملية السلام بما في ذلك البدء "الفوري" في "مفاوضات الوضع النهائي" .

لكن لا حياة لمن تنادي ، فالسياسات الإسرائيلية الأميركية التي فشلت منذ عام 1948 ، وخصوصا منذ سنة 1991 ، في أن تقابل في منتصف الطريق معسكرا عربيا وفلسطينيا صادق النية في صنع سلام عادل ودائم طبقا للشرعية الدولية بل طبقا لجزء إنتقائي منها ، معسكرا تمكن أخيرا من جر الإجماع العربي إلى موقفه ، تبدو سياسات لن تغير أهدافها في إدارة عملية سلام عبثية ترتهن قادة هذا المعسكر أسرى لوهم لن يتحقق إلا بشروطها أو أن يغير القوم ما بأنفسهم حتى يغير الله ما هم فيه من أسر !

*كاتب وباحث فلسطيني متخصص في شئون القدس








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024