الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 01:13 م - آخر تحديث: 11:21 ص (21: 08) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - نجيب غلاب
نجيب غلاب -
عندما تصبح الأزمات قوتا لبقاء المشترك
السلطة هي أكبر الغنائم لدى النخب المؤدلجة، وهي الحلم الكبير فهذه الأحزاب لا تؤمن بالتغيير من خلال المجتمع لأن المجتمع يتغير وهي ثابتة ومنغلقة على نفسها، فتصبح السلطة ضرورة حتمية لتحقيق النصر على المجتمع، فمن خلال القوة السلطوية وأدواتها القهرية تتمكن من نشر الفكر وتضخيم المصالح، مع ملاحظة ان الفكرة ليست إلا قنطرة للغنائم المادية لذا ففي المجتمعات التي تكون فيها الموارد نادرة، فأن الايدولوجيا تبالغ في عدائها لخصومها، وتتحول القيم والمفاهيم الفكرية أدوات لتدمير الخصم المعيق لمصالحها، فان كان الخصم في المعارضة يقهر ويلغى، وأن كان في الحكم يشوه ويتهم بالفساد والخراب، ويتم تعبئة المجتمع ضده، والعمل على أضعافه، بفتح جبهات كثيرة لإنهاك، ومن ثم الانقضاض عليه.

وهذا يفسر تسرع وحلم النخب المؤدلجة في الإمساك بزمام السلطة، وتشبثها بها في حالة وصولها إلى الحكم، لذا فأنها تشكك وتكفر بالديمقراطية أن لم تتمكن من خلالها من تحقيق أحلامها، وعندما تمسك بالسلطة حتى بطريقة ديمقراطية فإنها تحول السلطة وأدواتها القسرية إلى قوة جبرية لإكراه المجتمع على مثاليتهم المتعالية، والنتيجة المستقاة من تاريخ الدول، أن محاولة إجبار المجتمعات وقسرها على التغيير، بالاعتماد على فكر مؤدلج متعالي، يقود إلى الصراع بصورته العنيفة، وبدراسة تجربة الأحزاب الإيديولوجية المتطرفة التي تعمل في بيئية ديمقراطية سنجد أنها تصل بالمجتمع إلى حالة من الصراع المدمر.

وإذا استطاعة النخب المؤدلجة، إذلال المجتمع، والإفراط في استخدام العنف المنظم ضده من خلال تشكيكه بثقافته ونفيها لصالح الايدولوجيا، وتحويل أدوات السلطة إلى قوة قاهرة لكل مقاومة يفرزها المجتمع للتعبير عن نفسه وحاجاته ورغباته وطموحه، فأن الفكر المؤدلج لا ينتصر في هذه الحالة بل يصيبه الكساد والفساد، ويصبح المجتمع كارها له.

كما أن التعبئة التي تستخدم لتحريك الجماهير تموت مع الوقت، لان المجتمع الذي لا يصنع أفكاره يتحول إلى موضوعا خاضعا لمن يصنع فكره، وهذا ما يدفع بالمجتمعات لبناء أدوات مقاومة من خلال السلبية التي تعمّ نفوس الناس، وسحب الثقة من النخبة، ونبذ أفكارها، ومع الوقت يُفشل المجتمع مشاريعها، ويعيق فلسفتها المتعالية، وهكذا يخسر المجتمع أفكار إيجابية لو تم التعامل معها بواقعية وتم تبيئتها، بالنقد الدائم لمقولاتها وللواقع، وأمتاز مناصروها بالصبر والأناة بإعادة البناء لتحققت ولو بعد حين بما يتوافق ومصالح الجميع.

وتؤكد تجارب الدول التي سيطرت عليها الإيديولوجيات المفروضة على المجتمعات، أن من الأسباب الأساسية أيضا لفشل النخب المؤدلجة، أنها تغلق الأبواب أمام قوى المجتمع، وتعزل نفسها عن الناس، ومع الوقت تتحول الايدولوجيا إلى أداة نفعية لتضخيم مصالحها، ويصبح التركز على الآليات التي تمكنها من الإمساك بالسلطة أهم من الفكرة ذاتها، وكل ذلك يعيق التّغير والتحول.

وتمثل الإيديولوجية الدينية مثال واضح لصناعة الأزمات، فالحركات الدينية السياسية التي تمارس السياسة داخل مجتمعاتها المسلمة، لديها اعتقاد جازم أن الصراع يخدم فكرهم الدعوي، ويمكنّها من الانتشار والتوسع، وكلما اشتدت وطأة الأعداء، زادها ذلك قوة، وقدرة على المواجهة. وفي الغالب ترسخ الحركات الاسلاموية في أدبياتها فكر المواجهة والمقاومة بشكل دائم، والعدو ليس واحد، بل يبدأ بالنفس وشياطين الجن والأنس... والغرب بكليته عدو لدود، مواجهته فرض عين، وفي الداخل فأن العدو قد يكون علماني أو ديني ولكنه مختلف مذهبيا أو لديه منهجية مختلفة في التغيير.. وقد يكون العدو نخبة حاكمة تشكل عائق أمام الحركة في الوصول إلى السلطة.

بل ان البعض يبالغ في تطرفه، ويرى في المجتمع عدو، فهو يفكر بشكل مختلف، ويمارس سلوكيات متناقضة مع البناء الإيديولوجي، وهكذا يصبح الحزب الديني في حالة صراع مع الكل، فيشعر أعضائه بالعزلة، فتجعل منها النخبة غربة، وهذا يرسخ لدى الأعضاء قناعة أن حالة الغربة التي يعيشها الحزب أو الحركة نتاج لامتلاكهم الحقائق المطلقة، ونتاج فساد أعدائهم في الداخل والخارج، وهذا يجعلهم يخوضون الصراع بقوة وحزم مع الآخر.

وعادة ما تؤكد الايدولوجيا أن قوة الصراع وعمقه، يزداد مع تقديم التضحيات، ويؤدي إلى تحقيق النصر، وهذا يولد قناعة أن الاستشهاد هو طريق النصر، والاستشهاد قد يكون مع أعداء الداخل في المعارك الفكرية أو المعارك الانتخابية أو في تفكيك الحاكم والعمل على أضعافه وإنهاكه بممارسة العنف ضده، أو بمواجهة قوى الشر داخل المجتمع.

بالنسبة للإسلام السياسي السني بنسخته الاخوانية، يشكل الصراع محور لحركتهم، وظهر بشكل جليّ في صراعهم مع التيارات القومية واليسارية. وصراعهم مع الماركسية في الشمال والجنوب مثل البداية القوية في تاريخ الحركة، وبعد هزيمة العصابات الماركسية أصبحت الحركة جزء من الحكم، ولكنها استمرت في مواجهة أعدائها في الداخل، ومثل انتقال بعض قياداتها إلى أفغانستان فرصة لتفريغ طاقة المجاهدين، ولتدريب وامتحان عناصرها في ساحة المعركة.

مع إعلان الوحدة ورغبة الحركة في الخروج بواجهة سياسية، خرج الإصلاح ليولد صراع قوي ضد الحزب الاشتراكي، وأدارت القوى الإصلاحية معاركه سياسية في كل إتجاه، وكان دستور دولة الوحدة قنطرة لتمرير سياسات التعبئة وإظهار قوتها، وظل الحزب الجديد يدير معارك فكرية وسياسية ضد الحزب الاشتراكي والقوى القومية البعثية والناصرية التي ظهرت في الساحة، وضد الأحزاب التي أسستها القيادات الدينية الزيدية.

وتحالف الحركة مع المؤتمر والقبيلة، شكل لها درعا قويا، مكنها من إدارة معاركها بكل قوة، وتحولت العملية الديمقراطية والحرية الممنوحة إلى ساحة معركة، أفرغت طاقة حزبها بشكل سلمي رغم ما تخلل ذلك من عنف.

بعد انتخابات 1993م دخل الإصلاح في حكومة ائتلافية، كان عدوه الاشتراكي شريك أساسي في حكم اليمن، ولكن حالة الصراع ظلت هي المتحكمة بالعلاقة بين الحزبين، وفي حرب الانفصال أعلن الإصلاح الجهاد من جديد ضد الشيوعيين والفساد الخلقي، ومثل رحيل الحزب وتفجير مصنع صيرة نصرا حاسما لمعارك باردة وساخنة استمرت لفترة طويلة.

أصبح الإصلاح شريك المؤتمر، ولكن العلاقة ظلت محكومة بحرب باردة، انتهت بفك الارتباط النهائي بالمؤتمر، ودخل في حلف جديد يعتقد ان هذا الحلف ربما يساعده في قطف ثمرة السلطة، والمعارك القادمة قد تصل إلى الزناد، فالنزعة الإيديولوجية تدفع أصحابها نحو فرض سيطرتها وهيمنتها على الجميع، وتسعى لتصبح هي القوة الوحيدة القادرة على فرض إرادتها، وعندما تصبح الوسيلة التي تمارس من خلالها النضال غير قادرة على تحقيق الحلم، تصبح الوسيلة أداة معيقة، فإما أن يتم التخلص منها، أو يتم البحث عن داعم إضافي وطريقة مختلفة.

والإسلام السياسي الزيدي لا يختلف عن الأخوان فالخروج على الحاكم مغروسة في بنيته، ولكنها أخذت بعد عقلاني لدى التيارات المعتدلة، وتحاول النخبة أن تقنع نفسها أن الديمقراطية هي الطريق لإزاحة الحاكم، ولكن المخفي خلف هذا التفكير أن الحاكم ظالم وإزاحته مسألة لا خلاف عليها حتى يتمكن صاحب الحق من الوصول إلى السلطة. وعندما تكتشف الحركات الاسلاموية ضعفها في الانتخابات، وأن الأحزاب التي كونتها واللعبة الديمقراطية حاصرتها ، فأنها تتجه نحو إدارة الصراع من خلال تفكيك وخلخلة شرعية الحاكم من خلال الكلمة، والكلمة لابد أن تكون قوية وحاسمة وعنيفة، وغالبا ما يتجه المتطرفين نحو خلق الأداة القوية القادرة على المواجهة، ومعهم تحولت القيم والمفاهيم الدينية إلى قوة معنوية لتعبئة المؤيدين والأنصار لإدارة الصراع بقوة وعنف، وكان النتاج ظهور حركات دينية ماضوية تعيش خارج التاريخ، وتعيد تفسير الإسلام، ليصبح العنف محور وجوهر الإيديولوجية.

ويمكن القول أن الدين عندما يتحول إلى أيديولوجيا، فأنه ينتج صراع عنيف، فالطائفة الدينية المؤدلجة مثلا تؤسس للصراع، لأنها تمارس السياسة بعقلية محكومة برؤية تجعل من الآخر نقيض لوجودها، وترى من فكرها الحق المطلق، فتلغي السياسة السلمية لصالح العنف، ومع الفكر المؤدلج تتحول الطائفة إلى قوة منظمة، اذا امتلكت السلاح، فإنها تصبح قوة قهر، حتى وأن كانت خارج الحكم، وأن وصلت إلى الحكم فأن الدمار والخراب نتيجة طبيعية.

والطائفية تؤسس للاستبداد من مراحلها الأولى، من خلال منح الولاء كله للقيادة التي يتجسد فيها كل معاني الطائفة، وتقوم بإلغاء الدولة والمجتمع لصالح رؤيتها الفكرية، وفي هذه الحالة تموت السياسية كحوار ونقاش، ويتم تأميم الحقيقة وعلى الجميع الرضوخ، ومن يرفض فان القوة جديرة بإقناعه، وهذا يؤسس للصراع الدموي.

بالنسبة للحزب الاشتراكي فقد تبنى الماركسية، والصراع في بنيتها هو الحاكم لحركة الأشياء، فالصراع هو أصل كل شيء، وهو المتحكم بالتاريخ، وصانع كل أحداثة، والصراع ينتج عنه التقدم والتطور، ولا يمكن تحاشيه فهو حتمي. وهذا يفسر تاريخ اليسار في اليمن وتبنيه للعنف لتحقيق أهدافه، وتاريخ الحزب الاشتراكي محكوم بفكرة الصراع، حتى بعد سقوط المنظومة الاشتراكية، وتغيير مساراته الفكرية لصالح الليبرالية السياسية لم يغير البنية الصراعية في الفكر والثقافة التي ظل يمضغها طويلا، وتفسيراته للواقع ظلت محكومة بالتحليلات والمنهجية الماركسية بصورتها الجديدة التي طورها اليسار العالمي، وهذا ما جعل الصراع يهيمن على عقلية النخبة.

فتجربة الحكم اليساري في الجنوب اليمني، حاولت أن تبني مجتمع منسجم مع المقولات الشيوعية، من خلال إلغاء ثقافة المجتمع، وإعادة كتابة التاريخ، وفق الأهواء الإيديولوجية، والعمل على إعادة صياغة الأفراد والمجتمع بقيم ومفاهيم متناقضة مع الواقع، ونتيجة القهر في تنفيذ السياسات، وتزييف وعي الناس من خلال السيطرة على الأدوات المنتجة للفكر، يلجأ المجتمع للثقافة المؤسسة للولاءات الدنيا لمقاومة النخبة ولحماية الذات.

ولما كان الحال هكذا لا يجد الناس إمامهم إلا الهوية المحلية، فثقافة الطائفة الصوفية أصبحت هي الأصل، والمنطقة أصبحت هي المحدد لهوية الفرد، والقبيلة تشبع رغبة الانتماء لدى أبنائها، وهذه الإشكالية لم تصيب المجتمع فقط، ولكنها امتدت إلى النخبة الإيديولوجية، فولائها الحزبي كان أكثر عمقا من الولاء للدولة، لان شرعية العضو تمر من خلال الحزب، والدولة أداة لخدمة الايدولوجيا ونخبتها، وهذه الطريقة في تصوري عمقت الولاء للقبيلة والمنطقة، لأن الحزب خلق فراغ روحي عميق لدى أعضائه، ناهيك عن الصراعات والتصفيات التي حكمت تاريخه، كل ذلك عمق الانتماء القبلي أو المناطقي وحتى الطائفي لدى أعضائه، بهدف حماية الذات، ولإشباع ذلك الفراغ الذي أفقدهم هويتهم لصالح هوية إنسانية حالمة.

ونتيجة لكل ذلك يصبح الصراع حل لشقاء الوعي لدى العضو المؤدلج، فهو على صعيد الوعي تبني إيديولوجيا متعالية متجاوزة للوطن، فالمناضل الشيوعي لا وطن له، وقلبه يحمل همّ الوحدة اليمنية، وفي لاوعيه يتحرك في انتماءات دنيا مناقضه لم يفكر به، وهذا جعل من الصراع الذي أداره الحزب مشوش لا هدف له، ونتيجة لكل ذلك يصبح الإغراق في حب الذات الفردية هي المحدد لحركة الفرد.

تخلى الحزب عن أفكاره القديمة كلها، وتبنى الفكر الذي حاربه، وأصبح يصارع الآخرين من خلاله، ولكنه يبالغ في مطالبه بتطبيق الليبرالية السياسية بحذافيرها، دون مراعاة الواقع، لذا يمارس نقد على الدولة والمجتمع باستخدام منهجية يسارية، ولكن هذه المرة من أجل أعادة صياغة المجتمع وفق المقولات الليبرالية، ولأنه يبالغ في حلمه الإيديولوجي، ونتيجة فهمه للواقع بمفاهيم إيديولوجية أنتجها واقع مختلف، فإنها تصبح حجاب يعيق فهم الواقع اليمني كما هو، ولأن الحلول الليبرالية بصورتها المثالية كما هي في الواقع الذي أنتجها (اوروبا الغربية والولايات المتحدة) غير قابلة للتطبيق في الواقع اليمني، فأن منظري الحزب يعتقدون ان الديمقراطية والدولة ومؤسساتها أدوات بيد القبيلة والعسكر.

وهكذا تعامل مع الواقع، في العهد الماركسي، والمرحلة الحالية بشعاراتها الليبرالية، أدخل الحزب ونخبته في حالة من الشقاء والتناقض؛ بين الفكر والواقع والسلوك، فلا الفكر منسجم مع الواقع، ولا السلوك مطابق للفكر، وهذا يفسر تخبطات الحزب وعدمية الصراعات التي أدارها ومازال.

وفي الختام يمكن القول أن المشترك لا يمكنه أن يستمر ويعمل إلا في ظل الصراع، وهذا يجعل منه تحالف لا يسعى نحو الحلول والتوافق، بل لخلق أزمات متلاحقة مع الحاكم، فالتعاون والسلم على الساحة السياسية يمثل مشكلة كبيرة، يهدد وجوده، فاستمراره وبقائه مرهون بوجود عدو، وقد تجسد بالحاكم.

وهذا يجعلنا نؤكد أن المشترك في حالة عدم نقد تياراته لنفسها، فأنه سيقودنا نحو أزمات متلاحقة، والسبب يعود إلى التناقضات التي يحتويها، وأي تفكير عقلاني داخله للتهدئة أو للتعاون مع الحاكم بهدف الإصلاح والبناء، لا يخدم المشترك بل يهدد بقائه، وفكرة أن رفضهم للعملية الانتخابية من أجل ترسيخ الديمقراطية مغالطة وتزوير.

من الواضح أن العداء متأصل في بنية المشترك بسبب تناقض الفكر والمصالح بين أحزابه، ولكن اتفاقهم على عدو وصراعهم معه يؤجل الصراع بين توجهات تكويناته، واتفاقهم في آليات العمل أمر طبيعي، لأن الآليات العقلية التي تحكم الإيديولوجيات في تعاملها وفهمها للواقع متشابهة، بصرف النظر عن الأفكار وتناقضها، وهذا يفسر الاتفاق بين أحزاب المشترك في مواجهة الواقع بتبني رؤية انقلابية، وممارسة خطاب رافض لكل شيء، قائم على التشويه والإلغاء والتحريض وتعبئة الأعضاء والناس ضد عدو مشترك.

هذه الإشكالية التي تحكم حركة المشترك في التعامل مع السياسة، وهيمنة المنظور الإيديولوجي على أحزابه، جعلها عاجزة عن تقديم رؤية سياسية واقعية، قادرة على حل المشاكل التي تواجه المجتمع اليمني، وتركيزها الأساسي يتمحور حول مسائل لا تقع في خانة معالجة القضايا الملحة، وإنما في القضايا التي تمكنها في الوصول إلى السلطة، ويتم تجاهل البحث عن حلول، ولكن يتم توظيف المشاكل التي يعاني منها الناس في شعارات عامة لتشويه صورة الحاكم، ويتم تجاوز الحقائق الواقعية التي أنتجت تلك المشاكل، ويتم التركيز على جزء من الصورة الكلية، هذا الجزء يصبح هو الصورة كلها، فتصبح النخبة الحاكمة هي أصل المشاكل، وهذا ما يجعل من المشترك أداة قد تقودنا نحو العنف وطريقة إدارتها للصراع السياسي ليس إلا المقدمات الأولى.

واستمرار المشترك بحاجة إلى تعبئة أعضائه ضد عدو، اتفقوا على محاربته، فأي تصالح مع النظام يعني انهيار المشترك، وبالتالي فان المشترك لكي يستمر عليه ان يصارع النظام، ومهما قدم النظام من تنازلات، فانه سيستمر في محاربته، ولن يستقر الأمر الا بنهاية النظام ـ وهذه الفكرة التي تهيمن على المشترك بلا وعي رؤية مؤسسة لصراع نتائجه سلبية على المشترك وعلى الوطن والدولة والنظام ـ والمنطق ان تقوم تيارات المشترك بنقد نفسها وإعادة بناء تحالفاها برؤية عقلانية خادمة للواقع، ومتجاوزة للرؤية المطلقة في تعاملها مع الواقع، والنضال من أجل القيم التي يؤسس لها المشروع الوطني، والعمل على الحوار مع النظام السياسي ونخبته ومحكوم أولا وأخيرا بالمصالح الوطنية.








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024