السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 11:58 م - آخر تحديث: 11:58 م (58: 08) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - د. عبد الوهاب المسيري
د. عبد الوهاب المسيري -
معنى المشروع الصهيوني عند شارون
آرييل شارون شخصية محورية في تاريخ الاحتلال والاستيطان الصهيوني منذ عام 1948، وبالتدريج تحرك نحو المركز إلى أن أصبح رئيساً لـ"الليكود"، ثم انتخب رئيساً للوزراء بعد أن قطع على نفسه وعداً بأن ينهي الانتفاضة في مئة يوم. ولكن مرت مئات الأيام وأخفق شارون في تحقيق هذا الوعد وهذا الوهم. ثم بدأت المؤسسة العسكرية تخبره بأنها لن يمكنها الدفاع عن المستوطنين في غزة والضفة الغربية في ذات الوقت، وأنه لابد من الانسحاب من غزة وإزالة المستوطنات الاستعمارية فيها. عند هذه النقطة قرر شارون، أبو الاستيطان، أن يطوِّر خطاباً جديداً يبرر به انسحابه من غزة وفك المستوطنات ويصوره على أنه "تنازل مؤلم"، وأنه مستعد لأن يقدم تنازلات مؤلمة أخرى، حتى يسود السلام! وتفضل سيد البيت الأبيض ووصف شارون بأنه "رجل سلام" متناسياً تاريخه الطويل ابتداءً بمذبحة قلقيلية وانتهاءً بأم المذابح الإجرامية في صبرا وشاتيلا.

وقد وجدت من المفيد أن نذكر أنفسنا بشارون الحقيقي، فرغم أنه يرقد الآن في المستشفى فاقداً الوعي، إلا أن آراءه التي عبّر عنها، دون زخرفة أو مراوغة، في الحوار الذي أجراه معه "عاموس أوز" الكاتب الإسرائيلي عام 1982، والتي نشرت في جريدة "دافار" (17 ديسمبر 1982) بعنوان "عن الناعم والرقيق" هي آراء معظم الصهاينة، والتي يحجمون عن الإفصاح عنها حتى لا يشوهوا صورتهم الإعلامية، وحتى يرضوا الرأي العام في الغرب.

يبدأ "رجل السلام" هذا بالإشارة إلى المفكر الإسرائيلي لايبوويتز Leibowitz الذي وصف الدولة الصهيونية بأنها "دولة نازية" نظراً لبطشها وعنفها وإجرامها. يرى شارون أن هذا كان وصفاً وجيهاً، ويقبله دون تحفظ! ويقول: "ولمَ لا؟ يهودي- نازي حي أفضل من قديس ميت. أنا أحتاج أن أعيش، وأنوي أن أضمن لأبنائي أن يعيشوا مثلي. سوف أدمر كل من يرفع يده على أبنائي. سوف أقضي عليه وعلى أبنائه. ولا أكترث إذا ما كان مسيحياً، أو مسلماً، أو يهودياً، أو وثنياً. التاريخ يعلمنا أن من لا يَقتل، سيقتله الآخرون. هذا هو القانون الحديدي". (وهذا يذكرنا بمقولة مناحيم بيجن، أستاذ شارون: "أنا أَقتل، إذن أنا موجود"! وشارون مثل أستاذه بيجن ينسيان أنهما سرقا الأرض من أصحابها، وأنهما فعلا ذلك بقوة السلاح، وأنهما هما اللذان بدءا بالقتل والذبح والقتال!).

ثم يستأنف شارون معزوفته الإجرامية: "حتى وإن أثبت بالوسائل الحسابية أن الحرب الحالية على لبنان هي حرب دنيئة لا أخلاقية، فأنا لا أكترث. سوف نشن حرباً أخرى، نقتل وندمر أكثر وأكثر، حتى ينال العرب كفايتهم". إن "رجل السلام" لا يعرف سوى القتل والحرق كآلية لتحقيق أهدافه السلمية! بل إنه يتمادى ويقول: "دعهم يفهمون أننا دولة وحشية، خطيرة على جيرانها، ليست طبيعية. وأننا قد نصبح مجانين إذا قتل واحد من أبنائنا، واحد فحسب، قد نتحول إلى همج، وأن نحرق كل آبار البترول في الشرق الأوسط. يجب أن يدركوا في واشنطن، وموسكو، ودمشق، والصين، أنه لو قتل سفيرنا، أو حتى القنصل، أو أصغر مسؤول بالسفارة، قد نشن حرباً عالمية ثالثة، بكل بساطة".

ثم يشن شارون حملة على يهود العالم. وما لا يعرفه الكثيرون أن الصهاينة يحملون كُرهاً عميقاً ليهود العالم، لأنهم لا يريدون مغادرة أوطانهم، وبرفضهم هذا فإنهم يقوضون تماماً الادعاء الصهيوني بأن فلسطين المحتلة هي الوطن القومي اليهودي، وأن يهود العالم ليسوا في مأمن في الأوطان التي استقروا فيها. ورغم الكلام الصهيوني المعسول عن حماية اليهود، فإن الحركة الصهيونية في واقع الأمر هي حركة لتخليص أوروبا من اليهود وتوظيفهم في خدمة المصالح الغربية في الشرق الأوسط. إن شارون الذي يكن كرهاً عميقاً ليهود العالم يشير لهم بكلمة "يد" Yid وهي كلمة يديشية (رطانة يهود شرق أوروبا) يستخدمها المعادون للسامية للإشارة لليهود. ويؤكد شارون أنه سعيد للغاية أن معدلات كره اليهود آخذة في التصاعد. فيقول: "أهم شيء، أشهي ثمرة لحرب لبنان هي أننا الآن لم نجعلهم يكرهون إسرائيل فحسب، بل جعلناهم يكرهون كل أولئك اليهود في باريس ولندن ونيويورك وفرانكفورت ومونتريال، في كل جحورهم (أي في أوطانهم). إنهم يكرهون كل هؤلاء (Yids) الذين يقولون إنهم مختلفون عنّا، فهم طاهرون ومهذبون وليسوا سفاحين مثلنا نحن الإسرائيليين".

"إنهم نفس Yidsالذين يقولون إنه يجب أن نمارس الحب/ الجنس لا الحرب make love not war. لقد انتهينا من هذا كله، فاليد، بفضل جهود إسرائيل، لم يصلب المسيح فحسب، بل إنه صلب كذلك عرفات في صبرا وشاتيلا. إنه يتم تصنيفهم معنا وهذا شيء طيب. قبورهم يتم انتهاكها، معابدهم تم حرقها، كل ألقابهم القديمة يتم إحياؤها، يتم طردهم من أفضل النوادي، يطلق الناس النيران على مطاعمهم الإثنية، ويجبرونهم على إزالة أي دلالة تشير ليهوديتهم". وهذه الرؤية تدل على مدى جهل شارون الكامل بأوضاع اليهود في العالم الغربي، وبمنجزاتهم الفكرية والمادية، وبأوضاعهم الطبقية ومكانتهم الاجتماعية وتحالفاتهم السياسية، ولكنه من الرعيل القديم من الصهاينة، الذي يتصور أن الهولوكوست على الأبواب. وهو يعيش في هذا الوهم، لأنه يتصور أن هذا هو الذي سيدفع يهود الغرب بالألوف أو الملايين للهجرة للوطن القومي المزعوم، الذي يعاني من أزمة سكانية!

يتصور شارون أنه بتصاعد معدلات الكراهية ضد اليهود في الغرب "سوف يبدأ اليهود في العودة، وسيتوقف الإسرائيليون عن الهجرة، بل إن أولئك الذين هاجروا سوف يبدأون في العودة". (وهذا ثبت زيفه، فيهود الغرب لم يهاجروا، بل تزايدت معدلات النزوح عن الدولة الصهيونية وتجاوز عدد النازحين المليون).

المشروع الصهيوني في تصوري مبني على عمليتي ترانسفير: الأولى نقل اليهود من العالم الغربي إلى فلسطين، والثانية نقل العرب من فلسطين إلى أي مكان. ولكن الترانسفير الأول توارى، لأن المؤسسة الصهيونية قبلت بتقسيم للعمل: صهاينة استيطانيون في فلسطين المحتلة يقومون بالقتل والقتال وخدمة المصالح الأميركية، وصهاينة توطينيون في الغرب يقومون بالدعم السياسي والتمويل، والجميع يُسمون صهاينة، والسلام. ولكن الصهاينة الأصوليين لا يرضون بهذا، ولذا فإنهم يزمجرون ويفصحون عن مكنون ضمائرهم السوداء. يقول شارون: "أنا مستعد لأن أتطوع لأقوم بالعمل القذر من أجل إسرائيل، أن أقتل العديد من العرب قدر الإمكان، أن أنفيهم، أطردهم وأن أحرقهم، لأجعل الجميع يكرهنا". هذا بالنسبة للعرب، وهو أمر معروف. لكن ماذا عن "يهود الدياسبورا" أي يهود الشتات أو المنفي، وهم الغالبية الساحقة ليهود العالم؟ ماذا يقول شارون: "أنا على استعداد لأن أسحب البساط من تحت أقدامهم حتى يضطروا لأن يعودوا إلينا باكين. حتى وإن كان ذلك يعني أن ننسف معبدين أو ثلاثة هنا أو هناك". (ومالا يعرفه الكثيرون أن تصريحات مماثلة صدرت عن كثير من الزعماء الصهاينة، بل وهناك حوادث موثقة، قام فيها العملاء الصهاينة بتفجير معابد اليهود في بلد مثل العراق وفي أماكن تجمعهم حتى يضطروا للهجرة والاستيطان في فلسطين). "ويستطرد شارون قائلاً: "لا أمانع بعد أداء المهمة أن أُوضع أمام محاكمة نورمبرج، وأن أسجن مدى الحياة، بل وأشنق كمجرم حرب. ما لم يعِه الكثيرون بعد هو أن عمل الصهيونية القذر لم ينتهِ بعد، وأنه أبعد ما يكون عن الانتهاء. صحيح، كان من الممكن أن ينتهي في 1948، ولكن عقلية الدياسبورا هي التي عطلت الأمور" (أي إبادة العرب ونقلهم).

وانطلاقاً من هذا التصور الأحمق الذي لا علاقة له بواقع يهود العالم الغربي، حينما حدث اعتداء على يهود فرنسا دعاهم شارون إلى الهجرة فوراً حتى لا يلقوا مصيراً مظلماً. فقوبل تصريحه هذا بالرفض من يهود فرنسا أنفسهم، ولم يهاجر سوى مائتي يهودي من مجموع 600 ألف يهودي، ولا ندري هل عادوا أدراجهم أم لا؟ تماماً مثلما حدث ليهود العراق بعد الغزو الأميركي، فقد تم نقلهم إلى إسرائيل (وكانوا لا يتجاوزون العشرات ومعظمهم من المسنين). وهللت المؤسسة الصهيونية لـ"عودة" هؤلاء اليهود. ولكنها التزمت الصمت حينما هاجر معظم هؤلاء من وطنهم القومي إلى هولندا حيث يوجد معظم أقاربهم!

والله أعلم









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024