|
(أيفس):التوافق والمقاطعة وتأجيل الانتخابات مضرة باليمن والأحزاب تصادر الناخب والقانون اتصلت بي الزميلة النشطة ابتهال الضلعي العاملة في المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية "أيفس" لتبليغي بموافقة المدير التنفيذي المقيم للمؤسسة في اليمن بيتر وليمز على طلبي اليوم السابق إجراء حديث معه. والحقيقة لم أكن أتوقع سرعة الموافقة على أساس تعود الصحفيين هنا على الملاحقة وتكرار الطلب لإجراء الأحاديث الصحفية مع مصادر الرأي والمعلومات في اليمن. الأمر جعلني أفكر وأنا في طريقي لمقر "أيفس" بالمواضيع التي سأطرقها- وإستراتيجية لإدارة الحديث تجعل وليمز في خانتي لصالح الوسيلة الإعلامية التي أعمل فيها. بيد أنني فشلت في تحييز المتحدث الذي استطاع المترجم ومدير مشروع "أيفس" باليمن هاني العذري من نقل انفعالات و"ليمز" المتحيزة لمبادئ الديمقراطية التي جاء من اجلها الى اليمن ، فتركته بقليل من المقاطعة يتكلم بمرارة عن اتفاقات الأحزاب خارج القانون، ومسؤوليتها عن كبح صلاحيات اللجنة العليا للانتخابات، وتدخلاتها في تشكيل اللجان الميدانية لإدارة العملية الانتخابية، وخطورة تأجيل ومقاطعة الانتخابات البرلمانية في أبريل المقبل وغير هذه المواضيع عن مفردات تعتمل في الحياة الديمقراطية في اليمن تحدث السيد وليمز لـ"المؤتمر نت": - ما المشاريع التي تنفذونها في اليمن، تعاوناً مع اللجنة العليا للانتخابات؟ ** برنامجنا الحالي مع اللجنة العليا للانتخابات يشتمل تقديم الاستشارات الفنية المتصلة بالجوانب المختلفة للعملية الانتخابية كمرحلة القيد والتسجيل للناخبين، والاقتراع. وأيضا تعزيز قدرات اللجنة على إنفاذ صلاحياتها، الممنوحة قانونا وإن كانت الظروف الآنية غير مؤاتية كون هذا يتطلب تواصلاً مع جميع الأطراف المعنية من أحزاب وحكومة. ونعمل مع مركز التدريب في اللجنة لتطوير أدلة تدريبية تستهدف لجان القيد والاقتراع، واللجان الأمنية وموظفي اللجنة العليا. ونساعد قطاع الإعلام في اللجنة على تحسين أدلة إرشادية في كيفية أداء وسائل الإعلام الرسمية، وما هو مقبول وغير مقبول منها أثناء العمليات الانتخابية. وكذلك نعاون اللجنة على إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بحيث يتجسد مبدأ التساوي بين أصوات الدوائر في جميع أنحاء اليمن ويكون لكل ناخب صوت واحد...وطبعاً ذلك غير ممكن في الوقت الراهن بسبب قرب الانتخابات النيابية لكنه مطلب دستوري وقانوني ،ونحن قلقون لعدم تنفيذه سيما بعد إجراء تعداد سكاني عام والموضوع يتطلب إرادة سياسية. ومن برامجنا أخذ عينات عشوائية من السجل الانتخابي في جميع محافظات اليمن لنرى إلى أي مدى هو دقيق إلى جانب الأمور المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية. تعاون على المخالفات - هل خلصتم بملاحظات أولية على عملية قيد الناخبين الأخيرة؟ • السجل الانتخابي بشكل عام سليم غير أن هناك أشياء تستدعي النظر. لقد قمنا بزيارة للجنة العليا للانتخابات اطلعنا فيها على أعمال مرتبطة بالسجل، ولاحظنا وجود مسجلين من صغار السن ومن الضروري مساعدة الحكومة والأحزاب السياسية للجنة العليا على اكتشاف أسماء المكررين والصغار كونها قادرة على تحديد اللجان المرتكبة لمخالفات قانونية. فمثلا إذا سجلت لجنة ميدانية ما 300 شخص بينهم واحد صغير سن فإن احتمال التعمد ربما يكون غير وارد، لكن إذا سجلت ذات العدد وبينهم أربعون او خمسون صغار سن فعلينا إزاء هكذا لجنة التساؤل عن نوايا هذه اللجنة في إفساد السجل. وبعد تأشير اللجنة العليا على اللجان المخالفة، ينبغي على الأحزاب التعاون مع اللجنة لإحالة المخالفين للقضاء فإذا كانت الأحزاب السياسية تشكو من احتواء السجل الانتخابي على حالات تكرار وصغار سن فلماذا لا تدع اللجنة العليا تتخذ الإجراءات لتنظيف السجل. فعندما نطبق القانون ونحيل المخالفين للقضاء فإن اللجان القادمة أكانت لجان قيد، أو اقتراع ستفكر كثيرا قبل ارتكاب أية مخالفات. لجان مستقلة - القانون كفل للأحزاب الرقابة المتبادلة ،بما في ذلك تقديم الطعون ضد أي اختلالات ؟ - دائما ما أُسأل عن تقيمي للتجربة الديمقراطية اليمنية ، وأرد بأنها جيدة وتتطور، وحان الوقت للمزيد من الإثباتات حتى لا يأتي الحين الذي نراها فيه دون الجودة التي كنا نعتقدها، ولا تتقدم بنفس السرعة المفترضة . - وأنا ألوم كل الأحزاب السياسية في اليمن .. أولا لأن تشكيل اللجان الإنتخابية من الأحزاب أمر خاطئ ، حيث يجب أن يكون أعضاء اللجان مستقلين . وثانيا الأحزاب حال تشكيل اللجان منها تمتلك السلطة في إصدار تعميمات على منتسبيها في العمل داخل اللجان وفقا للقانون. وبإمكانهم فصل المخالفين من منتسبيها، وتوفير الأدلة ضدهم للجهات القضائية , لكن للأسف مايحصل أن الأحزاب لا تعمل هذا ما يوحي لأعضائهم في اللجان بالرضا بالمخالفة للقانون. وعبر أغلب عمليات قيد وتسجيل الناخبين شاركت الأحزاب في تعيين أعضاء اللجان الانتخابية، ومن خلال آليات الرقابة الداخلية كان باستطاعتهم إيجاد سجل انتخابي أفضل وإذا كانوا لا يستطيعون التحكم بمنتسبيهم فعليهم التنحي جانبا وترك اللجنة العليا للانتخابات تشكيل أعضاء اللجان من المستقلين . القانون خارجا -غالبا ما تتدافع الأحزاب على تجاوز مخالفات بتفاهمات بينها ؟ * نسمع قصصاً من كل الأحزاب السياسية عن تسجيل صغار سن، ومكررين ، وبالمقابل يتردد أن هناك اتفاقات بين الأحزاب على كف كل حزب عن الطعن ضد الآخر بشأن المسجلين بالمخالفة للقانون، وهذه أمور خاطئة تضر بالديمقراطية اليمنية. الاتفاقيات بين الأحزاب خارج إطار القانون ينبغي ألا تحدث، وهي غير شرعية ، وتوحي للمواطنين اليمنيين بأن مخالفة القانون أمر عادي ومقبول، وهذا خطير. فإذا كان قادة الأحزاب يودون رؤية التزام رجل الشارع بالقانون فعليهم أن يكونوا قدوة له في تطبيق القانون . - دعني هنا أتحيز ضد المعارضة التي دائما ما تؤكد على التوافقات في إدارة العملية السياسية، ما يؤثر سلباً على تنفيذ القانون ؟ * قلت في أكثر من فعالية شاركت فيها باليمن، وفي تصريحات صحفية بأن التوافقات خارج القانون هي ممارسات غير شرعية من قبل كل الأحزاب. -ألا تعتقدون أن التوافق خارج القانون تعني فيما تعني مصادرة إرادة الناخبين؟ * الأمر يتوقف على دعاة الإصلاح والتغيير.. فالديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب لأجل الشعب، وعليه فدعاة التغيير ينبغي أن يحرصوا على إجراء انتخابات تنافسية في كل الدوائر الانتخابية ويتركوا للناخب اليمني حرية اختيار من يشاء وليس أن يقعد قادة الأحزاب حول طاولة ويتفقون على حرمان الناخب اليمني من الاختيار. - هل أفهم أنكم ضد الحوارات بين الأحزاب، مع أن العملية السياسية برمتها كما يقال هي سلسلة من التفاوضات والتسويات؟ * أبداً، لست ضد الحوارات، على العكس، الحوارات جيدة جدا، والتوافقات جيدة لكن هناك وقت للتحاور، ووقت لاتخاذ القرارات وإنفاذ سلطة القانون واحترام المواعيد الدستورية. وفي الديمقراطية هناك أحزاب أو حزب حاكم، وأخرى معارضة وما يحدث أن المواطنين ينتخبون حزبا يمنحونه الولاية لثلاثة أو أربع سنوات قادمة يمتلك خلالها نطاقا من الصلاحيات لتنفيذ حكومته وعودها وبرامجها التي فوضها الناخبون لتطبيقها واتخاذ القرارات التي تراها مناسبة. ودور المعارضة مراقبة تنفيذ الحكومة لوعودها، إضافة لطرح سياسات بديلة للحكومة. ويفترض بالأخيرة الأخذ بالآراء الصائبة للمعارضة، غير أن الحكومة ليست ملزمة قانوناً للعمل بمقترحات المعارضة؛ وعلى هذه تقديم برامج جيدة حتى تكسب قلوب وعقول الناخبين ليصوتوا لها في انتخابات تالية. - ربما الرهان على التوافقات وحتى تعديل النظام الانتخابي أسهل؟ ** تغيير النظام الانتخابي لا يضمن للمعارضة الفوز بالانتخابات ولا بديل لإيجاد سياسات أفضل من القائمة لكي يغرسوا لدى المواطن اليمني اعتقاداً أن لديهم أفكاراً جيدة تدفعه لاختيارهم. وما يحصل في الديمقراطية أنه عقب إجراء انتخابات يفوز حزب يمارس الحكم، ويذهب المعارضون إلى منازلهم لتضميد الجراح حتى تتعافى ثم يستأنفون نشاطهم لتقديم برامج أفضل مقنعة للناس ليفوزوا بالثقة في الانتخابات القادمة. كوتا المرأة -وماذا عن تمثيل المرأة في الهيئات المنتخبة.؟ * نحن ندعم المشاركة السياسية للمرأة ،سيما في المجتمعات التي لا تتمتع المرأة فيها بجميع الحقوق. أعرف أن هناك معوقات ثقافية وقبلية أمام المرأة ، إلا أن اليمن موقعة على المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ،والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الضامن للمساواة بين كافة المواطنين. نحن لا ندعم نظام الكوتا لمنح المرأة أفضلية غير عادلة مقابل الرجل ،وإنما لمعالجة المعوقات غير المساندة لمشاركة المرأة. -تحدثتم في تصريح صحفي سابق عن ثلاثة سيناريوهات للانتخابات النيابية في 27 إبريل القادم، التأجيل ،أو مقاطعة المعارضة ،أو التوافق ،وفضلتم السيناريو الثالث.. فهل بادرتم لعرض رأيكم على الأحزاب رسمياً ؟ * عقدنا لقاءات سابقة مع الأحزاب ،وطرحنا عليهم أن المقاطعة ليست جيدة للأحزاب ذاتها ولا لليمن ،كما أن التأجيل غير جيد لليمن. فأحد المبادئ الأساسية للديمقراطية انتظام الانتخابات وإجراءها في المواعيد المحددة لها. والقرار بتمديد فترة المجالس المحلية يضع تساؤلاً عما إذا كان باستطاعة الديمقراطية اليمنية أن تجري انتخابات دورية وفق المواعيد المقررة ،وعما إذا كانت هناك جدية لإعمال سلطة القانون ،والمضي في إصلاحات ديمقراطية. ديمقراطية ناشئة "ايفس" مؤسسة دولية غير حزبية مقرها واشنطن عملت في 100دولة وتنشط حالياً في 35 دولة ،ولها مكاتب في اليمن ،لبنان ،الأردن ،مصر ،العراق،وفلسطين . وينصب اهتمامها في دعم المبادئ الديمقراطية،سواء المتعلقة بالانتخابات ،أو حقوق الإنسان وغيرها. وقد عمل الخبير الدولي الاسترالي الجنسية،السيد بيتر وليمز مديرها في اليمن بالعديد من الدول وسألته في آخر هذا الحديث: -أين ترون الإشكالية الأساسية في التجربة الديمقراطية اليمنية.. هل في فهم الأحزاب للمبادئ الديمقراطية. أم في القاعدة التشريعية وآليات التنفيذ ؟ *في البداية يجب أن نتفهم أن الديمقراطية اليمنية مازالت ناشئة.والديمقراطية تحتاج لأجيال حتى تتطور . وعندما ذهبت كمبوديا وغيرها قبل أن آتي اليمن لم أكن أتوقع أن الديمقراطية تزرع كوردة تزهر في فترة قصيرة.. في الديمقراطية الناشئة هناك الكثير مما هو مطلوب لجهة المعايير الديمقراطية،والممارسة الديمقراطية الجيدة...الأمر لا يرتبط فقط بإجراء انتخابات بل بسلوك كل الأطراف اللاعبة ..الاعتراف وضمان حقوق الإنسان وتطبيقها في الواقع العملي،وإنفاذ سلطة النظام والقانون،والاعتراف بأن السلطة هي ملك الشعب،وعلى السياسيين إدراك أنهم وصلوا إلى مواقعهم وفقاً لإرادة الناخب الذي من حقه تغيير رأيه في أي وقت والسياسيون هم خدام مدنيون لمواطنيهم...وهذه المبادئ ليست مفهومة بالصورة الكافية باليمن ولا تترجم كما ينبغي. فالتوافقات بين الأحزاب مثلاً لا تعترف بسلطة القانون وأن المواطن هو صاحب الحق الحصري في اختيار من يحكمه...كما أن بعض رجال الأعمال والأطراف التي تريد الحصول على السلطة تقوم بشراء أصوات الناخبين ويستخدمون المال لتحسين فرصهم للحصول على المزيد من الأموال متجاهلين احتياجات المواطنين. ومازال أمام الأحزاب الكثير لتتعلمه حتى تستمر أكانت حاكمة أو معارضة. لدينا في الغرب وظائف ينظر لها المجتمع باحترام كبير، الأطباء ومدراء البنوك وثلاث وظائف تحظى بالقليل من الاحترام ،بائعو السيارات المستخدمة ،والمحامون ،والسياسيون الذين لايثق الناس بهم أياً كان الحزب الذي ينتمون إليه. انتهت أسئلتي وأقفلت جهاز التسجيل .. وبينما ألملم أوراقي للرحيل من مقر الـ" ايفس" اكتشفت أن السيد "وليمز" وضع الكثير من علامات الاستفهام في إجاباته على استعداد قادة الأحزاب اليمنية لغرس احترام القانون لدى أنصارهم ورجل الشارع .. وقبل ذلك احترامهم هم للقوانين. |