السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 03:52 ص - آخر تحديث: 04:17 ص (17: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمرنت/سوسن الأبطح -
اللحم البشري: نيئاً ومشوياً

لن نختلف على ان رائحة شواء اللحم البشري في منطقتنا العربية تطغى، بما لا يقبل الشك، على عبق عطور«كريستيان ديور» و«ايف سان لوران» التي تستورد بسخاء منقطع النظير. وجمّل وعطّر ما استطعت ان تفعل، لكن رماد الأبدان التي تحترق حية أو ميتة، تبعث في الأنوف ما يثير التقزز والقرف. فثمة مشاوٍ تحضّر بالصواريخ والقنابل المصنوعة في «يو.اس.ايه» وأخرى بلدية تسوى بالحواضر المحلية، وهذه لا تروق، في الغالب، للأذواق المتفرنجة التي تجد الفرق شاسعاً بين أكل لحوم البشر تمزيقاً بالأيدي البدائية أو تقطيعاً بالشوكة والسكين على الطريقة المتحضّرة الغربية. وحرق المخلوقات الإنسانية ليس ابتكاراً «فلّوجيا» أو عربياً في العصر الحديث، فنحن نحيلك إلى الموسوعات العلمية لتبحث عن«العنف» كمادة وتجد ان البحاثة لا يفرّقون، في الكتابات «الموضوعية» بين ما تحدثه الأسلحة الأنيقة الموجهة بالليزر من تفحّم، وما يجنيه دلق الكاز مع إشعال عود كبريت. ولن نفتح نقاشاً بيزنطياً هنا حول أفضلية ان يحرق الإنسان أثناء إزهاق الروح أم بعدها، وهل للجثث حرمات ليست للمخلوق النابض بالحياة؟ فالشر حين يكون إجرامياً لا يصنّف درجات، وإنما يُدان بكليته. وتغمرنا السعادة من الغضب العربي الذي استثارته مشاهد الجثث الأميركية المعذبة في العراق وهي مسحولة أومعلقة، فهذه بادرة خير و«تحضّر» شرط ان يبقى الغضب مستشيطاً من كل مخالفة تمس إنسانية الإنسان بصرف النظر عن هويته ولون شعره أو عينيه، وإن كان العذاب يأتيه قبل الموت أم بعده، أمام الكاميرات أم من دونها. ونسأل إخواننا الذين انهالوا على أهالي الفلوجة شتماً وسباباً، متهمين إياهم بأنهم «حيوانات مفترسة» و«برابرة» و«همجيون» و«مسعورون» و«متوحشون»، هذا عدا «الدناءة» و«الخسة» و«الانحطاط»، أما وقد استنفذ أصحاب التيار الإنساني العربي الجديد قاموسهم الهجائي، ماذا استفدنا من مواقفهم الانتقائية النبيلة؟ وهل لهم ان يذهبوا بنا إلى ما هو أبعد من الابتذال اللفظي، والهلع المحموم على الصورة العربية في الشاشات الغربية؟ وكلنا شوق لنعرف أين كان هؤلاء الغيارى والجزائريون يذبحون زرافات بالسكاكين ويقتلون جماعات بالسواطي؟ ولماذا لم يغضبوا بالقدر نفسه يوم كانت الجثث تجرّ في الشوارع اللبنانية ـ أثناء الحرب الأهلية اللعينة ـ تشفياً والرؤوس تقطّع وتعرض من شبابيك السيارات، وعيون الموتى تفقأ والأطراف تجزّ، والسجائر تطفأ في الأجساد الهامدة؟ ولماذا لم نسمع أصواتهم المزمجرة يوم كان صدام يفرم المساجين ويحيلهم فتاتا؟ وأين هم اليوم من سكب نيران جهنم على الآمنين الفلسطينيين وحرقهم أحياء في أسرتهم وعلى كنباتهم؟ ولماذا لا يعترضون بالاحتداد عينه على موت مئات العراقيين أحياء بلهيب المتفجرات والسيارات المفخخة، من دون ان يعلن لغاية اليوم عن اسم شخص واحد حوكم قضائياً بتهمة القتل الجماعي للأبرياء العزّل. أوليس الاحتلال هو المسؤول، قانونياً، عن حماية المدنيين العراقيين؟! أم ان ثمة لحوماً تشوى بسمنٍ وأخرى بزيت.
«لا يتطلب فعل الشر اي جهد، فهو طبيعي، ويكاد يكون حتمياً، بخلاف الخير الذي لا يكون إلا نتاج عملية فنية» في رأي بودلير. والنحت الإبداعي في الفكر لصناعة القيم الأخلاقية وفبركة أدوات حمايتها، كما اقترح العبقري الفرنسي وأمثاله من أفذاذ ذاك الزمان، هي إنجازات أثمرت سلاماً وعدالة لقارّة بأكملها، بعد مذابح لم يهدأ فوران دمائها إلا بـ «الحكمة التي هي نقيض الجهل والشر» كما عرّفها أفلاطون. أما الاستشاطة الانتقائية، غيرة على هذا وتجاهل أعمار الآخرين ووضعهم، قصداً أو عمداً، في سلة «الكلاب» المستباحة، فهو من باب الجعجعة المجانية. لأن الكلاب أيضاً لها حقوق في المجتمعات التي يحرص المصدومون من هول المشاهد «الفلّوجية»، على استرضاء رأيها العام. ونحن نقترح على المتحمسين لبناء إنسان عربي أخلاقي بالمعنى الحديث للكلمة، وهم ليسوا بقلة، ان يستفيدوا مما حدث في الفلوجة، ويحولوا هذه الحادثة «العار» إلى مفصل تحول تاريخي، وسننضم إليهم بكل صدر رحب لندين معاً، وبصوت هادر ومدوٍ، كل هتك وانتهاك لحقوق الأحياء والأموات، الشقر والسمر، بنيران الأعداء أم الأشقاء، بتواطؤ الحكام أم في غفلة منهم، في سجون الطغاة أم على قارعة الطرقات، من الصومال والسودان مروراً بالجزائر وصولاً إلى أفغانستان وغوانتانامو وبلاد الهولولو إذا أحبوا. وهكذا فقط نقتنع بأن ثمة ولادة حرة - لا علاقة لها بالمحطة الفضائية ـ لنخبة يتكل عليها، وبإمكاننا ان نضع أيدينا في يدها من دون تردد. أما ما تنادي به الفئة المستفيقة للتو من كابوس عمره يوازي عمر الهجوم على شعب عربي مستضعف ـ لإبادته وإزالته من الوجود ـ لتكيل السباب واللعنات ثم تصمت بانتظار ان ترى البعض يحتفل بشرب دماء البعض الآخر بالكؤوس الشفافة إمعاناً في التمتع بحمرة الدماء، فهذه فئة تعاني من «حماس» له وجه مشابه لـ «حماس» تعترض هي ذاتها عليه.
ثمة من يدعو الحاقدين المستشرسين من العرب، بعد ان تربوا على صباحات الموت ومساءات القصف، لأن يكونوا نسخة منقحة ومعدلة عن السيد المسيح كما يصور آلامه اليوم المخرج ميل غيبسون، ويتناسون ان رحلة العذاب تلك، لم يقو على تحملها، سينمائياً، الكثير من المشاهدين المرهفين الذين فرّوا من صالات العرض لينجوا بجلودهم ومشاعرهم. وعلمنا ان عدد ضحايا الفيلم ممن توقفت قلوبهم هلعاً وتأثراً بلغ الأربع لغاية الآن. فهل من العسير إقناع «الإنسانيين الجدد» ان احتمال الآلام له في الميزان الشعوري البشري حدود، وان الرمزية المسيحية هي ذروة يحاول ان يبلغها البشر وغالباً ما يخفقون.
[email protected]
الشرق الاوسط








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024