الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 04:06 ص - آخر تحديث: 07:17 ص (17: 04) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - د. حسن حنفي
د. حسن حنفي -
"فتح" و"حماس" وتدنيـــس المُقـــدَّس
عُرفت الثقافة العربية القديمة، بتقديس المُقدس وليس بتدنيسه. وفي لغتنا الكتاب المقدس، والروح القدس، والوادي المقدس. فالمقدس هو الكريم والطاهر والشريف. والقدوس اسم من أسماء الله الحسنى. والروح القدس، والملك القدوس، والوادي المقدس، والأراضي المقدسة. والتقديس فعل إنساني، يحافظ على القيمة مثل التسبيح. مع المقدس ألفاظ لها نفس الدلالات مثل القرآن الكريم، والسنة المُطهَّرة، والكعبة المشرفة، ورمضان المعظم، والدين الحنيف. وعند الأصوليين، النفس أو الحياة المقصد الأول من مقاصد الشريعة. الحياة والموت أفعال إلهية وليست بشرية. فالله هو الذي يهب الحياة. وهو الذي يقرر لكل أجل كتاباً.

وقد يكون الاقتتال بين "حماس" و"فتح" نهاية القاع التي لم تظهر بعد، إزهاق الروح، وتجاوز الخطوط الحمراء، إراقة الدم الفلسطيني بيد الفلسطيني. وقد ضحى عبدالناصر بالوحدة المصرية- السورية، أول تجربة وحدوية عربية في التاريخ الحديث لأن العربي لا يريق دم العربي، وأمر بإرجاع الطائرة المحملة بالجنود المصريين لمساندة اللاذقية التي كانت مازالت تهتف بالوحدة ضد الانفصاليين الانقلابيين المتآمرين في دمشق.

فكيف يتعارض الرمح الذي تحمله "حماس"، والدرع الذي تحمله "فتح"؟ كيف تتناقض المقاومة والسلطة، الداخل والخارج، القتال والتفاوض، الثورة والدولة؟ يد تقاتل ويد تصافح كما فعلت الثورة الفيتنامية، وهي تقاتل على الأرض وتفاوض في باريس مع عدوها الأميركي على مدى خمس سنوات على نهاية الاحتلال. ليست "فتح" الجنرال "بيتان"، وليست السلطة "حكومة فيشي" الفرنسية تحت الاحتلال النازي، حتى لو افترضنا أن "حماس" تمثل ديجول والمقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي لفرنسا. إن ما يجري تدنيس للمقدس مرة أخرى، وكأنه تمنٍّ لعودة قوات الاحتلال للفصل بين المتقاتلين. وكمثال: ماذا لو تم الاقتتال بين الفصائل الآن في الصومال قبل انسحاب قوات الاحتلال أو بعدها مما يعطي ذريعة للاحتلال لإضفاء الشرعية عليه حماية للسكان الآمنين ودفاعاً عن وحدة الأوطان؟ وهي نفس المأساة في السودان عندما يريق السوداني دم السوداني باسم الصراع بين الشمال والجنوب أو بين الخرطوم ودارفور. وهي نفس الجريمة في لبنان عندما يفجر لبناني أو عربي ليقتل رئيساً للوزراء أو نائباً في البرلمان أو ليفجّر مصنعاً أو متجراً أو منزلاً فوق رؤوس قاطنيه.

إن الثورة لا تكون في الحكم إلا بعد النصر طبقاً لشعار المقاومة "ثورة حتى النصر". هذه هي تجارب الثورات المنتصرة في الصين وفيتنام وجنوب أفريقيا ومصر. أتى "هوشي منه" إلى الرئاسة بعد انتصار الثورة الفيتنامية. وأصبح نيلسون مانديلا رئيساً لجمهورية جنوب أفريقيا بعد هزيمة الحكم العنصري. وأصبح سعد زغلول رئيساً لوزراء مصر بعد ثورة 1919، وعبدالناصر رئيساً لجمهورية مصر بعد ثورة 1952. ثم يتم التحول من فورة الثورة إلى عقل الدولة. وقد أطلق بن جوريون النار على الهجرات اليهودية غير الشرعية إلى إسرائيل بعد إعلان تأسيس الدولة في 15 مايو 1948 لأن الدولة، في نظره، هي التي تقوم الآن بتنظيم الدخول والخروج من البلاد.

إن السلطة في الدولة المحتلة مثل فلسطين والعراق وأفغانستان لا تكون إلا في الوحدة الوطنية بين فصائل المقاومة وفرقاء النضال، والاجتماع على الحد الأدنى في برنامج العمل الوطني وفي مقدمته انسحاب المحتل. أما السلطة تحت الاحتلال فهي سلطة دون سلطة، النصر قبل الثورة، العربة أمام الحصان.

إن تدنيس المقدس، وعبور الخط الأحمر بإراقة دم الفلسطيني بيد أخيه، قد يجعل الفلسطيني العادي يكفر بكل شيء، بمقاومته وبدولته، بـ"فتح" وبـ"حماس"، وبالسلطة الوطنية. وكأنه لا فرق بين الوطني الفلسطيني والعدو الصهيوني في استباحة الدم الفلسطيني. وقد يكون المقاتل الفلسطيني الذي يحكم على مقاتل فلسطيني آخر بالإعدام وينفذ فيه الحكم ويسحَله بالطرقات أشد عداوة للفلسطيني من قتل العدو الإسرائيلي للفلسطينيين الأبرياء بهدم المنازل وقصف الأحياء بالصواريخ أو التصفية الجسدية لنشطاء المقاومة وقياداتها.

وقد يكفر العرب بكل شيء، بالوطن فالولاء للخارج والتعاون مع الأجنبي أكثر أمناً. ويكفوا عن تأييد المقاومة باليد وباللسان وحتى بالقلب. وقد يكفرون بالوطنية لحساب الهويات البديلة، الطائفية المذهبية والعرقية من خلال الانتماء إلى الجماعة الصغرى بعد أن انقضت الجماعة الكبرى. والإسلام قد حرم الاقتتال بين المسلمين، وجعل دم المسلم وعرضه وماله حراماً. وقد يكفرون بكل تاريخهم وماضيهم وحركاتهم الوطنية السابقة، وبتكاتفهم مع كل حركات الاستقلال الوطني في العالم الثالث وبكل إنجازاتهم في الخمسينيات والستينيات ورموزها، فرانز فانون، إيميه سيزير، نكروما، سيكوتوري، جيفارا، كنياتا، موجابي ...الخ. ولماذا لا يعترفون بالصهيونية ويفاوضونها ويصالحونها، ولماذا لا يتحالفون مع قوى الاستعمار القديم والجديد ما دامت النهاية واحدة، إراقة الدم الفلسطيني الذي أصبح وكأنه بلا ثمن؟

إن تدنيس المقدس هو الذي أدى إلى إلقاء صور ياسر عرفات رمز الثورة الفلسطينية على الأرض ودهسها بالأقدام، وهو ما لم تفعله إسرائيل. وهو الذي أدى إلى سيطرة "حماس" على غزة، و"فتح" على الضفة الغربية، وإسرائيل تسيطر عليهما معاً بما في ذلك القدس.

إن الاقتتال بين فصائل المقاومة يحدث عادة بعد انتصار الثورة كما حدث في الجزائر وفي تونس وفي الثورة الاشتراكية في 1917 في روسيا وليس قبلها. وكيف يقع الاقتتال على قسمة الغنائم والنصر لم يحدث بعد؟ حينئذٍ يكون نصراً في الهواء. وتكون السلطة وهمية، والاقتتال على وهْم. انقسمت الدولة قبل أن تقوم. "حماس" في غزة، و"فتح" في الضفة. ووقعت حرب أهلية قبل الاستقلال. ويتحقق التقسيم مبكراً للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس تطبيقاً لمخطط التقسيم للوطن العربي كله. "حماس" تتهم "فتح" بالعمالة والخيانة، و"فتح" تتهم "حماس" بالانقلاب على السلطة الشرعية والخروج على القانون. والجامعة العربية تؤيد "فتح"، ولا تدين "حماس". وبعض في المنطقة وإسرائيل والغرب يؤيدون السلطة ويعدون بفك الحصار وبوجود الشريك الفلسطيني أخيراً للتفاوض على مشاريع التسوية، "خريطة الطريق" أو مبادرة السلام العربية. وثمة خطر الآن بأن تعيد إسرائيل احتلال غزة، وتسقط "فتح" في الضفة لأن الأخ لم يأتِ لمساعدة أخيه ما دام قد نال الاعتراف الدولي بشرعيته حتى ولو كانت تحت الاحتلال. اغتالت إسرائيل الشيخ ياسين وهي الآن قد تصفي أنصاره. ثم قد تدور الدائرة على "فتح" عندما يُعرض عليها ما رفضته من قبل عندما كانت تمثل كل فلسطين. وينتهي مَثَل العرب "أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب".

ويعود تاريخ العرب من جديد أيام الفتنة الكبرى بين عليٍّ ومعاوية. هل تجوز "إمامة" هذا الطرف الفلسطيني وهو المفضول مع وجود طرف آخر وهو الأفضل؟ ويفتي البعض بالجواز حقناً لدماء المسلمين. القلوب مع عليٍّ، والمصالح مع معاوية. الشرعية مع عليٍّ، والقوة مع معاوية. الثورة مع عليٍّ، والدولة مع معاوية.

هل تدنيس المقدس إرهاصات لفلسطين الجديدة. حكومة يقودها المستقلون الوطنيون، وتبقى "فتح" و"حماس" في معارضة، تمثل الرقابة الشعبية و"الثورة حتى النصر"؟ فالسلطة ليست في القصر بل في التاريخ..
* الاتحاد الامارتية








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024