المؤتمر نت -
حمدي دوبلة -
الربيع العربي ونماذجه الخمسة
كشفت أحداث الربيع العربي التي شهدتها خمسة أقطار عربية خلال الثلاث السنوات الماضية عن خمسة نماذج جميعها جدير بالتأمل والتفكر الدقيق والاستفادة من معطيات وتداعيات كل واحد منها..

النموذج الأول تمثل في فرار الرئيس في ليل أظلم وحينها ظن الجميع أنه قد قضي الأمر وانتصرت الثورة الشعبية غير أن الأيام القادمة أثبتت عكس ذلك تماماً وهاهي الأرض التونسية "منطلق" الربيع وصاحبة النموذج الأول تعيش اليوم في أتون التوتر والأزمات ..

بعد أيام قلائل كان الربيع على موعد مع النموذج الثاني وكانت ساحة أرض الكنانة حيث استسلم الرئيس قبل أن يساق مع أسرته وأركان حكمه إلى الحبس مكسوري الأجنحة والخواطر وفي مشهد افتقد لمعاني الحديث الشريف "أرحموا عزيز قوم ذل" وإذا بمصر الحديثة تموج بالأحداث الدامية والعنيفة واتساع رقعة الضغينة والأحقاد يوماً بعد آخر بين أبناء الشعب الواحد وبالتالي كان هذا النموذج كسابقه غير ناجح بعكس ما توقعه الكثيرون.

النموذج الثالث كان عنوانه قتل الرئيس وبعض أبنائه وأحفاده وأسر بعضهم وبدا هذا النموذج .. للوهلة الأولى وكأنه حل جذري وعملي لاقتلاع نظام أمن قوي تسلط على رقاب الليبيين لأكثر من أربعة عقود من الزمن، لكنه لم يكن كذلك أبداً إذ سرعان ما دخلت البلاد مرحلة جديدة من القلاقل والاضطرابات ودوامات والكروالفريين أطراف الصراع..

النموذج الرابع في مسلسل هذا الربيع «خماسي الأبعاد» رفع شعار الصمود والمواجهة والاستبسال في معركة لا نهاية لها، فكان ذلك عنواناً لخراب ودمار طال كل شيء في الأرض السورية وما تزال هذه البلاد العربية العريقة إلى اليوم مسرحاً دامياً لواحدة من أبشع الحروب عبر التاريخ..

أما النموذج الخامس فقد كان يمنياً خالصاً مصبوغاً بحكمة مشهودة ونضج سياسي واجتماعي فاق التوقعات وأذهل العالم الذي راح داعماً ومشرفاً على عملية التوافق السياسي الفريدة والتي ضمنت خروجاً مشرفاً للجميع وجنبت البلاد حرباً ضروساً كانت ستأتي على كل شيء ولن تبقي ولن تذر على معلم للحياة الطبيعية.

وما أحوجنا اليوم وقد رأينا ما حل ببلدان هذا الربيع إلى احترام بعضنا وعدم التفريط بما أنجزته التسوية السياسية التاريخية في هذه البلاد المشبعة بالصراعات بين الخصوم السياسيين وأقطاب المصالح والتي لم تجن منها بلاد الحكمة والإيمان عبر العصور إلا التخلف والضياع.

- نقلاً عن صحيفة الثورة
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 01:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/111028.htm