السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 07:36 م - آخر تحديث: 07:31 م (31: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت -
محمد خالد الأزعر -
الشراكة الفلسطينية العرجاء.. إلى أن تقود؟
عند الشروع في تطبيق الشق المتعلق بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية من تفاهمات مكة، كانت الصعوبة الأبرز بين شركاء السلطة الفلسطينية وحكومتها العتيدة هي التوافق على مواصفات الشخص الذي ستعهد إليه حقيبة الشئون الداخلية وحدود الصلاحيات التي سيتولاها.
وقد استغرق الوصول إلى هذا التوافق معظم المدة القانونية المتاحة لرئيس الوزراء المكلف (إسماعيل هنية) لأجل عرض تشكيلته الحكومية على رئيس السلطة ومجلسها التشريعي لنيل الثقة. هذا في حين كان الاتفاق بين القوى المشاركة في حكومة الوحدة على حاملي الحقائب الأخرى أكثر يسراً، بل وتمت تسمية بعض هؤلاء من لدن القطبين فتح وحماس قبل مغادرة مكة.

في حينه بدا التدافع والجدل المعمق حول الداخلية، وزيرها وصلاحياته، أمراً مبرراً ولكن سلبياً في الوقت ذاته. مبرر لأنه يتعلق بالتعامل مع مكونات وعناصر القوة المسلحة وأدوات العنف وضبط الأمن في رحاب السلطة ومجتمعها بفصائله وجماعاته، في أجواء مشحونة بعوامل التوتر وعدم الثقة والاحتكاك بتعدد الأنماط والمظاهر. ولذا فإن المهمة التي ستلقى على هذه الحقيبة وحاملها تنطوي على حساسيات خاصة ومعقدة، ولابد من حسن الاختيار والمرور على حبال مشدودة قبل الاهتداء إلى الشخص الأنسب.

وكان هذا التدافع سلبي، لأنه يعني أن أصحاب مشروع الحكومة لم ينبذوا ظهرياً أسباب التوتر ولا تراضوا على أسس الشراكة السياسية ببرامج أو أوراق تفصيلية تخص قضايا الأمن الداخلي والخارجي وضبط السلاح والاحتكام إلى قواعد قضائية وسياسية عليا حاكمة، ولا اتفقوا على كيفية محاسبة الشلل والرؤوس القيادية التي ضلعت في الفلتان الأمني سابقاً ولا على أسلوب مواجهة هذه الظاهرة إذا ما استجدت لاحقاً.

ندرك بالطبع أن برنامج حكومة الوحدة لاحظ ضرورة تعزيز سلطة القانون والنظام والتصدي للفلتان بكل أنواعه ومحاربة الفساد.. إلخ، غير أن هذه الملاحظة ونحوها جاءت في سياق المبادئ العمومية الشعاراتية واللغة الفضفاضة. ولعل شركاء اتفاق مكة ثم الحكومة كانوا على وعي بهذه القضية. وآية ذلك توكيدهم مراراً على الاهتمام بمواجهتها عبر ما يسمى بـ "لجنة أسس الشراكة السياسية". لكن عودة الاشتباكات مؤخرا بينهم وتبادل أعمال القتل والخطف والتلاسن الإعلامي والسياسي وإحراق المقرات وغير ذلك من مظاهر العنف، يؤكد فشل هذه اللجنة والانتكاس بالحالة الفلسطينية الداخلية إلى مناخ ما قبل تفاهمات مكة.

شراكة للخارج لا للداخل

نود القول بأن المنطق المعكوس الذي اهتدى به حوار مكة، الذي أدى إلى تكوين حكومة الوحدة قبل إقرار أسس الشراكة السياسية بين قواها، لاسيما فتح وحماس، هو أحد أهم بواعث التوتر داخل هذه الحكومة وخارجها. ونحسب أن وزير الداخلية " هاني القواسمي" الذي جأر بالشكوى من ضبابية صلاحياته ثم استقال، وضع يده على هذا الجرح حين صرح بين يدي مسوغات شكواه واستقالته بأنه "لابد من إعادة تقييم اتفاق مكة، لأنه لم ينجح في إنهاء التوتر والفلتان ولم يكرس الشراكة السياسية ولا قضى على التباينات بين الشركاء"، قاصداً بذلك فتح وحماس على حدً سواء بشكل خاص.

ولمن أراد مزيداً من الإيضاح ندفع بأن هؤلاء الشركاء ومن خلفهم إعادة الحوارات والتفاهمات من الأطراف العربية قبل جولة مكة وأثنائها وبعدها، أولوا قضية التعامل الفلسطيني مع القوى الدولية بقصد رفع ظلامة الحصار جل جهدهم. وبالنسبة لفتح وحماس بدت مسألة الاقتراب من البيئة العربية الخاصة وعدم التعارض مع توجهاتها ورؤاها للتسوية الفلسطينية، أمراً بالغ الأهمية على أعتاب قمة الرياض. وربما ذهبنا إلى أن حماس، الحركة والحكومة، أنست أن لها مصلحة في التلاقي مع هذه التوجهات والرؤى وإلا تعرضت لعداء عربي مكشوف، عوضاً عن حالة الأزمة المكتومة التي لاحت بينها وبين المحيط العربي غداة فوزها بالانتخابات.

كانت محصلة ذلك عموماً، التعجيل بتفاهمات مكة ثم بتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية وتأجيل البث في كثير من تفصيلات اليوم التالي. لقد فاقت الرغبة في إخراج نسق فلسطيني مقبول، أو ظن أنه مقبول، دولياً لكسر الحصار على ما عداها. وتجلى ذلك على ما ألمحنا في سرعة التراضي على أسماء المسئولين عن الملفات الخارجية الفلسطينية مثل سلام فياض للمالية وزياد أبو عمرو للخارجية ومصطفى البرغوثي للإعلام، وكذا إيداع ملف التسوية والتفاوض بذمة رئيس السلطة وبعض الوجوه التي سبق لها التعامل مع هذا الملف... تداعى عن ذلك بقاء شياطين التفصيلات بين الأكمة وورائها في الساحة الداخلية الفلسطينية، ولم يخف على فطنة المتابع في هذا السياق كيف أن هذا التسارع إلي مخاطبة الخارج، العربي والدولي وربما الإسرائيلي أيضاً، خلف جيوباً ومراكز قوى في هذه الساحة، تحمل طاقة هائلة على إمكانية تأجيج التوتر لأهداف ليست جميعها وطنية عامة أو تتعلق بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني.

ومما يدعو للأسى أن هذه الجيوب والمراكز المؤثرة لمصالح شخصية أو فئوية أو شللية أو تنظيمية حزبية أو ميليشاوية قبلية عشائرية، لم تخلص النية لمرحلة حكومة الوحدة، بل عالجتها كفترة مستقطعة وظلت تتربص باللحظة المناسبة للانقضاض عليها، الأمر الذي أدى إلي إطلالها في المشهد الفلسطيني بعد زهاء شهرين فقط من قيام هذه الحكومة. حدث ذلك على الأرجح بسبب التلاقي بينها وبين قوى خارجية معنية بإفساد هذا المشهد وبخاصة وجود شريك حكومي راح يحظى بالقبول الدولي على مهل، وصار يتهكم على الطرف الإسرائيلي بأنه "لا شريك" ولا يملك ردوداً مفهومة على الاصطفاف الفلسطيني والعربي خلف مبادرة بيروت 2002 المتجددة في الرياض 2007!

مرة أخرى.. داخل يكيد وخارج يضغط

كأننا بهذا التحليل ننحى باللائمة على عيوب ذاتية فلسطينية في تفجير الأرض من تحت حكومة الوحدة، عيوب بعضها نلحظه في صيغة الشراكة داخل هذه الحكومة، فيما يعود بعضها الآخر إلى البيئة الوطنية المحيطة بها التي يعيش فيها المتربحون من الفساد والفوضى والفلتان بأنواعه البغيضة، وهذا صحيح. بيد أننا بالقدر ذاته وأكثر من هذه القناعة لا يمكن أن نعفي الضغوط الخارجية العاملة على فرط هذه الحكومة وبشكل استثنائي من لدن إسرائيل والولايات المتحدة وبعض القوى الأوروبية.

فهذه الضغوط، وأداتها الأساسية الحصار والعزل المالي والاقتصادي والسياسي للحكومة بكاملها في الحد الأقصى، والتمييز بين مسئوليها وكأنها حكومتان في الحد الأدنى، تصب زيتاً كثيراً على الحالة الفلسطينية داخل الحكومة وخارجها. لنا أن نتصور بالخصوص كيف أن استمرار الحصار بكل تبعاته وقسوته على البنى الاقتصادية والمالية (والسياسية؟!) الرخوة فلسطينياً قد دفع إلى التعامل بين القطاعات الفلسطينية السياسية والمدنية في أجواء أزمة طاحنة، لا تدع مجالاً للتفكير المستقيم.

إن استمرار الحصار في عهد حكومة الوحدة كشأنه مع حكومة حماس يفقد الكثير من الفلسطينيين الآمال التي تعلقت بنتائج هذا التغيير. وقبل ذلك، يؤدي إلى تجديد التلاوم حول المسئولية عن الوضع المأساوي الذي تمخض عنه. الحصار بكلمات أخرى هو كالمياه العكرة التي تسمح لأفكار وأعمال التسميم الاجتماعي والسياسي والأخلاقي أن ترعى في بيئة مناسبة.

ويتصل بهذه التداعيات التخريبية حول الحكومة أن القوى المانحة (التي صارت مانعة) تعمد إلى التمييز والانتقائية في مقاربتها للحالة الفلسطينية. فهي تتحدث عن رعاية بعض القطاعات الفلسطينية كالرئاسة وحرسها وقواها الأمنية وعن الصدود والحجب ضد قطاعات أخرى. تماماً كما كان عليه سلوكها إبان حكومة حماس. وهي تطمح في تحقيق ما هو أبعد من تخلي أو إزاحة حماس عن نصف الحكومة: تقويض سلطان حماس داخل السلطة والحكومة والمجتمع برمته.

ما الهدف؟

إفشال حكومة الوحدة يفسح المجال أمام الحكومة الإسرائيلية، الموصوفة بالعجز والشعبية المحدودة والشلل عن اتخاذ القرار، للتشهير بالطرف الفلسطيني والعودة إلى مقولة التخبط وغياب الشريك التفاوضي. وإذا ما انخرط الفلسطينيون في التصارع والاشتباك الداخلي، فسوف تفرك هذه الحكومة أيديها طرباً، لأن الفلسطينيين أعفوها من تبعات الانقضاض على قطاع غزة، الذي تهدد به وتتوعد قيادات إسرائيلية كثيرة، هروباً إلي الأمام من جرائر تقرير فنيو غراد بزعم التصدي لزخات صواريخ حماس وأخواتها، ثم إن هذا الإفشال أيضاً، يخلص الإدارة الأمريكية من ضغوط النداءات العربية الداعية للاهتمام بالملف الفلسطيني وفقاً لنصوص مبادرة السلام المتجددة في قمة الرياض، لاسيما وأن هذه الإدارة مشغولة إلى عنقها بمعالجة سياسيتها البائستين في العراق وتجاه إيران.

عن السيناريو القادم

من الواضح والحال كذلك أن إرباك الوضع الفلسطيني وإدخاله في معمعة التدافع الدامي مجدداً يهدد بانهيار حكومة الوحدة، الأمر الذي يعيد كرات كثيرة إلى السياستين الفلسطينية والعربية. وهو إلي ذلك مطلب تتلاقي عليه قوى خارجية عاتية وبعض أهل الداخل الفلسطيني.. ما لا يبشر بمستقبل واعد لهذه الحكومة التي اجترحها الفلسطينيون بشق الأنفس. لكن المثير في هذا السياق أن معظم المتربصين بهذه الحكومة لم يتأملوا كما ينبغي في تبعات هذا الانهيار بشكل محدد وموضوعي وصارم.

فالبعض مثل الوزير مصطفى البرغوثي، يذهب إلى احتمال أن يقترن سقوط حكومة الوحدة بزوال السلطة الوطنية وزلزلة القضية الفلسطينية. وهناك من يتوهم أن بديل هذه الحكومة هو العودة إلى خيار الانتخابات المبكرة وكأن مياهاً كثيرة لم تتدفق في الرحاب الفلسطينية منذ طرحت الرئاسة الفلسطينية هذا البديل وقوبل بالرفض من قطاعات فلسطينية في طليعتها حماس في ديسمبر 2006. ويرى آخرون أنه ليس بعد حكومة الوحدة سوى الفوضى العارمة وتشظي المجال الفلسطيني بمعظم أبعاده وحكومته إلى مرحلة ما قبل تبلور منظمة التحرير في منتصف الستينات.

وأكثر من أصحاب هذه الرؤى والتوقعات حيرة، وربما خبثاً، أولئك الذين يحسبون أن تقويض هذه التجربة السياسية التي كانت واعدة، يمهد لإلقاء أو سقوط الملف الفلسطيني في حجر الدول العربية فرادى على شاكلة "الخيار الأردني" أو مجتمعة وممثلة بتحركات الجامعة العربية. والظاهر أن القائلين بهذا الطرح يعتمدون على الزعم الإسرائيلي بأن التسوية الفلسطينية لن تمر من الآن فصاعداً إلا عبر الإرادة العربية، وأن العرب أقدر على تطويع الفلسطينيين وتجهيزهم للتفاوض المرن مع إسرائيل. رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت نفسه ألمح غير مرة إلى هذا التصور. وبالطبع فإن خلط الأوراق الفلسطينية هبوطاً إلى درك فشل حكومة الوحدة ثم الاقتتال الدامي يمثل بيئة مناسبة تمامًا لهكذا أراجيف.

وبالنظر إلى المخاطر التي تستنبطها هذه التصورات على مصير حركة التحرير الفلسطيني، فإن المرء لا يسعه سوى النصح بتدارك هذه الحكومة وانتشالها سريعاً من براثن الكيد الداخلي والعصف والفتن الخارجية. فخيار الانتخابات المبكرة لا يمثل حلاً لمعضلة التدافع المرير بين قطبي السلطة، وإنما سيؤدي إلى تفاقم هذه المعضلة إلى مستوى يتسع على أي رتق وراتقين.

وقد ثبت يقينًا أنه لا سيطرة فتح أو حماس منفردتين على سدة الحكم ومركز صناعة القرار الوطني أمر ممكن من ناحية، أو أنه سيرضي مطامع "اللاشريك" الإسرائيلي ثانياً.. أو لم يستيقن أولو الأمر الفلسطيني بعدًا من هذه الحقيقة خلال عهود فتح المتطاولة وعهد حماس بالأمس القريب؟

لهذا ونحوه.. لا بديل أمام الغيورين على تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ومصيرها من التيه، سوى كظم الغيظ والاستعصام بحد التوافق الذي أخرج حكومة الوحدة إلى النور. وأبرز مقتضيات صيانة هذا الإنجاز هو فضح الكائدين له في الداخل واستدعاء عون الذين رعوه من العرب إقليمياً، وإغلاق السمع والبصر أمام المداخلات الشيطانية للتحالف الإسرائيلي الأمريكي، وادخار العنتريات التنظيمية ومظاهر الاستقواء على شركاء الوطن والدم والمصير لاستخدامها في ميادينها ومواضعها التاريخية الصحيحة: الاحتلال الاستعماري الصهيوني البغيض الذي يحتفي هذه الأيام بجريمته الأولى، جريمة اغتصاب فلسطين قبل ستة عقود!!

* كاتب ومحلل سياسي فلسطيني.إسلام أون لاين








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024