الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 11:29 ص - آخر تحديث: 02:33 ص (33: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - السيد يسين
السيد يسين -
العقل الإرهابي الإسلامي
تتوالى الأحداث الإرهابية في عديد من بلاد العالم وهي نتاج تخطيط وتنفيذ جماعات إسلامية متطرفة تتبنى العنف سبيلاً لتغيير الواقع. ورغم تعدد اتجاهات ومنطلقات هذه الجماعات، فالذي يوحد بينها هو رؤية منغلقة للعالم تقوم على أساس ثنائيات جامدة. وأبرز هذه الثنائيات قسمة الناس إلى فئتين لا ثالث لهما، فهم إما مؤمنون أو كفار!

والمؤمنون هم الذين يدينون بفكر هذه الجماعات أياً كانت درجة تطرفها، أما الكفار فهم الذين ينكرون صواب هذا الفكر، ويعتبرونه خروجاً على قواعد التفكير الصحيح. ولا ينبغي أن نظن أنه يندرج تحت فئة الكفار الأجانب فقط الذين لا يدينون بدين الإسلام، بل إن عديداً من المسلمين يتم إدراجهم أيضاً تحت هذه الفئة، بتهمة أنهم من أعوان الحكام الطغاة في نظر هذه الجماعات. بل إن تأويلات دينية متعددة صيغت بواسطة أمراء هذه الجماعات، تحل قتل هؤلاء "الكفار" وتبيح أموالهم.

والرؤية المنغلقة للعالم التي تصدر عنها هذه الجماعات تتشكل من مكونات متعددة. غير أن أهم هذه المكونات قاطبة أن الماضي هو المرجعية الأساسية التي يصدرون عنها.

ومرجعية الماضي معناها بكل بساطة العودة إلى عصر الإسلام الأول وما تلاه من عصور، لنقل عديد من التفسيرات والممارسات لتطبيقها في الحاضر، وأخطر من ذلك لتكون الموجهات الأساسية لمستقبل الأمة الإسلامية.

وعملية النقل هذه تقوم أساساً على قراءة أو إعادة قراءة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وصياغة إيديولوجيات متماسكة تبرر استخدام العنف لقلب النظم السياسية في البلاد الإسلامية، على أساس أنها نظم كافرة يتزعمها سياسيون طغاة، يحل قتلهم هم وكل أعوانهم، بل أيضاً الجماهير من بسطاء المسلمين، لو أطاعوهم ونفذوا أوامرهم.

ولو رجعنا للفقه الزائف لبعض هذه الجماعات مثل "الجماعة الإسلامية" في مصر أو جماعة "الجهاد"، لاكتشفنا أنه يقوم على أساس أدلة متهافتة، ويصل في نفس الوقت إلى نتائج خطيرة، تقوم أساساً على استخدام العنف، ضد القادة السياسيين ورجال الأمن، بل وارتكاب مذابح لعامة المسلمين لو وقفوا في طريقهم.

وهذا الفقه يتم تلقينه للأتباع الذين يتم تجنيدهم وأغلبهم صغار السن وناقصو التجربة، مما يجعلهم يندفعون لتنفيذ المخططات الإجرامية لهذه الجماعات، والتي عادة ما تنجح الحكومات في إحباط عديد منها، والزج بأعضاء هذه الجماعات في السجون، بالإضافة إلى أحكام الإعدام التي تصدر ضد زعمائهم الذين خططوا للاغتيالات، سواء ضد بعض المسلمين أو ضد الأجانب.

والواقع أنني أكتب هذه الملاحظات بمناسبة تنظيم "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" فى يوم 30 يونيو 2007 لندوة مهمة عن "المراجعات الفقهية... من الجماعة الإسلامية إلى تنظيم الجهاد". وقد قدمت للندوة بحوثا قيمة حاولت أن تستكشف السياق التاريخي لمراجعة الأفكار التي اعتنقتها "الجماعة الإسلامية" في مصر، وهي من بين الجماعات التي مارست العنف بشراسة شديدة ضد الدولة المصرية، وضد جماهير المواطنين المصريين.

وقد قبض على الآلاف من أعضاء الجماعة وزج بهم في السجون بعد محاكمتهم وصدور أحكام بحقهم. غير أنهم -لأسباب متعددة- قاموا وهم في السجون بمراجعة أساسية لأفكارهم وعدلوا عن التأويلات المتطرفة والتفسيرات المنحرفة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية، واعتذروا عن جرائمهم السابقة، ووعدوا بعدم العودة إلى تبني العنف.

وقد صدرت هذه المراجعات في أربعة كتب أساسية أشرف على صياغتها "أمراء" الجماعة ونشرت وتم تداولها. وبناء على هذه المراجعات أفرجت السلطات الأمنية في مصر عن أغلب المسجونين من أعضاء الجماعة.

وشرعت جماعة "الجهاد" في إجراء مراجعة مماثلة سعياً وراء الإفراج عن عناصرها.

والملاحظات السابقة عن الرؤية المنغلقة للعالم يتسم بها ما يمكن أن نطلق عليه "العقل الإرهابي الإسلامي"، ونعني به على وجه التحديد هذا العقل الذي يقوم على رفض الواقع باعتباره مخالفاً للشريعة الإسلامية، ويدعو إلى استخدام العنف لتغييره، بما في ذلك اغتيال القادة، وقتل رجال الأمن، بل واستهداف الجماهير الإسلامية ذاتها في بعض الأحيان. غير أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه "العقل التقليدي الإسلامي"، وهو هذا العقل الذي -وإن كان لا يدعو صراحة لاستخدام العنف- فإنه في الوقت نفسه يشترك مع "العقل الإرهابي الإسلامي" في رفض الواقع، لأنه مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، ويدعو لتغييره وإن كان – كما يزعم أنصاره – باستخدام الوسائل السلمية، ومن بينها الأساليب الديمقراطية. والواقع أن التأمل في منطلقات كل من "العقل الإرهابي" و"العقل التقليدي"، سرعان ما يجعلنا نكتشف أن الفروق بينهما هي فروق في الدرجة وليست في النوع!

ومما يدل على ذلك الحوادث الإرهابية التي تدلل على أن أنصار "العقل التقليدي" كثيراً ما انزلقوا إلى طريق العنف، مثلهم في ذلك مثل أنصار "العقل الإرهابي" تماماً.

وليس هذا غريباً على كل حال، لأن هناك تشابهاً بل وتوحداً بين كلا العقلين، الإرهابي والتقليدي. فكلاهما ينطلق من مقولة تكفير الآخرين والحكم بجاهلية المجتمع. وكلا العقلين يقومان على أساس التحريم، ونعني تحريم عديد من ضروب السلوك بحجة أنها مخالفة للشرع القويم، بالإضافة إلى الرغبة العارمة في الهيمنة على عملية إدارة المجتمع، في السياسة والاقتصاد والثقافة، وفقاً لتفسيرات ونظريات من شأنها اعتقال السلوك الإنساني مهما كان سوياً وصبه في خانة المحرمات، في محاولة لتجنب تطبيق الأساليب المعاصرة، بدعوى أنها غربية مستوردة مضادة لدين الله.

والسؤال الذي نطرحه هو، ماذا لو حكمت بعض هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة، سواء نتيجة انقلاب عسكري، كما حدث في السودان بتخطيط محكم من الشيخ حسن الترابي نفذته فصائل من الجيش السوداني بقيادة "البشير"، أو وصلت للحكم نتيجة انتخابات ديمقراطية نزيهة كما حدث بالنسبة لحركة "حماس" في فلسطين؟

الإجابة على هذا السؤال لا يمكن أن تصاغ إلا بدراسة كل نموذج من هذين النموذجين، ونعني الانقلاب الإسلامي والحكم الإسلامي الذي جاء نتيجة لانتخابات ديمقراطية.

وإذا كانت التجربة السودانية في نشأتها وتحولاتها والانقلابات الداخلية فيها على مدبر الانقلاب (الترابي)، تختلف اختلافاً جوهرياً عن حكم حركة "حماس" التي تشكلت حكومتها في ظل الاحتلال الإسرائيلي، فإن هناك قواسم مشتركة بين التجربتين، لعل أهمها الانطلاق من الرؤية المنغلقة للعالم، والتي تقوم على ثنائيات زائفة، وعلى نظرة غير واقعية للعالم. وهذه الرؤية التي تقتصر على إعادة إنتاج خطاب الماضي، أعجز من أن تبني لغة المستقبل!

*نقلاً عن الاتحاد بعنوان ( خطاب الماضي ولغة المستقبل)









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024