الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 02:31 ص - آخر تحديث: 01:33 ص (33: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - الدكتورة وهيبة فارع
أ.د. وهيبة فارع -
العراق بين المطرقة الأمريكية والكماشة الإيرانية
الوضع الذي خلفه الغزو الأمريكي للعراق يؤكد بما لا يدع مجالا للشك إن الاحتلال الأمريكي قد حقق فشلا لم تتمناه أية إدارة أمريكية لسياستها في المنطقة قبل الآن، والتي لم تعد تراهن على ما يبدو سوى على خروج مشرف لقواتها بافتعال تقسيم طائفي وعرقي يعوضها تلك الهزيمة التي ألحقت بها أو إحداث دمار حقيقي في العراق لا يبقي ولا يذر .

فالعدو المفترض لأمريكا لم يكن موجوداً والسبب للحشد الأمريكي الهائل كان مفقودا ، ومحاولات الخروج المبكر من العراق قبل استفحال الأزمة وتزايد عدد الضحايا الأبرياء لم يعد مجدياً، ورفض الدول العربية الدخول في مستنقع العراق وفي حرب لا نهاية لها ولا جدوى منها مستمرا ظاهرا وباطنا ،.

ويستنتج من تطورات الأحداث الأخيرة في العراق بأن أمريكا تحاول الهاء العالم عن وضعها المحرج ليتباكى معها على الوضع العراقي وينشغل عن انسحابها بالفتنة الداخلية التي خطط لها حليفها العدو الصديق، وهي لا تريد إلهاء العالم بحالة العراق عن تلك الهزيمة فقط ،وإنما تريد أيضا عقد صفقة مع أي طرف ليتسلم العراق منها مذبوحا بعد أن أدركت استحالة استقطاب أي طرف عربي لتلك الفوضى "الحراقة" ، وبعد أن رفضت أية دولة عربية المغريات للتضحية نيابة عن أمريكا وتحمل أوزارها في العراق، حتى ولو كان الثمن هو استبعادها من كل حل ومضايقتها وحصارها وتصيد الإحداث للإيقاع بها.

غير أن إيران التي أرادت أن تلعب دوراً تعتبره تاريخياً لها في العراق ورئيسيا في المنطقة قد أقحمت نفسها في العراق منذ البداية لأسباب لا تخفى على أحد ، لعل أهمها إبراز دورها كقوة إقليمية فاعلة بعد إقصاء العراق كقوة منافسة أمامها ، وقد استحقت بما قدمته من خدمات "جليلة" للجيش الأمريكي أن تكون ذلك المرشح ، ليس لأنها المؤهل الشرعي لحماية الشعب العراقي أو لأنها الصديق الحقيقي للأمة، ولكن لأن لإيران مطامح في بحر العرب ونفطه تؤهلها للعب دور الوسيط المستقبلي في ضخ النفط العربي وتقرير مصير المنطقة ، التي تقابلها رغبة أمريكية جامحة في صنع حليف يتمتع بالنفوذ الإقليمي الطامح للتفوق العرقي ، لتستثمره في انجاز مهمة الانتقام من الشعب العراقي الذي لم يستقبلها بالورود كما كانت تتوقع ، فيصبح هذا الحليف هو الوصي القادم والجلاد الحالي.

وقد كان العداء التاريخي بين الإدارة الأمريكية والنظام الإيراني الذي لا يخفى على احد كان على درجة كبيرة من الخبث للإيقاع بإيران في فخ أطماعها ، فقد أوجدت الإدارة الأمريكية الظروف المناسبة لاستدراج إيران للانتقام من الشعب العراقي ومنحتها فرصة مجانية لاستعراض القوة الوحشية ضده حارقة البلاد في نار من الفوضى والانفلات ، أعقبها تدمير البنية الأساسية للدولة في العراق وتنامي المصلحة بين حليفين عدوين استخدما كل العوامل القذرة لتمزيق النسيج العراقي الإنساني وهويته العربية في سبيل تحقيق مصالحهما بالانتقام لنفسيهما من العراق

ولا يخفى على احد الدور الذي لعبته العناصر الإيرانية في المقابل في العمل ألاستخباراتي المنظم والمنسق مع الإدارة الأمريكية قبل الحرب وتعاظمه مع بدء الحرب، وعند دخول القوات الأمريكية التي صحبها عشرات الآلاف من الإيرانيين والمرتزقة من حدودها إلى داخل الحدود العراقية وقيامهم بملاحقة وقتل أفراد الجيش العراقي والعلماء وأساتذة الجامعات والقيادات السابقة للإجهاز على ما تبقى من الدولة وكل ما يمت بصلة للوحدة الوطنية وجعله عبرة للشعوب العربية.

أما الدور الأخطر لإيران فقد تمثل في إحلال المليشيات محل الجيش تحت مسمى قوات حفظ النظام للقيام بالأعمال الإرهابية ضد المواطنين وممتلكاتهم عوضا عن القوات الأمريكية بهدف ضرب المقاومة والتنكيل بالأبرياء لفرض سيطرة عسكرية كاملة على مختلف أنحاء العراق ، وتقديم سلاح الفتنة الطائفية لجيش الاحتلال وتشكيل محور متناغم مع قواته وحلفاء حلفائه للتمهيد لحكومات متتالية ولاءها للخارج، والتنسيق معه لوضع العراق وشعبه في قبضة إيرانية تضرب بمطرقة الجيش الأمريكي صباحا ومساء.

ولم تتوقف إيران وهي تضغط على العنق العراقي في قبضة مميتة عن مغازلة شعوب المنطقة دينياً وإن تتباكي معهم عليه وان تثير الفتنة هنا وهناك ، ليس لرفع الحرج عن ما تفعله في العراق وإنما لذر الرماد عن جرائم مثبتة ضدها بحقه ، وليس لاستعطاف هذه الشعوب لقضيتها الآتية مع أمريكا وإنما تحسبا لما ينتظرها لو لم يتحقق التوازن الذي تسعى إليه معها، لإدراكها أن الغول الأمريكي قادم لا محالة للإجهاز عليها بعد العراق وعندئذ سوف تضطر للاستجداء بالرابط الديني الذي يربطها بالشعوب العربية الذي لم يردعها للأسف عن التدخل المخجل في العراق لمبادلة أمريكا بصفقة دموية تعتقد بانها قد تجعلها تلعب دورا تاريخيا في المنطقة لم يمكنها منه أحد.

وإيران تعتقد إنها تتذاكى على الجميع رغم وعيها بأنها تلعب دوراً مزدوجا خطيراً في المنطقة بتحريف الفكر الشيعي والإضرار به ، والبحث عن مزيد من الوقت لإنتاج سلاح نووي يدخلها في معركة متكافئة مع أمريكا أو الحصول منها على تنازلات مقبولة في المنطقة ولو على حساب الجار العراقي المجروح ،لذا فقد وجدت في العراق تلك الصفقة التي يمكن أن تتنازل بها لأمريكا أو أن تضغط بها عليها لتنفيذ سياستها داخل وخارج العراق، فإذا ما أرادت أمريكا شريكاً لها في العراق فهي جاهزة لذلك وإن أرادت تنازلاً عنه فهي مستعدة له ولكن بشروط، وفي كل الأحوال فإن مصلحتها في إضعاف العراق أقوى من مصلحة أمريكا في احتلاله لأنه بوابتها إلى العالم العربي والإسلامي الذي تريد أن تتبوأ فيه مركز القيادة، فأصبحت تصدر الإرهاب إلى بعض دوله، وتجير فكر التحرر والمقاومة العربية لحسابها وتوهم شعوبها بأنها معها في حين أن سلاحها مصوب إلى ظهورها .

ولعل خيبة الإدارة الأمريكية أنها تتغابى عن نوايا إيران تجاه العراق أو أنها تتجاهلها مؤقتا، ولكن عذرها أنها تبني سياستها في هذا التحالف على ما بعد هذه المرحلة، فالإدارة الأمريكية متأكدة أنها بعد انجاز مهمتها في العراق سوف تتمكن من تحقيق ضغوطاًت سياسية وعسكرية مستقبلية على إيران، سواء منحتها دور الحليف حاليا أو الوسيط مستقبلا ، ذلك لأن في إيران أيضا من يرنو إلى السلطة وينتظر دوره، ولن يتردد كما هي العادة عن تقديم كل التنازلات للإدارة الأمريكية ، التي ستقوم بمهمة التغيير اللازم في إيران ، والذهاب بفرق الموت وزعماء العصابات الدموية الحليفة لها في بغداد اليوم إلى محاكمات دولية غدا بتهمة جرائم حرب للتحلل من تلك الجرائم الإنسانية التي تمارسها ضد الشعب العراقي .

وقد وضع استباق إيران الإعلان عن برنامجها النووي الإدارة الأمريكية في مأزق ، فتحالفاتها مع إيران في العراق رغم توجهها لامتلاك الطاقة يمثل مصدر قلق للعالم وتهديد مباشر لجيران العراق، فلم يعفيها دور إيران الحليف لها في العراق من حمق التغاضي الذي تتبعه معها على حساب الشعب الأمريكي وأصدقائها في المنطقة ، لتقود حملة عالمية إعلامية ضد هذا السلاح ، لكن فيما يبدو أن اتفاقا مسبقا بالموافقة الضمنية قد ابرم بين الطرفين إذا ما توقفت مسألة الطاقة الإيرانية عند حدود الإغراض السلمية، وهو ما سيحدث ، إذ لا يمكن لإيران اصطياد عشرة عصافير من شجرة دفعة واحدة ، كما لا يمكن لأمريكا إتباع سياسة غض الطرف عن تصرفاتها المجنونة إلى مالا نهاية دون أن تلوح على الأقل باستخدام القوة ضدها

ولعل أكثر ما يثير دهشة المراقبين للوضع العراقي أن كل هذا التلويح لم يزد إيران إلا عنادا ودلالا على الإدارة الأمريكية ، فقد حتم الوضع الراهن على أمريكا اتخاذ سياسة أكثر حزما تجاهها خصوصا أمام المنظمة الدولية للطاقة ، واجبر الإدارة الأمريكية على التخلي عن إحدى السياسات التي تنتهجها بالتنسيق مع إيران في العراق ولو ظاهريا، فإما إعلان رفضها لتوجهات إيران النووية آو إعلان رفضها للدور الإيراني تحت حمايتها في العراق ، وقد اختارت الأولى حتى لا تخسر خدمات إيران من جهة ولتبرير مواقفها للمجتمع الدولي من جهة أخرى ، الذي لم يكن موقفه منها أفضل عند غزوها للعراق بتطبيقها لقوانينها الغريبة بالانحياز الكامل للشر والعنف ضد القوانين الدولية والإنسانية.

لكن ما لا يمكن تجاهله هو أن إيران قد دفعت ثمناً باهظاً على المستويين الإقليمي والدولي بمواقفها التي افتقدت للنزاهة والمصداقية، بحصد سخط العالم عليها لاستغفالها له للقيام بدور الحليف الشريف في القضاء على نظام "الشر" العراقي بينما جلبت له الشر كل الشر الذي لم يقل فظاعة عن الغزو "الرسمي"، وفي اللعب على الإطراف الإقليمية بورقة سلامة النية التي كثيرا ما كانت تواجه بالشك وعدم الثقة لما عرف عن إيران من مطامح استعمارية غير مشروعة ، لكنها على ما يبدوا رغم الأزمة التي وضعت نفسها فيها فهي لا تزال غير مستعدة للتنازل عن أي مكسب لها في العراق ، وجل ما تريده الآن هو الوقت الكافي لإنجاز سلاح أو كسب مواقف تدفع بالأمريكيين إلى التفاوض الندي معها ، حتى وان أخرجت لسانها للشارع العربي عموما وأعلنت العراق ولاية فارسية وتمادت في تصدير سياساتها الإرهابية لدول المنطقة واستمرت في تطوير أسلحتها رغم معارضة المجتمع الدولي .

ولعلم إيران أن وجود أمريكا في العراق مؤقت ، فإن إيران لم تعد تشعر بالحرج أن يكتشف العالم أن فرق الموت في العراق لم تكن سوى أياد تنفذ سياسة إيران، وأن مشاركة عناصرها في تشكيل حكومات عراقية فاشلة لم تكن إلا حكومات موالية لإيران ولصالح الاحتلال، وأن ميلشياتها الدموية التي تتحرك داخل العراق لا تمارس دورا لدعم أمريكا وحدها ، وإنما لإذكاء الفتنة الطائفية حتى يصير حال العراق واقعاً أقله التقسيم الذي سيكون في صالحها لاستعادة ما تسميه بخليجها الفارسي وإن خدم هذا التوجه الجيش الأمريكي لبعض الأوقات .

إذاً إيران بتدخلها السافر في شؤون العراق لا تخدم مصلحة العراقيين وإنما مصلحتها بالدرجة الأولى، وهو تدخل خطير قد يجر المنطقة عند خروج الأمريكيين إلى بحر من الدماء التي بدأت بسفك دماء العراقيين لان هذه السياسة لن تتوقف ما دامت هناك مطامح غير مشروعة ، فالحرب النفطية بأسلحتها العرقية والمذهبية مرشحة بقوة لتنقل من العراق إلى دول أخرى للعودة بالمنطقة إلى عصور التخلف والوصاية تمهيدا لوضعها تحت الابتزاز الاستعماري المباشر، أما جيش الاحتلال فلن يجد حليفا جلادا أفضل من هذا الحليف الغبي الذي يعفيه من الجلد العلني لشعوب المنطقة العربية أمام مجتمع دولي مازال يلاحقه بفضائح أبو غريب وبصور قتل المدنين العزل وبانتهاكات خطيرة للقانون الدولي في كل حي وبيت عراقي .

ولعل ما يشجع الأمريكيين والإيرانيين على استمراء لعبة الشد والجذب للفريسة العراقية وضحك أحدهما على الأخر أن مصلحتهما في العراق واحدة وان تجزأت في الوقت الراهن ،ولكن كل منهما يريد تحقيق أهدافه بأقل الخسائر وبأسرع وقت ممكن ، كما أن كل منهما مستعد للتنازل عن مقايضة بعض تلك الأهداف في سبيل غاية مشتركة، وكلاهما سوف يستخدم العراق وسيلة ضغط أي كان نوعها ضد الأخر ليصبح له دور اكبر في المنطقة النفطية مستقبلا .

والسؤال هو، أو لم يكن الشعب العراقي قادرا على حل مشكلاته بدون تدخلات؟! أو لم يكن في غنى عن كل ما لاقاه حتى ألان ؟ وليصبح ديمقراطيا بدون ذبح! ؟ أو لم تكن إيران في غنى عن لعب هذا الدور القبيح لتبقى جارا شقيقا لدول المنطقة عوضا عن أن تكون عدوا شقيا ؟

لقد شجع الصمت العربي المخجل هذين الجزارين على استمرار تبادل الأدوار للتمثيل بالعراق في ظل غياب واضح لأي حل عربي وفي ظل أدوار إيرانية وأمريكية استعمارية مكشوفة للعرب ، وجيدة الإخراج على المجتمع الدولي بأن كل منها يلعب دوراً إنسانياً بحتاً تجاه الشعب العراقي للاتجاه به نحو عصر ديمقراطي جديد ، وإذا ما تأتي لأي منها تحقيق أهدافه في العراق فلن يجد الشعب العراقي وجيرانه أنفسهم يوماً إلا أمام كارثة قد تتكرر في كل دولة عربية، فلعنة الله على يوم دخول الجيش الأمريكي .. ولعنة الله على الاحتلال .. ولعنة الله على من أيقظ الفتنة ...ولعنة الله على الساكتين عن الحق كأنهم شياطين خرس..








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024