المؤتمر نت -
نبيل عبدالرب -
مشروعية الشماعات
لا جديد تحت الشمس.. لعل هذا هو أنسب التوصيفات لواقع اليمن الحالي. وما انفكت عجلات التغيير تفضل الدوران على السير إلى الأمام، لتعود لذات النقطة، وتنتج نفس المشكلات، ونبقى نحن نتمرغ في ملل الأخطاء المكررة.

من نديم باشا إلى هادي، ونحن أسرى "شماعات" يعلق عليها الجميع عجزهم وتعثرهم في تحقيق تغييرات ذات معنى، سنوات طويلة نقرأ ونسمع فقط عن حال اليمنيين والأخطاء القاتلة للنظام البائد.. هكذا ترغمنا كل سلطة على أن نعيش في دائرة المبررات، ومعاذير التراكمات وهكذا يرجع اللاحق فشله إلى السالف، وفي كل مرة (نغير فيها) لا نصل، ولم نعرف كم بقي من المسافة والوقت لتصل السفينة إلى بر الأمان، وأين يقع بر الأمان هذا، وهل سنراه في حياتنا الدنيا؟

إلى اليوم، واليوم هو القرن الواحد والعشرون بعد ميلاد عيسى عليه وعلى نبينا السلام، والقرن كذا ألف من هبوط أبينا آدم إلى الأرض، اليوم وفي الوقت الذي يبحث أناس من بني آدم عن إمكانية الحياة في كواكب أخرى، ما زلنا نحن نسكن مشكلات الإنسان الأول، نأكل أوراق الأشجار ونقطع الطرقات ونربط البطولات بالعضلات المفتولة، ونزاول حرفة "المغلاطة" كقابيل، ونخلط الصالح بالسيء.. وفوق ذلك ندعي أننا نتغير وأننا نسير.

ما أشبه الليلة بالبارحة، وبالبلدي، الجمعة الجمعة والخطبة الخطبة.. الوظيفة العليا في الدولة هي كما كانت الوسيلة الفعالة لتحسين الأوضاع المالية للأهل وأصحاب البلاد، ولا جديد في الخطابات السياسية، مستمرة في لعن الماضي كسالفاتها، ولا تقدم شيئا للمستقبل "البقعة الحالية" باقية كما هي سياسة للإرضاءات، العمل خارج مؤسسات الدولة هو نفسه السائد منذ سنوات أتت على أجدادنا وآبائنا، الضمائر هي ذات الشيء المطحون والضمير هو الغائب دائما ولا تقدير له ولا يعود على معلوم.

أثبتت ما سميت ثورة عندنا قانون كل الثورات.. يخطط لها العباقرة، وينفذها الشجعان، ويستولي عليها الجبناء.. وإلا كيف تكون ثورة شبابية ويعتلي عروشها طاعنون في السن، تخلوا عن مواعيد عزرائيل، ويرفضون ترك كراسي عفنت من طول جلوسهم عليها، ينازعوننا أرواحنا، يزيفون وعينا، يطيحون بإرادتنا، ويذبحون أحلامنا قرابين لأطماعهم المريضة، ولأحلام أطفالهم.

أميل إلى الفئة التي تذهب بعيدا عن التوصيفين الأساسيين لأحداث العام 2011م، سواء القائل بأنها أزمة سياسية، أو ذلك الذي يصر على تسميتها ثورة، بعد أن أفرغها من كل المعاني الثورية.

إن ما حدث هو أزمة، ليست سياسية فحسب، وإنما أزمة تعمقت في شخصية وثقافة مجتمع لا يستطيع إنتاج غير المزيد من المزايدين والمتاجرين بقضاياه ومشاكله وهمومه وتطلعاته وآماله وإلا ما معنى أن يتربع المتسلقون على كراسي السلطة ولا يجد الثوار الحقيقيون حتى كراسي الإعاقة.

حاولنا، وسنبقى نحاول أن ننتزع الأمل من أعماق اليأس والإحباط الذي نتجرعه يوميا، ونضطر إلى تعاطيه بفعل المتسلطين الجدد القدامى، أولئك الممسكون بتلابيب لعن ظلام الماضي، دون أن ينيروا شمعة للمستقبل بل يعملون جاهدين على أسرنا في الماضي، وشطب المستقبل من حياتنا، ومن أجنداتهم.

تمت طباعة الخبر في: السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 10:12 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/105711.htm