الشرطة النسائية والمتشددون!! لاشك أن تخريج أول دفعة من ضابطات الشرطة النسائية من كلية الشرطة مثل نقلة نوعية في مسار تطوير المؤسسة الأمنية من جهة، وتطوراً نوعياً في اتجاه منح المرأة المزيد من حقوقها، وإفساح المجال لأداء دورها في بناء المجتمع قبل أن يكون ذلك متطلباً أمنياً واجتماعياً فرضته المخاطر الأمنية التي تواجه البلد والعالم كله وتحديداً فيما يتعلق بمخاطر الإرهاب. وليس مبالغة القول إن توجه الحكومة نحو إنشاء الشرطة النسائية وصولاً إلى تخريج أول دفعة ضابطات قد جاء ليسد فراغاً أمنياً ظل لفترة طويلة محكوماً بعوامل اجتماعية وثقافية كانت تجعل من تفتيش النساء أو التحقيق معهن أو ملاحقة مرتكبات الجرائم منهن من قبل أفراد الأمن الذكور أمراً صعباً سيما في مجتمع مثل المجتمع اليمني المحافظ بل أن هذا الفراغ لايزال موجوداً حتى الآن ويمكن أن يلحظه أي إنسان عادي حين يرى رجال الأمن يغضون البصر عن تفتيش أي سيارة طالما كان فيها نساء. وثمة شواهد كثيرة على أن ذلك الفراغ استغل من قبل المجرمين والإرهابيين أيما استغلال سواء عبر تجنيد نساء في عمليات التهريب أو في التنكر بملابس النساء لممارسة جرائمهم وعملياتهم الإرهابية، لكن ذلك الاستغلال بدا يحاصر كثيراً حين دخلت المرأة على خط العمل الشرطوي وأصبحت تقوم بدورها الأمني بدرجة لاقت قبولاً وارتياحاً اجتماعياً كبيراً. في الجهة المقابلة ثمة من يرفض القبول بهذه الحقائق كما هو حال بعض الخطباء الغلاة المتشددين الذين قال أحدهم يوم أمس في خطبة الجمعة إن تخريج ضابطات من كلية الشرطة إنما جاء إرضاء لأمريكا والغرب. وإذا كان ذلك الخطيب مثل نموذج للمتشددين والجهلة الذين لا يزالون يرون في المرأة مجرد عورة يجب إبقاؤها في البيت حتى تموت، إلا أن المشكلة أن هؤلاء المتشددين ينشرون هذه المغالطات والأكاذيب من على منابر المساجد، كل يوم وكل أسبوع بشكل يجعل الكثير من العامة يصدقون تلك الأقاويل التي ما انزل الله بها من سلطان وذلك لا شك ينعكس سلباً على عملية التنمية التي ستظل تنمية عرجاء طالما أن نصف المجتمع لا يؤدي دوره فيها والسبب هو أولئك الذين لا يجدون رادعاً أو محاسباً أو رقيباً. -عن الجمهورية |