الثلاثاء, 23-أبريل-2024 الساعة: 04:38 م - آخر تحديث: 04:37 م (37: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - .
غسان الإمام -
العرب بين «الفياغرا» وحبوب منع الحمل
السبب المضحك في التزايد السكاني الهائل أن الناس لم تعد تموت بسرعة. العربي يرفض الموت باكرا، على الرغم من القمع الذي يبذل جهداً كبيراً لنشر الكآبة في دولة الخوف. الكآبة تهيئ نفسياً المواطن الصالح للرحيل والترحيل، في غياب الدولة المانحة والنظام الحنون الحاني. شكراً للتلفزيون! فقد نافس القمع في نشر الكآبة، مع مشاهد القتل الجنوني وقطع الرؤوس.

نحن العرب تشغلنا السياسة وكوارثها عن قضايانا الاجتماعية والاقتصادية المضغوطة تحت السطح الفولاذي للسلطة. حتى المعلق السياسي يجهل تماماً هذه القضايا. يتحدث فقط عن حركة السياسة والأساطيل، عن السلم والحرب. لكن لا حديث مثلا عن القنبلة السكانية التي نجلس عليها، غير آبهين باشتعالها البطيء الذي يهدد بتدمير الأمن والاستقرار، بعدما جعل التنمية والنمو الاقتصادي أضحوكة أو أسطورة.

الانفجار السكاني مشكلة فلسفية معقدة تتداخل وتتقاطع مع التنمية والثقافة والتقاليد والدين والبيئة. يقول جون مينار كينز أكبر عقل اقتصادي أنجبه القرن العشرون: «الأحداث العظمى في التاريخ ترجع إلى تغييرات سكانية». القس توماس مالتوس قرأ كَفَّ العالم منذ قرنين، وتنبأ له بالبُؤس والدمار والجوع والطاعون. فلاسفة الرأسمالية دحضوا تنبؤاته. ديفد هيوم وآدم سميث أثبتا أن الرأسمالية الصناعية تحتاج إلى كثرة في الناس والعمال لإنتاج واستهلاك الوفرة في السلع.

لست متشائماً، لكن أعتبر المشكلة السكانية أكبر تهديد للمستقبل العربي من كل الحروب والكوارث الأخرى. ها هي بعض تنبؤات مالتوس تتحقق: مع التزايد السكاني، نشبت وتنشب حروب. تعم الفوضى. تحدث مجاعات وجوع. رجال الأديان السماوية ضد حبوب منع الحمل، لكنهم صامتون عن «الفياغرا». العرب أكثر شعوب الأرض استهلاكاً للحبوب المنشطة. تراجع معدل التزايد السكاني في العالم كله. لكن حيل «نجوم» تلفزيون «الجزيرة» أخفقت في منع العرب من إطفاء التلفزيون عندما تستبد الحاجة الملحة لتجربة الفياغرا في إنتاج الأطفال.

المرأة العربية الأمّية والعاطلة عن العمل ما زالت حاضنة بيض. ما زالت تبيض في حياتها أربعة إلى ستة أطفال. تتسلى بالسباق مع الأرانب عن مشاهدة سيداتي الرئيسات المعطرات الأنيقات وهن يتحدثن عن تحرير المرأة.

أثبتت الطبيعة أنها أمهر من خبراء وعلماء تخطيط الأسرة. الطبيعة تنظم غريزة البقاء. عندما يتكاثر الدود على هذا العود، تفتح الحروب والأوبئة والأمراض أشداقها لابتلاع الزيادة. عندما ينخفض العدد تعود الطبيعة فتتحرك تلقائياً لملء الفراغ بمزيد من الأطفال. ليس رجال الدين وحدهم أعداء تخطيط الأسرة. العسكر أيضاً ضد التحكم بالنسل. قال المارشال بيتان وهو يتأهب لتسليم مفاتيح فرنسا إلى هتلر: «قلة في الحلفاء. قلة في السلاح. قلة في الأطفال».

عندما شبعت أوروبا واغتنت أدركت قيمة المتعة. شغلتها التسلية والحرية الجنسية عن الزواج والإنجاب. أوروبا لا تنجب لأن تكاليف التربية باهظة ومرهقة. روسيا وألمانيا مهددتان مع الطليان بالانقراض. الحملات ضد المهاجرين لم تمنع فرنسا من التعويل على الشباب العربي المهاجر في حفز نسائها على الإنجاب. غريزة البقاء عادت لتجدد همة أوروبا ورغبتها في حفظ الحياة.

لكن لماذا يتزايد العرب بمعدل 3.5 بالمائة (أربعة أطفال وسطيا للأسرة) على الرغم من كآبة القمع وسوداوية تلفزيون «الجزيرة»؟ لأن الانفجار الديمغرافي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتربية. كلما انتشر التخلف وغاب الوعي ازداد الإنجاب. النظام يداري المؤسسة الدينية. إخفاق الحد من النسل مرجعه خوف الدولة من الخروج ببرامج توعية الأسرة وتحديد النسل إلى العلن. بل هي تقيم الأفراح والليالي الملاح لمهرجانات الزواج بالجملة.

أعلنت مصر قبل أيام رسمياً أن عدد المصريين بلغ 72.5 مليون نسمة. التوعية الخجولة لم تمنع الزيادة الهائلة من استهلاك خطط التنمية. مساحة مصر نحو مليون كيلومتر مربع. لكن الأرض الصالحة للحياة والاستثمار لا تزيد عن ستين ألف كيلومتر مربع. مصر تتوالد بواقع مليون طفل كل تسعة أشهر! هذا يعني أن مليون شاب يصلون سنويا سن العمل، وبالكاد يجدونه.

الواقع أن المنطقة تواجه خطر ضغط سكاني هائل يؤذن بمنافسة وصدامات سياسية وحربية في المستقبل بين دول الزحمة السكانية (مصر وإيران وتركيا في كل منها 72 مليون نسمة) هذه الدول بدأت تحل مشكلتها السكانية بالدفع نحو الهجرة إلى الدول المجاورة أو إلى شتى أنحاء العالم. مئات ألوف الإيرانيين في الخليج. ليس مستبعداً أن تطالب دول الهجرة دول الإقامة والضيافة بـ «حقوق» في الإقامة والمواطنة، مع كل ما يحمل ذلك من انعكاسات سلبية في الدول المضيفة.

في الانفجار السكاني، تزداد الدولة العربية سنوياً بواقع نصف مليون إنسان (المغرب والجزائر والسودان) وبواقع ربع مليون إنسان (سورية والعراق واليمن). إذا كانت الزيادة تشكل عبئاً على المدينة المزدحمة والتنمية، فالخليج بحاجة إلى طفرة سكانية. وهو في الواقع يتزايد بمعدل يزيد عن 300 ألف طفل سنويا. هذه الزيادة تلقى ترحيباً، لكن الشاب الخليجي لم يمتلك، بعد، كامل الرغبة في العمل الجاد، للحلول محل ستة ملايين عامل أجنبي يشكلون عبئاً على عروبة الخليج واللغة والتربية.

العرب كتل سكانية هائلة. مجموعات شبابية ضخمة. أغلبها إن لم يكن كلها بلا وعي ناضج. بلا تربية كافية. بلا تدريب مهني. السبب فشل التربية في خدمة التنمية. الدولة تتحدث عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي. الرقم هو الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن نقضها، لكن لا معصومية للرقم العربي المبالغ فيه دائماً. لا يكفي النمو في الإنتاج والخدمات والبنى الأساسية، إذا لم يكن الاستثمار في التنمية البشرية، في العناية بالإنسان العربي: تربيته. صحته. تدريبه المهني. مشاركته في السياسة.

في غياب الوعي، وفي اليأس من العثور على عمل ومورد رزق، تصبح الأرض صالحة لتربية أخرى متقشفة. التزمُّت الديني والتشنج السياسي يخطفان هذه المجاميع الشبابية من حضن المجتمع والنظام والدولة. ما العمل؟ العمل هو تخطيط الأسرة بلا قسر وإكراه، وإصلاح مناهج التعليم. فتح المدرسة والمدرس والطالب أمام آفاق تنوع المعرفة والثقافة. إنقاذ المواطن من الحزب القائد الذي يعامله مواطناً من الدرجة الثانية، حيث تتغلب الوساطة لا الكفاءة في استخدامه.

الأديان السماوية عقائد الوفرة السكانية. كلها تمانع في الحد من النسل وتنظيم الأسرة بالإكراه، وتحارب الإجهاض بضراوة. إذا كان هناك مغزى قداسي وأخلاقي في الحفاظ على العائلة والحياة، فلا بد من القول إن الدين نشأ في ظروف ندرة الحياة. من هنا، امتلأ القرآن الكريم والحديث الشريف بالحضِّ على التكاثر والتناسل، شعوراً إلهامياً بأن للعرب رسالة حمل الإسلام إلى العالم، ولذلك يتعين عليهم أن يكونوا كثرة للقيام بالمهمة.

لست مع المعري في فلسفته المتزهدة ضد الإنجاب (هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد). ربما لو تذوّق حبة «فياغرا» لغيّر رأيه. هذه الحبة أنقذت سمعة الفحولة العربية. إذا كان رجال الدين ضد حبوب منع الحمل، فهم يستطيعون المساهمة في تخطيط الأسرة بلا مخالفة لثوابت المقدَّس. لماذا لا يفتون بمنع «الفياغرا»؟! فقد علّمت الحبة العرب صنع الحب، ولم تعلمهم كيف يؤمّنون السعادة وحياة أفضل لأجيال اليأس والحرمان.

*الشرق الاوسط








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024